لاتتزوجي من شاعر...~

التزموا الهدوء أيها الشعراء الأفاضل، وليتّخذ كلّ منكم مقعده على متن طائرة هذا المقال، والأهم من ذلك ربط الأحزمة تأهبا لأي مطبّات جوية قد تغيّر من أمزجتكم ويحصل مالايُحمد عقباه، أعزائي : لستم مضطرين للإنصات إلى إرشادات السلامة، ولكن هو فقط الحزام، أرجو الالتزام بالحزام قبل الإقلاع...
هو ليس تحريض مني لهن إخواني الشعراء، وإنما نصيحة لن أتوانى عن تقديمها لكل بنت فهمت الزواج من شاعر بشكل مغلوط !!أختي العزيزة : قبل أن أشرع في الحديث عن موضوع يعتقد البعض أنه غير مشروع شرعا، أريد أن أطلب منك طلبا واحدا وهو أن تقفي أولا على أرض صلبة حتى أستطيع التحدث معك بحرية، فأنا لاأجيد التحليق كروحك الهائمة في فضاء تفكيرها غير الرحب في هذا الموضوع....
وبعد أن أدركت وقوفك الجاد، ليس لدي طلب سوى الإنصات لما سأقوله وبعدها لك مطلق الحرية في اتخاذ القرار:
هو ليس رومنسيا بالشكل الذي تعتقدين، ولا حساسا بالحجم الذي تأملين، وهو ليس باللطيف غالبا، ولا بالوديع دائما، ولا بالمخلص دائبا، هو ليس بالمنزوي في صومعة حبك العذري الذي منحه الرغبة في الحياة، ولن يجرح يده يوما ليكتب بدمه النقي كلمة «أحبك للأبد» على حائط الانكسار المبكي، وهو أيضا لن يترك كل من حوله ليجلس في زاوية هيامه بك ليخيط لك ديباجا يقيك برد الشعور القارس، ولن يمضي طوال وقته يغني لك أغنية الشوق المتقد بينما هو مشغول بنسج سجاد الغلا الذي لن يتربع عليه سواك...
وهو لن يصافح صباح خيرك بقصيدة غزلية يدغدغ بها شعورك لينال شرف الحصول على ابتسامتك ورضاك، كما لن يحيّي مساؤك بقصيدة مثلها يتوّجك بها أميرة في قصره ويحملك بين ذراعيه ليضعك على عرش قلبه وينحني لك تقديرا ومكانةً كالتي تطمحين....
ولاتنتظري أبدا أن يراقص مشاعرك فوق سحاب روحيكما على سمفونية العشق الأول والأخير، كما لن يسحب بإشارةٍ سحريةٍ منه نجمة التفاني ليقدمها لك هدية العمر، وثقي بأن لوحة مفاتيح كيبورد شعره لن تحتكر حروف اسمك ولاحروف ذاتك إلى الأبد، كما أن فكره لن يخضع لحسنك ولا لدلالك ولا لرقّتك طيلة حياته معك، وهم أيضا لن يكونوا نقطة ضعفه وقتما تريدين...

قد يحتفل معك يوما ويشعل الشموع بنفسه، ويقدم لك باقة ورد حمراء كما أقنعك خيالك بذلك، لكن أبدا لن يقطع كيكة تنازلاته بسكّين رأيه الحاد ليضعها لك على صحنٍ من الفضة، ويطعمك حلاوتها بشوكةٍ من الذهب !

عزيزتي : لاتتعبي عينيك الجميلتين في القراءة الجادة لحكايات الترويض، فهي لن تجدي معه، نعم هو شاعر وللمشاعر دور كبير في حياته، ولكنها لن تفقده عقله إلا في لحظة واحدة فقط...... هي لحظة توحّده معها أثناء كتابة قصيدة ما، ليس بالضرورة أن تكوني طرفا فيها ،أوحتى يكون لك شأن بها لامن بعيد ولا من قريب.
والحذر ثم الحذر ثم الحذر من أن تكوني سببا في تعكّر مزاج هذا الزوج الغير «هادي» كما هو غير عادي ! هنا ستنال منك مقصلة النقاش نيلا غير شاعري بالمرة... وكي أكون صريح معك جدا، ففي كل الأحوال ستكوني أنتِ المسؤولة عن غالبية تلك اللحظة التي تحدث تشويشا صاخبا على فكره الجميل، ونفسيته الهادئة إلا من تصرفاتك الغير مسؤولة!
هو سينتظر المولود الأول منك بفارغ الصبر، وسيربت على كتف صبره بثاني مولود، وسيكتم أنفاس عصبيته مع الثالث، ولكنه سيهرب منكم جميعا مع قدوم الرابع... فهو لم يعتد على مثل هذا الضجيج المؤرق الذي لن يدعه يكتب كما كان قبل أن يتشرف بالزواج من فخامة سموّك الكريم.
لتعلمي عزيزتي كل العلم والمعرفة، بأنه في النهاية إنسااااااااااان، خلقه الله إنسانا، وأوجد فيه صفات الإنسان، ومنحه موهبة الكتابة.. نعم، ولكن... لم يخلقه ملاكا، كما لم يخصّه بصفات ملائكية يخرج بها عن نطاق البشر