عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-2003, 01:13 PM   #369
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



فصل

ومنها: أن الرجلَ إذا قذف امرأَته بالزنى برجل بعينه، ثم لا عنها، سقطَ الحدُّ عنه لهما، ولا يحتاجُ إلى ذِكر الرجل فى لعانه، وإن لم يُلاعن، فعليه لكل واحد منهما حَدُّه، وهذا موضعٌ اختُلِفَ فيه، فقال أبو حنيفة ومالك: يُلاعن للزوجة، ويحد للأجنبى، وقال الشافعى فى أحد قوليه: يجب عليه حدٌّ واحد، ويسقط عنه الحَدُّ لهما بلعانه، وهو قولُ أحمد، والقول الثانى للشافعى: أنه يحد لِكل واحد حداً، فإن ذكر المقذوفَ فى لِعانه، سقط الحدُّ، وإن لم يذكره فعلى قولين، أحدهما: يستأنِفُ اللعان، ويذكره فيه، فإن لم يذكره، حُدَّ له. والثانى: أنه يسقط حدُّه بلعانه، كما يسقط حدُّ الزوجة.
وقال بعضُ أصحاب أحمد: القذفُ للزوجة وحدها، ولا يتعلَّق بغيرها حق المطالبة ولا الحد. وقال بعضُ أصحاب الشافعى: يجبُ الحدُّ لهما، وهل يجب حدٌّ أو حدَّانِ؟ على وجهينِ، وقال بعض أصحابه: لا يجب إلا حداً واحداً قولاً واحداً، ولا خلاف بين أصحابه أنه إذا لاعن الأجنبى فى لعانه: أنه يسقط عنه حُكمُه، وإن لم يذكره، فعلى قولين: الصحيح عندهم: أنه لا يسقط.
والذين أسقطوا حكم قذفِ الأجنبى باللعان، حجتُّهم ظاهرة وقوية جداً، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يحد الزوج بشريك بن سحماء، وقد سماه صريحاً، وأجاب الآخرون عن هذا بجوابين: أحدهما: أن المقذوفَ كان يهودياً، ولا يجب الحدُّ بقذف الكافر. والثانى: أنه لم يُطالب به، وحدُّ القذف إنما يُقام بعد المطالبة.
وأجاب الآخرون عن هذين الجوابين، وقالوا: قولُ من قال: إنه يهودى باطل، فإنه شريك بن عبدة وأمه سحماء، وهو حليفُ الأنصار، وهو أخو البراء بن مالك لأمه. قال عبد العزيز بن بزيزة فى شرحه لأحكام عبد الحق: قد اختلفَ أهلُ العلم فى شريك بن سحماء المقذوف، فقيل: إنه كان يهودياً وهو باطل، والصحيح: أنه شريك بن عدة حليف الأنصار، وهو أخو البراء بن مالك لأمه. وأما الجواب الثانى، فهو ينقلب حُجَّةَ عليكم، لأنه لما استقرَّ عنده أنه لا حق له فى هذا القذف لم يطالِب به، ولم يتعرَّض له، وإلا كيف يسكت عن براءة عرضه، وله طريق إلى إظهارها بحدِّ قاذفة، والقوم كانُوا أشدَّ حميَّةً وأنَفَةً مِن ذلك؟ وقد تقدَّم أن اللعان أقيمَ مقام البينة للحاجة، وجعل بدلاً مِن الشهود الأربعة، ولهذا كان الصحيح أنه يُوجِبُ الحدَّ عليها إذا نكلت، فإذا كان بمنزلة الشهادة فى أحد الطرفين كان بمنزلتها فى الطرف الآخر، ومِن المحال أن تحدَّ المرأة باللعان إذا نَكَلَت، ثم يُحد القاذف حدَّ القذف وقد أقام البينة على صدق قوله، وكذلك إن جعلناه يميناً فإنها كما درأت عنه الحدَّ مِن طرف الزوجة، درأت عنه مِن طرف المقذوف، ولا فرق، لأن به حاجة إلى قذف الزانى لما أفسد عليه مِن فراشه، وربما يحتاجٌ إلى ذِكره ليستدل بشبه الولد له على صدق قاذفه، كما استدل النبىُّ صلى الله عليه وسلم على صِدق هلال بشبه الولد بشريك بن سحماء، فوجب أن يسقط حكم قذفه ما أسقط حكم قذفها، وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم للزوج: ((البينة وإلا حدّ فى ظهرك))، ولم يقل: وإلا حَدَّانِ، هذا والمرأةُ لم تُطالِبْ بحدِّ القذف، فإن المطالبة شرطٌ فى إقامة الحدِّ، لا فى وجوبه، وهذا جواب آخر عن قولهم: إن شريكاً لم يُطالب بالحدِّ، فإن المرأةَ أيضاً لم تُطالب به، وقد قال له النبىُّ صلى الله عليه وسلم: ((البينةُ وإلا حَدُّ فى ظهرك)).
فإن قيل: فما تقولون: لو قذف أجنبية بالزنى برجل سماه؟ فقال: زنى بكِ فلان، أو زنيتِ به؟ قيل: هاهنا يجب عليه حدانِ، لأنه قاذف لكل واحد منهما، ولم يأتِ بما يُسقط موجبَ قذفه، فوجبَ عليه حكمه، إذ ليس هنا بينة بالنسبة إلى أحدهما، ولا ما يقومُ مقامَها.
فصل
ومنها: أنه إذا لاعنها وهى حامل، وانتفى مِن حملها، انتفى عنه، ولم يَحْتَجْ إلى أن يلاعن بعد وضعه كما دلت عليه السنةُ الصحيحةُ الصريحةُ، وهذا موضع اختلف فيه. فقال أبو حنيفة رحمه الله: لا يُلاعن لِنفيه حتى تَضَعَ لاحتمال أن يكون رِيحاً فَتَنْفَشَّ، ولا يكون لِلعان حينئذ معنى، وهذا هو الذى ذكره الخِرقى فى ((مختصره))، فقال: وإن نفى الحمل فى التعانه لم يَنْتَفِ عنه حتى بنفِيَه عند وضعها له ويُلاعن، وتبعه الأصحابُ على ذلك، وخالفهم أبو محمد المقدسى كما يأتى كلامُه. وقال جمهورُ أهل العلم: له أن يُلاعِنَ فى حال الحمل اعتماداً على قصة هلال بن أمية، فإنها صريحةٌ صحيحه فى اللعان حال الحمل، ونفى الولدِ فى تلك الحال، وقد قال النبى: ((إن جاءت به على صِفَةِ كذا وكَذَا، فلا أراه إلا قد صدق عليها )) الحديثَ. قال الشيخ فى ((المغنى)): وقال مالك، والشافعى، وجماعة من أهل الحجاز: يَصِحُّ نفى الحمل، وينتفى عنه، محتجين بحديثِ هلال، وأنه نفى حملها، فنفاه عنه النبىُّ صلى الله عليه وسلم، وألحقه بالأمِّ، ولا خَفَاءَ أنه كان حملاً، ولهذا قال النبىُّ صلى الله عليه وسلم: ((انظروها، فإن جَاءَتْ به كذا وكذا))، قال: ولأن الحمل مظنون بأمارات تدل عليه، ولهذا تثبت للحامل أحكامٌ تُخالف فيها الحائلَ من النفقة والفِطر فى الصيام، وتركِ إقامة الحدِّ عليها، وتأخيرِ القِصاص عنها، وغيرِ ذلك مما يطولُ ذِكُره، ويَصِحُّ استلحاقُ الحمل، فكان كالولد بعد وضعه قال: وهذا القولُ هو الصحيح، لموافقته ظواهر الأحاديث، وما خالف الحديثَ لا يُعبأ به كائناتً ما كان. وقال أبو بكر: ينتفى الولد يزوالِ الفراش، ولا يحتاجُ إلى ذِكره فى اللعان احتجاجاً بظاهر الأحاديث، حيثَ لم ينقل نفىُ الحمل، ولا تعرض لنفيه.
وأما مذهب أبى حنيفة رحمه الله، فإنه لا يَصِحُّ نفىُ الحمل واللعان عليه، فإن لاعنها حاملاً، ثم أتت بالولد، لزمه عنده، ولم يتمكن من نفيه أصلاً، لأن اللعان لا يكون إلا بين الزوجين، وهذه قد بانت بلعانها فى حال حملها.
قال المنازعون له: هذا فيه إلزامُه ولداً ليس منه، وسدُّ باب الانتفاء مِن أولاد الزنى، واللَّهُ سبحانه قد جعل له إلى ذلك طريقاً، فلا يجوز سَدُّها، قالوا: وإنما تعتبر الزوجية فى الحال التى أضاف الزنى إليها فيها، لأن الولد الذى تأتى به يلحقُه، إذا لم ينفه، فيحتاج إلى نفيه، وهذِهِ كانت زوجتَه فى تلك الحال، فملك نفىَ ولدها. وقال أبو يوسف. ومحمد: له أن ينفىَ الحمل بين الولادة إلى تمامِ أربعينَ ليلة منها. وقال عبد الملك بن الماجشُون: لا يُلاعن لنفى الحمل إلا أن ينفيَهُ ثانية بعد الولادة. وقال الشافعىُّ: إذا عَلِمَ بالحمل فأمكنه الحاكم مِن اللعان، فلم يلاعن، لم يكن له أن ينفيَهُ بعدُ.
فإن قيل: فما تقولون: لو استحلق الحملَ، وقذفها بالزنى، فقال: هذا الولدُ منى وقد زنت، ما حُكمُ هذه المسألة؟ قيل: قد اختلف العلماء فى هذه المسألة على ثلاث أقوال:
أحدها: أنه يُحَدُّ ويُلحق به الولدُ، ولا يُمكَّن من اللعان.
والثانى: أنه يُلاعن، وينتفى الولد.
والثالث: أنه يُلاعن للقذف، ويلحقه الولدُ، والثلاثة روايات عن مالِك، والمنصوص عن أحمد: أنه لا يَصِحُّ استلحاقُ الولد كما لا يصح نفيه،.قال أبو محمد: وإن استلحق الحمل، فمن قال: لا يَصِحُّ نفيه، قال: لا يصح استلحاقُه، وهو المنصوصُ عن أحمد. ومن أجاز نفيه، قال: يَصِحُّ استلحقاقُه، وهو مذهبُ الشافعى، لأنه محكومٌ بوجوده بدليل وجوب النفقة ووقف الميراث، فصح الإقرار به كالمولود، وإذا استلحقه، لم يملك نفيَه بعد ذلك، كما لو استلحقه بعد الوضع. ومن قال: لا يَصِحُّ استلحاقُه، قال: لو صح استلحاقُه، للزمه بترك نفيه كالمولود، ولا يلزمُه ذلك بالإجماع، وليس لِلشَّبَه أثرٌ فى الإلحاق، بدليل حديثِ المُلاعنة، وذلك مختص بما بعدَ الوضع، فاختص صحة الإلحاق به، فعلى هذا لو استلحقه، ثم نفاه بعد وضعه كان له ذلك، فأما إن سكت عنه، فلم ينفه، ولم يستلحقه، لم يلزمه عند أحد علمنا قولَه، لأن تركه محتمل، لأنه لا يتحقَّقُ وجودُه إلا أن يُلاعنها، فإن أبا حنيفة ألزمه الولَد على ما أسلفناه.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس