04-03-2013, 12:21 PM
|
|
لغتنا

الميس.. الكلاس.. الدسك.. الباص.. الهوم ورك.. البريك.. الماث.. الساينس) كلمات صارت مألوفة وتقليدية جدا على ألسنة أطفالنا، لأنها ببساطة جزء طبيعي من قاموسهم اللغوي الهجين .كلمات أجنبية يتداولونها في محادثاتهم الشفاهية ورسائلهم الهاتفية التي باتت تجرد العربية من خصائصها وتسبغ عليها شِرعة الجهالة. وكلمات أخرى ما زالت تنتمي إلى لغتنا العربية تستخدم للربط بين هذا السيل المتدفق من الكلمات الأجنبية، وحتى هذه الكلمات العربية تبدو فاقدة لألوان الحياة كافة، فمخارج الحروف تائهة على الشفاه وقواعد الصرف لا محل لها من الإعراب ،فالعيب اعترى لغتنا التي قال الله تعالى عنها في محكم تنزيله (قرآناً عربياً غير ذي عوج) ، وما بقي لها إلا الجهالة والغربة والناس أعداء ما جهلوا.
القضية أكبر بكثير من مجرد ألفاظ ومصطلحات غريبة تتدفق فتستعمر السنة أطفالنا وإنما قضية اخطر بكثير فابناء المجتمع اليوم إن تعلموا لغة أجنبية تعلموا عادات و قلدوا البلد ،حتى أصبحنا أمة مستلبة وحضارة عريقة تبحث عمن ينصفها ويزيل عنها الغبار حتى يعود لها رونقها، و قضية لغة شرفها رب العالمين بنزول آخر كتبه بلسانها يقول تعالى: {بلسان عربي مبين} ويقول: {قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون} ويقول: {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}.
من ذلك أيضاً الانسلاخ عن اللغة من بعض الطبقات دون غيرها وهذا يختلف من طبقة إلى أخرى بحسب تشرّبها للمؤثرات الأجنبية ومحاولتها إضفاء الصبغة الأجنبية محل اللغة العربية، فقد نجد بعض الأسر يتحادث أفرادها فيما بينهم باللغة الأجنبية زعماً منهم بان اللغة الأجنبية هي اللغة العصرية وحال العربية بات قاصراً عن مواكبة تطورات الحياة ومستجداتها. وهذه النظرة صاحبت فئة من المجتمع العربي ممن يتناولون الأمر بالتفكير والفلسفة، ولكننا نجد فئات من المجتمعات العربية تختلف عندها أسباب الانسلاخ، فقد يكون السبب هو التباهي أو التعالي أو تجهيل ما عداهم. ولا شك أن ذلك دليل على انحدار مستواهم الفكري والثقافي
هنا يجب ان نجاهد هذه الظواهر ونتمسك بديننا ونزرع شعور الاستعلاء في نفوس أبناءنا
والاستعلاء المقصود ليس بمعنى الكبر والغرور ولا هو منطق الفاشيين والنازيين وإنما هو المقصود بقوله تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون} [آل عمران: 139].. لابد أن يستشعر الأبناء هذا الاستعلاء، لابد طبعا من أن يستشعره الآباء والمعلمون، فما لم نتجاوز مشاعر الهزيمة الحضارية أمام الآخر المنتصر آنيًّا بجيوشه ومخترعاته ونظمه وبالتالي ندور في فلكه ونتسول لغته عسى أن نشبهه ولو شكليًّا سنظل هكذا تائهين في حالة دوران حول الذات وفي فلك الآخر الذي يتعامل معنا بكل وحشية واستهانة واستهزاء، فلا بد إذن من كسر هذه الدائرة الجهنمية التي يريدون لنا ولأجيالنا الجديدة أن نظل داخلها أبدا ولن يحدث ذلك إلا باستعلاء إيماني واستعلاء حضاري واستعلاء قيمي واستعلاء لغوي.
أخيراً، فإن الاهتمام باللغة والحفاظ عليها واجب باعناقنا، فنحن كعرب من واجبنا ان نفخر باللغه العربيه ونعلمها أطفالنا ونؤصل حبها في نفوسهم. نحن مع تعدد اللغات وان يتعلم أبناؤنا اللغات الاخرى لأن ذلك من مصلحتنا ومصلحة بلداننا واوطاننا، ولكن يجب ان لا يكون ذلك على حساب لغتنا الاصلية. يجب العمل على إيجاد الوسائل الكفيلة بحماية لغتنا العربية والحفاظ عليها وذلك بهدف توفير الحماية الواجبة لمستقبل العربي حتى يظل فخورا بلغته وبثقافته وحضارته وبفنونه وآدابه وبتقاليده وأعرافه وبشخصيته المميزة وبهويته الخاصة.
|