قصة تعيين.. قصة ألم..!!
قصة تعيين.. قصة ألم..!!
بقلم :: ماجد الحربي:-
للمعلمات مع وزارة التربية قصص شتى، منها ما هو مفرح، ومنها ما هو محزن، ومنها ما هو مؤلم، ومنها ما هو بين بين!! ولنأخذ إحدى تلك القصص، وهي الجانب المؤلم في قصص تعيين المعلمات، الذي قد يشترك مع الجانب المحزن؛ فكلُّ مؤلمٍ محزنٌ، والعكس غير صحيح! المتتبع لتعيين المعلمات خلال السنوات الأخيرة، وبخاصة السنتين الأخيرتين، يدرك تماماً أن كثيراً من المعلمات المتخرجات قد عُيِّنَّ، وذلك جانب مفرح، على الرغم من انتظارهن كثيراً؛ فأقل متخرجة انتظرت عشر سنوات، وبعضهن خمس عشرة سنة، وبعضهن عشرين سنة، وبعضهن أكثر!!
وعلى ذلك نستطيع أن نقول إن غالب أولئك المعلمات المعيَّنات تخطين سن الـ 35 من العمر، ومنهن من بلغت 37 و 38 و40 و45 فما فوق..!! فماذا بقي من العمر؟! ونحن أمة أعمارنا ما بين الـ60 والـ70 كما جاء ذلك عن الصادق المصدوق - صلى الله عليه وآله وسلم - بل قبل سنتين عُيّنت معلمة عمرها 52 سنة، وذهبت وباشرت؛ لأنها انتظرت كثيراً، فلا مجال للرفض، ولاسيما أن أبناءها قد تخرجوا من الجامعة، وقد تخشى أن يكون انتظار أبنائها كانتظارها، فتلك مصيبة!! تلك المعلمة ستعمل 8 سنوات فقط، وبعدها سيأتيها التقاعد الإجباري عند بلوغ سن الـ60 عاماً لزاماً عليها، بعد عمل مضنٍ وشاق، يبلغ 8 سنوات فقط! ومن ثم تعود للراحة في بيتها مرة أخرى، ولكن مع راتب شهري تقاعدي سيُقلَّص كثيرا، ولن يبقى منه إلا الفتات!
بعض من تخطين سن الـ40 أو حتى الـ45 من الخريجات رفضن ذلك التعيين، أو بالأحرى رفضن التقديم، برغم حاجتهن الماسة، ولأنهن قد بلغن سن متأخرة جداً في مهنة تحتاج إلى حيوية ونشاط، ولكن الذنب ليس ذنبهن، بل ذنب الجهات المسؤولة "التربية والمالية والخدمة المدنية" عن تأخير تعيينهن كثيراً، ومن ثم يتم تعيين من تخطين سن الـ35 والـ40 والـ45 في إجراء ربما لم يحدث في العالم سوى عندنا!!
خريجات بعد سنوات عجاف لانتظار الوظيفة، ودورهن الأسري متمثل في ربة بيت، ولديهن أطفال في أعمار مختلفة، قد يكونون في مرحلة الابتدائي أو المتوسط، ويفاجَؤون بغياب والدتهم باختيارها لمدة 5 أيام في الأسبوع، فماذا سيكون حال بيتها حينها؟! وماذا عسى الأب أن يصنع وقد تعوّد الأب وأبناؤها على وجودها؟! والذنب - كما أسلفت - ليس ذنبهن، وإنما ذنب من أخَّر توظيفهن كل تلك السنوات، على الرغم من الاحتياج لهن في مراحل التعليم العام!! ولو كان تعيينهن بمدينتهن أو حتى بالقرب من مدنهن لهان الأمر، وكانت فرحة لهن، لكن - والحال كذلك - كيف سيكون العطاء؟! وكيف ستكون المخرجات التعليمية حينها من أم عُيّنت بعد أكثر من 10 أو 15 سنة أو تزيد، دون أن يتم تعويضها بمبلغ مادي عن كل تلك السنوات من الانتظار على الأقل، وهي قد تركت أطفالها وأسرتها في البيت؟! بل قد تجدها سارحة دائماً، تفكر في أبنائها ونقلها، الذي قد يتأخر كثيراً، وقلقها الدائم من حوادث الطرق، التي أصبحت ملازمة للمعلمات في مختلف مدن بلادنا، فكيف ستعطي؟ وكيف ستبدع؟! وكيف سنرى تطويراً لتعليمنا واكتشافاً للمواهب والحال كما ذكرتُ؟!
وختاماً.. بعض أولئك المعلمات لسنَ في حاجة لتلك الوظيفة، نظراً لمستواهن المعيشي العالي؛ كونهن من أسر غنية، وبعضهن يصرِّحن بذلك في وسائل التواصل الاجتماعي، بأنهن لسن في حاجة لها، غير أنهن يردنها من باب الوجاهة الاجتماعية، وأنهن يقبضن مرتباً شهرياً فقط! نتمنى ممن تلك حالها ووصفها أن تترك تلك الوظيفة لمن هن بأمسّ الحاجة لها، كالمطلقات والأرامل، ومن تكون من أسر تصنَّف من ذوي الدخل المعدوم!! فقد يُؤْجَرْنَ على نيتهن، ذلك إن أحسنَّ النية. وأسأل الله التوفيق للجميع.
سامحوني .. إن رحلت .. يوماً .. دون موعد
|