عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-2003, 01:48 PM   #6
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



فصل
في حكم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الموافق لكتابِ اللّه أنه لا نفقة للمبتوتة ولا سكنى
روى مسلم في ((صحيحه))، عن فاطمة بنت قيس، أن أبا عمرو بن حفص طلَّقها ألبتةَ وهو غائب، فأرسلَ إليها وكيلُه بشعير، فسخِطَتْهُ فقال: واللّهِ مالَكِ علينا مِن شيء، فجاءت رسولَ اللّه صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له وما قَالَ، فقال: ((لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ))، فأمرها أن تعتد في بيت أمِّ شريك، ثم قال: ((تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصحَابي، اعْتَدِّي عِنْدَ ابنِ أُمِّ مَكْتُوم، فإنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى، تَضَعِينَ ثِيَابَكِ، فَإذا حَلَلْتِ فآذِنيني)). قالت: فلما حللتُ، ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني،فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ((أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلاَ يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عاتِقِهِ، وأمَّا مُعاويةُ فصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ)) فكرهته، ثم قال: ((انْكِحي أسامة بنَ زَيْدٍ)) فنكحته، فجعلَ اللّهُ فيه خيراً واغتبطتُ. وفي ((صحيحه)) أيضاً: عنها أنها طَلقها زوجها في عهدِ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وكان أنفقَ عليها نفقةً دوناً فلما رأت ذلك، قالت: واللّه لأُعْلِمَنَّ رَسولَ اللّه صلى الله عليه وسلم، فإن كانت لي نفقةٌ أخذتُ الذي يُصلِحُني،وإن لم تكُن لي نفقةٌ،لم آخذْ منه شيئاً، قالت: فذكرتُ ذلك لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقالَ: ((لاَ نَفَقَةَ لكِ وَلاَ سُكْنى)).
وفي ((صحيحه)) أيضاً عنها، أن أبا حفص بن المغيرة المخزومي طلَّقها ثلاثاً، ثم انطلق إلى اليمن، فقال لها أهلُه: ليس لَكِ عَلَيْنَا نفقة، فانطلق خالدُ بن الوليد في نفرٍ، فأتوْا رسولَ اللّه صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة، فقالوا: إن أبا حَفْصٍ طلَّق
امرأته ثلاثاً، فهل لها مِن نفقة؟ فقال رسولُ اللَه صلى الله عليه وسلم: ((لَيْست لَهَا نَفَقَةّ وعَلَيهَا العِدَّةُ))، وأرسل إليها: ((أَنْ لا تَسْبِقيني بِنَفْسِكِ))، وأمرها أن تنتقِلَ إلى أمَّ شريك، ثم أرسل إليها: ((أَنَّ أُمَّ شرِيكٍ يأتيها المهاجِرونَ الأَوَّلونَ، فانْطِلقي إلى ابْنِ أُمِّ مَكتُومٍ الأَعْمَى فَإنَّكِ إِذَا وَضعْتِ خِمَارَكِ لَم يَرَكِ))، فانطلَقَت إليه، فلما انقضت عدَّتُها أنكحَهَا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أسامَة بن زيد بن حارثة.
وفي ((صحيحه)) أيضاً، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة خرج مع علي بن أبي طالب إلى اليمن، فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها، وأمر لها الحارث بن هشام، وعياشُ بن أبي ربيعة بنفقة، فقالا لها: واللّه ما لَكِ نفقةٌ إلا أن تكوني حاملاً، فأتت النبيّ صلى الله عليه وسلمَ، فذكرت له قولهما، فقال: ((لا نَفَقَةَ لَكِ))، فاستأذنته في الانتقال، فأذنَ لها، فقالت: أين يا رسولَ اللّهِ؟ قال: ((إلى ابنِ أمِّ مَكتوم))، وكان أعمى تَضَعُ ثيابَها عندهُ ولا يَراهَا، فلما مضت عِدَّتها، أنكحها النبيُّ صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد، فأرسلَ إليهَا مروانُ قَبيصَةَ بنَ ذُؤيب يسألُهَا عن الحديث، فحدثته به، فقال مروان لم نسمع هذا الحديثَ إلا مِن امرأة، سنأخُذ بالعِصمة التي وجدنا النَاسَ عليها، فقالت فاطمة حين بلغها قولُ مروان: بيني وبينكم القرآنُ، قال اللّه عز وجلَّ: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بيوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبيَنةٍ} إلى قوله: {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً}[الطلاق: 1]، قالت: هذا لمن كان له مراجعة فأي أمر يحدث بعد الثلاث؟! فكيف تقولون: لا نفقة لها إذا لم تكن حاملاً، فعلام تحبسونها؟!.
وروى أبو داود في هذا الحديث بإسناد مسلم عقيب قولِ عياش بن أبي ربيعة والحارث بن هشام: لا نفقة لك إلا أن تكوني حَاملاً، فاتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: ((لا نَفَقَةَ لَكِ إلاَّ أَنْ تكوني حَاملاً)).
وفي ((صحيحه)) أيضاً عن الشعبي قال: دخلتُ على فاطمة بنتِ قيس، فسألتُها عن قضاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عليها، فقالت: طلَّقها زوجُها البتة، فخاصمته إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في السُّكنى والنفقة، قالت: فلم يجعل لي سُكنى ولا نفقة، وأمرني أن أعتدَّ في بيت ابن أم مكتوم.
وفي ((صحيحه)) عن أبي بكر بن أبي الجهم العدوي، قال: سمعتُ فاطمة بنت قيس تقولُ: طلقها زوجُها ثلاثاً، فلم يجعل لها رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم سُكنَى ولا نفقة، قالت: قال لي رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا حَلَلْتِ فآذِنيني))، فآذنته، فخطبها معاويةُ، وأبُو جهم، وأسامةُ بن زيد، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ((أمَا معاوية فرجُل ترِب لا مال لهُ، وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ ضرّابٌ لِلنِّساءِ، ولكِنْ أُسامةُ بنُ زيْد))، فقالت بيدها هكذا: أسامة! أسامة! فقال لها رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم: ((طَاعَةُ اللّهِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ خَيرٌ لَكِ))، فتزوجتُه، فاغتبطتُ.
وفي ((صحيحه)) أيضاً عنها قالت: أرسل إلي زوجي أبو عمرو بن حفص بن المغيرة عياشَ بن أبي ربيعة بطلاقي، فأرسل معه بخمسة آصُع تمرٍ، وخمسة آصعِ شعير، فقلتُ: أما لي نفقة إلا هذا؟ ولا أعتَدُّ في منزلكم؟ قال: لا، فشددتُ عليَّ ثيابي، وأتيتُ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقال: ((كَمْ طَلَّقَكِ؟))قلتُ: ثلاثاً. قال: ((صَدَقَ، لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ، اعْتدِّي في بَيْتِ ابن عَمِّكِ ابنِ أُمِّ مَكْتُوم، فإنه ضَريرُ البَصَرِ تَضَعِينَ ثَوْبَكِ عِندَهُ، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُكِ فآذِنيني)).
وروى النسائي في ((سننه)) هذَا الحَديثَ بطرقه وألفاظه، وفي بعضِها بإسناد صحيح لا مطعن فيه، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم إنَّما النَّفَقَةُ والسُّكْنى لِلْمرأةِ إذا كان لِزوجِها عَليْها الرّجْعةُ))، ورواه الدارقطني وقال: فأتت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فذكَرَتْ ذلك له، قالت: فلم يَجْعَلْ لي سكنى ولا نفقة، وقال: ((إِنَّمَا السكنى والنَّفَقَة لِمَنْ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ)). وروى النسائي أيضاً هذا اللفظ، وإسنادهما صحيح.
ذكر موافقة هذا الحكم لكتاب اللّه عزَّ وجل
قال اللّه تعالى: {يَأَيُّهَا النَّبيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النَسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا العِدَّةَ واتَّقُوا اللّهَ رَبّكُم لا تُخْرِجُوهنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إلاَّ أَنْ يَأتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبيَّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدًودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَم نفْسَهُ لا تدْرِي لعلَ الله يُحْدِثُ بعْد ذلِكَ أَمْراً * فَإذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بمعروفٍ أَوْ فَارقُوهُنَّ بمَعْرُوفٍ وأَشهِدوا ذوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمُ وَأَقِيمُوا الشّهَادَةَ للّهِ}، إلى قوله: {قدْ جعل اللّهُ لِكُلّ شيءَ قَدْراً} [الطلاق: 1-3] فأمر اللّه سبحانه الأزواج الذين لهم عند بلوغ الأجلِ الإِمساكُ والتسريحُ بأن لا يُخرجوا أزواجهم مِن بيوتهم، وأمر أزواجَهن أن لا يَخْرُجْنَ، فدلَّ على جواز إخراج من ليس لزوجها إمساكُها بعدَ الطلاق، فإنه سبحانه ذكر لهؤلاء المطلقات أحكاماً متلازمة لا ينفكُّ بعضُها عن بعض.
أحدها: أن الأزواج لا يُخرجوهن مِن بيوتهن
(يتبع...)
@ والثاني: أنهن لا يَخْرُجْنَ مِن بيوت أزواجهن.
والثالث: أن لأزواجهن إمساكَهن بالمعروف قبلَ انقضاء الأجل، وترك الإِمساك، فيُسرِّحوهن بإحسان.
والرابع: إشهاد ذَويْ عدل، وهو إشهادٌ على الرجعة إما وجوباً، وإما استحباباً، وأشار سُبحانه إلى حكمة ذلك، وأنه في الرجعيات خاصة بقوله: {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً} [الطلاق: 1] والأمر الذي يُرجَى إحداثُه هاهنا: هو المراجعة. هكذا قال السلف ومن بعدهم. قال ابنُ أبي شيبة: حدثنا أبو معاوية، عن داود الأودي، عن الشعبي:{لا تَدْرِي لَعَلَّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً} [الطلاق: 1]، قال: لعلك تَنْدَمُ، فيكون لك سبيلٌ إلى الرجعة، وقال الضحاك: {لَعَلَّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً} [الطلاق: 1] قال: لعله أن يُراجِعَها في العِدَّةِ، وقاله عطاء، وقتادة، والحسن، وقد تقدَّم قول فاطمة بنت قيس: أي أمر يحدُثُ بعد الثلاث؟ فهذا يدل على أن الطلاقَ المذكور: هو الرجعيُّ الذي ثبتت فيه هذه الأحكامُ، وأن حِكمة أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، اقتضته لعل الزوج أن يَندَمَ، ويزولَ الشَّرُّ الذى نَزَغَهُ الشيطانُ بينهما، فتتبعها نفسه، فيُراجعَها، كما قال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه: لو أنَّ الناسَ أخذوا بأمر اللّه في الطًّلاقِ، ما تتبع رجل نفسه امرأة يُطلِّقها أبداً.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس