من "كتاب الصديق والحب والحبيب"
للقروسطي رامون لولّ
رامون لولّ (1232 - 1316) فيلسوف وكاتب كان على سفر دائم، له مؤلفات تعتبر من أهم ما كُتب في الادب والفلسفة الاوروبيين في القرون الوسطى. "كتاب الصديق والحبيب" هو بلا ريب كتابه الاشهر حاليا بفضل استعاراته الاخلاقية وتأملاته الالهية والعشقية. والكتاب هذا موجّه في الاصل الى النساك المتأملين ويعدّ من ابرز نماذج الادب الصوفي الاوروبي.
عام 1919 نقل الشاعر ماكس جاكوب هذا الكتاب الى الفرنسية. وبعد ذلك بسنين تعرّف جاكوب عبر بيكاسو الى نحات كاتالاني شاب يدعى ابيل ليسّ فينوسا عرف في كتاب رامون لول انشودة السلام والاخوة والتضامن البشري وتمجيد الحرية التي تفسدها الحروب. وتحمّس ماكس جاكوب على انجاز الترجمة التي ترافقها رسوم النحات فينوسا.
ومن نصوص هذا الكتاب في ترجمته الفرنسية نقتطف الآتي:
- طويلة وخطيرة الدروب التي يسلكها الصديق بحثا عن حبيبه. انها مليئة بالتفكير والتدقيق، بالتأوهات والدموع، وينيرها الحب.
- قال الحبيب لصديقه: هل تعرف ما هو الحب؟ فأجاب الصديق: لو لم اكن اعرف ما هو الحب، لعرفت ما هو العمل والحزن والعذاب.
- قل، ايها المجنون بالحب، ما الاكثر جلاء، الحبيب في الصديق ام الصديق في الحبيب؟ واجاب الصديق: إنما من خلال الحب نرى الحبيب. لكننا نلاحظ الصديق من خلال تأوهاته واحزانه وقلقه.
- اراد الصديق ان يعرف ايهما يصل قبل الآخر الى الحبيب، هل الادراك ام الارادة. ركض الاثنان مسرعين ووصل الادراك اولا.
- شرب الصديق من النبع الذي يجعل المرء عاشقا وتضاعف قلقه. فشرب الحبيب ايضا من ذاك النبع لمضاعفة الحب والعذاب في قلب عاشقه.
- سألوا الصديق: اين صديقك؟ أجاب: تجدونه في البيت الاكثر نبلا، لكن ستجدونه بالاحرى في اندفاعي العاطفي، في عجزي وبكائي.
- صاح الصديق: لمَ لا يكشف لي الحبيب عن اسراره الغامضة؟ هل يخاف من ان افضحها في تعابيري وتصرّفاتي؟ ان فمي يحسن الاحتفاظ بالاسرار.
- هذا عقد الحب: على الصديق ان يكون صبورا، متواضعا، وجلا، مثابرا، متحمسا، مغترا بنفسه ومستعدا لمواجهة اكبر المخاطر في سبيل مجد الحبيب. على الحبيب ان يكون صادقا، تقيا، عادلا وسخيا مع صديقه.
- سألوا الصديق: لمَ حبيبك مجيد؟ فأجاب: لأنه المجد. سألوه ثانية: لمَ هو عظيم؟ فقال: لأنه العظمة. ولمَ هو حكيم؟ لأنه الحكمة. ولمَ هو محبّ؟ لأنه محبة.
- قال الصديق للحبيب: تصل الى قلبي عبر طرق عديدة. تتجلى أمام نظري عبر وسائل كثيرة. شفتاي تناديانك بأسماء لا تحصى. لكن الحب الذي به تسندني وبه تميتني، فإنه فريد.
- زرع الحبيب في قلب الصديق الرغبات، التنهدات، الفضائل والحب. وروى الصديق البذار بالدمع. زرع الحبيب في قلب الصديق احزانا، محنا وآلاما، بينما كان الصديق يشفي قلبه بالأمل والإخلاص والصبر والمؤاساة.
- نام الصديق والحب مات اذ لم يبق لديه ما يتغذى منه. استيقظ الصديق والحب بُعث في الافكار التي ارسلها الصديق الى حبيبه.
- قلْ، ايها الاخرق، من اين تأتي حاجاتك؟ وأجاب الصديق: من افكاري، من رغباتي، من عباداتي، من اعمالي ومن مثابرتي، لكن ايضا من تنهدات حبيبي وتأوهاته. واين تحصل على كل هذه الاشياء؟ في الحب. واين تجد الحب؟ لدى حبيبي. واين تحصل على امتلاك حبيبك؟ فقط في الحبيب نفسه.
- قلْ، ايها المجنون، هل تريد ان تتحرر من كل قيد؟ اجاب: بلى، شرط ان يظل عبد حبيبي. هل تريد ان تكون اسيرا؟ بلى، اريد ان اكون اسير التنهدات والافكار والآلام والاخطار والمنفى والدموع، لأخدم حبيبي الذي خلقني كي امجّد كماله.
- قالوا للصديق: اذا كنت تملك الحقيقة، سوف تعتبر مجنونا، وسوف تُهان وتُلام وتُضايق وتدان.
اجاب: استنتج من كلامكم اني كنت اقول اكاذيب واني سألقى المديح والتكريم وانه سوف يخدمني ويدافع عني كل من يكره حبيبي.
- كان الحبيب يزرع بذارا متنوعة في قلب صديقه، ومن تلك البذار، بعد الورق والزهر، لم تأت الا الثمرة. يتساءلون هل تستطيع من هذه الثمرة ان تطلع بذارا متنوعة.
- الحبيب أرفع من الحب بكثير والصديق دون الحبيب بكثير. والحب الذي بينهما يُنزل الحبيب الى الصديق ويرفع الصديق الى الحبيب. ومن هذين الصعود والهبوط انما ولد الحب وعاش، هذا الحب الذي يخدم الحبيب ويعذّب الصديق.
- جاء الحبيب والحب لرؤية الصديق النائم. الحبيب ناداه، الحب ايقظه، واستجاب الصديق للحب والحبيب.
موضوع رائع الحب بروعه حضورك وحبيت اشاركك
عن بعض الحب والحبيب
تقبل خالص تحياتى لاعدمناك
اخوك
الساهر
|