الإهداءات


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 12-16-2005, 06:23 AM
مركز تحميل الصور
نظام غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1415
 تاريخ التسجيل : Jan 2005
 فترة الأقامة : 7256 يوم
 أخر زيارة : 07-03-2006 (05:56 AM)
 المشاركات : 700 [ + ]
 التقييم : 4
 معدل التقييم : نظام is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
لبيك اللهم لبيك



بسم الله الرحمن الرحيم

في مثل هذه الأيام من كل عام، ينصرف الكون إلى شغل عظيم، وتزيَّن السماء، وتأخذ الأرض زخرفها، فالكل على موعد قريب في مكة، بوادٍ غير ذي زرع، عند البيت الحرام.

هناك حيث أذن الله للأرض أن تتصل بالسماء، وأذن للقلوب أن تلتقي، وللأرواح أن ترتقي، وللذنوب أن تندثر.

لقد بدأت القصة قديماً، يوم نادى الله إبراهيم خليل الرحمن، يا إيراهيم، أذن في الناس بالحج.

قال إبراهيم: يا رب وأين يبلغ صوتي؟

قال يا إبراهيم: عليك الأذان وعلينا البلاغ. فأذن إبراهيم في مكة، فأسمع الله صوته كل بقاع الأرض، وأتوه رجالاً وعلى كل ضامر، من كل فج عميق.

لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك.

هكذا كان نداء الأرض، وكان جواب السماء هلموا إلى رب كريم، يلهم الخير ويثيب عليه، ثم كان الترحيب والتكريم على لسان رسول الله، "الحجاج والعمار وفد الله، دعاهم فأجابوه وناداهم فلبّوه وسألوه فأعطاهم".

ثم كانت مبادلة الشوق بالشوق، في الحديث القدسي: "طال شوق الأبرار إلي وأنا أشد إليهم شوقاً" ثم كان العفو والفغران على لسان الحليم المنان، يا ملائكتي: "إشهدوا علي بأني قد غفرت لهم".

أيها المؤمنون:

هؤلاء وفد الله، ينطلقون من كل بلاد الله إلى بيت الله الحرام، تاركين الأهل والولد، والأحباب والأصحاب إلى المولى الكريم. فأول نسكهم هناك، أن يخلعوا ثياب الجسد إشارة إلى التخلي عن ذنوب النفس، وخطايا الروح، ثم يلبسون الثياب البيض إيذاناً بارتداء لباس التقوى وسربال الايمان.

ثم يتجهون بلباس واحد وزي واحد، إيذاناً بأن لا رفيع ولا وضيع ولا عبد ولا ملك ولا غني ولا فقير، الكل سواسية كأسنان المشط، ولا فضل لأبيض على أسود، ولا لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.

وفي أيام معدودات تحط الملايين رحالها عند المسجد الحرام وعيونها على البيت العتيق.

ويدخلون فتدخل معهم سحائب الرحمة والرضوان ويطوفون فيطوف معهم الكون بأجمعه. ويلبون فتردد جنبات الدنيا بالدعاء.

ففي الطوف أسرار:

فالكواكب تدور في مساراتها، والمجرات تدور في أفلاكها، والذرات تدور في مجالاتها، وكلهم يدور بشكل بيضوي من اليمين إلى الشمال وكأن طواف الحجيج الأعظم عند البيت المحرم، صورة لحركة الكون وسير الوجود.

"وكل في فلك يسبحون"

"وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم "

ولكلٍّ وجهة هو موليها"

فإذا أتموا طوافهم، توجهت جحافلهم إلى الصفا والمروة فإنها من شعائر الله.

وفي السعي أسرار:
فالحاج في مشيه وهرولته، وذهابه ومجيئه، يحكي قصة الإنسان في بحثه وسعيه وتعسه وعناه، وهو يسعى لإعمار الأرض وإحيائها.

وفي عرفة أنوار وأسرار:

فهناك يدرك الإنسان إنسانيته، ويتحطم التفاضل بين البشر، يقيمون معاً، أبناء الأكواخ وأبناء القصور، ولباساً واحداً يلبسون، الملوك والسوقة، ورباً واحداً يعبدون، الأمراء والفقراء، فلا رفث ولا فسوق ولا جدال ولا نزاع، ولا عرق ولا عصب ولا أبيض ولا أسود.

لقد سوى بينهم الإسلام، ووحدهم بندائه العظيم "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله حكيم خبير".

أي معنى من معاني الوحدة الإنسانية، والإخاء البشري أعظم من هذا المعنى؟!

لقد حدث أن أعرابياً كان في الطواف، فوطئت قدمه العجفاء، رداء ملك غسان جبلة بن الأيهم، فلطمه الملك لطمة واحدة، فاحتكم الأعرابي إلى عمر بن الخطاب، الخليفة العربي المسلم العادل، فكان جواب الإسلام في المسجد الحرام، أن لطمة بلطمة!!.

ولما اعترض جبلة بن الأيهم، وقال كيف؟ وأنا ملك وهو عبد! قال عمر: إن الإسلام سوّى بينكما.

هذا في المسجد الحرام، وفي البلد الحرام، أكمل مظهر من مظاهر المساواة والعدالة في الأرض.

وبين عشيّة وضحاها، ترفع من الدنيا مدينة اسمها عرفات، وتنصب مدينة اسمها منى، في سويعات، وتسير جحافل شعوب، لتعمر منى بعد أن عمرت عرفات، في دقة تأخذ الألباب وسرعة تبهر القلوب.

الكل ماضون والكل مسرعون، والكل يلبون ويهللون، لبيك حقاً حقاً، لبيك تعبداً ورقاً، لبيك وسعديك، والخير كله لديك، لبى لك عبدك وابن عبديك.

وينادي مناد في عرفات هاهنا وقف النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهنا بات محمد صلى الله عليه وسلم، فتقف القوافل الكبرى بملايينها، ولتغمض الجفون، حباً بمحمد نبي الإنسانية، وينادي في البيت الحرام، هذا هو الحجر الذي قبله نبي العالمين، فتتصارع الأكف والأيدي طيلة ألف وأربعمائة عام، من أجل تقبيله حباً بمحمد صلى الله عليه وسلم، والكل يعلم أنه لا يضر ولا ينفع.

أيها المسلم الذي عظم شوقه إلى الحرم، وقصرت عن حملة الأسباب.

إذا طاف الحجاج حول البيت الحرام، فقم أنت فطوّف حول كتاب الله وافهم أمره ونهيه وحلاله وحرامه.

وإذا سعى الحجاج بين الصفا والمروة، فاعلم أنك في سعيك على عيالك إذا ابتغيت وجه الله، فأنت شريك القوم في أجرهم وثوابهم.

وإذا نفر الحجاج إلى عرفات، فقم أنت فانظر إلى مرضاة الله وعاهد الله يوم وقفة عرفات، أن تقف عند أمره ونهيه، فلا يراك حيث نهاك، ولا يفقدك حيثما أمرك.

وإذا قاموا يرمون الجمار، فارجم أنت شيطان نفسك واعلم أنه لعل أعدى عدو لك نفسك التي بين جنبيك، فربَّ رجل يرمي الجمار بيديه، ويقوده الشيطان من جوارحه، وقلبه هالك بالعجب والغرور.

وإذا لبسوا ثياب البيض على أجسادهم، فقم أنت فاخلع حلة الغل والغش عن صدرك، والبس رداء العفو والمسامحة ولا يبقى في قلبك غل على أحد من المؤمنين.

وإذا حلقوا شعر رؤوسهم، فاجتهد أن تحلق عن رأسك شكوك الشيطان، واجتهد أن لا تمكن زائغ القلب من أذنيك.

إن مناسك الحج العظيمة تحمل أول ما تحمل مفهوم وحدانية الإله الحق، وتحريم الاتجاء إلى الأوثان والطواغيت.

إنها تعلّم الأمة أنه لا يصحُّ أن تنحني الجباه، ولا يحلُّ أن تذل الرؤوس لأحد إلا الله.

"ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون".

ولعل أعظم ذكريات الحج الأكبر هو يوم الفتح العظيم، يوم دخل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى البيت الحرام، وبه ثلاثمائة وستون صنماً تُعبد من دون الله.

فجعل ينكتها بعصا كانت بيده، ويقول: وقل جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا.

وكانت عزة الله سبحانه تؤيد حبيبه الأعظم صلى الله عليه وسلم فتخر لها الأوثان والأصنام على مناخرها، وظهر للذين كانوا يعفّرون جباههم عندها أنها لم تكن تملك لهم نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً.

واليوم أيها الأخوة: كم لهذه الأمة من صنم تتوجه إليه من دون الله، وتعتز به دون المسلمين، وتربط قضاياها على أساس مصالحه.

"أيبتغون عندهم العزة؟ فإن العزة لله جميعاً".

فمتى تفيق هذه الأمة إلى هذه الحقيقة؟ ومتى يدرك المسلمون أن مصدر قوتهم وعزتهم ليس في حديد الشرق ولا أموال الغرب وإنما هو في تحقيق التوحيد الخالص لله الواحد القهار.




رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لبيك اللهم حجا !! ابوفهد العمري علوم القرآن والسنة والسيرة النبوية 12 09-21-2012 01:01 AM
أبيك وأرفض الواقع ..... سد الوادي الخواطر 3 11-25-2009 04:48 PM
معنى كلمه لبيك اللهم لبيك طـلـولــي مناسك الحج والعمرة 17 11-13-2009 12:45 PM
لبيك اللهم لبيك فلاش الحج سحابة خير مناسك الحج والعمرة 7 08-29-2009 10:57 AM
روتانااااااا شبيك لبيك فــــيّ وسع صدرك 4 05-02-2004 11:38 PM


الساعة الآن 06:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir