الى اغنياء بني عمرو

الابتلاء بالنعم

أقام الحكيم سبحانه وتعالى الدنيا على


الابتلاء بالخير والشر , نظرا لاختلاف

أحوال البشر ونفوسهم واستعداداتهم ,

وحتى يتقلب المرء بين المقامين اللذين خلق من أجلهما ,

فإما أن يبتلى بالضراء فيصبر

وإما أن يبتلى بالسراء فيشكر

وكلا المقامين مناط تحقيق العبودية لله , وصدق

الالتجاء اليه وقد ثبت ان الابتلاء بالنعم أشد على

النفس من الابتلاء بالنقم , إذ حالة الانكسار الناتجة

عن الابتلاء بالمكروه توفر للعبد دواعي الرجوع

إلى صاحب الخلق والأمر , إذ هو سبحانه الملاذ

والملجأ الذي يجد المرء فيه سلواه وعزاءه

ويحصل من خلاله ثواب الله وجزاءه.

فحالة الضعف التي يكون فيهاالمخلوق ساعة

الاصابة بالمكروه تستدعي استمداد القوة

ورباطة الجأش , ومحاولة الخروج من تلك الحالة الشديدة ,

وسبيل ذلك هو:

الالتجاء إلى صاحب القوة ومن بيده مقاليد الأمور وتصرفات

القلوب
أما الابتلاء بالنعم : فهو مطية الاستغناء والاستعلاء , والبعد

عن الاحتياج , ونسيان المنعم , والزهو بالقدرة , ومن ثم :

فبالنعم يسهل فتح المعصية والكفران , ويصعب على النفس

تحمل المشاق والتكاليف , لانها ركنت إلى ما تتلذ

به وتهواه , ويصبح المرء أكثر تعلقا بالدنيا منه

بالأخرة , ويغفل عن رؤية صاحب النعمة ومسديها

كما قال تعالى : { كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}

وقد قرر القرآن الكريم هذا المعنى قال تعالى

{ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}

ومن اجل ذلك تواترت الآيات القرانية محذرة

من النعم بإنها ليست من قبيل المنح المحضة

الدالة على فضل صاحبها أو رضا الله عنه , وإنما

هي ابتلاء يختبر الله عز وجل به عباده

{ فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا

أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}

إن الابتلاء بالنعمة في حاجة ملحة إلى يقظة دائمة

تعصم من الفتنة نعمة المال ,, الرزق الكثير ,,

القوة ,, الجمال ,, الذكاء ,, وما تكاد تخلو نعمة

من الفتنة الا من ذََكَر الله

فعصمه الله .


نقلته من كتاب

اليس الصبح بقريب