الموضوع: [ اكرهك حبيبتي ]
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-04-2004, 12:48 AM   #12
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية $بلزاك$
$بلزاك$ غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 190
 تاريخ التسجيل :  Jan 2003
 أخر زيارة : 07-09-2009 (12:25 AM)
 المشاركات : 619 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



اكرهك حبيبتي
----------


في مساء تلك الليلة وعند العاشرة غادرت جدة ، بعد أن استأذنت الوالدة وودعتها .. وأنا في طريقي إلى عمان .. أربعة شبان يرافقونني في رحلتي في هذه السيارة التي أسموها " نيسان " و أنتِ أكثر البشر ممن يعرف كم أحب نيسان في رحلاتي الشماليه !
فهل بقي ربيع في العمر لنفرح به ؟
حسناً .. لم يبق هناك ما يستحق ، ولكنني أتجه إلى عمان و ربما بيروت بعدها مروراً بدمشق ، اتجه هناك من أجل اثنان من اصدقائي الحميمين ، اللذان حققا نتائج طيبة في الجامعة لهذا الفصل و اللذان لم يغادرا جدة منذ سنتين وطلبا مني المرافقة..
هناك أيضاً شابان يرافقاني ، أحدهما أخيك ..
كنت قد فكرت كثيراً بسبب موافقتي على أن يرافقني أخيك هذه الرحلة و لأول مرة !!
كنت أخاف أن تعتقدي أنني سمحت له من أجلكِ ..!!!
عموماً وافقت لأنه أخي أيضاً .. وأريده أن يفرح بمدينة عمان مع الآخرين التي يرونها لأول مرة !
الطريق إلى عمان طويلة جداً .. ورغم وجود خمس مدن سعودية قبل الوصول إلى عمان الأردنية إلا أنني اعتدت أن أقود سيارتي الطريق كاملة إلى هناك
فأنا ما زالت شاباً لا يتعبني السهر ولا السفر وربما يكون السبب الحقيقي أنني عشقت السهر والسفر .. لذلك ربما اختار السفر ليلاً !!

ما زلت شاباً .. قالها لي صديق من العائلة ، حين حاورني بأمر زواجي من أنثى جديدة !!
ما زلت شاباً .. قالها لي مديري في العمل ، حين حاورني بأمر ترقيتي لدرجة مدير قسم !!
ما زلت شاباً .. قالها لي أحد كبار السن في القرية ، حين حاورني بأمر اللون الأبيض الذي بدأ يغزو رأسي !!
ما زلت شاباً .....
كم صرت أكره هذه الجملة !!
هل يظنون أن الشباب بالعمر .. ؟ .. أليس الشباب شباب القلب !!؟
عمي الذي تجاوز الستين من عمره ، يفكر بالزواج من جديد ، لكن عمي لديه دوافع أخرى غير القلب !!

و أنتِ .. يا من أخذت شباب و شيخوخة القلب .. ما الذي دفعكِ لأن تفعلي ما فعلتِ !!
ما زلت أفكر بكِ .. تركت الأربعة شبان يتحدثون و يمزحون و يضحكون و يخططون لجدول الرحلة ، وكنت أقود سيارة نيسان الجيب متجاوزاً السرعة القانونية بنصفها عبر طريق الشمال المثقل بجثث المسافرين !!
هل من يتمنى الموت يعدونه منتحراً ؟؟؟؟ ..
أود لو أسأل شيخاً فقيهاً يساعدني و يمنحني لهذا السؤال جواب !
هناك أسئلة كثيرة في مخيلتي لم أجد إجابة لها ، ولكن يبقى أهمها أنتِ ؟
فكيف احصل على الإجابة ..!!؟

وصلت عمان .. و آهٍ لو تشاهدين جمال عمان في الشتاء ، لأول مرة أكون وسط عمان في هذا الوقت من السنة ، إنها أجمل بكثير من ثوبها الصيفي ،
و رغم أنهم يقولون أن الأحداث في فلسطين أثرت على سياحة عمان ، إلا أنني اكتشفت أن قولهم بعيداً عن الحقيقة رغم أن الأقصى قريب من عمان!
لو تحلين محل أخيك في هذه السيارة ، لرميت بالثلاثة الآخرين و بقينا وحدنا !
لا تضحكي .. فلم أثمل بعد ، وفي هذا المكان بالذات لا أستطيع أن أثمل !!
في هذا المكان .. رابية عمان .. فيها مقهى جميل هادئ أسموه " كافييه دانير" ملتقى أحبة ..
كل طاولة كانت زوجية ، ولا بد للزوج الآخر أن يكون من الجنس الآخر .. إلا طاولتنا .. فردية من جنس واحد !!!
كنت أرفض توسلات البعض عبر إشاراتهم بأن نصطحب بعض الرفقة من الجنس الآخر .. لأجلكِ أنتِ !!
لم أتخيل أن تجلس معي فتاة .. في مساء عيد الحب غيركِ أنتِ ..!!
لذلك شعرت بالندم الذي التحف هؤلاء الذين رافقوني .. و مع ذلك لم أندم !!
كانت الورود الحمراء تملأ المكان .. حتى أن أخيك اشترى واحدة و حين سألته لمن هذه الوردة ونحن شبان خمسة !!
رد ابن عمٍ لي رافقنا في رحلتنا قائلاً : لنضعها وسط الطاولة فمن المؤكد أن أحدنا يستحق أن يتأمل هذه الوردة !!
رد أحدهم ممن اعتاد أن يكون مرافقاً لي في عمان هامساً بإذني : لا أرى من يستحقها غيرك أنت !!
ابتسمت لأبي خالد .. هذا الرجل الرائع الذي ما أن سمع أنني متجه لعمان حتى سبقني إليها بالطائرة .. أراد أبو خالد أن يكمل الحوار وطلبت أن يصمت بنظرة!
فلا المكان ولا الزمان ولا الأشخاص ، يسمحون لي بأن أطرح حواراً عن الحب على طاولتي الحزينة !!

كان الــــ " كافييه دانير " يغلق أبوابه في العاشرة مساءً ، وحين أخبرونا قررت أن اترك المجموعة في المنزل الذي أجرته لرحلة عمان ، هذه الرحلة التي قررت أن تبدأ في عمان لمدة أربعة أيام فقط ومن ثم نغادرها إلى بيروت و تذكرت أن السيارة ليست باسمي وأن صاحبها وضع في التوكيل فقط الأردن !
لذلك قررت أن احجز ست تذاكر إلى بيروت !
تركت المجموعة و اتجهت إلى " الهوليدي إإن - عمان " حيث امتدحه " سعد " الذي أمضى الصيف الماضي فيه ، وهناك دخلت صالة الديسكو .
أبهرني أن أرى الأحمر يغطي كل جزء من الهوليدي إإن ، كل طاولة عليها وردة حمراء و أحبة لونوا جزء من أجسادهم بالأحمر !!
كانت البالونات المدورة تملأ سقف الصالة حتى حولتها إلى قلوب طائرة حمراء
هنا أيضاً كانت الأرقام الزوجية طاغية على المكان ، وكنت مفرد .. !!
هذا أنا منذ سنوات كما تذكرينني بعد ذاك المساء الأحمق في فناء البيت القديم ، كما أنا مفرد !!
و لأنني مفرد كان مكاني على نصف الدائرة التي تفصلني عن السقاة وتلك الزجاجات الملونة التي تكرهينها كثيراً !!
كانت الموسيقى الصاخبة حد الجنون تسابق حركات الشباب والشابات ..
كان الجميع متلهف لتدق الساعة الثانية عشر ليلاً وليطفئوا الأنوار لمدة نصف دقيقة يمنحوا هؤلاء العشاق نصف دقيقة حب !!
لعن الله هذا الزمان الذي جعلنا نقيس الحب بالدقائق !!

ناديت الساقي الذي لا يبعد عني سوى خطوة ! .. ناديت بيدي لأنه لن يسمع صوتي !
طلبت أغنية .. واعتذر باسماً.. منحته نقوداً .. و اعتذر عابساً ..
اقترح أن أتحدث مع مشرف الصالة .. ووافقت .. وجاء المشرف اللبق جداً .. بادئاً حديثه بـ Happy new Valentine
و أكمل يقول : سيدي .. أيعقل أن تكون لوحدك .. في مثل هذا المساء ؟

آهٍ .. يا امرأة .. أهٍ لو تعلمين كم كان ذاك السؤال قاسي !!!
آهٍ .. لو يعلم هذا الرجل .. لندم كثيراً على غرس هذا الخنجر في أعماق وجداني !
آهٍ .. لو يشاهدني " شاعر الحب " ويشعر بقسوة هذا السؤال .. لصار أقسى الشعراء في ذم المرأة !!
آهٍ .. لو شعر معشر الرجال بقسوة هذا السؤال .. لطلقوا .. لأجلي .. كل النساء !!

لم أجب على سؤاله !! .. وطلبت أغنية .. اعتذر لأن الجميع كان يرقص على موسيقى سريعة لمغني لم أعرفه ولم أفهم كلماته من سرعتها ومن صوت الطبول التي تسابقها !
و اقترحت التصويت .. استغرب ذاك الشاب اللبق .. وابتسم موافقاً ..
أمسك الميكروفون بادئاً الحديث بذات الجملة التي بدأها معي و أكمل :
"" لدينا شاب من المملكة العربية السعودية يطلب أغنية يهديها للجميع اسمها .. .. ويقترح التصويت لسماعها.. فما رأيكم ""

آهٍ حبيبتي .. لو سمعتِ حدة التصفيق التي هزت أركان الكون تلك اللحظة ..
لو شاهدتِ كم شاب أنيق .. وشابة جميلة .. اتجهوا إلي .. يصافحوني و يشكروني على هذا الاختيار
و مع تلك الموسيقى الرائعة جداً .. كانت النظرات تبتعد عني لتلاقي أحبتها
فأعود من جديد .. رقم فردي أحمق غبي !!!!
فما أبشع الوحدة ..
و ما أجمل أن تراقب جمال العشاق !
ما أجمل تلك الشابة العشريني التي احتضنت حبيبها .. تراقصه بعينيها اللتين امتدتا على طول كتفيه باتجاه عنقه.
و ما أبشع نظراتي اليائسة بين كل هؤلاء العشاق !
ما أرقى ذاك الشاب الذي جلس أمام حبيبته يطلب موافقتها على الزواج منه هذه الليلة !
و ما أبشع حدة هذه الغصة التي ترافق كأسي !

أطفئوا الأنوار
و بقيت الأغنية فقط .. نصف دقيقة
تخيلتك معي ..
في نصف دقيقة ..
غبت عن البشر ..
و غادرت المكان .. . إلى لا شيء !!!!


[[ كتبتها في ../../2003]]
فندق " الهوليدي إإن _ عمان – الأردن

تحياتي والى لقاء


 
 توقيع : $بلزاك$

"كلّما ازداد حبنا تضاعف خوفنا من الإساءة إلى من نحب"

" أنوريه دى بلزاك"


رد مع اقتباس