الجزء الثاني ...
عاد الزلمة رافع إلى أرض الوطن متأبطاً يد عروسه نسرين .. لقد حط رحاله في ضيعته (ضيعة النماص) والتي لاتبعد كثير عن ضيعة إمرأته الأولى (زينة) ..
قدمت له التهاني والتبريكات من عدد لابأس به من أقرانة المحليين .. بعضها خالصة لوجهه الكريم .. والبعض الآخر فيه نظر ..
هاهو رافع .. تبدل حاله .. فأضحت هيئته لاتقل شأناً عن زميله (مرعي) .. كيف لا وقد تحسنت أحواله المادية .. بعد أن باع مساحات لابأس بها من البلاد .. تلك البلاد التي ورثها كابر عن كابر .. والتي أمضي عقدين من الزمان في (مشارعة) جماعته على حدودها وثمائلها ..
تسارعت الأيام .. فبعد شهرين .. وصل الحاج أبورياح والحاجة نعمات في ضيافة رافع .. أديا العمرة الرمضانية .. متمتعين بأجواء النماص بانتظار أداء مناسك الحج .. وكما يقال (حج وبيع مسابح) .. ولما لا .. فقد طاب لهم المقام .. محمولين مكفولين ..!!
لم يتوقف الأمر عند ذلك .. فقد تم استقدام كل من الزلمة (غسان) والزلمة (فادي) أخوي نسرين .. بتأشيرتي عمل تحت كفالة النسيب رافع ..
بعد سنة من الزواج .. رزق رافع بمولودة .. (بنت) هي باكورة الإنتاج الجديد .. والعاشرة في ترتيب أبناءه .. لقد أراد أن يسميها (ثنوى) .. ولكن أنى له ذلك .. لقد ألحت والدتها أن تسميها (أليسا) .. وكان لها ماأرادت .( مجبر أخاك .. لابطل) !.
أزدادت أعباء رافع المالية .. مترافقة مع إزدياد في (الضغط والسكر).. كيف لا .. فـ (نسرين) و (أليسا) يسافران ثلاث مرات سنوياً لرؤية أبا رياح ونعمات .. يحملان معهما ماخف وزنه وغلا ثمنه ..
لم يكن فقط .. الحال إزدياد في إزدياد .. بل هناك بوادر إنخفاض وذبول.. ذبول صحي .. ذبول عاطفي .. ذبول حتى في التفكير ! .. ماذا دهاك يارافع ؟ .. بل من (دهكك) يارافع ؟!!
حصلت نسرين على الجنسية .. فقلبت على رافع ظهر المجن .. أي (أنقلب صبيح جني) .. فـ(رافع) لم يعد بـ(رافع) .. ونسرين ـ كما هو معلوم ـ في عز شبابها !..
لقد تكفل كل من غسان وفادي بالأمر .. بعد أن نقلا كفالتيهما على أختهما التي حصلت على الجنسية .. فقد غادرت نسرين والصغيرة أليسا إلى مكان لايعلمه رافع .. وكيف له ذلك .. فصحته لم تعد تسعفه .. وبدأت نفسيته تسوء وتسوء . . وأولوياته تبدلت ..
هاهو رافع وحيداً .. إزدادت حالته النفسية والجسدية سوءً .. أدخل مستشفى النماص العام .. ياإلهي .. لقد دخل رافع في غيبوووبة ..
مرت الأيام والليالي .. ومحاولات مستشفى النماص العام ـ على غير العادة ـ ماضية على قدم وركبة وساق لإفاقة الزلمة رافع .. ورافع مرفوع عنه القلم إلى هذه اللحظة ..
بدأت بوادر (إفاقة) تلوح في الأفق .. إحدى دلائلها استجابة خجولة صادرة من أطرافه .. لعل سببها لمسات حانية قابضة على يده ..
فتح عينيه رويداً رويداً .. يحاول أن يرى .. بدأت الصورة تتضح أكثر وأكثر .. ملامح ابتسامة .. إنها فعلاً .. ابتسامة ..
ابتسامة من ..
ابتسامة (زينة)
زينة التي عز عليها أن ترى زوجها رافعاً في أحلك الظروف .. لقد كانت بجواره طيلة شهر كامل مع أبنائها .. أثناء غيبوبته .. قائمة على رعايته .. لم تنسى عشرة العمر .. رغم مابدر من رافع من جفاء .. فهو لايزال زوجها وأب أبناءها ..
حقاً .. أنت ِ قمة الوفاء .. يا بنت بلادي .. بنت الكرام ... زينة
تحياتي
عاااشق النماااص