عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-2003, 02:50 PM   #7
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (06:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



ثم ذكر سبحانه الأمر بإسكان هؤلاء المطلقاتِ، فقال: {أَسْكِنوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتم منْ وُجْدِكُم} [الطلاق: 6] فالضمائر كلّهَا يَتَّحِدُ مفسرها، وأحكامها كلها متلازمة، وكان قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((إنَّما النَّفَقَةُ والسّكْنَى لِلْمَرأَةِ إذَا كَانَ لِزَوْجِهَا عَلَيهَا رَجْعَةٌ))، مشتقاً من كتابِ اللّهِ عز وجل، ومفسِّراً له، وبياناً لمراد المتكلِّم به منه، فقد تبين اتحادُ قضاءِ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وكتابِ اللّه عز وجل، والميزانُ العادل معهما أيضاً لا يُخَالفهما، فإن النفقَةَ إنما تكونُ للزوجة، فإذا بانت منه، صارت أجنبيةً حكمُها حكمُ سائر الأجنبيات، ولم يبق إلا مجردُ اعتدادها منه، وذلك لا يُوجِبُ لها نفقة، كالموطوءة بشُبهة أو زنى، ولأن النفقة إنما تجب في مقابلة التمكنِ من الاستمتاع، وهذا لا يُمكِنُ استمتاعُه بها بعد بينونتها، ولأن النفقة لو وجبت لها عليه لأجلِ عدتها، لوجبت للمتوفَّى عنها من ماله، ولا فَرْقَ بينهما البتة، فإن كُلَّ واحد منهما قد بانت عنه، وهي معتدة منه، قد تعذَّر منهما الاستمتاعُ، ولأنها لو وجبت لها السكنى، لوجبت لها النفقةُ، كما يقوله من يوجبها. فأما أن تجب لها السكنى دون النفقة، فالنصُّ والقياسُ يدفعه، وهذا قولُ عبد اللّه بن عباس وأصحابه، وجابر بن عبد اللّه، وفاطمة بنت قيس إحدى فقهاء نساء الصحابة وكانت فاطمة تُناظر عليه، وبه يقول أحمد بن حنبل وأصحابه، وإسحاق بن راهويه وأصحابه، وداود بن علي وأصحابُه، وسائر أهل الحديث. وللفقهاء في هذه المسألة ثلاثة أقوال، وهي ثلاث روايات عن أحمد: أحدها: هذا. والثاني: أن لها النفقةَ والسكنى، وهو قولُ عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وفقهاء الكوفة. والثالث: أن لها السكنى دون النفقة، وهذا مذهب أهل المدينة، وبه يقول مالك والشافعي.
ذكر المطاعن التي طعن بها على حديث فاطمة بنت قيس قديماً وحديثاً
فأولها طعنُ أميرِ المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فروى مسلم في ((صحيحه)): عن أبي إسحاق،قال: كنت مع الأسود بن يزيد جالساً في المسجد الأعظم، ومعنا الشعبي، فحدَّث الشعبيُّ بحديث فاطمة بنت قيسٍ، أن رسولَ اللّه ِصلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة، ثم أخذ الأسود كفأ مِن حصى، فحصبه به، فقال: وَيْلَكَ تُحدِّث بمثل هذا؟ قال عمر: لاَ نَتْرُكُ كِتَابَ اللّهِ وَسُنَّةَ نبيِّنا! لِقول امرأة لا نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ؟ لَهَا السُّكْنَى والنَّفَقَةُ قال اللّه عز وجل: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبيًنَةٍ} [الطلاق: 1] قالوا: فهذا عمرُ يخبر أن سنةَ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن لها النفقةَ والسكنى، ولا ريبَ أن هذا مرفوعٌ، فإن الصحابيَّ إذا قال: من السنة كذا، كان مرفوعاً، فكيف إذا قال: مِن سنة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فكيف إذا كان القائلُ عمر بن الخطاب؟ وإذا تعارضت رواية عمر رضي اللّه عنه، وروايةُ فاطمة، فرواية عمر رضي الله عنه أولى لا سيما ومعها ظاهر القرآن، كما سنذكر. وقال سعيد بن منصور: حدثنا أبو معاوية،حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، قال: كان عُمر بن الخطاب إذا ذُكِرَ عنده حديثُ فاطمة بنتِ قيس قال: ما كنا نغير في ديننا بِشَهادَةِ امرأة.
ذكر طعن عائشة رضي اللّه عنها في خبر فاطمة بنتِ قيس
في ((الصحيحين)): من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، قال: تزوَّجَ يحيى بنُ سعيد بن العاص بنتَ عبد الرحمن بن الحكم فطلقها، فأخرجها مِن عنده، فعابَ ذلك عليهم عروةُ، فقالوا: إن فاطمةَ قد خرجت، قال عروةُ: فأتيت عائشة رضي اللّه عنها، فأخبرتها بذلك، فقالت: ما لِفاطمة بنتِ قيس خيْرٌ أن تذكرَ هذَا الحديثَ. وقال البخاري: فانتقلها عبدُ الرحمن، فأرسلت عائشةُ إلى مروان وهو أميرُ المدينة، اتّقِ اللّهَ واردُدْها إلى بيتها. قال مروان: إن عبدَ الرحمن بن الحكم غلبني، وقال القاسم بن محمد: أو ما بلغك شأنُ فاطمة بنت قيس؟ قالت: لا يضرك ألا تذكر حديثَ فاطمة، فقال مروان: إن كان بِك شرٌ، فحسبُك ما بينَ هذينِ من الشر.
ومعنى كلامه: إن كان خروجُ فاطمة لما يُقال من شر كان في لسانها،فيكفيك ما بين يحيى بن سعيد بن العاص وبين امرأتِهِ مِن الشر.
وفي ((الصحيحين)): عن عروة، أنه قال لعائشة رضي اللّه عنها: أَلَم تَرَيْ إلى فُلانَة بنتِ الحكم طلَّقها زوجُها البتة فخرجت، فقالت: بِئْسَ مَا صَنَعَتْ، فقلتُ: أَلَمْ تسمعي إلى قولِ فاطمة، فقالت: أما إنَّه لا خَيْرَ لها في ذكر ذلك.
وفي حديث القاسم، عن عائشة رضي اللّه عنها يعني: في قولها: لا سكنى لها ولا نفقة. وفي ((صحيح البخاري)): عن عائشة رضي اللّه عنها أنها قالت لفاطمة: ألا نتقي اللّه، تعني في قولها لا سكنى لها ولا نفقة وفي ((صحيحه)) أيضاً: عنها قالت: إن فاطمةَ كانَتْ في مكانِ وَحْشٍ، فَخِيفَ على ناحِيتها، فلذلكَ أرخصَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وقال عبد الرزاق: عن ابن جريج، أخبرني ابن شهاب، عن عُروة، أن عائشةَ رضي اللّه عنها أنكرت ذلك على فاطمة بنتِ قيس، تعني: ((انتقالَ المطلقة ثلاثاً)).
وذكر القاضي إسماعيل حدثنا نصر بن علي، حدثني أبي، عن هارون عن محمد بن إسحاق، قال: أحسِبُه عن محمد بن إبراهيم، أن عائشة رضي اللّه عنها قالت لفاطمة بنت قيس: إنما أخرجَكِ هذا اللسان.
ذكر طعن أسامة بنِ زيدٍ حبِّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وابنِ حبه على حديث فاطمة
روى عبد اللّه بن صالح كاتب الليث، قال: حدثني الليثُ بن سعد، حدثني جعفر، عن ابن هرمز، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: كان محمد بنُ أسامة بن زيد يقول: كان أسامةُ إذا ذكرت فاطمة شيئاً مِن ذلك يعنى انتقالها في عدتها رماها بما في يده.
ذكرُ طعن مروان على حديث فاطمة
روى مسلم في ((صحيحه)): من حديث الزهري، عن عبيد الله بن عبد اللّه بن عتبة حديثَ فاطمة هذا: أنه حدَّث به مروان،فقال مروان، لم نسمع هذا إلا من امرأة سنأخذ بالعِصمة التي وجدنا الناس عليها.
ذكرُ طعنِ سعيدِ بن المسيَّب
روى أبو داود في ((سننه)): من حديث ميمون بن مِهران، قال: قدمتُ المدينةَ، فَدُفِعْتُ إلى سعيدِ بن المسيبِ، فقلتُ: فاطمة بنت قيس طلِّقت، فخَرجَت مِن بيتها، فقال سعيد: تلك امرأة فَتنَتِ الناسَ إنها كانت امرأةً لَسِنَة، فَوُضِعَتْ عَلَى يدي ابنِ أمِّ مكتوم الأعمى.
ذكر طعن سليمان بن يسار
روى أبو داود في ((سننه)) أيضاً، قال في خروج فاطمة: إنما كان مِن سُوءِ الخُلُقِ.
ذكر طعن الأسود بن يزيد
تقدَّمَ حديث مسلم: أن الشعبي حدَّث بحديث فاطمة، فأخذ الأسود كفاً مِن حصباء فحصبه به، وقال: ويلك تحدث بمثل هذا؟! وقال النسائي: ويلك لِمَ تُفتي بمثل هذا؟ قال عمر لها: إن جئتِ بشاهدين يشهدانِ أنهما سمعاه من رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، وإلا لم نترُكْ كِتَابَ رَبِّنَا لِقَولِ امرأة.
ذكر طعن أبي سلمة بن عبد الرحمن
قال الليث: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، فذكر حديث فاطمة ثم قال: فأنكر الناسُ عليها ما كانت تُحدِّث من خروجها قبل أن تَحِلَّ، قالوا: وقد عارض رواية فاطمة صريحُ رواية عُمر في إيجاب النفقة والسكنى، فروى حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان، أنه أخبر إبراهيم النخعي بحديث الشعبي عن فاطمة بنت قيس، فقال له إبراهيمُ: إن عمر أُخْبِرَ بقولهَا، فقال: لسنا بتاركي آية من كتاب اللّه وقول النبي صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لعلَّها أوهمت، سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((لَهَا السُّكْنَى والنَفَقَةُ)) ذكره أبو محمد في ((المحلى))، فهذا نص صريح يجب تقديمُه على حديث فاطمة لِجلالة رواته، وتركِ إنكارِ الصحابةِ عليه وموافقته لِكتاب اللّه.
ذكر الأجوبة عن هذه المطاعن وبيان بطلانها
وحاصلها أربعة.
أحدُها: أن راويتها امرأة لم تأتِ بشاهدينِ يتابعانها على حديثها.
الثاني: أن روايتها تضمَّنت مخالفةَ القرآن.
الثالث: أن خروجَها من المنزل لم يكن لأنه لا حقَّ لها في السكنى، بلا لأذاها أهلَ زوجها بلسانها.
الرابع: معارضة روايتِها برواية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
ونحن نبين ما في كل واحد من هذه الأمور الأربعة بحول اللّه وقوته، هذا مع أن في بعضها مِن الانقطاع، وفي بعضها مِن الضعف، وفي بعضها من البُطلان ما سَنُنَبهُ عليه، وبعضُها صحيح عمن نسب إليه بلا شك.
فأما المطعنُ الأول: وهو كونُ الراوي امرأة، فمطعن باطلٌ بلا شك، والعلماء قاطبة على خلافة، والمحتجُّ بهذا من أتباع الأئمة أوَّلُ مبطل له ومخالف له، فإنهم لا يختلفون في أن السننَ تُؤخذ عن المرأة كما تُؤخذ عن الرجل، هذا وكم مِن سنة تلقاها الأئمة بالقبولِ عن امرأة واحدة من الصحابة، وهذه مسانيد نساءِ الصحابة بأيدي الناس لا تشاءُ أن ترى فيها سنةً تفرَّدت بها امرأةّ منهن إلا رأيتَها، فما ذنبُ فاطمةَ بنتِ قيس دون نساء العالمين، وقد أخذ الناس بحديث فُريعة بنت مالِك بن سنان أختِ أبي سعيد في اعتدادِ المتوفَّى عنها في بيت زوجها وليست فاطمةُ بدونها علماً وجلالةً وثقةً وأمانةً، بل هي أفقهُ منها بلا شك، فإن فُريعة لا تُعرف إلا في هذا الخبر وأما شهرةُ فاطمة، ودعاؤها من نازعها مِن الصحابة إلى كتاب اللّه، ومناظرتها على ذلك، فأمر مشهور، وكانت أسعدَ بهذه المناظرة ممن خالفها كما مضى تقريرُه، وقد كان الصحابة رضي اللّه عنهم يختلِفونَ في الشيء، فتروي لهم إحدى أمهات المؤمنين عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم شيئاً، فيأخذون به، ويرجعون إليه، ويتركون ما عندهم له، وإنما فُضِّلْنَ على فاطمة بنت قيس بكونهن أزواجَ رسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم، وإلا فهي مِن المهاجرات الأول، وقد رضيها رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم لِحِبِّه وابنِ حِبِّه أسامة بن زيد، وكان الذي خطبها له. وإذا شئتَ أن تعرف مقدارَ حفظها وعلمها، فاعرفه مِن حديث الدَّجَالِ الطويلِ الذي حدث به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على المنبر، فوعته فاطمةُ وحفظته، وأدته كما سمعته، ولم ينكره عليها أحد مع طوله وغرابته، فكيف بقصة جرت لها وهي سببها، وخاصمت فيها، وحكم فيها بكلمتين: وهى لا نفقة ولا سكنى، والعادة تُوجبُ حفظ مثل هذا وذكره، واحتمال النسيان فيه أمر مشترك بينها وبين من أنكر عليها، فهذا عمرُ قد نسي تيمُّمَ الجنب، وذكرهُ عمار بن ياسر أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لهما بالتيمم من الجنابة،فلم يذكره عمر رضي اللّه عنه، وأقام على أن الجنب لا يصلي حتى يجد الماء.
ونسي قولَه تعالى: {وإِنْ أَرَدْتُم استِبْدَالَ زَوجٍ مَكَانَ زَوجٍ وَآْتيتُم إحْدَاهن قِنْطَاراً فَلاَ تَأخُذُوا مِنهُ شَيئا} [النساء: 20].
حتى ذكَّرته به امرأَة، فرجعَ إلى قولها.ونسي قوله: {إنَّكَ ميِّتٌ وَإنَّهُمْ مَيّتونَ} [الزمر: 30] حتى ذُكر بهِ، فإن كان جوازُ النسيان على الراوي يُوجب سقوطَ روايته، سقطت روايةُ عمر التي عارضتم بها خبر فاطمة، وإن كان لا يُوجب سقوطَ روايته، بطلت المعارضةُ بذلك، فهي باطلة على التقديرين، ولو رُدَّتِ السُّننُ بمثل هذا، لم يبق بأيدي الأمة منها إلا اليسير، ثم كيف يُعارِضُ خَبر فاطمة، ويَطْعَنُ فيهِ بمثل هذا مَنْ يرى قبولَ خبرِ الواحد العدل، ولا يشترطُ للرواية نِصاباً، وعمر رضي اللّه عنه أصابه في مثل هذا ما أصابه في رد خبر أبي موسى في الاستئذان حتى شهد له أبو سعيد، وردَّ خبرَ المغيرة بنِ شُعبة في إملاصِ المرأةِ حتى شَهِدَ له مُحمَّدُ بن مسلمة، وهذا كان تثبيتاً منه رضي اللّه عنه حتى لا يركب الناس الصَّعبَ والذَّلُولَ في الرواية عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وإلا فقد قَبِلَ خبرَ الضحاك بن سفيان الكلابي وحده وهو أعرابي، وقبل لعائشة رضي اللّه عنها عدةَ أخبار تفرَّدت بها، وبالجملة، فلا يقول أحد: إنه لا يقبل قولُ الراوي الثقة العدل حتى يشهد له شاهدان لا سيما إن كان من ا لصحابة.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس