عندما يضللنا الإعلام ..
قضيت فترة من الزمن وأنا مدمنة مشاهدة الأخبار والأحداث السياسية
أتابعها بشغف وأحلل وأربط وأستنتج ... كل شيء فيها يستهويني وبسبب ذلك قرأت كتبا في السياسة التي تصور وضع الشرق الأوسط من ذلك خطط بني صهيون في بروتوكولاتهم .. أحجار على ورقة الشطرنج .. الحرب السرية ..إلخ ...كلها كونت لدي فكرة المؤامرة وجعلتني أنظر لكل شيء بريبة وتوجس وحذر .. وصرت أؤمن بأن العالم الإسلامي مقدم على قيامة صغرى قبل القيامة الكبرى !!!!!
صرت أنظر للحياة نظرة سوداوية متشائمة وكأن الدنيا انتهت !! عجبت لمن يتزوج .. لِمَ يتزوج ؟؟ وهل سيهنأ ؟؟ وعجبت لمن ينجب .. كيف يعول على أبناءٍ هم وقود حروب قادمة ؟؟!! وعجبت لمن يجمع المال ويدخره ومآله ضياع وحسرة !!!
كنت إذا اجتمعت بغيري أراهم من أحاديثهم وآمالهم الطويلة جهالا غير مدركين للحقائق !! وطالما رددت في نفسي هذا البيت :
وذو العقل يشقى في النعيم بعقله **** وأخو الجهالة في الشقاوة يندم
صنّفت الناس .. وحكمت عليهم بغير هوادة ولا رحمة ...
هكذا كنتُ إلى ..إلى أن أنجبت وأصبحت أما وبدأت أنشغل بتربية ابنتي
وأصبحا شغلي الشاغل .. بدأت انصرف شيئا فشيئا عن متابعة الأخبار والسياسة ... بدأت أفكاري تتغير وتتحول وصرت أفكر في مستقبل ابنتي واستبعد كل فكرة تطوّح بأملي فيهما وأستبعد كل رؤى مجنونة ..
لقد رأيت الدنيا بمنظار وردي بدأت أتفاءل ..صرت أسعى وأجمع !!!! يا الله كيف تغيرت الرؤى والقناعات !!!...بدأت أراجع نفسي وأذكرها بأن الله عز وجل عند حسن ظن عبده به ...آآآآآه... أين كان عقلي ؟؟؟!! لقد كان مغيبا فترة طويلة...
أدركت أن الإعلام بأساليبه وتقنياته يؤثر تأثيرا كبيرا على أفكارنا ورؤانا .. يولد فينا انهزامية ويأسا أمام الأحداث بل ينتج الفرقة والاختلاف !!!!
فليس كل ما يقال يصدق ولا كل ما يعرض يؤخذ به فالإعلام يضخم الجانب السيء ويصوره بصورة مَهُولة حتى نحسب أن الناس هلكوا بينما الواقع يخالف ذلك !!!
أيها النسيان أعطني يدك ، كي أسير في مدن الذكرى معك ....
|