المجالس القروية

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
سيدنا وحبيبنا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين
زملائي الكرام الكل منّا يعرف المجالس ومفردها مجلس وهو مكان الاجتماع لعدة أشخاص
وشيء بديهي أن الناس لاتستطيع التخلّي عن مجالسها ولكن السؤال المحيّر
هل هذه المجالس ابتعدت عن الغيبة والنميمة والحقد للآخرين
أغلب المجالس هذا اليوم لاتكاد تخلوا من ذلك إلاّ من رحم ربي
وخاصة المجالس القروية وكذلك الجلسات المتفرّقة
يا أحباب أنا جلست ببعض المجالس وببعض الجلسات
فرأيت العجب وشاهدت التلذذ بهتك أعراض الآخرين والشماتة بكل صغير وكبير
لدرجة أن هذا الهتك أصبح جرعة لابد أن تتداول عبر جميع من يرتاد المجلس
والمصيبة أن من بين هؤلاء الجلساء رجال علم ورجال تربية ولكن لاحياة لمن تنادي
تجد الألفاظ البذيئة وتتبّع عورات الناس والدجل والكذب والمبالغة في الأمور وازدراء الآخرين
وكأن هؤلاء الحضور هم المعصومون وهم من يتربّع على قمة الهرم
ولكي أصدقكم القول بأنني جلست مع أناس بجلسة وفي هذه الجلسة قاموا باغتياب
أناس آخرين كانوا يجلسون بجلسة الأمس
لا أخفيكم قدّمت النصح لهم ولكن نظرات التعجّب تتجه نحوي وعبارات التذمّر تتسابق إلي وكأني
من عالم آخر وبالعكس بعضهم يقول لي غريبة والله وش جاك أنت لايكون ولاّ يكون
وأصبحت حائر في يكون ولاّ يكون وكذلك أصبح لدي يقين تام بأنه مجرّد خروجي من هذا المجلس
فسوف يصيبني ما أصاب القوم الآخرين

يا أحباب الغيبة خطرها كبير جداً وعواقبها وخيمة
فهناك قصة لامرأة كانت تقوم الليل وتصوم النهار وتتصدّق وحين ماتت أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأنّها في النار
والسبب وكما أخبر محمد عليه الصلاة والسلام ...لأنّها كانت تؤذي جيرانها بلسانها رواه أحمد والبزار وابن حبان والحاكم وقال صحيح الإسناد .....

قال رجل: (يا رسول الله! إن فلانة تكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها -باللسان- قال: هي في النار، قال: يا رسول الله! فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصلاتها وأنها تتصدق بالأثوار من الإقط -الإقط هو اللبن المجفف، وهو من الشيء الزهيد- ولا تؤذي جيرانها، قال: هي في الجنة) فما نفع تلك كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها؛ لأنها تؤذي جيرانها، وهذه نفعها الإحسان وعدم إيذاء الجار، فأخبر عليه الصلاة والسلام أنها في الجنة، فهذه من الأدلة على خطورة هذا الموضوع، وأنه لابد من الاهتمام به.


عن ثوبان –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم: "لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثوراً أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها" رواه ابن ماجة. وصححه الألباني – رحمه الله – في صحيح الجامع (5-3).
ومعنى الحديث أنه يأتي أناس يوم القيامة من بني قومنا يتكلمون بلغتنا نعرفهم ويعرفوننا، ولكن الله يجعل أعمالهم هباءً منثورا تضيع عليهم ويخسرونها فلا تنفعهم أعمالهم فيكونون من أهل النار، لماذا؟ لأنهم قوم فجّار ماكرون فهم أمام الناس من المصلين المحافظين، أما إذا غابوا عن الناس فجروا ومكروا فلم يرعوا الله وقارا، ولم يستحوا من ربهم في الوقوع في المحرمات وانتهاك الأعراض من السب والغيبة والنميمة، والظلم،والتعدي، على حقوق الآخرين، كما قال تعالى: "يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً" [النساء:108]، وكما في حديث المفلس الذي يأتي بصلاة وصدقة وصيام ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وضرب هذا، وسفك دم هذا، فيؤخذ لهذا من حسناته، وهذا من حسناته فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه فطرح في النار" رواه مسلم، نعوذ بالله من الخسران.





إذاً ماذا ننتظر يا أحباب وماذا يجب علينا فعله وخاصة بمجتمعاتنا القروية
انتظر الحلول منكم أنتم لكي نخرج بفائدة ولكن أتمنى أن يكون لنا تطبيق فعلي لذلك
لكي نقضي على هذه الظاهرة المتفشّية بين كثير من الناس
ولنحتسب الأجر ولنضع أنفسنا مكان هؤلاء الناس الذين تطاولتهم ألسن الغيبة والنميمة
ولنعلم أن الذود عن عرض المسلم له أجر عظيم جداً أتمنى من الجميع أن يثري معي هذا الموضوع
هذا ولكم التقدير والاحترام.