عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-2003, 03:54 PM   #9
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (06:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وأما المقام الآخر، وهو الجواب عن أدلتكم: فنُجيبكم بجوابين مجملٍ ومفصل.
أما المجمل: فنقولُ: من أنزل عليه القرآن، فهو أعلمُ بتفسيره، وبمراد المتكلم به من كل أحد سواه، وقد فسر النبىُّ صلى الله عليه وسلم العدة التى أمر اللَّهُ أن تُطلَّق لها النساءُ بالأطهار، فلا التفاتَ بعد ذلك إلى شىء خالفه، بل كُلُّ تفسير يُخالف هذا فباطل. قالُوا: وأعلم الأمة بهذه المسألة أزواجُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأعلمُهن بها عائشة رضى اللَّه عنها، لأنها فيهن لا فى الرجال، ولأن اللَّه تعالى جعل قولَهن فى ذلك مقبولاً فى وجود الحيض والحمل، لأنه لا يُعلم إلا مِن جهتهن، فدلَّ على أنهنَّ أعلمُ بذلك من الرجال، فإذا قالت أمُّ المؤمنين رضى اللَّه عنها: إن الأقراء الأطهار.
فَقَدْ قَاَلتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا فَإنَّ القَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَام
قالوا: وأما الجوابُ المفصَّلُ، فَنُفْرِدُ كلَّ واحد مِن أدلتكم بجواب خاص، فهاكم الأجوبة.
أما قولكم: إما أن يُراد بالأقراء فى الآية الأطهار فقط، أو الحيض فقط، أو مجموعُهما إلى آخره.
فجوابُه أن نقول: الأطهار فقط، لما ذكرنا من الدلالة. قولُكم النص اقتضى ثلاثة إلى آخره. قلنا: عنه جوابان.
أحدهما: أن بقية الطهر عندنا قرء كامل، فما اعتدت إلا بثلاثِ كوامل.
الثانى: أن العرب تُوقِع اسم الجمع على اثنين، وبعضَ الثالث، كقوله تعالى: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197]، فإنها شوال، وذو القعدة، وعشر من ذى الحجة أو تسع، أو ثلاثة عشر. ويقولون: لفلان ثلاث عشرة سنة، إذا دخل فى السنة الثالثة عشر. فإذا كان هذا معروفاً فى لُغتهم، وقد دل الدليلُ عليه، وجب المصيرُ إليه.
وأما قولكم: إن استعمال القرء فى الحيض أظهر منه فى الطهر، فمقابَل بقولِ منازعيكم.
قولكم: إن أهل اللغة يُصدرون كتبهم بأن القرء هو الحيض، فيذكرونه تفسيراً للفظ، ثم يُردفونه بقولهم: بقيل، أو وقال بعضهم: هو الطهر.
قلنا: أهل اللغة يحكون أن له مسميين فى اللغة، ويُصرحون بأنه يُقال على هذا وعلى هذا، ومنهم من يجعله فى الحيض أظهر، ومنهم من يحكى إطلاقه عليهما من غير ترجيح، فالجوهرى: رجَّح الحيض. والشافعى من أئمة اللغة، وقد رجح أنه الطهر، وقال أبو عبيد: القرء يصلحُ للطهر والحيض، وقال الزجاج: أخبرنى من أثق به، عن يونس، أن القرء عنده يصلحُ للطهر والحيض، وقال أبو عمرو بن العلاء: القرء الوقت، وهو يصلُح للحيض، ويصلح للطهر، وإذا كانت هذه نصوص أهل اللغة، فكيف يحتجون بقولهم: إن الأقراء الحيض؟
قولكم: إن من جعله الطهر، فإنه يُريد أوقات الطهر التى يحتوشُها الدم، وإلا فالصغيرة والآية ليستا مِن ذوات الأقراء، وعنه جوابان.
أحدهما: المنع، بل إذا طلقت الصغيرة التى لم تحض ثم حاضت، فإنها تعتد بالطُّهر الذى طُلِّقت فيه قرءاً على أصح الوجهين عندنا، لأنه طهر بعده حيض، وكان قرءاً كما لو كان قبله حيض.
الثانى: إنا وإن سلمنا ذلك، فإن هذا يدل على أن الطهر لا يُسمى قرءاً حتى يحتوِشَهُ دمانِ، وكذلك نقولُ: فالدم شرط فى تسميته قرءاً، وهذا لا يدل على أنَّ مسماه الحيض، وهذا كالكأس الذى لا يُقال على الإناء إلا بشرط كون الشراب فيه وإلا فهو زُجاجة أو قدح، والمائدة التى لا تُقال للخِوان إلا إذا كان عليه طعام، وإلا فهو خِوان، والكوز الذى لا يقال لمسماه: إلا إذا كان ذا عُروة، وإلا فهو كُوب، والقلم الذى يُشترط فى صحة إطلاقه على القصبة كونها مبرية، وبدون البرى، فهو أنبوب أو قصبة، والخاتم شرط إطلاقه أن يكون ذا فَصٍّ منه أَوْ مِنْ غيره، وإلا فهو فَتْحَةٌ، والفرو شرطُ إطلاقه على مسماه الصوف، وإلا فهو جلد. والرِّيطة شرط إطلاقها على مسماها أن تكون قِطعة واحدة، فإن كانت مُلفقة من قطعتين، فهى مُلاءة، والحُلة شرط إطلاقها أن تكون ثوبين، إزار ورداء، وإلا فهو ثوب، والأريكة لا تقال على السرير إلا إذا كان عليه حَجَلَة، وهى التى تُسمى بشخانة وخركاه، وإلا فهو سرير، واللَّطيمة لا تُقال للجِمال إلا إذا كان فيها طيب، وإلا فهى عِيْرٌ، والنَّفَق لا يقال إلا لما له منفذ، وإلا فهو سَرَبٌ، والعِهْنُ لا يقال للصوف إلا إذا كان مصبوغاً، وإلا فهو صوف، والخِدْر لا يقال إلا لما اشتمل على المرأة وإلا فهو سِتْر. والمِحْجَنُ لا يقال للعصا إلا إذا كان مَحْنَّيةِ الرأس، وإلا فهى عصا. والرَّكِيَّةُ لا تقال على البئر إلا بشرط كون الماء فيها، وإلا فهى بئر. والوَقُود لا يقال للحطب إلا إذا كانت النار فيه، وإلا فهو حطب، ولا يقال للتراب ثَرَى إلا بشرط نداوته، وإلا فهو تراب. ولا يقال للرسالة: مُغَلْغَلَة، إلا إذا حُمِلَتْ من بلد إلى بلد، وإلا فهى رسالة، ولا يقال للأرض فَرَاح إلا إذا هُيئت للزراعة، ولا يقال لهروب العبد: إباق إلا إذا كان هروبُه مِن غير خوف ولا جُوع ولا جَهد، وإلا فهو هروب، والريق لا يقال له رُضاب إلا إذا كان فى الفم، فإذا فارقه فهو بُصاق وبُساق والشجاعُ لا يقال له: كَمى إلا إذا كان شاكى السلاح، وإلا فهو بطل وفى تسميته بطلاً قولان أحدهما: لأنه تُبْطِلُ شجاعته قِرنه وضربه وطعنه والثانى: لأنه تَبْطُلُ شجاعةُ الشجعان عنده، فعلى الأول، فهو فَعَلَ بمعنى فاعل، وعلى الثانى، فَعَل بمعنى مفعول، وهو قياسُ اللغة. والبعير لا يقال له: راوية إلا بشرط حمله للماء، والطبق لا يُسمى مِهْدَى إلا أن يكون عليه هدية، والمرأة لا تُسمى ظَعينة إلا بشرطِ كونها فى الهودج، هذا فى الأصل، وإلا فقد تُسمى المرأة ظعينة، وإن لم تكن فى هودج، ومنه فى الحديث: ((فَمرَّتْ ظُعُنٌ يَجْرِينَ)) والدلو لا يُقال له: سَجْل إلا ما دام فيه ماء، ولا يُقال لها: ذَنوب، إلا إذا امتلأت به، والسريرُ لا يقال له: نعش، إلا إذا كان عليه ميِّت، والعظمُ لا يقال له: عَرْق، إلا إذا اشتمل عليه لحم، والخيطُ لا يُسمى سِمطاً إلا إذا كان فيه خَرَز، ولا يقال للحَبْلِ: قَرَن إلا إذا قُرِنَ فيه اثنان فصاعداً، والقوم لا يسمون رِفقة إلا إذا انضموا فى مجلس واحد، وسير واحد، فإذا تفرقوا زال هذا الاسمُ، ولم يَزُلْ عنهم اسمُ الرفيق، والحجارة لا تسمى رَضْفاً إلا إذا حُمِيَتْ بالشمس أو بالنار، والشمسُ لا يُقال لها: غزالة إلا عند ارتفاع النهار، والثوبُ لا يُسمى مِطْرَفاً، إلا إذا كان فى طرفيه عَلَمَان، والمجلس لا يُقِال له: النادى إلا إذا كان أهلُه فيه، والمرأة لا يُقال لها: عاتِق إلا إذا كانت فى بيت أبويها، ولا يسمى الماء الْمِلحُ أجُجاً، إلا إذا كان مع ملوحته مُرَّاً، ولا يُقال للسير: إهطاع إلا إذا كان معه خوفٌ، ولا يُقال للفرس: مُحَجَّل، إلا إذا كان البياض فى قوائمها كُلِّها، أو أكثرِها، وهذا باب طويل لو تقصيناه، فكذلك لا يُقال للطهر: قرء، إلا إذا كان قبلَه دم، وبَعدَه دم، فأين فى هذا ما يُدُلُّ على أنه حيض؟
قالوا: وأما قولُكم: إنه لم يجىء فى كلام الشارع إلا للحيض، فنحنُ نمنع مجيئَه فى كلام الشارع للحيض البتة، فضلاً عن الحصر. قالوا: إنه قال للمستحاضة: ((دعى الصلاة أيام أقرائك))، فقد أجاب الشافعى عنه فى كتاب حرملة بما فيه شفاء، وهذا لفظه. قال: وزعم إبراهيم ابن إسماعيل بن عُلية، أن الأقراء: الحيض، واحتج بحديث سفيان، عن أيوب، عن سُليمان بن يسار، عن أم سلمة رضى اللَّه عنها: أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال فى امرأة استُحيضت: ((تدعَ الصَّلاةَ أيَّامَ أَقْرَائِها)) قال الشافعى رحمه اللَّه: وما حدَّث بهذا سفيان قطُّ، إنما قال سفيان، عن أيوب، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة رضى اللَّه عنها، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:
((تَدَعُ الصَّلاَةَ عَدَدَ اللَّيَالى والأيَّام الَّتى كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ)). أو قال: ((أَيَّامَ أَقْرَائِهَا))، الشك من أيوب لا يدرى. قال: هذا أو هذا، فجعله هو حديثاً على ناحية ما يريد، فليس هذا بصدق، وقد أخبر مالك، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة رضى اللَّه عنها، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ((لِتَنْظُرْ عَدَدَ اللَّيالِى والأيَّامِ الَّتى كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أنْ يُصِيبَها الَّذِى أَصَابَها، ثُمَّ لِتَدَعِ الصَّلاَةَ، ثُمَّ لِتَغْتَسِلْ وَلُتصَلِّ)) ونافع أحفظ عن سليمان من أيوب وهو يقول: بمثل أحدِ معنيى أيوب اللذين رواهما، انتهى كلامه. قالوا: وأما الاستدلالُ بقوله تعالى: {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فى أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] وأنه الحيض، أو الحَبَلُ أو كِلاهما، فلا ريبَ أن الحيض داخِلٌ فى ذلك، ولكن تحريمُ كتمانه لا يدل على أن القُروء المذكورة فى الآية هى الحيض، فإنها إذا كانت الأطهار، فإنها تنقضى بالطعن فى الحيضة الرابعة أو الثالثة فإذا أرادت كِتمان انقضاء العِدة لأجل النفقة أو غيرها، قالت: لم أحض، فتنقضى عدتى، وهى كاذبة وقد حاضت وانقضت عِدتها، وحينئذ فتكون دلالة الآية على أن القروء الأطهار أظهر، ونحن نقنع بإتفاق الدلالة بها، وإن أبيتم إلا الاستدلالَ، فهو من جانبنا أظهر، فإن أكثر المفسرين قالوا: الحيض والولادة. فإذا كانت العِدة تنقضى بظهور الولادة، فهكذا تنقضى بظهور الحيض تسويةً بينهما فى إتيان المرأة على كل واحد منهما.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس