عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-2003, 12:51 PM   #5
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى تخيير أزواجه بين المُقام معه وبين مفارقتهن له

ثبت فى ((الصحيحين)) عن عائشة رضى الله عنها قالت: لما أُمِرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه، بدأ بى، فقال: ((إنِّى ذَاكِرٌ لَكِ أَمْراً فَلاَ عَلَيْكِ أَلاَّ تَعْجَلى حَتَّى تَسْتأْمِرى أَبَوَيْكِ)). قالت: وقد علم أن أبوى لم يكونا ليأمرانى بفراقه، ثم قرأ:{يأَيُّهَا النَّبىُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيا وزينَتَها فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الله وَرَسُولَهُ والدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ الله أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب: 28-29] فقلتُ: فى هذا استأمر أبوى؟ فإنى أريدُ الله ورسولَه والدارَ الآخرةَ. قالت عائشة: ثم فَعَل أزواجُ النبى صلى الله عليه وسلم مِثْلَ ما فعلتُ، فلم يكن ذلك طلاقاً.
قال ربيعةُ وابنُ شهاب: فاختارت واحدةٌ منهن نفسَها، فذهبت وكانت ألبتة. قال ابن شهاب: وكانت بدوية. قال عمرو بن شعيب: وهى ابنة الضحاك العامرية رجعت إلى أهلها، وقال ابنُ حبيب: قد كان دخل بها. انتهى.
وقيل: لم يدخل بها، وكانت تلتقِطُ بعد ذلك البعر، وتقول: أنا الشقيَّةُ.
واختلف الناسُ فى هذا التخيير، فى موضعين. أحدهما: فى أى شىء كان؟ والثانى: فى حكمه، فأما الأول: فالذى عليه الجمهور أنه كان بين المقام معه والفراق، وذكر عبد الرزاق فى ((مصنفه))، عن الحسن، أن الله تعالى إنما خيَّرَهُنَّ بين الدنيا والآخرة، ولم يُخيِّرْهُنَّ فى الطلاق، وسياقُ القرآن، وقولُ عائشة رضى الله عنها يَرُدُّ قوله، ولا ريب أنه سبحانه خيَّرهن بينَ الله ورسوله والدار الآخرة، وبينَ الحياة الدنيا وزينتها، وجعل مَوجِبَ اختيارهن الله ورسولَه والدارَ الآخرة المقامَ مع رسوله، وموجبَ اختيارهن الدنيا وزينتها أن يُمتِّعَهنَّ ويُسرِّحَهن سَراحاً جميلاً، وهو الطلاقُ بلا شك ولا نزاع.
وأما اختلافُهم فى حكمه، ففى موضعين. أحدهما: فى حكم اختيار الزوج، والثانى: فى حكم اختيار النفس، فأما الأول: فالذى عليه معظمُ أصحاب النبى ونساؤه كُلُّهُنَّ ومعظم الأمة أن من اختارت زوجها لم تطلق، ولا يكون التخييرُ بمجرده طلاقاً، صحَّ ذلك عن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة. قالت عائشة: خيَّرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه، فلم نعدَّه طلاقاً، وعن أمّ سلمة، وقريبة أختها، وعبد الرحمن بن أبى بكر.
وصح عن على، وزيد بن ثابت، وجماعة من الصحابة: أنها إن اختارت زوجَها، فهى طلقة رجعية، وهو قولُ الحسن، ورواية عن أحمد رواها عنه إسحاق بن منصور، قال: إن اختارت زوجَها، فواحدة يملِكُ الرجعة، وإن اختارت نفسها، فثلاثٌ، قال أبو بكر: انفرد بهذا إسحاق بن منصورِ، والعملُ على ما رواه الجماعة. قال صاحب ((المغنى)): ووجه هذه الرواية أن التخييرَ كناية نوى بها الطلاق، فوقع بمجرَّدها كسائر كناياته، وهذا هو الذى صرَّحت به عائشة رضى الله عنها، والحق معها بإنكاره وردِّه، فإن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لما اختاره أزواجُه لم يَقُل: وقع بكن طلقة، ولم يُراجعهن، وهى أعلم الأمة بشزن التخيير، وقد صح عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت: لم يكن ذلك طلاقاً، وفى لفظ: ((لم نعده طلاقاً)). وفى لفظ: ((خيَّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفكان طلاقا ؟ً))
والذى لحظه من قال: إنها طلقة رجعية أن التخيير تمليك، ولا تملك المرأةُ نفسها إلا وقد طلقت، فالتمليكُ مستلزم لوقوع الطلاق، وهذا مبنى على مقدمتين. إحداهما: أن التخييرَ تمليك. والثانية: أن التمليك يستلزِمُ وقوعَ الطلاق، وكِلا المقدمتين ممنوعة، فليس التخييرُ بتمليك، ولو كان تمليكاً لم يستلزم وقوعَ الطلاق قبل إيقاع من ملكه، فإن غاية أمره أن تملِكَه الزوجةُ كما كان الزوج يملِكُه، فلا يقع بدون إيقاع من ملكه، ولو صحَّ ما ذكروه، لكان بائناً، لأن الرجعية لا تملِكُ نفسها.
وقد اختلف الفقهاءُ فى التخيير: هل هو تمليك أو توكيلٌ، أو بعضُه تمليك، وبعضُه توكيل، أو هو تطليق منجَّز، أو لغوٌ لا أثر له ألبتة؟ على مذاهب خمسة. التفريقُ هو مذهب أحمد ومالك. قال أبو الخطاب فى ((رؤوس المسائل)): هو تمليكٌ يقفُ على القبول، وقال صاحب ((المغنى)) فيه: إذا قال: أمرُكِ بيدكِ، أو اختارى، فقالت: قبلتُ، لم يقع شىء، لأن ((أمرك بيدك)) توكيل، فقولُها فى جوابه: قبلتُ ينصرف إلى قبول الوكالة، فلم يقع شىء، كما لو قال لأجنبية: أمرُ امرأتى بيدكِ، فقالت: قبلت، وقوله: اختارى: فى معناه، وكذلك إن قالت: أخذت أمرى، نص عليهما أحمد فى رواية إبراهيم بن هانئ إذا قال لامرأته: أمُركِ بيدكِ، فقالت: قبلت، ليس بشىء حتى يتبيَّن، وقال: إذا قالت: أخذتُ أمرى، ليس بشىء، قال: وإذا قال لامرأته: اختارى، فقالت: قبلتُ نفسى، أو اخترت نفسى، كان أبين. انتهى. وفرق مالك بين ((اختيارى))، وبين ((أمرُكِ بيدكِ))، فجعل ((أمرُكِ بيدكِ)) تمليكاً، و ((اختيارى)) تخييراً لا تمليكاً. قال أصحابُه: وهو توكيلٌ.
وللشافعى قولان. أحدهما: أنه تمليك، وهو الصحيح عند أصحابه، والثانى: أنه توكيل وهو القديم، وقالت الحنفية: تمليك. وقال الحسنُ وجماعةٌ من الصحابة: هو تطليق تقع به واحدة منجَّزة، وله رجعتُها، هى رواية ابنِ منصور عن أحمد.
وقال أهلُ الظاهر وجماعةٌ من الصحابة: لا يقع به طلاق، سواءٌ اختارت نفسَها، أو اختارت زوجها، ولا أثر للتخيير فى وقوع الطلاق.
ونحن نذكر مآخذ هذه الأقوال على وجه الإشارة إليها.
قال أصحابُ التمليك: لما كان البُضع يعود إليها بعد ما كان للزوج، كان هذا حقيقةَ التمليك.
قالوا: وأيضاً فالتوكيل يستلزِمُ أهليةَ الوكيل لمباشرة ما وُكِّلَ فيه، والمرأةُ ليست بأهل لإيقاع الطلاق، ولهذا لو وكَّل امرأةً فى طلاق زوجته، لم يصحَّ فى أحد القولين، لأنها لا تُباشر الطلاق، والذين صححوه قالوا: كما يصح أن يُوكِّلَ رجلاً فى طلاق امرأته، يَصِحّ أن يوكِّل امرأة فى طلاقها.
قالُوا: وأيضاً فالتوكيل لا يُعقل معناه هاهنا، فإنَّ الوكيلَ هو الذى يتصرف لموكله لا لنفسه، والمرأة ها هنا إنما تتصرَّف لنفسها ولحظها، وهذا يُنافى تصرفَ الوكيل.
قال أصحابُ التوكيل، واللفظُ لصاحب ((المغنى)): وقولهم: إنه توكيل لا يَصِحُّ، فإن الطلاقَ لا يصح تمليكه، ولا ينتقِلُ عن الزواج، وإنما ينوبُ فيه غيرُه عنه، فإذا استناب غيره فيه، كان توكيلاً لا غير.
قالوا: ولو كان تمليكاً لكان مقتضاه انتقالَ الملك إليها فى بُضعها، وهو محال، فإنه لم يخرُج عنها، ولهذا لو وُطئت بشبهة كان المهر لها لا للزوج، ولو مَلَكَ البُضع، لَمَلَكَ عِوضه، كمن ملك منفعة عينٍ كان عِوَضُ تلك المنفعة له.
قالوا: وأيضاً فلو كان تمليكاً، لكانت المرأةُ مالكة للطلاق، وحينئذ يجب أن لا يبقى الزوجُ مالكاً لاستحالة كون الشىء الواحد بجميع أجزائه ملكاً لمالكين فى زمن واحد، والزوجُ مالك للطلاق بعد التخيير، فلا تكونُ هى مالكة له، بخلاف ما إذا قلنا: هو توكيل واستتابة، كان الزوجُ مالكاً، وهى نائبة ووكيلة عنه.
قالوا: وأيضاً فلو قال لها: طلِّقى نفسَك، ثم حلف أن لا يُطلِّق، فطلقت نفسَها، حَنِثَ، فدل على أنها نائبة عنه، وأنه هو المطلِّق.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس