الإهداءات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 12-13-2004, 11:09 AM
الخيال غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1140
 تاريخ التسجيل : Sep 2004
 فترة الأقامة : 7389 يوم
 أخر زيارة : 04-04-2013 (07:03 PM)
 المشاركات : 1,295 [ + ]
 التقييم : 1
 معدل التقييم : الخيال is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رساله الى المجتمع المسلم



قبلَ يومين ِ حطّتْ بي الطائرة ُ في مدينةِ جدّة َ ، هذه المدينة ُ الهادئة ُ الهانئة ُ ، الساحرة ُ الآسرة ُ ، التي تتنفسُ الهدوءَ ، وتنسمُ الشذا الفوّاحَ ، تلكَ البقعةُ التي نزلتْ فيها أمّنا حواءُ – عليها السلامُ - ، واختطّها عُثمانُ – رضيَ اللهُ عنهُ - ، ولكنّي حينَ أتيتُها شممتُ – على غيرِ العادةِ - رائحة َ الدماءَ ، وسمعتُ وقعَ الرصاص ِ ، ولاحَ لي منها علامة ُ البؤس ِ ، بعد ما كنتُ أجدُ في أعطافِ مغانيها السرورَ والبهجة َ والأنسَ ، وأقرأ في صفحاتِ سماءها الأملَ المشرقَ .
جئتُها في مساءِ الهجمةِ التي حصلتْ على القنصليّةِ الأمريكيّةِ ، وكانَ الخبرُ صاعقاً بالنسبةِ لي ، فما كدنا نتنفّسُ الصعداءَ ، ونُعلنُ التئامَ الجرح ِ ، وعودة َ الألفةِ والوئام ِ ، إلا ونجدُ من يُكدّرُ الصفوَ ويُعكّرُ الهدوءَ ، وينبري لنشر ِ الفوضى من جديدٍ ، في أثرةٍ بالتغيير ِ وأنانيّةٍ في التصرّفِ ، دونَ مرجعيّةٍ شرعيّةٍ ، أو عقل ٍ واع ٍ مُدركٍ .

وبعدَ أيّام ٍ ستهدرُ أمواجٌ من البشر ِ – كما يصوّرهُم لنا الدكتورُ سعد الفقيهِ – للخروج ِ في مظاهرةٍ نابذةٍ للظلم ِ ، مناوئةٍ للدولةِ ، أسماها أصحابُها ثورة ً جديدة ً ، وسقطَ من حديثِ الدكتور ِ سقطاتٌ كثيرة ٌ ، شبّهَ فيها ما سوفَ يحصلُ بالثورةِ الفرنسيّةِ ، وأخرجَ بياناً أشبهَ بسيناريو فلم ٍ تجري فصولهُ في مدينةٍ نيودلهي ، مليءٍ بالغرائبِ والعجائبِ .

ليسَ عندي مزيدٌ على ما كتبهُ الإخوة ُ ، وقد كتبتُ قديماً موضوعاً عن الدكتور ِ سعد – هداهُ اللهُ للصّوابِ - ، ولكنّي أجدُني مُضطراً لبيان ِ أمر ٍ مهمٍّ ، ربّما خفيَ على كثير ٍ من النّاس ِ .

إنَّ الدكتورَ سعداً حينَ يُحرّضُ على الخروج ِ ، ويدعو للثورةِ على الحكّام ِ ، ويؤكّدُ على ذلك بما وجدهُ من السجن ِ ، ويتراقصُ على جراحاتِ البائسينَ من النّاس ِ ، ويستغلُّ حاجاتِهم ، لهو يؤكّدُ أنَّ الأمرَ لم يعُدْ شرعاً أو ديناً ، وإنّما حظّاً من حظوظِ النّفس ِ ، وثاراتٍ يُريدُ أخذها ، ليكونَ الضحيّة َ الشعبُ ، وأمّا هو فلن يجدَ مسَّ البأس ِ ، ولا وخزَ الألم ِ ، وإنّما يرتشفُ كأسَ العافيةِ في ثرى مدينةِ الضبابِ .

لقد سُجنَ الشيخُ سفر الحوالي ، وسُجنَ إخوانهُ من العلماءِ والمشايخ ِ : العودةُ والعمرُ وآخرونَ ، وأوقفوا عن الدّروس ِ والمحاضراتِ ، وسُحبتْ أشرطتُهم ، ومع ذلك لم نجدْ من أحدِهم – بعدَ خروجهِ - دعوة ً للعنفِ ، أو إعلاناً للعصيان ِ ، أو حثّاً على الثورةِ ، وذلكَ لأنّهم من حكماءِ الرّجال ِ ، وساداتِ المُصلحينَ ، لا يعرفونَ الانتصارَ للنفس ِ ، ولا يبحثونَ عن المراتبِ السنيّةِ ، أو المحالِّ النفيسةِ ، وإنّما هو نشرُ العلم ِ وإصلاحُ النّاس ِ ، والنّصيحة ُ إلى أولي الأمر ِ ، فإنَّ وجدوا منهم قبولاً فهذا هو المطلبُ ، وإن رأوا أمراً آخرَ فقد برئتْ ذمتهم ، وألقوا ما على ظهرهم من حمل ٍ بأداءِ الأمانةِ .

حينما خرجَ أحدُ المشايخ ِ على قناةِ الجزيرةِ قبلَ فترةٍ ، وتكلّمَ بكلام ٍ ذي وقع ٍ وأثر ٍ شديدٍ على الدولةِ ، كانَ شيخُنا الشيخ ُ سفرُ يبدي امتعاضاً شديداً ممّا قالهُ ، وذكرَ أنَّ البلادَ الآنَ تمرُّ بفترةٍ عصيبةٍ ، وتحتاجُ إلى الوئام ِ واجتماع ِ الكلمةِ ، وليستْ بحاجةٍ إلى تكثير ِ الحجج ِ عليها لدى أعداءها ، الذين ينتظرون الزلّة َ منها ، حتّى لو كانَ الذي أظهرَ تلكَ الزلّة َ رجلٌ معادٍ للغربِ ، فهم سيأخذونَ الكلامَ الذي يؤيّدُ مبتغاهم ، ولهذا لا بُدَّ من إغاظةِ العدوِّ بإظهار ِ التلاحم ِ والتوادِّ ، لنفوّتَ عليهِ فرصة َ التوثّبِ والهجوم ِ .

هذه هيَ الحكمة ُ ، وهذا هو العقلُ الرّاشدُ ، والكيَسُ التامُّ ، هذا هو النّورُ الربّانيُّ ، الذي يجريهِ اللهُ على لسان ِ أهل ِ العلم ِ والفهم ِ ، لتخرجَ منهم كلماتُ الهُدى والخير ِ ، والتي بمثلِها تُستمالُ القلوبُ النافرةُ ، وتُردُّ الأهواءُ الشاردةُ ، فهلاّ وسعَ الدكتورَ سعداً وبقيّةَ الذين معهُ ، ما وسِعَ هؤلاءِ الأعلامَ الأجلّةَ ! .

الإسلامُ لا يعرفُ الثورة َ أو العصيانَ المدنيَّ ، ويُحرّمُ الظلمَ والأثرة َ ، ويهدي للطريق ِ الأقوم ِ في طلبِ المظالم ِ ، دونَ مشقّةٍ أو عنتٍ ، ويحثُّ النّاسَ على الصبر ِ ، ويدعوهم إلى العمل ِ للدّار ِ الآخرةِ ، ولا يُلغي حقَّ النّاس ِ في العيش ِ الرّغيدِ ، أو الكسبِ الحلال ِ ، أو مطالبتَهم بهِ ، وإنّما يُقنّنُ ذلكَ كلّهُ ويضبطهُ بضوابطِ المصلحةِ التامّةِ الرجيحةِ ، وينأى بأهلهِ عن مواقعةِ المفاسدِ ، ولو على سبيل ِ تحقيق ِ مصلحةٍ موهومةٍ .

لقد وجدَ الإمامُ أحمدُ من الظلم ِ والعنتِ والمشقّةِ ما لم يجدْ نظيرهُ أحدٌ من أهل ِ العلم ِ ، وقد كانَ المأمونَ من دعاةِ المعتزلةِ ، سجنَ العلماءَ ، ونشرَ البدعة َ وشرّعَ لها ، والبدعة ُ ضربٌ من التشريع ِ – كما قالَ الشاطبيُّ - ، وألهبَ ظهورَ العلماءِ بسياطِ القوّةِ ، وما بقيَ عالمٌ إلا سُجنَ أو نالهُ ما نالهُ من البأساءِ والضرّاءِ ، وعندما أتى جماعة ٌ من العلماءِ ، وطلبوا من الإمام ِ أحمدَ الثورة َ ، نهاهم أشدَّ النهْي ، وألزمهم بالصبر ِ والقناعةِ ، حتّى يُفرّجَ اللهُ الأمرَ ، وكانَ ما كانَ من تفريج ِ اللهُ لهم بعد سنواتٍ يسيرةٍ .

تكفي رصاصة ٌ طائشة ٌ واحدة ٌ ، تنطلقُ من سلاح ِ أحدِ الأيفاع ِ المشحونينَ ، الذين غذّاهم الدكتورُ بالكراهيةِ ، وثقّفهم بالحقدِ ، لتشتعلَ فتيلُ نار ٍ لا تنطفئُ إلا بأمر ٍ من عندِ اللهِ ، خاصّة ً وأنَّ الذين سيخرجونَ في هذهِ المظاهرةِ الموعودةِ ، يعتبرونَ رجالَ الأمن ِ من أعدى أعاديهم ، ولن يتوانى كثيرٌ منهم في الأذيّةِ بهم ، وهذا هو البلاءُ العظيمُ والشرُّ المُستطيرُ ، وهو ما يرومهُ الدكتورُ ويغتبطُ بهِ ، أن تقعَ الفوضى في البلادِ ، وأن ينتشرَ الإخلال ِ ، ليُراهنَ على مقصودهِ ويُثبتَ صحّة َ دعواهُ .

انظروا إلى الدكتور ِ في خطابهِ ، وقد استعدى جميعَ النّاسَ ، من الأمراءِ والعلماءِ والقضاةِ وسراةِ النّاس ِ النابهينَ ، وعندما وصلَ الحالُ إلى الغربيينَ هادنهم ولاينهم ، وذكرَ أنّهم في مأمن ٍ وعافيةٍ !! ، وأمّا إخوانهُ من المسلمينَ فقد صبَّ عليهم جامَ غضبهِ ، وتوعّدهم بالنكال ِ والسوءِ .

لقد خرجَ النّاسَ على الشاهِ في إيرانَ فجاءتْ حكومة ٌ شيعيّةٌ خبيثة ٌ ، ذبحتْ أهلَ السنّةِ ذبحَ النّعاج ِ ، وثاروا على الملكِ فاروق في مصرَ ، فجاءتْ حكومة ُ الضبّاطِ فدكّتْ معاقلَ الإخوان ِ المسلمينَ ، وأبادتْ خضرائهم ، وفي العراق ِ وسوريّا جاءَ حزبُ البعثِ فجاسَ خِلالَ الديار ِ ، وقتّلَ أهلَ الإسلام ِ تقتيلاً ، وفي تركيّا السليبة َ ، ثارَ البعضُ على الخلافةِ العُثمانيّةِ ، فجاءهم على إثر ِ ذلكَ باغ ٍ مُتجبّرٌ ، سجنَ وقتلَ وشنقَ العلماءِ على الأعوادِ ، وكانَ أمرُ اللهِ قدرَ مقدوراً ، وفي ليبيا خرجَ الاحتلالُ بعد أن رويتَ المقاومةُ بدماءِ الشهداءِ الأطهارِ ، ليأتيَ حاكمٌ يسومُ النّاسَ سوءَ العذابِ ، ويسجنُ من يُسمّيهم الزنادقةَ .

اقرأوا التأريخَ ، واستلهموا منهُ الدروسَ والعبرَ ، وتعقّلوا في التصرّفِ ، واعلموا أنّنا في زمن ِ انضمام ِ العالم ِ واجتماع ِ الدّنيا ، وإنَّ حدثاً واحداً يسيراً ، كافٍ أن يُغيّرَ مجرى التأريخ ِ سوءً ، وإنَّ شخصاً غريضَ الشبابِ ، نديَّ الإهابِ ، مجهولَ الذاتِ ، قد يفتحُ البابَ لعسكر ِ الكفر ِ وجُندِ الشيطانَ ، ليجدوا لهم في مغانينا مقرّاً وممرّاً ، ولتُحاطَ بلادُ الإسلام ِ بالجيوش ِ والدساكر ِ .

فاللهَ اللهَ لا يؤتى الإسلامُ من قِبل ِ أحدِكم ، وإنَّ الرّجلَ ليسألُ عن المسئلةِ ولم ينزلْ حكمها بعدُ ، فتحرمُ من أجل ِ سؤالهِ ، ينالهُ من الإثم ِ ما ينالهُ ، فكيفَ برجل ٍ يقودُ الأمّة َ إلى المشقةِ التامّةِ والعنتِ العميم ِ ، بحادثٍ لا يقدرُ قدرهُ ولا يزنهُ بميزان ِ المصلحةِ ، إنّهُ لحريٌّ أن ينالهُ من الإثم ِ أوسعهُ وأكثرهُ .

وقديماً قالوا : رأي الشيخِ خيرٌ من مشهدِ الغلامِ .

في غمرةِ هذا التشتّتِ الذي لا حدَّ لهُ ولا حيلةَ فيهِ ، أكتبُ هذه العِباراتِ نصيحةً للإخوةِ جميعاً ، وخوفاً عليهم ، وحرصاً على سلامتِهم ومعافاتِهم ، أكتبُها – واللهِ – بحبرِ العيونِ ومدادِ الدمعِ ، وبكلماتِ الأنينِ وعِباراتِ التوجّعِ والأسى ، وأرجو أن لا يقعوا في تصرّفٍ يجدونَ أثرهُ وبالاً ، وأن يبحثوا عن السلامةِ وينشدوا الأمانَ ، في زمنِ الفتنةِ والسوءِ ، إلا من عصمَ اللهُ ورحِمَ ، وواللهِ إنَّ تصرّفهم لن يُعقبَ إلا ندماً ، ولا يورثُ إلا حسرةً .

قالَ أنسُ بنُ مالكٍ – رضيَ اللهُ عنهُ - لما شكا إليهِ بعضُ النّاسِ الحجّاجَ : " اصبروا ، فإنّهُ لا يأتيكم زمانٌ إلا والذي بعدهُ شرٌّ منهُ ، حتّى تلقوا ربّكم – عزَّ وجلَّ – سمعتهُ من نبيّكم – صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ – " والحديثُ في الصحيحِ .

اللهمَّ إنَّ قد رضينا بقول ِ نبيّكَ محمّدٍ – صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ – حُجّة ً بيننا وبينَ من يلي أمرنا ، اللهمَّ فلا تؤاخذنا بما فعلَ السفهاءُ منّا ، واكفنا شرَّ الفتن ِ ما ظهرَ منها وما بطنَ ، اللهمَّ استر عوراتِنا وآمن روعاتِنا ، واحفظنا بحفظكَ واكلأنا بعنايتِكَ .

دمتم بخيرٍ .



==========

تموتُ النّفوسُ بأوصابها ********* ولم تدر ِ عوّادها ما بها

وما أنصفتْ مهجة ٌ تشتكي ********* أذاها إلى غير ِ أحبابها



 توقيع : الخيال



آخر تعديل الخيال يوم 12-13-2004 في 11:12 AM.
رد مع اقتباس
قديم 12-16-2004, 02:59 PM   #2
مسئول العلاقات العامه


الصورة الرمزية سيف الساهر
سيف الساهر غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 348
 تاريخ التسجيل :  Jun 2003
 أخر زيارة : 03-27-2024 (06:00 PM)
 المشاركات : 6,030 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي مشاركة: رساله الى المجتمع المسلم



مشكور اخوى على الموضع الرائع

لك تحياتى ودائما تنير لنا الدرب

بمواضيعك واطلالتك علينا

لك منا كال الحب والتقدير لاعدمناك

اخوك

الساااااااااهر


 


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قسم المجتمع المسلم سيد الموقف المجتمع المسلم والفتاوى 6 01-16-2013 04:50 AM
المجتمع المسلم ورعاية المسنين سد الوادي المجتمع المسلم والفتاوى 8 01-04-2013 09:12 PM
اهمية الرحمه بين افراد المجتمع المسلم .. نواااااره المجتمع المسلم والفتاوى 5 07-06-2012 12:12 AM
المجتمع المسلم ورعاية المسنين سد الوادي المجتمع المسلم والفتاوى 7 03-04-2012 11:19 PM
دور الام في بناء المجتمع المسلم سد الوادي المجتمع المسلم والفتاوى 12 02-16-2012 09:42 PM


الساعة الآن 08:09 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir