الإهداءات | |
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | البحث | مشاركات اليوم | اجعل كافة الأقسام مقروءة |
رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
12-19-2003, 02:26 PM | #11 |
|
فصل
واختلف الفقهاءُ فيما تصيرُ به الزوجة فراشاً، على ثلاثة أقوال: أحدُها: أنه نفسُ العقد وإن علم أنه لم يجتمع بها، بل لو طلَّقها عقيبَه فى المجلس، وهذا مذهب أبى حنيفة. والثانى: أنه العقدُ مع إمكان الوطء، وهذا مذهب الشافعى وأحمد. والثالث: أنه العقدُ مع الدخول المحقَّقِ لا إمكانه المشكوك فيه، وهذا اختيارٌ شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال: إن أحمد أشار إليه فى رواية حرب، فإنه نص فى روايته فيمن طلق قبل البناء، وأتت امرأتُه بولد، فأنكره أنه ينتفى عنه بغير لعان وهذا هو الصحيحُ المجزوم به، وإلا فكيف تصيرُ المرأة فراشاً ولم يدخُلْ بها الزوجُ ولم يَبْنِ لمجرد إمكان بعيدٍ؟ وهل يَعُدُّ أهلُ العرف واللغة المرأة فراشاً قبل البناء بها وكيف تأتى الشريعةُ بإلحاق نسبٍ بمن لم يبن بامرأته، ولا دخلَ بها، ولا اجتمع بها بمجرَّدِ إمكان ذلك؟ وهذا الإمكانُ قد يقطع بإنتفائه عادة، فلا تصيرُ المرأة فِراشاً إلا بدخول محقق، وباللَّه التوفيق. وهذا الذى نص عليه فى رواية حرب، هو الذى تقتضيه قواعِدُه وأصولُ مذهبه واللَّه أعلم. واختلفوا أيضاً فيما تصير به الأمةُ فراشاً، فالجمهور على أنه لا تصير فراشاً إلا بالوطءِ، وذهب بعضُ المتأخرين من المالكية إلى أن الأمة التى تشترى للوطء دونَ الخِدمة، كالمرتفعة التى يُفهم من قرائن الأحوال أنها إنما تُراد للتسرى، فتصير فِراشاً بنفس الشراء، والصحيح أن الأمة والحرة لا تصيران فِراشاً بالدخول. فصل فهذا أحدُ الأمور الأربعة التي يثبتُ بها النسب، وهو الفراش. الثانى: الاستلحاق وقد اتفق أهلُ العلم على أن للأبِ أن يستلحِقَ فأما الجدُّ، فإن كان الأبُ موجوداً لم يؤثر استلحاقه شيئاً، وإن كان معدوماً، وهو كُلُّ الورثة، صح إقراره، وثبت نسبُ المُقِرِّ به، وإن كان بعضَ الورثة وصدَّقوه، فكذلك، وإلا لم يثْبُتْ نسبه إلا أن يكون أحد الشاهدين فيه. والحكم فى الأخ كالحكم فى الجد سواء، والأصل فى ذلك أن مَن حاز المالَ يثبُت النسبُ بإقراره واحداً كان أو جماعة، وهذا أصلُ مذهب أحمد والشافعى، لأن الورثة قامُوا مقامَ الميت، وحلُّوا محلَّه. وأورد بعضُ الناس على هذا الأصل، أنه لو كان إجماعُ الورثة على إلحاق النسب يُثْبِتُ النسب، للزم إذا اجتمعوا على نفى حملٍ مِن أمة وطئها الميت أن يحلوا محلَّه فى نفى النسب، كما حلوا محلَّه فى إلحاقه، وهذا لاَ يَلْزَمُ، لأنا اعتبرنا جميعَ الورثة والحمل من الورثة، فلم يُجْمِعِ الورثة على نفيه. فإن قيل: فأنتم اعتبرتُم فى ثبوت النسب إقرارَ جميع الورثة، والمقر هاهنا إنما هو عبدٌ، وسودةُ لم تُقِرَّ به وهى أختُه، والنبىُّ صلى الله عليه وسلم ألحقَهُ بعبد باستلحاقه، ففيه دليل على استلحاق الأخ وثبوت النسب بإقراره، ودليلٌ على أن استلحاقَ أحدِ الأخوة كافٍ. قيل: سودةُ لم تكن منكرة، فإن عبداً استلحقه، وأقرته سودةُ على استلحاقه، وإقرارُها وسكوتُها على هذا الأمر المتعدى حكمُه إليها من خلوته بها، وبرؤيته إياها وصيرورته أخاً لها تصديقٌ لأخيها عَبْدٍ، وإقرارٌ بما أقر به، وإلا لبادرت إلى الإنكار والتكذيبِ، فجرى رِضاها وإقرارُها مجرى تصدِيقها، هذا إن كان لَمْ يَصْدُرْ منها تصديقٌ صريح، فالواقعة واقعةُ عين، ومتى استلحق الأخُ أو الجدُّ أو غيرُهما نسبَ من لو أقَّر به مورثهم لحقه، ثبت نسبُه ما لم يكن هنا وارثٌ منازع، فالاستلحاقُ مقتضٍ لثبوتِ النسب، ومنازعة غيره مِن الورثة مانعٌ من الثبوتِ، فإِذا وُجِدَ المقتضى، ولم يمنع مانِعٌ من اقتضائه، ترتّبَ عليه حكمُه. ولكن هاهنا أمر آخر، وهو أن إقرارَ من حاز الميراثَ واستلحاقه: هل هو إقرارُ خلافةٍ عن الميت أو إِقرارُ شهادة؟ هذا فيه خلافٌ، فمذهبُ أحمد والشافعى رحمهما الله، أنه إقرارُ خِلافه، فلا تُشترط عدالة المستلحق، بل ولا إسلامُه، بل يَصِحُّ ذلك مِن الفاسق والدَّيِّن، وقالت المالكية: هو إقرارُ شهادة، فتعتبرُ فيه أهليةُ الشهادة، وحكى ابن القصار عن مذهب مالك: أن الورثة إذا أقرُّوا بالنسب، لحق، وإن لم يكونوا عدولاً، والمعروف من مذهب مالك خلافُه. فصل الثالث: البينة، بأن يشهد شاهِدانِ أنَّه ابنه، أو أنه وُلِدَ على فراشه مِن زوجتِه أو أمته، وإذا شهد بذلك اثنان من الورثة لم يلتفت إلى إنكار بقيتهم وثبت نسبة، ولا يُعرف فى ذلك نزاع. فصل الرابع: القافة، حكم رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وقضاؤُه باعتبار القافة وإلحاق النسب بها. ثبت فى ((الصحيحين)): من حديث عائشة رضى الله عنها قالت: دخل علىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ مسروراً تَبْرُقٌ أساريرُ وجهه، فقال: ((أَلَمْ تَرَىْ أَنَّ مُجَزِّزاً المُدْلِجِى نَظَر آنفاً إِلى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُؤُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فقال: إِنَّا هذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ))، فَسُرَّ النبىّ صلى الله عليه وسلم بقول القائف ولو كانت كما يقول المُنازِعُونَ مِن أَمر الجاهلية كالكهانة ونحوها لما سُرَّ بها، ولا أُعْجِبَ بِهَا، ولكانت بمنزلة الكَهانة. وقد صحَّ عنه وعيدُ مَن صَدَّق كاهناً. قال الشافعي: والنبىُّ صلى الله عليه وسلم أثبته عِلماً، ولم يُنْكِره، ولو كان خطأ لأنكره، لأن فى ذلك قذفَ المحصَناتِ، ونفىَ الأنساب، انتهى. كيف والنبىُّ صلى الله عليه وسلم قد صرَّح فى الحديث الصحيح بصحتها واعتبارها، فقال فى ولد الملاعنة: ((إن جاءت به كذا وكذا فهو لهلالِ بنِ أمية، وإن جاءت به كذا وكذا فهو لشريك بن سَحْماء))، فلما جاءت به على شَبَهِ الذى رُمِيَتْ به قال: ((لَوْلاَ الأيْمَانُ لَكَانَ لِى وَلَهَا شَأْنٌ)) وهل هذا إلا اعتبار للشبه وهو عينُ القافة، فإن القائِفَ يتبعُ أَثرَ الشبه، وينظرُ إلى من يتَّصِلُ، فيحكم به لصاحب الشبه، وقد اعتبر النبى صلى الله عليه وسلم الشبه وبيَّن سببه، ولهذا لما قالت له أمٌّ سلمة: أو تحتلم المرأة، فقال: ((مِمَّ يَكُونُ الشَّبَهُ)). وأخبر فى الحديث الصحيح، أن ماء الرَّجُل إذا سَبَقَ ماءَ المرأة، كان الشَّبَهُ لَهُ، وإِذا سَبَقَ مَأُوهَا مَاءَهُ، كان الشَّبَهُ لَهَا)). فهذا اعتبار منه للشبه شرعاً وقدراً، وهذا أقوى ما يكون مِن طرق الأحكام أن يتوارَدَ عليه الخلقٌ والأمرُ والشرعُ والقدرُ ولهذا تبعه خلفاؤه الراشِدُونَ فى الحُكم بالقَافه. قال سعيد بن منصور: حدثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار، عن عمر فى امرأة وَطئهَا رجلانِ فى طهرٍ، فقال القائفُ، قد اشتركا فيه جميعاً، فجعلَه بينهما. قال الشعبي: وعلى يقول: هو ابنُهما، وهما ابواه يرثانه، ذكره سعيد أيضاً. وروى الأثرم بإسناده، عن سعيد بن المسيِّب، فى رجلين اشتركا فى طُهْرِ امرأةٍ فحملت، فولَدَتْ غُلاماً يُشبههما، فرُفِعَ ذلك إلى عمرَ بنِ الخطاب، فدعا القافة فنظرُوا، فقالوا: نراه يُشِبهُهُمَا، فألحقه بهما، وجعَلَه يَرثُهما ويرثانه. ولا يُعْرَفُ قطُّ فى الصحابة مَنْ خالف عمر وعلياً رضى الله عنهما فى ذلك، بل حكم عمر بهذا فى المدينة، وبحَضرته المهاجرون والأنصار، فلم يُنْكِرْهُ منهم منكر. قال الحنفية: قد أجلبتم علينا فى القافة بالخيلِ والرَّجلِ، والحُكُمُ بالقيافة تعويلٌ على مجرَّد الشَّبه والظن والتخمين، ومعلوم أن الشَّبه قد يُوجد من الأجانب، وينتفى عن الأقارب، وذكرتُم قِصة أسامة وزيد، ونسيتُم قِصةَ الذى ولدت امرأتُه غلاماً أسود يُخالِفُ لونَهما، فلم يُمكنه النبى صلى الله عليه وسلم من نفيه، ولا جَعَلَ للشبه ولا لِعدمه أثراً، ولو كان للِشبه أثر، لاكتفى به فى وَلدِ الملاعنة، ولم يحتج إلى اللعان، ولكان ينتظِرُ ولادته، ثم يُلحق بصاحب الشبه، ويستغنى بذلك عن اللعان بل كانَ لا يَصِحُّ نفيُه مع وجودِ الشبه بالزوج، وقد دَلَّت السنةُ الصحيحةُ الصريحة على نفيه عن الملاعين، ولو كان الشبه له، فإن النبىّ صلى الله عليه وسلم قال: ((أَبْصِرُوها فإن جَاءَتْ بِهِ كَذَا وكَذَا، فَهُوَ لِهِلال بْنِ أُميَّة))، وهذا قاله بعد اللِّعان ونفى النسب عنه فعُلِمَ أنه لو جاء على الشبه المذكور، لم يَثْبُتْ نسبُه منه، وإنما كان مجيئه على شبه دليلاً على كذبه، لا على لحوق الولد به. |
الــــــــalwaafiــــــــوافي
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
::: حق الله على العباد ::: لشيخنا الدكتور محمد سعيد رسلان حفظه الله تعالى | Aboabdalah | الصوتيات والمرئيات الإسلامية وأناشيد الأطفال | 2 | 09-16-2009 02:15 AM |