الإهداءات


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 01-20-2007, 04:16 PM
مركز تحميل الصور
الجــرح غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 656
 تاريخ التسجيل : Dec 2003
 فترة الأقامة : 7745 يوم
 أخر زيارة : 11-22-2007 (01:07 PM)
 المشاركات : 2,680 [ + ]
 التقييم : 1
 معدل التقييم : الجــرح is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الــمـخـــــاض ..!!



في حياتنا كسعوديين ... هل تسآئل أحدكم ماذا تميزنا به فعليا عن غيرنا في هذا العالم ..؟

ماذا قدمت لنا الطفرة النفطية .. لم تتعدى الماديات والأسمنتيات ... لم تقدم لنا شيئا جديدا على سبيل الرقيّ الفكري .. أو التلاقح الفني والثقافي ..

كل ما تغير هو نقلة نوعية من النوم بجوار الدجاج .. إلى غرف فارهة ... وتحول مباني الطين إلى الاسمنت والرخام .. كما تحولت الدابة إلى سيارة .. والمسواك إلى فرشة أسنان ..

لا أكون مجحفا فأهضم حق الكثير من المفكرين والأدباء والأطباء والمهندسين والكتاب والسياسين وغيرهم من النخب ..

ولكن هي نفس العقليّة .. نفس التعامل .. نفس التفكر .. نفس الجمود نفس الخوف نفس الرغبة نفس اليأس .. نفس الرضوخ و نفس النسخ القديمة .. يسيرون وكل واحد منهم يشبه الأخر في عزيمتة على المجاهدة والوعظ والتكفير و التبديع ..

إننا أمام جيل قد تربي على النواهي والنواقض .. والهوس والخوف .. والمبطلات والمحداثات . ..

تربينا على الترقب من الغير ... على الخوف من الشخص الغريب الذي يقبع وراء المحيطات .. وأيقنا أن العالم من حولنا ماهو إلا مرتع حقيقي للكفر والشبهات والبدع .. جميع أصناف البشر وكل طوائفهم ونحلهم ... هم أمام عبقريتنا الفـذة قطيع من المبتدعة والكفرة.. سيساقون يوما إلى جهنم ..

العالم الخارجي المتهتك الزاني العاهر الكافر الذي يغزونا فكريا واجتماعيا ويهدد ديننا في صميمه..

من يصدق ...أن التلفزيون الرسمي الذي مضى عليه نصف قرن من التأسيس لا يستطع أن يبث أغنية بالأسود والأبيض لمطربة عجوز راحلة اسمها أم كلثوم .. ؟

من يصدق .. أن نساء وبنات بلادنا حتى دون سن الـ13 يغطون وجوههن وأجسادهن من الرأس إلى القدمين بطبقات من الأقمشة السوداء في حرارة تقترب من الخمسين درجة مئويّة ولا يستطعن الحركة بلا محرم إلى أي مكان يمتلأ بالديوك البشرية في مجتمع ذكوري بحت ..

من يصدق .. أن أهم ما يشغل بال أحدنا .. هل حلقه للحيته سيذهب به إلى الجحيم .. ؟!

من يصدق ... أن أهم ما يشغل بعض فتياتنا .. هل تضع عباءتها على الرأس أم على الأنف ..؟

من يصدق .. من يصدق .. أننا عشنا في هذه البلاد أكثر من 50 سنة كما نحن ... لم نتغيّر .. وإن تغيرنا فإننا نتحرك ببطء شديد مميت ..

لماذا هذا الانهيار الفكري والعقلي الداخلي إلى درجة الوصل إلى حافة الجنون والانتحار .. ؟

المراقب لمثل هذا المجتمع المصدوم بالخروج من العزلة الطويلة التي أمضى فيها آلاف السنين أجزم أنه لن يندهش عندما يرى أن هذا المجتمع يخرج منه انتحاريون حاقدون على الحياة والأحياء .. يريدون قتل الفرح والابتسامة ويعتبرونها غفلة .. يريدون تدمير الحضارة .. ويعتبرونها سقوطا وتشبها .. يُغضب الله ويجلب الكوارث ..

متى يسقط الضوء على ذواتنا ودواخلنا المظلمة ...

متى نتحرر من الأحادية حتى في ديننا .. ونخرج من عباءة الرهبانية والوسواس ..

متى نخرج من ثقافة البداوة وعقلية الغزو .. والافتخار على كل شيء ... بلا أي شيء ..

أجيال تعاقبت على أرضنا وهي تظن أنها عاشت .. مرت بهذه الحياة وهي لم تعرف منها إلا القسوة والكراهية والعدوان على الذات وعلى الآخر .. وتكريس عقدة المؤامرة ..الاضطهاد والاستبداد هو مرآة حياتها إذا سلمنا أنها كانت حياة ..

يا سبحان الله وكأن ظلم البيئة المقفرة والطبيعة القاسية لا يكفي حتى نظلم أنفسنا تارة باسم العرف .. وفوبيا الشرف والمرأة والعادات العربية الأصلية ..



ولكن المتأمل في واقنا اليوم .. يرى مخاضا حقيقيًّا .. قادما .. وتغييرا يكاد يكون أسرع من ذي قبل .. قسّم المجتمع إلى راديكاليين ركبتهم هستيريا النحيب والبكاء على هذا المجتمع ومصير الأمة التي تريد التحديث والتغيير .. والعيش في واقع أفضل .. فجعلوا من أنفسهم قنابل مندسّة .. استحلت كل دم قريبٍ أو بعيد .. رغبة في الهروب من هذا المجتمع الهالك ... إلى أحضان الحور العين ..

وفئة أخرى مصدومة مشدوهة .. تتجرع هذا الواقع وهي تعلم أنها مظلومة .. تبحث عن التغيير وتتحسر على الماضي الذي كانت تُقهر فيه تحت ذرائع الحفاظ على التراث والعادات مهما كانت قاهرة ومستبدة ..
تفكر كيف تخرج من واقعها .. وتحس بمدى الألم الذي يعتيريها وهي ترى أجيالها ذهبت وتذهب هدرا ..


وهناك فئة تتعامل مع الوضع بحِرَفـيَّة ... فتنافق ... لأجل حماية مصالحها .. وكسب التأييد والبقاء .. فهي تارة تميل باتجاه العقلانيين .. وتارة باتجاه الأصوليين .. تريد على الأقل الحفاظ على مجتمعٍ صار على وشك الانفجار ..


ولكن القارئ بدقّة يدرك أن هناك تغيرا يشبه المخاض .. فقد بدأت تتهالك القيم الصدئة .. ما عادت المرأة هي المرأة .. وما عاد الآخر هو الآخر .. وماعادت السلطة بقطبيها الديني والسياسي هي ذاتها .. شيء ما تلاشى من المشهد الدرامي الطويل والرتيب .. ثورة جديدة معلوماتيّة وفكريّة هزّت القناعات القديمة المتأصلة .. الكل يتكلم عن السلبيات الفكرية وضرورة التقييم الفلسفي والثقافي ..والنقد على كل وجه صار بارزا لمن يريد أن يراه ..

الصراحة لم يكن أحد يحلم بمثل هذا منذ سنوات قليلة.. إنها فعلا فترة مخاض ..




 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir