يقول تعالى في كتابه الكريم :
( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)
" سورة النــور
نبحر في هذه الآية الكريمة .. التي تبث الأمل في النفوس ..
بسم الله الرحمن الرحيم
( وعَد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصّالحات )
وعد الله المؤمنين المخلصين الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح ..
إن وعده لحقّ ..
يقول عز وجل في سورة فاطر :
( يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنّكم الحياة الدنيا ولا يغرّنّكم بالله الغرور )
وفي سورة النساء :
( ومن أصدق من الله قيلاً )
وفي سورة الرعد :
( إن الله لا يخلف الميعاد )
وكثير من الآيات ..
فبمَ وعد الله عز وجل ووعده الحقّ ؟
( ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم )
وعدهم بميراث الأرض وأن يجعلهم فيها خلفاء متصرفين فيها تصرف الملوك في ممالكهم كما استخلف
المؤمنين قبلهم ..
وفي هذه البشارة يحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول :
" إن الله زوى لي الأرض فرأيتُ مشارقها ومغاربها وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها " / رواه مسلم
ويقول صلى الله عليه وسلم :
" تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها،
ثم تكون ملكاً عاضاً ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها،
ثم تكون ملكاً جبرياً ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة. ثم سكت ) / صحيح مسلم
( وليمكننّ لهم دينهمُ الذي ارتضى لهم )
وليجعلنّ دينهم – الإسلام – الذي ارتضاه لهم عزيزاً مكيناً عالياً على كل الأديان
( وليبدلنّهم من بعد خوفهم أمناً )
وليغيّرنّ حالهم التي كانوا عليها من الخوف والفزع إلى الأمن والاستقرار
( يعبدونني لا يشركون بي شيئاً )
- وكأن في هذا تعليل للاستخلاف – يوحدون الله جلّ وعلا ويخلصون له العبادة ، لا يعبدون إلهاً غيره
( ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون )
أي فمن جحد شكر هذه النعم .. فأولئك هم الخارجون عن طاعة الله العاصون أمر الله ..
|