الإهداءات


رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 03-16-2006, 12:57 AM
مركز تحميل الصور
حبيب ال طلحة غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 4395
 تاريخ التسجيل : Feb 2006
 فترة الأقامة : 6854 يوم
 أخر زيارة : 08-13-2009 (11:48 PM)
 المشاركات : 324 [ + ]
 التقييم : 1
 معدل التقييم : حبيب ال طلحة is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي أحكام التعامل مع غير المسلمين 2



غير المسلمين الفقهية :
أحكام
القسم الأول : أحكام غير المسلمين في العبادات :
ثمة حكم عام يشمل العبادات كلها ، وهو أنه لا تصح عبادة غير المسلم ؛ لقول ـ جل وعلا ـ " وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله .. " التوبة [54] . إذ شرط صحة العبادة الإسلام ؛ ومع ذلك فهم مأمورون بالعبادات كلها ، ويعاقبون على تركها ؛ لقوله ـ جل وعلا ـ " ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين " المدثر [ 42-44] .
ولذا فإن أول ما يجب على المسلم دعوة الكفار إليه هو الدخول في الإسلام ، وهو النطق بالشهادتين ، وهذا ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم معاذا حين بعثه إلى اليمن ، فقال : " إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " متفق عليه .

أحكام غير المسلمين في الطهارة والصلاة :
أولا : يقول الله ـ جل وعلا ـ " إنما المشركون نجس " التوبة [28] . والراجح أن المراد بالنجاسة هنا النجاسة المعنوية الحاصلة فيهم بالكفر ، وليست النجاسة الحسية ، ولذا جاز الزواج بالمحصنات من الكتابيات ، ومس أبدانهم بالمصافحة إذا ابتدؤنا ، ولبس ثيابهم التي يخيطونها ، بل حتى التي يلبسونها ، ما دام لم تصبها نجاسة ، كثياب المسلمين .
ثانيا : أواني غير المسلمين لا تخلو من إحدى حالين :
الأولى : أن تكون مصنوعة من محرم لذاته ، كجلد الكلب والخنزير ، وكآنية الذهب والفضة ، أو لوصفه كمغصوب ومسروق فلا يجوز استعمالها ؛ لأنها لو كانت آنية مسلمين ما جاز استعمالها فكيف وهي آنية كفار .
الثانية : أن تكون مصنوعة من مادة طاهرة مباحة كالحجر والخشب والحديد وسائر المعادن والزجاج ، فإن اشتراها المسلم جديدة فاستعمالها جائز ، وإن كان يستعملها غير المسلمين ويطبخون فيها ، ويأكلون ويشربون فلا يخلو الحال من أحد ثلاثة أمور :
الأمر الأول : أن يغلب على ظنه عدم استعمالهم هذه الأواني في المآكل والمشارب المحرمة فيجوز استعمالها مباشرة دون غسل ؛ لحديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : " كنا نغزو مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم فنستمتع بها ، ولا يعيب ذلك عليهم " رواه أحمد وأبو داود .
الأمر الثاني : أن يغلب على ظن المسلم أنهم يطبخون فيها اللحوم والأشربة المحرمة ويأكلون ويشربون ، فإن وجد المسلم غيرها لم يجز له استعمالها ، وإن لم يجد وجب غسلها لإزالة المحرمات عنها ، ثم له أن يستعملها ؛ لحديث أبي ثعلبة الخشني أنه قال : يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم ؟ قال : " إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها ، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها" رواه البخاري .
الأمر الثالث : أن يشك فلا يغلب على ظنه شيء فيعمل بالأحوط وهو غسل الأواني قبل تناولها .
وبناء على ما سبق تجوز الصلاة في مصنوعاتهم من اللباس والفرش الطاهرة المباحة .
ثالثا : ينبغي للشخص إذا أسلم أن يغتسل ؛ لحديث قيس بن عاصم أنه أسلم فأمره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " أن يغتسل بماء وسدر " رواه الخمسة إلا ابن ماجه ، وصححه ابن السكن ، وله شواهد . وللمسلم إلزام زوجته الكتابية بالاغتسال بعد الطهارة من الحيض والنفاس ، والتطهر من النجاسات كالبول ؛ رعاية لحقه في نظافتها ، الذي هو كمال حقه في الاستمتاع بها ، وإن كان لا يجب عليها الاغتسال من حيث الأصل .
رابعا : يجب على غير المسلم إذا أسلم أن يجري عملية الاختتان ولو كان كبيرا ، إلا أن يخاف على نفسه الموت أو المرض فيسقط عنه الوجوب ، حفاظا على نفسه ، وصحة بدنه ؛ لأن الختان سنة المرسلين ـ عليهم السلام ـ وقد اختتن إبراهيم ـ عليه السلام ـ وهو ابن ثمانين سنة .
خامسا : الأصل عدم جواز الصلاة في دور عبادة غير المسلمين كالكنائس والبيع وبيوت النار ، إلا أنه يستثنى من الأصل حال الاضطرار إلى الصلاة فيها لعدم وجود مكان غيرها يصلي فيه المسلم ، كما لو حبس فيها ، فإن أمكنه إزالة التصاوير والمجسمات من أمامه وجب عليه أن يزيلها ، أو يصلي في جانب من المعبد بحيث لا تكون النار أو التصاوير في قبلته .
سادسا : لا يجوز دخول غير المسلمين المسجد الحرام مطلقا ـ والمقصود به حرم مكة شرفها الله ومن باب أولى مسجد الكعبة ـ ولو كان بإذن من المسلمين ، أو لحاجة ، أو لقصد تأليف قلوبهم على الإسلام .
فأما غيره من المساجد فمحل خلاف بين أهل العلم ، والراجح جوازه إذا كان لحاجة أو لمصلحة ، والدليل على هذا أن الكفار كانوا يدخلون على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مسجد المدينة ولم يكن يمنعهم ، بل إنه حبس ثمامة بن اثال في مسجد المدينة قبل أن يسلم ـ رضي الله عنه ـ .
سابعا : لا يجوز تمكين غير المسلمين من أخذ المصحف بإهداء أو بيع ، أو وصية ، أو رهن ؛ لأنهم لا يؤمنون من أن يهينوا المصحف ، ولا يجوز تمكينهم من مسه ؛ لقول الله ـ جل وعلا ـ " إنما المشركون نجس " التوبة [28] لكن يجوز إعطاؤهم ترجمة للمصحف إن رجي إسلامهم ، لا إن خشي أن يهينوا الترجمة ، أو يستغلوها في عدواتهم للإسلام وأهلهم .
ثامنا : لا يجوز للمسلم قصد موافقة غير المسلمين في أماكن الصلاة ، كالكنائس ، ولا في أزمنتها ، كوقت طلوع الشمس وقبل أن ترتفع قيد رمح ، أو وقت غروبها ، إلا ما خصه الدليل وهي الصلوات ذوات الأسباب ، كصلاة الجنازة فيجوز أداؤها قبيل الغروب وقبيل الإشراف .
تاسعا : يجوز للمسلم عيادة غير المسلم إذا مرض ، كما عاد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاره اليهودي ، والدعاء له بالشفاء ، دون الدعاء بالأجر والمغفرة ، كما يجوز للطبيب المسلم علاجه ، وبذل الجهد في ذلك ، ورقيته بالقرآن ؛ لما في حديث أبي سعيد الخدري المتفق عليه في قصة الصحابة الذين رقوا سيد قوم كفار حين لدغته عقرب بقراءة سورة الفاتحة ، فصوب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعلهم .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن للمسلم تعزية غير المسلم إذا ما مات له قريب ، ويقول في تعزيته ـ إن كان الميت غير مسلم ـ ما يجوز قوله ، مثل : أخلف لكم الله خيرا منه ، وأحسن عزاءكم ، ولا يدعوا له بالأجر ، ولا لميته بالرحمة ؛ لأنهما ليسا من أهل الأجر والرحمة ، وينبغي أن يقصد بذلك كله تأليف قلب غير المسلم على الإسلام ، كما للمسلم أن يزور قبر غير المسلم للعظة ، ولا يسلم عليه ، ولا يدعو له ، أو يستغفر ؛ للحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يؤذن لي واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي " .
ولا يجوز للمسلم تغسيله ، ولا تكفينه ؛ لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألقى قتلى بدر من المشركين في القليب ، بلا غسل ، ولا تكفين ، ولا تجوز الصلاة عليه ؛ لقوله ـ جل وعلا ـ : " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا " التوبة [84] . ولا الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة ، أو قول : المرحوم فلان ؛ لقوله ـ جل وعلا ـ : " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى " التوبة [113] ، كما لا يجوز للمسلم تولي دفن غير المسلم كما يدفن أموات المسلمين ، وإذا لم يكن للكافر الميت قريب يدفنه ، فللمسلم أن يواري جثته في التراب ليمنع تأذي الخلق من نتنها ، كما لا يجوز للمسلم أن يتبع جنازته ، أو يمشي فيها ، أو يحملها معهم ، أو يحضر دفنه إذا أراد أهله دفنه ؛ لقوله ـ جل وعلا ـ : " ولا تقم على قبره " التوبة [84] ، ولا يجوز دفنه في مقابر المسلمين ، بل يدفن في مقابر مثله من غير المسلمين ؛ لفعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإجماع المسلمين على ذلك ، إلا إذا ماتت إمرأة كتابية زوجها مسلم وهي حامل منه ، وقد بلغ عمر الحمل أكثر من ثلاثة أشهر فإنها تدفن في قبر المسلمين ، ويكون ظهرها إلى القبلة ؛ ليكون وجه حملها مستقبل القبلة ؛ لأن الجنين مسلم ؛ لكون أبيه مسلما ، والمسلم لا يجوز دفنه في مقابر غير المسلمين ، فرعاية لحقه تقدم مصلحة دفنه في مقابر المسلمين على مفسدة دفن أمه فيها .

القسم الثاني : أحكام غير المسلمين في الزكاة :
أولا : لا يجوز دفع زكاة المال والفطر إلى غير المسلمين ؛ لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلت ـ لمعاذ حيث بعثه إلى اليمن : " فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة ـ وهي الزكاة ـ تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم " متفق عليه . يعني أغنياء المسلمين وفقرائهم ، ويستثنى من ذلك إذا كان غير المسلم من المؤلفة قلوبهم الذين يتحقق بإعطائهم من الزكاة تحصيل مصلحة المسلمين ، أو دفع مفسدة ، أو دخوله في الإسلام ؛ لقوله ـ جل وعلا ـ " والمؤلفة قلوبهم " التوبة [60].
ثانيا : يجوز للمسلم أن يتصدق على غير المسلم إذا كان غير حربي ، ويوصى له ، ويهدي إليه ، ويكرمه بماله ، ويكافئه على المعروف الذي صنعت إليه ؛ لأنه من البر المباح تقديمه لهم بقول الله ـ جل وعلا ـ " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " الممتحنة [8] ؛ ولعموم قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " وفي كل كبد رطبة أجر " متفق عليه . ولحديث أسماء بنت أبي بكر الصديق أن أمها جاءتها راغبة في صلتها وهي مشركة فاستأذنت رسول الله أن تتصدق على أمها فأذن لها ، وأهدى عمر حلة من حرير لأخ له مشرك . إلا أنه لا يجوز أن يهديه شيئا إذا كان سبب الهدية غير مشروع ؛ كالهدية بسبب عيد من أعيادهم الدينية.
ويجوز للمسلم أن يقبل هدية غير المسلم إذا كانت مباحة ، وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدية المقوقس وكان غير مسلم .

القسم الثالث : أحكام غير المسلمين في الجهاد :
أولا : غير المسلمين من حيث مشروعية قتالهم وعدمها قسمان :
القسم الأول :
المحاربون : وهم من ليس بينهم وبين المسلمين ذمة ، ولا عهد ، ولا أمان ، فيشرع قتالهم بحسب القدرة ، فربما يكون قتالهم فرض عين ، وذلك متى غزوا بلدا مسلما ليحتلوه ، أو يستبيحوا دماء أهله ، وأموالهم ، فيلزم كل قادر من مسلمي ذلك البلد قتالهم ، فإن احتاجوا إلى غيرهم من المسلمين من أهل البلاد الأخرى وجب على سائر المسلمين عونهم بالرجال والمال والسلاح حتى تحصل الكفاية ؛ لقول الله ـ جل وعلا ـ " وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر " الأنفال [ 72 ] .
وقد يكون قتالهم فرض كفاية إذا قام به من يكفي من المسلمين سقط الوجوب عن الباقين ، وذلك إذا منع غير المسلمين وصول دعوة الإسلام إلى بلادهم ، أو منعوا أهلها من الدخول فيه ، وكان المسلمون أقوياء وجب على من يكفي منهم قتال غير المسلمين ؛ لقول الله ـ جل وعلا ـ " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله" البقرة [193] ، وبقى حكم القتال على غيرهم من المسلمين مستحبا ، لكن لا يجوز ابتداء قتالهم حتى يدعوا إلى الإسلام ، فإن رفضوا وجب دعوتهم إلى الصلح والقبول بدفع الجزية للمسلمين ، فإن رفضوا جاز قتالهم .
القسم الثاني :
غير المحاربين : وهم من بينهم وبين المسلمين ذمة ، أو عهد ، أو أمان ، ولم يفعلوا ما ينقض ذلك ، كقتالهم المسلمين أو الإعانة عليهم ، وهذا يشمل ثلاثة أصناف:
1- أهل الذمة : وهم رعاية الدولة الإسلامية الذين رضوا بحكم الإسلام عليهم فأعطوا الجزية والتزموا بأحكام أهل الذمة ، وأكثر أهل العلم لا يرون جواز إعطاء الذمة لغير أهل الكتاب والمجوس ، فلا يقبل من غيرهم ممن يعيش في بلاد المسلمين إلا الإسلام ، أو السيف ، ومن أهل العلم من يجيز إعطاء الذمة لغيرهم أيضا ، ولعل هذا هو الأرجح ؛ أخذا بقول الله ـ جل وعلا ـ " لا إكراه في الدين" البقرة [256] .
2- المعاهدون : وهم رعايا الدولة غير المسلمة ، والتي بينها وبين المسلمين عهد وصلح على عدم القتال .
3- المستأمنون : وهم رعايا الدول غير المسلمة المحاربة للمسلمين ، الذين أعطاهم إمام المسلمين ، أو أحد من المسلمين الأمان على نفسه وماله إذا دخل بلاد المسلمين حتى يخرج منها ، سواء أكان من أهل الكتاب أم من غيرهم .
فحكم هؤلاء واحد ، وهو أنهم معصومو الدم والمال ، فلا يجوز سفك دمائهم ، ولا أخذ أموالهم ، لقول الله ـ جل وعلا ـ " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " التوبة [29] وقوله " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه " التوبة [6].
ويستحب الإحسان إليهم والقسط معهم ؛ ترغيبا لهم في الإسلام .
ويجب على المسلمين حفظ دمائهم وأعراضهم وأموالهم ما داموا في ذمة المسلمين وعهدهم ممن أراد الاعتداء عليهم ، سواء أكان المعتدي منهم أم من المسلمين أم من الحربيين ؛ قول علي ـ رضي الله عنه ـ : " إنما بذلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا ودماؤهم كدمائنا " ، ويجب على المسلمين فداء أسرى أهل الذمة بالمال ، بعد فداء أسرى المسلمين ؛ لأنه من حمايتهم .
ومتى خاف المسلمون من المعاهدين أو المستأمنين ، أو من بعضهم نقض العهد جاز نبد عهدهم إليهم ، أي إخبارهم ببطلان العهد الذي بيننا وبينهم ، ثم جاز قتالهم ؛ لقول الله ـ جل وعلا ـ " وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين " الأنفال [58] .
ومتى نقضوا العهد جاز قتالهم ، ولم يجب نبذ العهد إليهم ؛ لأن الخيانة وقعت منهم ، كما قاتل النبي ـ صلى الله عليه وسلت ـ قريشا دون أن يخبرهم بنقض العهد ، لما غدروا فنقضوا العهد ، وذلك عام فتح مكة ، فأما أهل الذمة فلا ينبذ إليهم عهدهم حتى ينقضوه فعلا ، لأنهم تحت أيدينا وفي حكمنا فضرر الخوف من نقضهم العهد أخف من غيرهم ، فإذا نقضوه أو بعضهم زالت عصمة الناقضين فقط ، وحل للمسلمين سفك دمائهم وأخذ أموالهم ؛ جزاء لهم على نقضهم العهد ، ويحصل نقض العهد بمخالفة شروط عقد الذمة معهم ، مثل سب الله ـ جل وعلا ـ أو سب رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو دين الإسلام ، أو الاستهزاء بشيء من ذلك ، أو الزنا بمسلمة ، أو معاونة الكفار على المسلمين ، أو التجسس على المسلمين ، ونحو ذلك .
أما المرتدون عن الإسلام إذا ثبتت ردتهم ثبوتا لا شك فيه فيستتابون ثلاثة أيام فإن تابوا قبل منهم ، وإلا حكم عليهم بحد الردة وهو القتل .
وأما المنافقون نفاقا اعتقاديا فيعاملون معاملة المسلمين في الظاهر ، ومن أظهر نفاقه فهو مرتد يعامل معاملة المرتدين .
ثانيا : إذا قاتل المسلمون غير المسلمين لسبب مشروع ، فإن للقتال آدابا يلزم المسلمين بالتأدب بها ، من أهمها :
1- عدم قتل النساء والأطفال والشيوخ ، والرهبان في صوامعهم ، ما لم يشارك أحد منهم في الحرب فيقتل كغيره .
2- عدم التمثيل بقتلاهم ، أو إحراقهم ، إلا على وجه المجازاة لهم بمثل صنيعهم ؛ لقول الله جل وعلا " وجزاء سيئة سيئة مثلها " الشورى [40].
3- الوفاء بالعهد ، وعدم الخيانة ، أو الغدر .
وقد دل على ما تقدم من الآداب حديث بريدة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليدا " رواه مسلم ، وحديث ابن عمر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى امرأة مقتولة في بعض مغازيه ، فأنكر قتل النساء والصبيان ، متفق عليه .
ثالثا : يجب على المسلم الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام بالشروط الآتية :
1- عدم قدرة المسلم على إقامة شعائر دينه في بلد الكفر ، أو خوفه من الفتنة على نفسه أو أهله أو ولده .
2- قدرة المسلم على السفر وتحمل تكاليف الهجرة .
3- وجود بلد مسلم يستطيع الإقامة فيه إقامة نظامية ، وأن يقيم فيه شعائر دينه.
فإذا اختل أحد هذه الشروط لم تجب الهجرة ، بل تكون مستحبة ، أو مباحة حسب درجة الفائدة منها .
رابعا : حكم إقامة المسلم في بلد الكفر يختلف بحسب نوع انتمائه إليه :
ـ النوع الأول : أن يكون المقيم مواطنا من مواطني بلاد الكفر ومعه جنسيته فيجوز له أن يقيم في بلاده تلك إذا اختل شرط من شروط وجوب الهجرة المذكورة في ثالثا .
ـ النوع الثاني : أن يكون من غير مواطني ذلك البلد ، بل يريد أن يفد عليه من بلاد الإسلام فلا يجوز له ذلك من حيث الأصل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم " أنا برئ من مسلم يقيم بين ظهراني الكفار لا تراءا ناراهما " رواه أبو داود . وذلك لعظم خطر الإقامة في بلاد الكفر على دين المسلم وخلقه ، والتي لا يمكن لعاقل أن ينكرها ، إلا أنه يستثني من التحريم ما إذا تحققت الشروط الآتية فتجوز الإقامة حينئذ :
1- وجود العذر الشرعي وهو الحاجة للهجرة المعتبرة شرعا ، كخوف المسلم على دينه أو نفسه أو ماله أو عرضه أو من يعولهم إذا أقام في بلده الأصلي ولا يجد غير بلاد الكفر تستقبله ويأمن فيها على تلك الأمور ، أو طلب علاج أو تجارة أو عمل أو علم لا يتوافر نحوه في بلد الإسلام ، أو التمثيل الرسمي لبلد مسلم .
2- نية الإقامة المؤقتة التي تنقضي بزوال العذر الذي من أجله أقام في بلد الكفر ، فلا يجوز له أن ينوي تأبيد إقامته ؛ لأن التأبيد يعني الهجرة من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر ، وهذا مناقضة صريحة لحكم الشرع في إيجاب الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام .
3- كون بلد الكفر الذي ينوي الإقامة فيه غير محارب للمسلمين .
4- توفر الحرية الدينية في بلد الكفر بما يأمن المسلم على نفسه وأهله وولده من الافتتان في الدين ، ويتمكن من تعلم دينه وتعليمه لأهله وولده ، ويتمكن من إقامة شعائر دينه الظاهرة ؛ وذلك لأن حفظ الدين أهم من حفظ النفس والمال .
5- بقاء ولاء المسلم لدينه الإسلام ولإخوانه المسلمين ، فلا يقدم على ذلك ولاءه لوطنه .
فإذا توافرت هذه الشروط جار للمسلم أن يقيم في بلد الكفر ، وأن يستخرج بطاقة إقامة ، أو حتى يتجنس بجنسية ذلك البلد إن توقف حصول الإقامة والاستفادة من مزاياها على استخراج الجنسية .
خامسا : حكم القتال مع غير المسلمين يختلف بحسب المستهدفين بالقتال ، إذ لا يخلو المستهدف بها أن يكون إحدى جهتين :
الجهة الأولى : جهة مسلمة ـ سواء أكانت أفرادا أم منظمات أم دولا ـ ابتدأت قتالها الجهة غير المسلمة فمقاتلتها غير مشروعة ، ولا يجوز للمسلمين المشاركة فيها ، بل ذلك بعد من موالاة الكفار الموجبة للخروج من دين الإسلام ، بل تجب على المسلم معاونة المسلمين عليهم ، أو تستحب ، حسب الحال والقدرة .
فإن كانت الجهة المسلمة هي البادئة وكانت في ذلك غير معتدية لم يجز له أن يقاتل مع غير المسلمين ؛ لأنه لا يجوز قتال المسلمين تحت آي ظرف ، ولا يجوز له أيضا القتال ضد أولئك الكفار إن كان بينه وبينهم عهد ؛ لقول ـ جل وعلا ـ " وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق " الأنفال [72] ، وإن لم يكن بينه وبينهم عهد شرع قتاله مع المسلمين إما وجوبا وإما استحبابا بحسب الحال والقدرة .
وإن كانت الجهة المسلمة معتدية واستطاع المسلم رد الظلم الواقع منها على غير المسلمين دون القتال فعل ، وإلا كف عن قتال الفئتين ، ولم يجز له أن يعين أحدا على أحد .
الجهة الثانية : جهة أخرى غير مسلمة ، فلا يخلو :
1- أن يكون بينه وبين هذه الجهة عهد ، فلا يجوز قتالها ، ولو كان قتالها بسبب ظلمها لهم ؛ لوجوب الوفاء بالعهد .
2- ألا يكون بينه وبينها عهد ، فإن كان قاتلها ظلما لم يجز قتالها معهم ، ولو كان بينه وبين المعتدين حلف على التناصر ؛ لأنه لا تجوز إعانة الظالم على ظلمه ولو كان مسلما ، فكيف وهو غير مسلم ، وإن كان الظلم واقعا من هذه الجهة على أولئك الكفار وجب قالتها معهم إن كان بينه وبينهم حلف على التناصر ؛ لوجوب الوفاء بالعهد ، أو جاز إن كان مصلحة المسلمين في قتالها ، أو حرم إن لم يكن حلف ، ولا مصلحة ؛ لأنه لا يشرع القتال إلا وفاء بالعهد ، أو لمصلحة الدين أو مصلحة المسلمين ، وهي منتفية هنا .
سادسا : يجوز عمل المسلم في وظائف الدولة غير المسلمة وتولي المناصب والدخول في البرلمانات بثلاث شروط في الجملة :
1- أن يكون العمل مباحا ؛ لأنه لا يجوز تولي العمل المحرم في الدولة المسلمة فكيف بتوليه في الدولة غير المسلمة ، كأن يعمل في مصنع خمور ، أو في بنك ربوي ، أو في صالة قمار .
2- عدم حصول الضرر على المسلمين أو على دينهم بتوليه هذا العمل ؛ لأن الأصل جواز العمل عند غير المسلم ما لم يترتب عليه ضرر يلحقه المرء بدينه ، أو بالمسلمين ، مثل العمل في دوائر التجسس على المسلمين ، أفراد أو حكومات ، أو في صناعة الأسلحة ـ إلا أن قصد اكتساب الخبرة لنقلها للمسلمين وعلم من نفسه القدرة على ذلك ـ أو في شن الحرب الإلكترونية على المواقع الإسلامية ، أو الحرب العسكرية على أحد من المسلمين ، فإما أن تحقق بتوليه مصلحة للدين أو للمسلمين ، أو دفع مفسدة عنه أو عنهم كان الجواز أولى ، مثل العمل وزيرا للأديان ، أو الهجرة ، أو عضوا في المجالس البلدية ، لأنه يتمكن من نفع المسلمين في منصبه.
3- ألا يترتب على ذلك العمل التزام بما لا يجوز في دين الإسلام ، سواء في أمور العقيدة ، كالمشاركة في الاحتفال بأعياد غير المسلمين الدينية ، أو في العبادة ، كعدم الصلاة في المساجد بدعوى عدم التعصب الديني ، أو في المعاملة ، كإقرار الربا في التعامل المالي ، أو السلوك والأخلاق ، كإلزام المرأة المسلمة بخلع حجابها أثناء عملها .
سابعا : مشاركة المسلم في انتخابات بلده غير المسلم سواء منها الرئاسية ، أو البرلمانية ، أو البلدية جائزة ، بل قد تكون واجبة متى كان في ذلك جلب مصلحة للمسلمين ، أو دفع مفسدة عنهم ، لا يحصل أحدهما إلا بالمشاركة في الانتخابات ؛ لأن ذلك من الأمر بالمعروف وتثبيته ، والنهي عن المنكر وإزالته .
ثامنا : الالتزام بقوانين بلاد غير المسلمين يختلف بحسب تلك القوانين التي لا تخلو من أحد أمرين :
1- أن تكون غير مخالفة لأحكام الشرع ، كالأحكام المتعلقة بأنظمة السير ، وإصدار التراخيص ، واحترام حقوق الآخرين ، وممتلكاتهم فهذه يجب على المسلم الالتزام بها ؛ لأن عقد إقامته متضمن وجوب التزام نظام بلده وقوانينه ، والله ـ جل وعلا ـ يقول : يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " المائدة [1] .
2- أن تكون مخالفة لأحكام الشريعة فإن كان يستطيع تحاشي الالتزام بها ؛ لكونه لا يحتاجها ، كالمعاملات المالية المحرمة ، فعليه تحاشيها ولم يضره كونها موجودة في البلد الذي يعيش فيه ، لقوله ـ جل وعلا ـ " يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم " المائدة [105]، وإن كان يستطيع تحاشيها نظرنا إلى سبب إقامته فإن كان سببا اختياريا لم يجز له البقاء في ديار غير المسلمين ، ولزمته الهجرة منها ، وإن كان سببا قهريا اتقى الله ما استطاع في تحاشي الوقوع في أسبابها ، فما وقع فيه بعد ذلك منها فيكون من باب الضرورة ، والضرورات تبيح المحظورات .
تاسعا : اختلف أهل العلم في حكم استعانة المسلمين بغيرهم في الجهد ، فذهب أكثر أهل العلم إلى عدم جواز ذلك ؛ لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رجلا من المشركين قال للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : جئت لأتبعك وأصيب معك ( يريد الغنيمة ) فقال له " أتؤمن بالله ورسوله " قال : لا . قال " فارجع فلن أستعين بمشرك " رواه مسلم .
وفي حديث آخر رواه أحمد في مسنده أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : "فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين " . ومن أهل العلم من قال بجواز ذلك بثلاثة شروط :
1- --------------- حاجة المسلمين للاستعانة بغيرهم .
2------------------- أن يكون من يستعين به المسلمين مأمونا ، لا يخون المسلمين ولا يتجسس عليهم .
3------------------- أن تكون الغلبة للمسلمين على من يستعينون به من غيرهم في العدد والعدة ، ودليل الاستعانة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ استعان بصفوان بن أمية في غزوة حنين وكان مشركا ، حيث استعار دروعه ، واصطحبه معه.

القسم الرابع : أحكام غير المسلمين في المعاملات المالية :
أولا : يجوز التعامل مع غير المسلمين بالبيع والشراء والإيجار وسائر العقود المالية ، ويجري عليهم من الأحكام والضوابط ما يجري على التعامل مع المسلمين.
ثانيا : يجوز للمسلم أن يعقد من الذمي والمعاهد والمستأمن عقد شركة ، شريطة أن يثق المسلم أن التعامل يجري في الشركة على وفق قواعد الشريعة الإسلامية وضوابطها فيما يحل ويحرم من المعاملات ، وألا يمكن شريكه غير المسلم من التصرف بأموال الشركة تصرفا مطلقا ، دون إجراء رقابة عليه لضمان حصول التصرف المشروع ، وتجنب التصرف غير المشروع .
ثالثا : لا يجوز التعامل مع غير المسلمين بالمعاملات المحرمة كالربا والقمار ، ولا بالمواد المحرمة كالمخدرات والخمور ولحوم الميتة والخنزير ، سواء أكانوا من الذميين أو المعاهدين أو المستأمنين ، أم كانوا من الحربيين ؛ لأن التعامل بالمعاملات المحرمة ، وفي المواد المحرمة من نشر الفساد في الأرض ، والله لا يحب الفساد .
رابعا : اختلف أهل العلم في حكم بيع المسلم على بيع غير المسلم ، وشرائه على شرائه ، وسومه على سومه ( أي أنب يبيع الرجل على الرجل سلعة فإذا تم البيع وأراد تسليم السلعة وقبض الثمن جاء بائع آخر فعرض على المشتري مثل السلعة بسعر أقل ، أو يشتري سلعة فإذا تم الشراء وأرادا التقايض جاء مشتر آخر فعرض على البائع الشراء بسعر أكثر مما اشتراه الأول ، أو يسوم شخص سلعة فيرغب البائع بيعها على صاحب السوم ويعزم على ذلك فيأتي آخر فيسوم بأكثر من سوم الأول ) ، والراجح جوازه سواء أكان غير المسلم ذميا أم غير ذمي ، لأن الأصل الحل ، والنهي ورد عن بيع الأخ على أخيه ، أو شرائه على شرائه أو سومه على سومه ، والكافر مهما كانت صفته ليس بأخ للمسلم ؛ إذا المقصود بالأخوة هنا الأخوة الدينية .
خامسا : يجوز إقراض غير المسلم والاقتراض منهم ،فقد ثبت أن المسلمين على عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانوا يقترضون من اليهود في المدينة ، ويقرهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على ذلك ، لكن يشترط لذلك الشرط الآتية :
1أن يكون قرضا حسنا لا ربا فيه .
2-ألا يترتب على إقراضهم ضرر بالمسلمين ، كإقراض المحاربين .
3-أن يغلب على ظن المسلمين رجوع أموالهم إليهم إذا كانوا هم المقرضين .
سادسا : يجوز أن يوكل المسلم غير المسلم بدلا عنه في القيام بأموره ، ويتوكل عنه ، لكن بالشروط الآتية :
1----------------- ألا يترتب على توكيل غير المسلم ولاية له على مسلم ، كأن يوكله في تطليق امرأته المسلمة ، أو في رعاية أولاده القصر ، أو في نظارة وقف ، أو في تنفيذ وصية ، أو في قسم ميراثه بين ورثته ، أو يوكله قاضيا للمسلمين ؛ لقوله ـ جل وعلا ـ " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " النساء [141].
2----------------- ألا يوكله في القيام بالعبادات التي يجوز فيها توكيل المسلم ، كأن يوكله أن يذبح أضحيته ، أو يؤذن عنه أو يؤم أو يخطب ، لأنها لا تصح من غير المسلم ح لقوله ـ جل وعلا ـ " وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله .. " التوبة [54].
3------------------ ألا يتوكل المسلم على غير المسلم في القيام بما لا يجوز شرعا للمسلم القيام به ، ولا يقر غير المسلم على القيام به ، كأن يعقد له عقد ربا ، أو كان مما يحرم على المسلم ويقر غيره عليه ، كأن يشتري له خمرا ، أو كان مما يجوز للمسلم فعله دون غيره ، كأن يتوكل عنه في تزويجه بامرأة مسلمة ، أو شراء رقيق مسلم .
سابعا : يجوز للمسلم الاستعارة من غير المسلم ما يحتاجه من الأدوات والكتب وغيرها ، وكذلك إعارته إذا كان غير محارب ، لأنها من الإحسان ، وهو جائز منا لهم ، لكن يشترط كون العارية مما يجوز لغير المسلم الانتفاع بها، كسيارة ، أو جهاز كمبيوتر ، وإلا لم تجز إعارتها له ، كمصحف ، أو رقيق مسلم .
ثامنا : يجوز للمسلم قبول ودائع غير المسلمين ، وإيداعهم ، لكن في حال الإيداع يشترط ـ مع كونهم غير محاربين ـ كونهم أمناء ، بحيث يغلب على ظنه عدم خيانتهم ، بجحد العارية ، أو المماطلة في ردها .
تاسعا : يجوز للمسلم قبول هدية غير المسلم وإهدائه ، كما قبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هدية المقوقس ملك مصر ، وكانت من ضمنها مارية القبطية ، وكما أهدى عمر ـ رضي الله عنه ـ أخا له مشركا حلة من حرير كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعطاها عمر .
عاشرا : أموال غير المسلمين من غير المحاربين التي أقرهم الإسلام على الانتفاع بها محترمة ، لا يجوز إتلافها ، ولو كانت مما لا يجوز للمسلم حيازتها ، كالخمر ، فإما أموال المحاربين فيجوز للمسلمين إتلافها إذا كانت المصلحة في ذلك ، كما أقر الله نبيه ومن معه من الأصحاب على قطع نخل يهود بني النضير في غزوة خيبر ، بقوله ـ جل وعلا ـ : " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين " الحشر [5] واللينة : النخلة .
حادي عشر : اللقيط غير المسلم ( وهو الطفل المنبوذ أو التائه الذي لا يعرف والداه ووجد في بلد أكثر أهله غير مسلمين ) له حق على المسلمين الذين عثروا عليه أن يتولوا حضانته ، والإنفاق عليه ، والقيام بمصالحه ، كما يفعل باللقيط المسلم ، لأن نفسه مكرمة محترمة ، وقد قال ـ جل وعلا ـ " ولقد كرمنا بني آدم " الإسراء [70] .

القسم الخامس : أحكام غير المسلمين في الفرائض :
أولا : الراجح من أقوال أهل العلم أنه ليس للمسلم أن يرث غير المسلم بنسب أو مصاهرة أو ولاء ، ولا أن يرثه غير المسلم ؛ لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الذي رواه البخاري : " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " .
ثانيا : إذا تحاكم إلينا غير المسلمين في قسم مواريثهم قسمناها على وفق شرعنا ، وحينئذ فللمتحاكمين إلينا منهم حالتان :
الأولى : أن يكون المورث والوارث على دين واحد ، كأن يكونا نصارى فيرثه ، ويقسم الإرث كما يقسم بين المسلمين .
الثانية : أن يختلف الدين ، فيكون الميت الذي يراد قسم ميراثه نصرانيا ـ مثلا ـ ويكون قريبه الذي يراد توريثه يهوديا ، فقد اختلف أهل العلم في توريثه من الميت على ثلاثة أقوال :
القول الأول : لا إرث بين كفار أقرباء دينهم مختلف ؛ لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا يتوارث أهل ملتين شتى " رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
القول الثاني : يتوارثون فيما بينهم مهما اختلفت أصنافهم ، شرط أن يكونوا من دار واحدة (أي من بلاد ليس بينها حرب) ؛ لأن الكفر ملة واحدة ، وقد قال ـ جلا وعلا ـ " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض " الأنفال [73] .
القول الثالث : يتوارث أهل الكتاب (اليهود والنصارى) من بعضهم ؛ لوجود جامع بينهم وهو أنهم أهل كتاب ، ويتوارث غيرهم من بعضهم ؛ لوجود جامع بينهم وهو أنهم ليسوا أهل كتاب ، لكن لا توارث بين أهل الكتاب وغيرهم ، لعدم وجود الجامع .
والمسألة لا تحتمل الأخذ بأحد هذا الأقوال ؛ لعدم وجود دليل صحيح صريح يرجح أحدها .
ترقبوالجز الثالث




رد مع اقتباس
قديم 03-16-2006, 03:43 AM   #2


الصورة الرمزية غالي الأثمان
غالي الأثمان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3194
 تاريخ التسجيل :  Sep 2005
 أخر زيارة : 01-18-2016 (02:19 AM)
 المشاركات : 3,413 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي مشاركة: أحكام التعامل مع غير المسلمين 2



بارك الله فيك اخي حبيب ال طلحة

بانتظار جزءك الثالث جزاك الله خيرا

تحياتي لك


 
 توقيع : غالي الأثمان


متـــــــابع بصمــــــــــت


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أحكام عمل الزوجه .. نواااااره المجتمع المسلم والفتاوى 6 07-03-2012 11:45 PM
من أحكام الأضحية هانتر الجنوب رياض الصالحين 2 11-17-2010 10:14 PM
أحكام شهر رمضان حـلــ الروح ـــوة المنتديات الرمضانية المؤقتة 2 08-15-2009 12:43 PM
فوائد و أحكام عن شهر صفر عبدالعزيز العمري1 رياض الصالحين 4 02-27-2007 12:08 PM
أحكام التعامل مع غير المسلمين(1) حبيب ال طلحة رياض الصالحين 0 03-12-2006 05:20 AM


الساعة الآن 09:53 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir