عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-2003, 03:18 PM   #427
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وقال بعضُ من نازع فى حديث الفُريعة: قد قُتِلَ مِن الصحابة رضى اللَّه عنهم على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خلقٌ كثير يوم أحد، ويومَ بئر مَعونة، ويومَ مؤتة وغيرِها، واعتدَّ أزواجُهم بعدهم، فلو كان كلُّ امرأة منهن تُلازم منزلها زمن العدة، لكان ذلك من أظهرِ الأشياء، وأبينها بحيثُ لا يخفى على من هو دونَ ابن عباس وعائشة، فكيف خفى هذا عليهما وعلى غيرهما من الصحابة الذين حكى أقوالهم، مع استمرار العمل به استمراراً شائعاً، هذا من أبعد الأشياء، ثم لو كانت السنَّةُ جارية بذلك، لم تأت الفُريعة تستأذنهُ صلى الله عليه وسلم أن تلحق بأهلها، ولمَا أذِنَ لها فى ذلك، ثم يأمرُ بردها بعد ذهابها، ويأمرها بأن تمكث فى بيتها فلو كان ذلك أمراً مستمراً ثابتاً، لكان قد نسخ بإذنه لها فى اللحاق بأهلها، ثم نسخ ذلك الإذن بأمره لها بالمُكث فى بيتها، فُيفضى إلى تغيير الحكم مرتين، وهذا لا عهد لنا به فى الشريعة فى موضع متيقن.
قال الآخرون: ليس فى هذا ما يوجب رد هذه السنة الصحيحة الصريحة التى تلقَّاها أميرُ المؤمنين عثمان بن عفان، وأكابرُ الصحابة بالقبول، ونفذها عثمان، وحكم بها، ولو كنا لا نقبلُ رواية النساء عن النبى صلى الله عليه وسلم، لذهبت سننٌ كثيرة مِن سُنن الإسلام لا يُعرف أنه رواها عنه إلا النساء، وهذا كتابُ اللَّه ليس فيه ما ينبغى وجوب الاعتداد فى المنزل حتى تكون السنةُ مخالفة له، بل غايتُها أن تكونَ بياناً لحكم سكت عنه الكتاب، ومثل هذا لا تُرد به السننُ، وهذا الذى حذَّر منه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بعينه أن تترك السنة إذا لم يكن نظيرُ حكمها فى الكتاب.
وأما تركُ أمِّ المؤمنين رضى اللَّه عنها لحديث الفُريعة، فلعله لم يَبلُغْها، ولو بلغها فلعلها تأولته، ولو لم تتأولْه، فلعله قام عندها معارض له، وبكل حال فالقائلون به فى تركهم لتركها لهذا الحديث أعذرُ من التاركين له لترك أمِّ المؤمنين له، فبين التركَين فرقٌ عظيم.وأما من قُتِلَ مع النبى صلى الله عليه وسلم، ومن مات فى حياته، فلم يأتِ قطُّ أن نساءكم كن يعتَدِدْنَ حيث شِئن، ولم يأت عنهن ما يُخالف حُكمَ حديثِ فُريعة البتة، فلا يجوز تركُ السنة الثابتة لأمر لا يُعلم كيف كان، ولو عُلِمَ أَنهن كن يَعتَدِدْنَ حيث شئن، ولم يأت عنهن ما يخالف حكم حديث الفريعة، فلعل ذلك قبل استقرار هذا الحكم وثبوته حيث كان الأصلُ براءة الذمة، وعدم الوجوب.
