الإهداءات | |
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | مشاركات اليوم | البحث |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||||||
|
|||||||
رساله الى المجتمع المسلم
قبلَ يومين ِ حطّتْ بي الطائرة ُ في مدينةِ جدّة َ ، هذه المدينة ُ الهادئة ُ الهانئة ُ ، الساحرة ُ الآسرة ُ ، التي تتنفسُ الهدوءَ ، وتنسمُ الشذا الفوّاحَ ، تلكَ البقعةُ التي نزلتْ فيها أمّنا حواءُ – عليها السلامُ - ، واختطّها عُثمانُ – رضيَ اللهُ عنهُ - ، ولكنّي حينَ أتيتُها شممتُ – على غيرِ العادةِ - رائحة َ الدماءَ ، وسمعتُ وقعَ الرصاص ِ ، ولاحَ لي منها علامة ُ البؤس ِ ، بعد ما كنتُ أجدُ في أعطافِ مغانيها السرورَ والبهجة َ والأنسَ ، وأقرأ في صفحاتِ سماءها الأملَ المشرقَ .
جئتُها في مساءِ الهجمةِ التي حصلتْ على القنصليّةِ الأمريكيّةِ ، وكانَ الخبرُ صاعقاً بالنسبةِ لي ، فما كدنا نتنفّسُ الصعداءَ ، ونُعلنُ التئامَ الجرح ِ ، وعودة َ الألفةِ والوئام ِ ، إلا ونجدُ من يُكدّرُ الصفوَ ويُعكّرُ الهدوءَ ، وينبري لنشر ِ الفوضى من جديدٍ ، في أثرةٍ بالتغيير ِ وأنانيّةٍ في التصرّفِ ، دونَ مرجعيّةٍ شرعيّةٍ ، أو عقل ٍ واع ٍ مُدركٍ . وبعدَ أيّام ٍ ستهدرُ أمواجٌ من البشر ِ – كما يصوّرهُم لنا الدكتورُ سعد الفقيهِ – للخروج ِ في مظاهرةٍ نابذةٍ للظلم ِ ، مناوئةٍ للدولةِ ، أسماها أصحابُها ثورة ً جديدة ً ، وسقطَ من حديثِ الدكتور ِ سقطاتٌ كثيرة ٌ ، شبّهَ فيها ما سوفَ يحصلُ بالثورةِ الفرنسيّةِ ، وأخرجَ بياناً أشبهَ بسيناريو فلم ٍ تجري فصولهُ في مدينةٍ نيودلهي ، مليءٍ بالغرائبِ والعجائبِ . ليسَ عندي مزيدٌ على ما كتبهُ الإخوة ُ ، وقد كتبتُ قديماً موضوعاً عن الدكتور ِ سعد – هداهُ اللهُ للصّوابِ - ، ولكنّي أجدُني مُضطراً لبيان ِ أمر ٍ مهمٍّ ، ربّما خفيَ على كثير ٍ من النّاس ِ . إنَّ الدكتورَ سعداً حينَ يُحرّضُ على الخروج ِ ، ويدعو للثورةِ على الحكّام ِ ، ويؤكّدُ على ذلك بما وجدهُ من السجن ِ ، ويتراقصُ على جراحاتِ البائسينَ من النّاس ِ ، ويستغلُّ حاجاتِهم ، لهو يؤكّدُ أنَّ الأمرَ لم يعُدْ شرعاً أو ديناً ، وإنّما حظّاً من حظوظِ النّفس ِ ، وثاراتٍ يُريدُ أخذها ، ليكونَ الضحيّة َ الشعبُ ، وأمّا هو فلن يجدَ مسَّ البأس ِ ، ولا وخزَ الألم ِ ، وإنّما يرتشفُ كأسَ العافيةِ في ثرى مدينةِ الضبابِ . لقد سُجنَ الشيخُ سفر الحوالي ، وسُجنَ إخوانهُ من العلماءِ والمشايخ ِ : العودةُ والعمرُ وآخرونَ ، وأوقفوا عن الدّروس ِ والمحاضراتِ ، وسُحبتْ أشرطتُهم ، ومع ذلك لم نجدْ من أحدِهم – بعدَ خروجهِ - دعوة ً للعنفِ ، أو إعلاناً للعصيان ِ ، أو حثّاً على الثورةِ ، وذلكَ لأنّهم من حكماءِ الرّجال ِ ، وساداتِ المُصلحينَ ، لا يعرفونَ الانتصارَ للنفس ِ ، ولا يبحثونَ عن المراتبِ السنيّةِ ، أو المحالِّ النفيسةِ ، وإنّما هو نشرُ العلم ِ وإصلاحُ النّاس ِ ، والنّصيحة ُ إلى أولي الأمر ِ ، فإنَّ وجدوا منهم قبولاً فهذا هو المطلبُ ، وإن رأوا أمراً آخرَ فقد برئتْ ذمتهم ، وألقوا ما على ظهرهم من حمل ٍ بأداءِ الأمانةِ . حينما خرجَ أحدُ المشايخ ِ على قناةِ الجزيرةِ قبلَ فترةٍ ، وتكلّمَ بكلام ٍ ذي وقع ٍ وأثر ٍ شديدٍ على الدولةِ ، كانَ شيخُنا الشيخ ُ سفرُ يبدي امتعاضاً شديداً ممّا قالهُ ، وذكرَ أنَّ البلادَ الآنَ تمرُّ بفترةٍ عصيبةٍ ، وتحتاجُ إلى الوئام ِ واجتماع ِ الكلمةِ ، وليستْ بحاجةٍ إلى تكثير ِ الحجج ِ عليها لدى أعداءها ، الذين ينتظرون الزلّة َ منها ، حتّى لو كانَ الذي أظهرَ تلكَ الزلّة َ رجلٌ معادٍ للغربِ ، فهم سيأخذونَ الكلامَ الذي يؤيّدُ مبتغاهم ، ولهذا لا بُدَّ من إغاظةِ العدوِّ بإظهار ِ التلاحم ِ والتوادِّ ، لنفوّتَ عليهِ فرصة َ التوثّبِ والهجوم ِ . هذه هيَ الحكمة ُ ، وهذا هو العقلُ الرّاشدُ ، والكيَسُ التامُّ ، هذا هو النّورُ الربّانيُّ ، الذي يجريهِ اللهُ على لسان ِ أهل ِ العلم ِ والفهم ِ ، لتخرجَ منهم كلماتُ الهُدى والخير ِ ، والتي بمثلِها تُستمالُ القلوبُ النافرةُ ، وتُردُّ الأهواءُ الشاردةُ ، فهلاّ وسعَ الدكتورَ سعداً وبقيّةَ الذين معهُ ، ما وسِعَ هؤلاءِ الأعلامَ الأجلّةَ ! . الإسلامُ لا يعرفُ الثورة َ أو العصيانَ المدنيَّ ، ويُحرّمُ الظلمَ والأثرة َ ، ويهدي للطريق ِ الأقوم ِ في طلبِ المظالم ِ ، دونَ مشقّةٍ أو عنتٍ ، ويحثُّ النّاسَ على الصبر ِ ، ويدعوهم إلى العمل ِ للدّار ِ الآخرةِ ، ولا يُلغي حقَّ النّاس ِ في العيش ِ الرّغيدِ ، أو الكسبِ الحلال ِ ، أو مطالبتَهم بهِ ، وإنّما يُقنّنُ ذلكَ كلّهُ ويضبطهُ بضوابطِ المصلحةِ التامّةِ الرجيحةِ ، وينأى بأهلهِ عن مواقعةِ المفاسدِ ، ولو على سبيل ِ تحقيق ِ مصلحةٍ موهومةٍ . لقد وجدَ الإمامُ أحمدُ من الظلم ِ والعنتِ والمشقّةِ ما لم يجدْ نظيرهُ أحدٌ من أهل ِ العلم ِ ، وقد كانَ المأمونَ من دعاةِ المعتزلةِ ، سجنَ العلماءَ ، ونشرَ البدعة َ وشرّعَ لها ، والبدعة ُ ضربٌ من التشريع ِ – كما قالَ الشاطبيُّ - ، وألهبَ ظهورَ العلماءِ بسياطِ القوّةِ ، وما بقيَ عالمٌ إلا سُجنَ أو نالهُ ما نالهُ من البأساءِ والضرّاءِ ، وعندما أتى جماعة ٌ من العلماءِ ، وطلبوا من الإمام ِ أحمدَ الثورة َ ، نهاهم أشدَّ النهْي ، وألزمهم بالصبر ِ والقناعةِ ، حتّى يُفرّجَ اللهُ الأمرَ ، وكانَ ما كانَ من تفريج ِ اللهُ لهم بعد سنواتٍ يسيرةٍ . تكفي رصاصة ٌ طائشة ٌ واحدة ٌ ، تنطلقُ من سلاح ِ أحدِ الأيفاع ِ المشحونينَ ، الذين غذّاهم الدكتورُ بالكراهيةِ ، وثقّفهم بالحقدِ ، لتشتعلَ فتيلُ نار ٍ لا تنطفئُ إلا بأمر ٍ من عندِ اللهِ ، خاصّة ً وأنَّ الذين سيخرجونَ في هذهِ المظاهرةِ الموعودةِ ، يعتبرونَ رجالَ الأمن ِ من أعدى أعاديهم ، ولن يتوانى كثيرٌ منهم في الأذيّةِ بهم ، وهذا هو البلاءُ العظيمُ والشرُّ المُستطيرُ ، وهو ما يرومهُ الدكتورُ ويغتبطُ بهِ ، أن تقعَ الفوضى في البلادِ ، وأن ينتشرَ الإخلال ِ ، ليُراهنَ على مقصودهِ ويُثبتَ صحّة َ دعواهُ . انظروا إلى الدكتور ِ في خطابهِ ، وقد استعدى جميعَ النّاسَ ، من الأمراءِ والعلماءِ والقضاةِ وسراةِ النّاس ِ النابهينَ ، وعندما وصلَ الحالُ إلى الغربيينَ هادنهم ولاينهم ، وذكرَ أنّهم في مأمن ٍ وعافيةٍ !! ، وأمّا إخوانهُ من المسلمينَ فقد صبَّ عليهم جامَ غضبهِ ، وتوعّدهم بالنكال ِ والسوءِ . لقد خرجَ النّاسَ على الشاهِ في إيرانَ فجاءتْ حكومة ٌ شيعيّةٌ خبيثة ٌ ، ذبحتْ أهلَ السنّةِ ذبحَ النّعاج ِ ، وثاروا على الملكِ فاروق في مصرَ ، فجاءتْ حكومة ُ الضبّاطِ فدكّتْ معاقلَ الإخوان ِ المسلمينَ ، وأبادتْ خضرائهم ، وفي العراق ِ وسوريّا جاءَ حزبُ البعثِ فجاسَ خِلالَ الديار ِ ، وقتّلَ أهلَ الإسلام ِ تقتيلاً ، وفي تركيّا السليبة َ ، ثارَ البعضُ على الخلافةِ العُثمانيّةِ ، فجاءهم على إثر ِ ذلكَ باغ ٍ مُتجبّرٌ ، سجنَ وقتلَ وشنقَ العلماءِ على الأعوادِ ، وكانَ أمرُ اللهِ قدرَ مقدوراً ، وفي ليبيا خرجَ الاحتلالُ بعد أن رويتَ المقاومةُ بدماءِ الشهداءِ الأطهارِ ، ليأتيَ حاكمٌ يسومُ النّاسَ سوءَ العذابِ ، ويسجنُ من يُسمّيهم الزنادقةَ . اقرأوا التأريخَ ، واستلهموا منهُ الدروسَ والعبرَ ، وتعقّلوا في التصرّفِ ، واعلموا أنّنا في زمن ِ انضمام ِ العالم ِ واجتماع ِ الدّنيا ، وإنَّ حدثاً واحداً يسيراً ، كافٍ أن يُغيّرَ مجرى التأريخ ِ سوءً ، وإنَّ شخصاً غريضَ الشبابِ ، نديَّ الإهابِ ، مجهولَ الذاتِ ، قد يفتحُ البابَ لعسكر ِ الكفر ِ وجُندِ الشيطانَ ، ليجدوا لهم في مغانينا مقرّاً وممرّاً ، ولتُحاطَ بلادُ الإسلام ِ بالجيوش ِ والدساكر ِ . فاللهَ اللهَ لا يؤتى الإسلامُ من قِبل ِ أحدِكم ، وإنَّ الرّجلَ ليسألُ عن المسئلةِ ولم ينزلْ حكمها بعدُ ، فتحرمُ من أجل ِ سؤالهِ ، ينالهُ من الإثم ِ ما ينالهُ ، فكيفَ برجل ٍ يقودُ الأمّة َ إلى المشقةِ التامّةِ والعنتِ العميم ِ ، بحادثٍ لا يقدرُ قدرهُ ولا يزنهُ بميزان ِ المصلحةِ ، إنّهُ لحريٌّ أن ينالهُ من الإثم ِ أوسعهُ وأكثرهُ . وقديماً قالوا : رأي الشيخِ خيرٌ من مشهدِ الغلامِ . في غمرةِ هذا التشتّتِ الذي لا حدَّ لهُ ولا حيلةَ فيهِ ، أكتبُ هذه العِباراتِ نصيحةً للإخوةِ جميعاً ، وخوفاً عليهم ، وحرصاً على سلامتِهم ومعافاتِهم ، أكتبُها – واللهِ – بحبرِ العيونِ ومدادِ الدمعِ ، وبكلماتِ الأنينِ وعِباراتِ التوجّعِ والأسى ، وأرجو أن لا يقعوا في تصرّفٍ يجدونَ أثرهُ وبالاً ، وأن يبحثوا عن السلامةِ وينشدوا الأمانَ ، في زمنِ الفتنةِ والسوءِ ، إلا من عصمَ اللهُ ورحِمَ ، وواللهِ إنَّ تصرّفهم لن يُعقبَ إلا ندماً ، ولا يورثُ إلا حسرةً . قالَ أنسُ بنُ مالكٍ – رضيَ اللهُ عنهُ - لما شكا إليهِ بعضُ النّاسِ الحجّاجَ : " اصبروا ، فإنّهُ لا يأتيكم زمانٌ إلا والذي بعدهُ شرٌّ منهُ ، حتّى تلقوا ربّكم – عزَّ وجلَّ – سمعتهُ من نبيّكم – صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ – " والحديثُ في الصحيحِ . اللهمَّ إنَّ قد رضينا بقول ِ نبيّكَ محمّدٍ – صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ – حُجّة ً بيننا وبينَ من يلي أمرنا ، اللهمَّ فلا تؤاخذنا بما فعلَ السفهاءُ منّا ، واكفنا شرَّ الفتن ِ ما ظهرَ منها وما بطنَ ، اللهمَّ استر عوراتِنا وآمن روعاتِنا ، واحفظنا بحفظكَ واكلأنا بعنايتِكَ . دمتم بخيرٍ . ========== تموتُ النّفوسُ بأوصابها ********* ولم تدر ِ عوّادها ما بها وما أنصفتْ مهجة ٌ تشتكي ********* أذاها إلى غير ِ أحبابها
آخر تعديل الخيال يوم
12-13-2004 في 11:12 AM.
|
12-16-2004, 02:59 PM | #2 |
مسئول العلاقات العامه
|
مشاركة: رساله الى المجتمع المسلم
مشكور اخوى على الموضع الرائع
لك تحياتى ودائما تنير لنا الدرب بمواضيعك واطلالتك علينا لك منا كال الحب والتقدير لاعدمناك اخوك الساااااااااهر |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قسم المجتمع المسلم | سيد الموقف | المجتمع المسلم والفتاوى | 6 | 01-16-2013 04:50 AM |
المجتمع المسلم ورعاية المسنين | سد الوادي | المجتمع المسلم والفتاوى | 8 | 01-04-2013 09:12 PM |
اهمية الرحمه بين افراد المجتمع المسلم .. | نواااااره | المجتمع المسلم والفتاوى | 5 | 07-06-2012 12:12 AM |
المجتمع المسلم ورعاية المسنين | سد الوادي | المجتمع المسلم والفتاوى | 7 | 03-04-2012 11:19 PM |
دور الام في بناء المجتمع المسلم | سد الوادي | المجتمع المسلم والفتاوى | 12 | 02-16-2012 09:42 PM |