وهــــذا ما كتبه الطائر الغريب
(1)
وفد من شيوخ ووجهاء القبائل الجنوبية تزور المفتي وتقدم عريضة من
سبعة آلاف توقيع تعترض فيه على مسيرة وزارة التربية والتعليم التي
تسير في تبني رؤى وأفكار وتوجهات لا تتلاءم مع المجتمع المحافظ ولا
تتوافق مع التوجهات الأنظمة المعتمدة للبلد وذلك من خلال دمج الأولاد
مع البنات في المدارس وزيارة نورة الفايز متبرجة إلى الصين وزيارتها
مع وفد نسائي لمدارس الأولاد في الزلفي وابتعاث المراهقات إلى
الغرب وإقامة الحفلات المختلطة الغنائية للخريجين من الجنسين
والسعي لتقليص المواد الشرعية والعربية في المدارس ووقف افتتاح
مدارس تحفيظ القران وغيرها من القرارات الخطيرة والتمهيد البطيء
والطبخ التغريبي على نار هادئة مما يضر بالبلد ويزعزع استقرارها
ويهدد نسيجها الاجتماعي الداخلي وهويتها الثقافية ويستجلب ردود
أفعال من قبل البعض تفقد الدولة والشعب المكاسب التي حققتها
على مدى قرن من الزمان
(2)
قبائل الجنوب مشهود لها بالولاء المطلـق للنظام مقارنة ببعض
المناطق التي يتغير ولاؤها بتغير الخارطة السياسية والإقتصادية
وحين تأتي المعارضة لتوجهات الوزارة من قبل هذه المناطق بالذات
فهذا يعني أن الأمر جد خطير وخاصة أن هذه الزيارة للمفتي ضمت
أسماء من معظم قبائل الجنوب كغامد وزهران وبني شهر وباللحمر
وباللسمر وبني عمرو وبني شهر وقحطان ( عبيدة ) وشهران والبقوم
وعسير وشمران وضم الوفد مشاركين من بيشة وبالقرن وهذا الموقف
دليل على حالة القلق والتوجس التي تسيطر على أغلبية الشعب من
التوجهات الجديدة والقفزات الخطيرة والجرأة الهوجاء في تجاوز كل القيم
والأخلاقيات والأعراف الإجتماعية التي عرفتها هذه الجزيرة منذ فجر التاريخ
(3)
عاشت قبائل الجنوب والشمال حالة من التهميش والتبعية للمناطق
الوسطى وتحولت إلى مجرد صدى للأفكار والقيم وظلت لفترة طويلة
مجرد مستورد ومستهلك للقيم والموازين والعادات ولكنه المنطقة في
العقدين الأخيرين أخذت تسير نحو الصدارة وتبوأت القيادة في كثير من
المجالات الإدارية والتعليمية والأكاديمية والإعلامية والخدمية وأصبحت
تنافس غير من المناطق التي تسيدت المشهد طوال عقود من الزمن بل
تعتبر هذه المنطقة الثانية اليوم بعد منطقة نجد و ما في هذا الخطاب
وهذه الزيارات والحراك الاجتماعي المنظم إلا تتويجا لسبق هذه المناطق
وأخذها لزمام المبادرة وانتقالها من المرتبة الخلفية إلى المرتبة الأمامية
(4)
قبائل الجنوب بعامة هي القوة الضاربة للدولة والعصا الغليظة وأبناؤها
هم الأغلبية في الجيش والأمن والشرط والمباحث والاستخبارات وقد
أبلوا بلاء حسنا وضحوا تضحيات جمة وبذلوا الغالي والنفيس في حرب
الخليج وفي حرب الجنوب والتأريخ لا ينكر أن قبائلا كثير ة تحالفوا مع
الأتراك ومحمد علي باشا وابنه ابراهيم في القضاء على الدولة السعودية
الأولى وما زالت كتب التأريخ حافلة بهذه الأحداث وفتاوى الأئمة في نجد
في تلك القبائل تملأ كتب العقيدة ولم يثبت مع الدولة السعودية الأولى
سوى قبائل الجنوب وقائدها الشهير طامي بن شعيب الذي كان يشن
الحرب الشرسة على الأتراك خاصة في القنفذة وقد دفع حياته ثمنا لهذا
الموقف حيث قطع راسه في تركيا وقاد من بعده عدة أمراء آل المتحمي
التابعة للدولة السعودية الأولى حرب عصابات لتخفيف الضغط التركي
على الدرعية والمدن المجاورة لها ونجحت في ذلك وقد دفعت قبائل
الجنوب ضريبة كبيرة ومؤلمة لهذه المواقف الشجاعة برغم شراسة
الأتراك وقوة الإمبراطورية العثمانية
(5)
قيام رجال القبائل بهذا الدور الواعي والحراك الراقي والأسلوب السلمي
في الاعتراض والتعبير عن الامتعاض هو خطوة في الطريق الصحيح
وهو دور كنا ننادي به وذلك بسبب ضعف المؤسسة الدينية وتلكؤ
العلماء عن القيام بالدور المنوط بهم وضعف الوازع الديني وتسلط
الفجار على الإعلام ومواقع التأثير كل هذا يحتم على أبناء القبائل ذات
العزة والشرف والأنفة والحرص على الأعراض أن يكون لهم موقف وأن
يكون لهم رأي وإننا إذ نشيد بهذا الموقف لندعو بقية القبائل في نجد
والحجاز والشمال والشرق أن يكون لهم موقف ووقفة يسجلها لهم
التأريخ مهما بلغ بها الحال من الضعف والعجز والخور فلا فرق بين
يكفرالدولة ويستبيح دماء رجال الأمن ويسعى لتشظية البلد وتمزيق
الوحدة الاجتماعية وخللة الوحدة الداخلية وبين من يسعى لسلخ هويته
ا والقفز على دينها وثقافتها وتجاهل كل أصواتها
|