وقد ذكر عبد الرزاق عن ابن جريج، عن عبد اللَّه بن كثير، قال: قال مجاهد: استشهد رجال يوم أحد، فجاء نساؤهم إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقلن: إنا نستوحِشُ يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالليل، فنبيت عند إحدانا، حتى إذا أصبحنا تبددنا فى بيوتتنا فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((تَحَدَّثْنَ عِنْدَ إحْدَاكُنَّ مَا بَدَا لَكُنَّ، فَإذَا أَرَدْتُنَّ النَّوْمَ فَلتَؤُبْ كُلُّ امْرَأةٍ إلى بَيْتِها)) وهذا وإن كان مرسلاً، فالظاهِر أن مجاهداً إما أن يكون سمعه مِن تابعى ثقة، أو مِن صحابى، والتابعون لم يكن الكذبُ معروفاً فيهم، وهم ثانى القرون المفضلة، وقد شاهدُوا أصحابَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأخذوا العِلمَ عنهم، وهم خيرُ الأمة بعدهم، فلا يُظن بهم الكذبُ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولا الروايةُ عن الكذابين، ولا سيما العالمُ منهم إذا جزمَ على رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم بالرواية، وشَهِدَ له بالحديث، فقال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وفعلَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأمرَ ونهى، فيبعد كُلَّ البعد أن يُقْدِمَ على ذلك مع كون الواسطة بينه وبينَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم كذاباً أو مجهولاً، وهذا بخلاف مراسيل من بعدهم، فكلما تأخرت القرونُ ساء الظن بالمراسيل، ولم يشهد بها على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وبالجملة فليس الاعتماد على هذا المرسل وحَده، وباللَّه التوفيق.
ذِكرُ حكمِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فى إحداد المعتدةِ نفياً وإثباتاً
ثبت فى ((الصحيحين)): عن حُميد بن نافع، عن زينب بنت أبى سلمة، أنها أخبرته هذه الأحاديثَ الثلاثة، قالت زينبُ: دخلت على أمِّ حبيبة رضى اللَّه عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم حين تُوفى أبوها أبو سفيان، فدعت أمُّ حبيبة رضى اللَّه عنها بطيبٍ فيه صُفرةٌ خَلُوقٌ أو غيرُه، فدهنت منه جاريةً، ثم مسَّت بعارضيها، ثم قالت: واللَّه مالى بالطِّيبِ من حاجة، غير أنى سمعت رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: ((لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ واليَوْم الآخرِ تُحِدُّ عَلى مَيِّتٍ فَوْقَ ثلاث إلاَّ عَلى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً)). قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش حين تُوفى أخوها فدعت بطيب، فمسَّت منه، ثم قالت: واللَّهِ مالى بالطيبِ من حاجة، غير أنى سمعت رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: ((لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّه وَاليَوْمِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ إلاَّ عَلى زَوْجٍ أرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً)).
قالت زينبُ: وسمعت أُمِّى أمَّ سلمة رضى اللَّه عنها تقولُ: جاءت امرأة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول اللَّه: إن بنتى توفى عنها زوجها، وقد اشتكت عينُها، أَفَتكْحَلُها؟ فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((لا))، مرتين، أو ثلاثاً، كل ذلك يقول:
((لا))، ثم قال: ((إنَّما هىَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْراً، وقَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ فى الجَاهِلِيَّةِ تَرْمى بالبَعْرَةِ عَلى رَأْسِ الحَوْلِ)).
فقالت زينب: كانتِ المرأة إذا تُوفى عنها زوجُها، دخلت حِفْشاً، ولَبِسَتْ شَرَّ ثِيابِها، ولم تَمَسَّ طِيباً ولا شيئاً حتى يَمُرَّ بها سنة، ثُم تُؤتى بدابةٍ حمارٍ، أو شاةٍ أو طير، فتفتَضُّ به، فقلما تفتضُّ بشىء إلا مات، ثم تَخْرجُ، فُتعطى بعرة، فترمى بها، ثم تُراجع بعدُ ما شاءت مِن طيب أو غيره. قال مالك تفتض: تمسح به جلدها.
وفى ((الصحيحين)): عن أمِّ سلمة رضى اللَّه عنها: أن امرأة تُوفى عنها زوجُها، فخافوا على عينها، فأَتْوا النبى صلى الله عليه وسلم، فاستأذنوه فى الكُحْل، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((قَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ تكُونُ فى شَرِّ بَيْتِها، أَوْ فى شَرِّ أحْلاَسِها فى بَيْتِها حَوْلاً، فإذَا مَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ ببَعْرَةٍ، فَخَرَجَتْ أفَلاَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً)).
وفى ((الصحيحين)) عن أَمِّ عَطيَّة الأنصارية رضى اللَّه عَنها، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: ((لاَ تُحِدُّ المرْأَةُ عَلى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ إلاَّ عَلى زَوْجٍ أَرْبَعةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً، ولاَ تَلْبَسُ ثَوْباً مَصْبُوغاً إلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلاَ تَكْتَحِلُ وَلاَ تَمَسُّ طيباً إلا إذا طَهُرَت نُبْذةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ)).
وفى سنن داود: من حديث الحسن بن مسلم، عن صفيّةبنت شيبة، عن أمِّ سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المُتَوَفىَّ عَنْها زَوْجها لاَ تَلْبَسُ المُعَصْفَرَ مِنَ الثياب وَلاَ المُمَشَّقَةَ، وَلاَ الحُلىَّ وَلاَ تكْتَحِلُ، وَلاَ تَخْتَضِبُ)).وفى ((سننه)) أيضاً: من حديث ابن وهب، أخبرنى مخرمة، عن أبيه قال: سمعتُ المغيرةَ بنَ الضحاك يقول: أخبرتنى أمُّ حكيم بنت أَسْيَدٍ، عن أمها، أن زوجَها تُوفى، وكانت تشتكى عينيها فتكتحِلُ بالجَلاء. قال أحمد بن صالح رحمه اللَّه: الصوابُ: الصوابُ: بِكُحْلِ الجلاء فأرسلت مولاةً لها إلى أمِّ سلمة رضى اللَّه عنها، فسألتها عن كُحل الجَلاء، فقالت: لا تكتحِلىْ به إلا مِن أمرٍ لا بد منه يشتدُّ عليك، فتكتحلين بالليل، وتمسحينه بالنهار، ثم قالت عند ذلك أمُّ سلمة: دخل علىَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين تُوفى أبو سلمة وقد جعلت على عَيْنَىَّ صَبِراً، فقال: ((ما هذا يَا أُمَّ سلمة))؟ فقلت: إنما هو صَبِرٌ يا رسَوُلَ اللَّه، ليس فيه طِيب. فقال:
((إنَّه يَشُبُّ الوَجْهَ فَلاَ تَجْعَليه إلاَّ بالَّليْل، وَتَنْزعيهِ بِالنَّهار، ولا تَمْتَشِطى بِالطَّيب وَلاَ بِالحِنَّاءِ فَإنَّهُ خِضَابٌ))، قالت: قلت: بأى شىء أمتَشِطُ يا رسول اللَّه؟ قال: ((بالسِّدْر تُغَلِّفِينَ بِهِ رَأْسَك)).
وقد تضمنت هذه السنة أحكاماً عديدة. أحدها: أنه لا يجوزُ الإحدادُ على مِّيتٍ فوقَ ثلاثة أيامِ كائناً من كان، إلا الزوجَ وحدَه.
وتضمن الحديثُ الفرقَ بين الإحدادين من وجهين.
أحدهما: من جهة الوجوب والجواز، فإن الإحداد على الزوج واجب، وعلى غيره جائز.
الثانى: من مقدار مدة الإحداد، فالإحدادُ على الزوج عزيمة، وعلى غيره رخصة وأجمعت الأمة على وجوبه على المتوفَّى عنها زوجُها إلا ما حُكى عن الحسن، والحكم بن عتيبة. أما الحسن، فروى حماد بن سلمة، عن حميد، عنه، أن المطلقة ثلاثاً، والمتوفَّى عنها زوجُها تكتحلان وتمتشِطَان، وتتطيَّبانِ وتختضِبان، وتنتقلان، وتصنعان ما شاءتا، وأما الحكم: فذكر عنه شعبةُ: أن المتوفى عنها لا تُحِدُّ.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس