عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-2003, 04:55 PM   #2
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (06:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



ذكر حُكمِ رسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم في بيع الحَصَاةِ والغَرَرِ والمُلامسة والمنَابَذَةِ

في ((صحيح مسلم)) عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: ((نهى رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الحَصَاةِ وعَنْ بَيْعِ الغَرَرِ)).
وفي ((الصحيحين)) عنه: ((أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المُلامَسَةِ والمنَابَذَةِ)) زاد مسلم: ((أمَّا المُلاَمَسَةُ: فأنَ يَلْمِسَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَوْبَ صَاحِبِه بِغَيْرِ تَأمُلٍ، والمُنَابَذَةُ: أَن يَنبِذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْبَه إلى الآخَرِ، ولَمْ يَنْظُرْ وَاحِدٌ منْهُمَا إلى ثَوْب صَاحبه الآخَرِ)). وفي ((الصحيحين)) عن أبي سعيد قال: ((نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعَتَيْنِ ولُبْسَتَينِ: نَهَى عَنِ المُلاَمَسَةِ والمُنَابَذَةِ في البَيعِ. والمُلاَمَسَةُ: لمسُ الرجلِ ثوبَ الآخر بيده بالليلِ أو بالنهارِ ولا يقْلِبُه إلا بذلك، والمنابذة: أن يَنْبِذَ الرجلُ إلى الرجل ثوبَه، وينبذ الآخر ثوبَه، ويكون ذلك بيعَهما مِن غير نظر ولا تراض)).
أما بيعُ الحصاةِ، فهو من باب إضافة المصدر إلى نوعه، كبيع الخيار، وبيع النسيئة ونحوهما، وليس مِن باب إضافة المصدر إلى مفعوله، كبيع الميتة والدم.
والبيوعُ المنهى عنها ترجعُ إلى هذين القِسمين، ولهذا فُسِّرَ بيعُ الحصاة بأن يقول: ارمِ هذه الحصاةَ، فعلى أيِّ ثوبِ وقعت، فهو لك بِدرهم، وفسر بأن بيعَه مِن أرضه قدرَ ما انتهت إليه رميةُ الحصاة، وفُسِّرَ بأن يقبض على كف من حصا، ويقول: لي بعدد ما خرج في القبضة من الشيء المبيع، أو يبيعه سلعة، ويَقْبِض على كف مِن الحصا، ويقول: لي بكُلِّ حصاة درهم، وفُسِّرَ بأن يمسك أحدهما حصاة في يده، ويقول: أي وقت سقطت الحصاة، وجب البيعُ، وفُسِّرَ بأن يتبايعا، ويقول أحدهما: إذا نبذت إليك الحصاة، فقد وجب البيعُ، وفُسِّرَ بأن يعترِضَ القطيع مِن الغنم، فيأخذ حصاة، ويقول: أيُّ شاة أصبتها، فهي لك بكذا، وهذه الصورُ كلُها فاسدة لما تتضمنه من أكل المال بالباطل، ومِن الغَرَرِ والخطر الذي هو شبيه بالقمار.
فصل
(يتبع...)
@ وأما بيعُ الغَرَرِ، فمن إضافة المصدر إلى مفعوله كبيع الملاقيح والمضامين والغَرَرُ: هو المَبيع نفسه، وهو فعل بمعنى مفعول، أي: مغرور به كالقبض والسلب بمعنى المقبوض والمسلوب، وهذا كبيع العبد الآبق الذي لا يقدر على تسليمه، والفرس الشارد، والطير في الهواء، وكبيع ضربة الغائص وما تحمل شجرته أو ناقته، أو ما يرضى له به زيد، أو يهبه له، أو يورثه إياه ونحو ذلك مما لا يعلم حصولُه أو لا يقدر على تسليمه، أو لا يُعرف حقيقته ومقداره، ومنه بيعُ حَبَلِ الحَبَلَةِ، كما ثبت في ((الصحيحين)) أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عنه، وهو نتاج النتاج في أحد الأقوال، والثاني: أنه أجل، فكانوا يتبايعون إليه هكذا رواه مسلم، وكِلاهما غرر، والثالث: أنه بيعُ حمل الكرم قبل أن يبلغ، قاله المبرد. قال: والحبْلة: الكرم بسكون الباء وفتحها، وأما ابنُ عمر رضي الله عنه، فإنه فسره بأنه أجلٌ كانوا يتبايعون إليه، وإليه ذهب مالك والشافعي، وأما أبو عبيدة، ففسره ببيع نتاج النتاج، وإليه ذهب أحمد، ومنه بيعُ الملاقيح والمضامين، كما ثبت في حديث سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عَن المضامينِ والملاقيح. قال أبو عُبيد: الملاقيح ما في البطون من الأجنَّةِ، والمضامين: ما في أَصلاب الفحول، وكانوا يبيعون الجنين في بطن الناقة، وما يضربه الفحل في عام أو أعوام وأنشد:
إنَّ المَضَامِينَ الَّتي في الصُّلْبِ مَاءُ الفُحُولِ في الظُّهُورِالحُدْبِ
ومِنه بيعُ المَجْرِ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْه. قال ابن الأعرابي: المجر ما في بطن الناقة، والمجر: الربا، والمجر: القِمار، والمجر: المحاقلَة والمزابنة.
ومنه بيعُ الملامسة والمنابذة وقد جاء تفسيرُهما في نفس الحديث، ففي ((صحيح مسلم)) عن أبي هُريرة رضي اللّه عنه نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ: المُلاَمَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ، أَمَا المُلاَمَسَةُ فَأَنْ يلْمِسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُما ثَوبَ صاحبه بغير تأمل والمنابذة: أن ينبِذ كُلُّ واحد منهما ثوبَه إلى الآخر، ولم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحبه، هذا لفظ مسلم.
وفي ((الصحيحين)) عن أبي سعيد قال: نهانا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن بيعيين ولبستين في البيع، والملامسة: لمسُ الرجل ثوبَ الآخر بيده بالليل أو بالنهار، ولا يَقْلِبُهُ إلا بذلك، والمُنابذة: أن يَنبذ الرجل إلى الرجل ثوبَه، وينبِذَ الآخر إليه ثوبه، ويكون ذلك بيعَهما مِن غير نظر ولا تراض.
وفُسِّرَتِ الملامسةُ بأن يقول: بعتُك ثوبي هذا على أنك متى لمسته، فهو عليك بكذا، والمنابذة بأن يقول: أي ثوب نبذته إلي، فهو علي بكذا، وهذا أيضاً نوع من الملامسة والمنابذة، وهو ظاهر كلام أحمد رَحِمَهُ الله، والغرر في ذلك ظاهر، وليس العلة تعليقَ البيعِ شرط، بل ما تضمنه مِن الخطر والغرر.
فصل
وليس مِن بيع الغَرَرِ بيع المغيَّبَات في الأرض كاللفتِ والجَزَرِ والفِجل والقَلقَاس والبَصل ونحوها، فإنها معلومة بالعادة يَعْرِفُها أهل الخبرة بها، وظاهرُها عنوانُ باطنها، فهو كظاهر الصُّبْرَةِ مع باطنها، ولو قُدِّرَ أن في ذلك غرراً، فهو غرر يسير يُغتفر في جنب المصلحة العامة التي لا بد للناس منها، فإن ذلك غرر لا يكون موجباً للمنع، فإن إجارة الحيوان والدار والحانوت مساناة لا تخلُو عن غرر، لأنه يعرض فيه موتُ الحيوان، وانهدام الدار، وكذا دخولُ الحمام، وكذا الشربُ من فم السقاء، فإنه غيرَ مقدر مع اختلاف الناس في قدره، وكذا بيوعُ السَّلم، وكذا بيع الصُبْرةِ العظيمة التي لا يُعلم مكيلُها، وكذا بيعُ البيضِ والرُّمَّان والبطيخ والجوز واللوز والفستق، وأمثال ذلك مما لا يخلو مِن الغرر، فليس كُلُ غرر سبباً للتحريم، والغررُ إذا كان يسيراً أو لا يُمكن الاحترازُ منه، لم يكن مانعاً مِن صحة العقد، فإن الغررَ الحاصِل في أساسات الجدران، وداخل بطون الحيوان، أو آخر الثمار التي بدا صلاحُ بعضِها دونَ بعض لا يُمكن الاحترازُ منه، والغررُ الذي في دخولِ الحمام، والشرب من السِّقاء ونحوه غرر يسير، فهذان النوعان لا يمنعانِ البيع بخلاف الغرر الكثير الذي يمكن الاحترازُ منه، وهو المذكور في الأنواع التي نهى عنها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وما كان مساوياً لها لا فرقَ بينها وبينَه، فهذا هو المانعُ مِن صحة العقد.
فإذا عُرِفَ هذا، فبيعُ المغيبات في الأرض، انتفى عنه الأمرانِ، فإن غررَه يسير، ولا يُمكن الاحترازُ منه، فإن الحقول الكِبار لا يُمكن بيعُ ما فيها مِن ذلك إلا وهو في الأرض، فلو شرط لبيعه إخراجَه دفعة واحدة كان في ذلك من المشقة، وفساد الأموال ما لا يأتي به شرع، وإن منع بيعه إلا شيئاً فشيئاً كلما أخرجَ شيئاً باعه، ففي ذلك مِن الحرج والمشقة، وتعطيلِ مصالح أربابِ تلك الأموالِ، ومصالح المشتري ما لا يخفى، وذِّلك مما لا يُوجبه الشارعُ، ولا تقومُ مصالحُ الناس بذلك البتة حتى إن الذين يمنعون مِن بيعها في الأرض إذا كان لأحدهم خَرَاجٌ كذلك، أو كان ناظراً عليه، لم يجد بُداً مِن بيعه في الأرض اضطراراً إلى ذلك، وبالجملة، فليس هذا مِن الغرر الذي نهى عنه رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم، ولا نظير لما نهى عنه من البيوع.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس