وماذا بعد ؟؟

فهل كان ربيع عربي ام تخطيط غربي ومن المستفيد ؟


أستاذي الحبيب

الجواب / لا هذا ولا ذاك .. بل هو تدبير رباني
بدايته مُـرّة.. ومراحله صعبة.. ونهايته جميلة إن شاء الله..

عندما ننظر للطغاة الذين اقتلعهم طوفان الثورات كالقذافي
وبن علي وغيره لا يمكن أن نقول للربيع العربي إلا : شكراً..

ما بعد الثورات لم يكن جميلاً.. لأن لم يُراد له أن يكون كذلك..
بلدان الثورات لو سلمت من خونة الداخل ومتآمري الخارج
لما حدث لها ما حدث والله المستعان..

ليس موافقاً للعقل ولا للمنطق أن ننظر لنتائج الثورات
بنظرة فيها نوع من السطحية فنقول :
انظروا هذه نتائج الثورات..
فثمراتها العظيمة لن تراها بعد عامين أو عامين
أو عشرين عام.. تستطيع تتصور ثمرتها فقط عندما
تتخيل لو أن الحال بقي في تلك البلدان كما هو عليه
قبل الثورات لعشرين عام قادمة.. أما إن هذا هو الغبن بعينه..

شعوب العرب عاشت يا أبا فهد تخلفاً لا تستحقه..
عاشت تحت وطأة هؤلاء الطواغيت عليهم من الله ما يستحقون
سنين طويلة يرزحون تحت أثقال العزلة عن هذا العالم
ويعيشون في مستوى من التخلف العلمي والمعيشي
وكأنهم خارج دائرة العصر والحضارة..

من قتل العلم في مصر؟ واستبدله بمؤخرات الراقصات؟
من غيّب الفلاح المصري الضعيف عن هويته الإسلامية
وجعل أكبر همه جنيهات آخر الشهر ومتابعة سعاد حسني؟

من قتل في شبابنا العربي العلم والمعرفة والإبداع
وغرس فيهم بدلاً منها حب سفاسف الأمور وتفاهاتها؟

من جعل المسلم الأبيّ في تونس يقف مكتوف اليدين
أمام بورقيبه - لعنه الله - وهو يخلع حجاب زوجته أمام
الكاميرات؟ من خلع حجاب التونسيات؟ من منع التونسي
من الصلاة في المسجد بلا إذن؟

من عيّش شعوب المسلمين في غياهب الجهل والفقر
والتخلف والغناء والسينما والجنس؟ من؟

هل تريدون أن أكتب صفحات وصفحات عن تاريخ
أولئك الطواغيت الأسود؟

كوريا الشمالية وتايوان وفنلندا وماليزيا وغيرها
دول ذوات عمر قصير.. ليس قديمة قدم مصر وتونس
كلها دول لا ثروات فيها؟ لا نفط فيها؟ لكن حكمها أناس
هم أقرب إلى الإسلام من حكام العرب..
هذه الدول الآن هي من امبراطوريات العلم والاقتصاد..
هل تعلم لماذا؟
لأنهم يعتقدون أن ثروتهم العظمى هو "الإنسان"..
استثمروا الإنسان فجعلوا منه ثروة علمية واقتصادية
وأما حكام العرب ماذا فعلوا؟
استنعجوا الإنسان... بمعنى أنهم يعطونه ما يكفيه
من مأكل ومشرب ويلهونه بسفاسف الأمور وتفاهاتها..
هل رأيت نعجة تحضر دكتوراة في الفيزياء النووية مثلا؟
لا.. كذلك لن ترى عربياً يحضر دكتوراة في ذلك..

خلاصة الكلام أنه مهما كانت التضحيات فلن
يكون الحال قبل الثورات أفضل..
كانت ستستمر تلك الدول في التخلف الذي تعيشه..
وأما ما بعد الثورات.. فإن صلح الحال فالحمدلله
وإن لم يصلح.. فلن يكون أسوأ مما كان قبلها..

وأما ما يمر ببلاد الثورات من الظروف الصعبة
فلابد أن تتذوق مرارة العلاج لكي يتحصل لك مافيه من دواء..
وكما قيل :
وللحرية الحمراء بابٌ ... بكلّ يدٍ مخضّبة يُـدقُّ

وكلما كان المرض متمكناً في الجسد كان استئصاله
صعباً وأكثر إيلاماً..

أما فيما يخصّ هذه البلاد التي أعزّها الله بدينه
وحرمه وجسد نبيه.. فنسأل الله أن يديم أمنها واستقرارها..

وجعلها في سلة واحدة مع بلدان الربيع العربي هو خطأ
فادح.. بلادنا تحكم بالشريعة وهم يحكمون بالطاغوتية..
وهذا فرق كافٍ يجعلنا نعرف الفرق..

فحماية الله لهذه البلاد هو لحمايتها دينه.. فقط لا غير..

فلا يظنّ ظانّ أن بينكم أيها السعوديون وبين الله نسب..
والله ان ابتعدت هذه البلاد عن دينها فإنها ليست
بمنأى عن رياح الفتن والمحن..

ولا يهاجم الربيع العربي إلا من يخاف من رياحه..
ولا يخاف من رياحه إلا من يعلم أنه ضعيف أمامها..

أسأل الله أن يصلح الراعي والرعية
وأن يصلح حال المسلمين
وأن يردهم إليه عاجلاً غير آجل..

والدي وأستاذي أبا فهد..
لك وللجميع تقديري واحترامي..