#1
|
||||||||
|
||||||||
يالها من خاتمه؟؟
يقول صاحب القصة وهي قصة عجيبة يقول فيها ، سافرت إلى مدينة جده في مهمة رسمية ، وفي الطريق فوجئت بحادث سيارة ، يبدوا أنه وقع لتوّه ، كنتُ أول من وصل إليه ، أوقفتُ سيارتي واندفعتُ مسرعاً إلى السيارة المصطدمة ، تحسستها في حذر ، نظرت إلى داخلها ، حدقتُ النظر ، خفقات قلبي تنبض بشدة ، ارتعشت يداي ، تسمرت قدماي ، خنقتني العبرة ، ترقرقت عيناي بالدموع ، ثم أجهشت في بكاء ، منظر عجيب ، وصورة تبعث الشجن ، كان قائد السيارة ملقى على مقوَدها جثة هامدة ، وقد شخص ببصره إلى السماء رافعاً سبابته ، وقد أفتر ثغره عن ابتسامةٍ جميله ، ووجهه تحيط به لحية كثيفة ، كأنه الشمس في ضحاها والبدر في سناه ، العجيب ــ والكلام ما يزال له ـــ أن طفلته الصغيرة كانت ملقاة على ظهره ، محيطة بيديها على عنقه ، وقد لفظت أنفاسها وودعت الحياة ، لا إله إلا الله ، لم أرى مِيتتة كمثلِ هذه الميتة ، طهرٌ وسكينة ووقار ، صورته وقد أشرقت شمس الاستقامة على محياه ، منظر سبابته التي ماتت توحد الله تعالى ، جمال ابتسامته التي فارق بها الحياة حلقت بي بعيداً بعيدا ، تفكرتُ في هذه الخاتمة الحسنة ، ازدحمت الأفكار في رأسي ، سؤال يتردد صداه في أعماقي ، يطرق بشدة ، كيف سيكون رحيلي ؟؟ على أي حال ستكون خاتمتي ؟؟ يطرق بشدة ، يمزق حجب الغفلة ، تنهمرُ دموع الخشية ، ويعلوا صوت النحيب ، من رآني هناك ظن أني أعرف الرجل ، أو أن لي به قرابة ، كنتُ أبكي بكاء الثكلى ، لم أكن أشعر بمن حولي ، ازدادَ عجبي ، إي والله ، حين انساب صوتها يحمل برودة اليقين ، لامس سمعي ، ردني إلى شعوري ، يا أخي لا تبكي عليه إنه رجل صالح ، هيا هيا ، أخرجنا من هناك ، وجزاك الله خيرا ، التفتُ إليها ، فإذا امرأة تقبع في المقعدة الخلفية من السيارة تضم إلى صدرها طفلين صغيرين ، لم يمسا بسوء ولم يصابا بأذى ، كانت شامخة في حجابها شموخ الجبال ، هادئة في مصابها هدوء النسيم ، لا بكاء ولا صياح ولا عويل ، أخرجناهم جميعاً من السيارة ، من رآني ورآها ، ظن أني صاحب المصيبة دونها ، قالت لنا وهي تتفقد حجابها وتستكملُ حشمتها في ثباتِ الراضي بقضاء الله تعالى وقدره : لو سمحتم احملوا زوجي وطفلتي إلى أقرب مستشفى ، وسارعوا في إجراءات الغسل والدفن، واحملوني وطفلي إلى منزلنا ، جزاكم الله خير الجزاء ، بادر بعض المحسنين إلى حمل الرجل وطفلته إلى أقرب مستشفى ، ومن ثم إلى أقرب مقبرة ، بعد إخبار ذويهم ، وأما هي ، فقد عرضنا عليها أن تركب مع أحدنا إلى منزلها ، فردت في حياء وثبات : لا والله لا أركب إلا في سيارة فيها نساء ، ثم انزوت عنا جانباً وقد أمسكت بطفليها الصغيرين ، ريثما نجد بغيتها ، وتتحقق أمنيتها ، استجبنا لرغبتها ، وأكبرنا موقفها ، مر الوقت طويلاً ونحن ننتظر على تلك الحال العصيبة ، في تلك الأرض الخلاء ، وهي ثابتة ثبات الجبال ، ساعتان كاملتان حتى مرة بنا سيارة فيها رجل وأسرته ، أوقفناه ، أخبرناه خبر هذه المرأة ، وسألناه أن يحملها إلى منزلها فلم يمانع ، عدتُ إلى سيارتي وأنا أعجبُ من هذا الثبات العظيم ، ثبات الرجل على دينه واستقامته في آخر لحظات الحياة وأول طريق الآخرة ، وثبات المرأة على حجابها وعفافها ، في أصعب المواقف وأحلك الظروف ، ثم صبرها صبر الجبال ، إنه الإيمان ، إنه الإيمان ، ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويظل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) نشرت هذه القصة في مجلة حياة في العدد الثامن من شهر ذي الحجة لعام ألف وأربعمائة وإحدى وعشرين [/size] |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
خاتمه ماودكم بها | ذات الشان | مواضيع الحوار والنقاش | 25 | 04-17-2010 07:27 PM |
{ يالها من فتـــــــاه } | أسيــ الظلام ــر | الخواطر | 2 | 04-12-2008 05:21 AM |
{ يالها من فتـــــــاه } | أسيــ الظلام ــر | المواضيع المكررة | 0 | 04-11-2008 06:32 AM |
انظروا الى هذا العين ماذا كتب على خاتمه | king | المواضيع العامة والإخبارية | 0 | 02-13-2004 12:28 AM |
((قصه الطفله ياسمين يالها من قصه)) | المسكت | منتدى القصص والروايات | 5 | 10-26-2003 02:32 AM |