الاحتمالات هي :
1 – إذا سحبت الحصاة السوداء، فإن عليها أن توافق على الزواج فوراً من المرابي العجوز، الذي سيسامح والدها على ديونه كافة.
> 2 – إذا سحبت الحصاة البيضاء، فإنها تعفى من ذلك الزواج (غير المتناسب)، وأيضاً يسقط المرابي ديون والدها جميعاً.
> 3 – إذا رفضت سحب حصاة، فإن المرابي سيلقي والدها في السجن.
> شجعت جمهرة الحضور هذه الفكرة وأيدوها، متمنين التوفيق للفتاة وخلاص أبيها من ديونه ومن السجن معاً، لأن احتمال الربح يوازي احتمال الخسارة، والناس تحب المراهنة. وهكذا، وافق المزارع/الأب على اقتراح المرابي العجوز على مضض، بعد أن هزت ابنته رأسها بالإيجاب.
كان الثلاثة يقفون على أرض مليئة بالحصى، فانحنى المرابي العجوز والتقط حصاتين على عجل، ووضعهما في جعبة. لم ينتبه الأب المزارع، ولا أحد من المزارعين المتجمعين، ما فعل المرابي الغشاش. لكن الفتاة الصبية كانت تتمتع بنظر حاد، وبدقة ملاحظة شديدة، فانتبهت أن المرابي انتقى حصاتين سوداوين، في واقع الأمر، ودسهما في الجعبة. وسرعان ما طلب المرابي من الفتاة علناً أمام الشهود المتجمهرين أن تمد يدها، وتسحب إحدى الحصاتين، ليتقرر مصيرها ومصير والدها في الحال.
فلنتوقف قليلاً هنا في هذه الحكاية الخرافية، ولنحاول أن نعكسها على خيارات الدبلوماسية في عالمنا اليوم.
فليضع كلاً منا نفسه في مكان تلك الصبية الصغيرة، فماذا يفعل؟ وما الذي يختاره،؟
وكل الخيارات تبدو صعبة ومأساوية أمام خدعة المرابي القذرة؟ وليفكر كل قارئ ما الذي يمكن أن ينصح فيه تلك الصبية أن تفعل أمام ذلك الموقف المحير.
ربما كان المنطق يقود إلى أحد احتمالات ثلاثة:
> آ – أن ترفض الفتاة سحب أية حصاة على الإطلاق.
> ب – أن تخرج الفتاة الحصاتين السوداوين معاً، وتفضح غش وخداع المرابي أمام أبيها مهما كانت النتائج.
> ج – أن تسحب الفتاة واحدة من الحصاتين السوداوين، وتضحي بنفسها بالزواج من المرابي العجوز والقبيح، كي تحرر أباها الذي أنشأها ورباها من دينه، وتنقذه من السجن الذي ينتظره.
> والآن، بعد أن اختار كل قارئ لهذه السطور أحد الاحتمالات الثلاثة، دعونا نكمل الحكاية، ونتعرف على الفارق بين حل المشاكل عن طريق التفكير التقليدي، وبين حلها عن طريق التفكير المنطقي الخلاق.
وهذا له، بالتأكيد، إسقاطاته على مختلف شؤون الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية والثقافية والإدارية، ليس في الهند والسند..و ليس في بلاد الصين، بل في كل مكان وزمان.
دعونا أولاً نفكر في النتائج المترتبة على اختيارها (أ) أو (ب) أو (ج) قبل كل شيء.
ثم، فلنحاول الإجابة عن السؤال: ماذا يجب على الفتاة أن تعمل؟
وأخيراً، فلنكمل سير الحكاية، ولنرَ ماذا فعلت الفتاة؟ وكيف تخلصت من الفخ؟
> مدت الفتاة يدها داخل الجعبة، وأمسكت بحصاة، وسحبتها بقبضة مقفلة دون أن تظهرها للعيان، ثم تظاهرت بأنها تعثرت.. فأفلتت الحصاة لتسقط بين الحصى الكثير المتناثر على الأرض، صائحة: “يا لحماقتي! انظروا ماذا فعلت! ولكن، ليس هناك من مشكلة، فلننظر إلى لون الحصاة المتبقية داخل الجعبة، فنعرف لون الحصاة التي سحبت وسقطت مني.” وبما أن الحصاة الباقية في الجعبة كانت سوداء، لم يستطع المرابي العجوز أن يفضح غشه وخداعه أمام المزارع الأب، والناس الذين احتشدوا بدافع الفضول، والذين هللوا لكلام الفتاة، وللحصاة الثانية سوداء اللون التي أخرجتها. وهكذا، اضطر المرابي القبيح للتخلي عن طلب يد الفتاة الصغيرة بالإكراه، وإلى إعفاء المزارع البائس من جميع ديونه على الملأ، دون رجعة.
فهلا جاهدنا انفسنا على التفكير الإبداعي الغير مألوف لحل اي مشكله
مبتعدين وببساطه شديده عن التفكير الذي يجعلنا وكأننا داخل صندوق لا يمكننا تجاوزه ولا الخروج عن حدوده
ماذا عنكم اخوتي كيف تقيمون نوعية التفكير لديكم بعد قرآءة هذه القصه داخل ام خارج الصندوق
دمتم في حفظ المولى ورعايته ..