عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-2003, 12:49 PM   #348
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وهذا موضع اختلف فيه السلفُ والخلف على أربعة أقوال.
أحدها: أن طلاقَ العبد والحر سواء، وهذا مذهبُ أهل الظاهر جميعهم، حكاه عنهم أبو محمد بن حزم، واحتجُّوا بعُموم النصوص الواردة فى الطلاق، وإطلاقها، وعدم تفريقها بين حر وعبد، ولم تُجمِعِ الأمةُ على التفريق، فقد صحَّ عن ابن عباس أنه أفتى غلاماً له برجعة زوجته بعد طلقتين، وكانت أمة. وفى هذا النقلِ عن ابن عباس نظر، فإن عبد الرزاق روى عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، أن أبا معبد أخبره، أن عبداً كان لابن عباس، وكانت له امرأة جارية لابن عباس، فطلقها فبتَّها، فقال له ابنُ عباس: لا طلاق لك فارجعها.
قال عبدُ الرزاق: حدثنا معمر، عن سِماك بن الفضل، أن العبد سأل ابن عمر رضى الله عنهما، فقال: لا ترجع إليها وإن ضُرِب رأسُكَ.
فمأخذ هذه الفتوى، أن طلاق العبد بيد سيده، كما أن نِكاحَه بيده، كما روى عبد الرحمن بن مهدى، عن الثورى، عن عبد الكريم الجزرى، عن عطاء، عن ابن عباس قال: ليس طلاق العبد ولا فرقته بشىء.
وذكر عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن أبى الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول فى الأمة والعبد: سيِّدُهما يجمعُ بينهما، ويفرق، وهذا قول أبى الشعثاء، وقال الشعبى: أهلُ المدينة لا يرون للعبد طلاقاً إلا بإذن سيده، فهذا مأخذُ ابن عباس، لا أنه يرى طلاق العبد ثلاثاً إذا كانت تَحته أمة، وما علمنا أحداً من الصحابة قال بذلك.
والقول الثانى: أن أَىَّ الزوجين إن رُق كان الطلاقُ بسبب رقه اثنتين، كما روى حمادُ بن سلمة، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: الحرُّ يُطلق الأمة تطليقتين، وتعتدُّ بحيضتين، والعبدُ يطلِّق الحرة تطليقتين، وتعتد ثلاث حِيض، وإلى هذا ذهب عثمان البتِّى.
والقولُ الثالث: أن الطلاق بالرجال، فيملِكُ الحرُّ ثلاثاً. وإن كانت زوجته أمة، والعبد ثنتين وإن كانت زوجته حرة، وهذا قولُ الشافعى ومالك وأحمد فى ظاهر كلامه، وهذا قولُ زيد بن ثابت، وعائشة، وأمِّ سلمة أمَّى المؤمنين، وعثمانَ بن عفان، وعبدِ الله بن عباس، وهذا مذهب القاسم، وسالم، وأبى سلمة، وعمر بن عبد العزيز، ويحيى بن سعيد، وربيعة، وأبى الزناد،وسليمان بن يسار، وعمرو بن شعيب، وابنِ المسيّب، وعطاء.
والقول الرابع: أن الطلاقَ بالنساء كالعِدة، كما روى شعبة عن أشعث بن سوَّار، عن الشعبى، عن مسروق، عن ابن مسعود. السنة: الطلاقُ والعِدةُ بالنساء.
وروى عبد الرزاق: عن محمد بن يحيى وغيرِ واحد، عن عيسى عن الشعبى عن اثنى عشر من صحابة النبى صلى الله عليه وسلم، قالوا: الطلاق والعِدة بالمرأة، هذا لفظُه، وهذا قولُ الحسن، وابن سيرين، وقتادة، وإبراهيم، والشعبى، وعكرمة، ومجاهد، والثورى، والحسن بن حى، وأبى حنيفة وأصحابه.
فإن قيل: فما حُكْم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذه المسألة؟ قيل: قد قال أبو داود: حدثنا محمد بن مسعود، حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن مظاهر بن أسلم، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضى الله عنها، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((طَلاَقُ الأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ، وقُرْؤُها حَيْضَتَانِ)).
وروى زكريا بن يحيى الساجى، حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسى، حدثنا عُمَرُ بن شبيب المُسْلى، حدثنا عبد الله بن عيسي، عن عطيَّة، عن ابن عمر رضى الله عنهما، قال: قال رسول الله: ((طَلاَقُ الأَمَةِ ثِنْتَانِ، وعِدَّتُها حَيْضَتَانِ)). وقال عبدُ الرزاق: حدثنا بن جريج، قال: كتب إلىَّ عبدُ الله بن زياد بن سمعان، أن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصارى، أخبره عن نافع، عن أمِّ سلمة أم المؤمنين، أن غلاماً لها طلَّق امرأةً له حرةً تطليقتين، فاستفتت أمُّ سلمة النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: ((حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيرَه))، وقد تقدَّم حديثُ عمر بن معتِّب، عن أبى حسن، عن ابن عباس رضى الله عنه، ولا يُعرف عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم غيرُ هذه الآثار الأربعة على عُجَرِهَا وبُجَرِهَا.
أما الأولُ: فقال أبو داود: هو حديث مجهول، وقال الترمذى: حديث غريب لا نعِرفه إلا من حديث مظاهر بن أسلم، ومظاهر لا يُعرف له فى العلم غيرُ هذا الحديث انتهى. وقال أبو القاسم ابن عساكر فى ((أطرافه)) بعد ذكر هذا الحديث: روى أسامةُ بن زيد بن أسلم، عن أبيه، أنه كان جالساً عند أبيه، فأتاه رسولُ الأمير، فأخبره أنه سأل القاسمَ بن محمد، وسالم بن عبد الله عن ذلك، فقالا هذا، وقالا له: إن هذا ليسَ فى كتاب الله، ولا سنةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن عَمِل به المسلمون. قال الحافظ: فدّل على أن الحديث المرفوعَ غيرُ محفوظ. وقال أبو عاصم النبيل: مظاهر ابن أسلم ضعيف، وقال يحيى بن معين: ليس بشىء، مع أنه لا يُعرف، وقال أبو حاتم الرازى: منكر الحديث. وقال البيهقى: لو كان ثابتاً لقُلنا به إلا أنّا نُثبتُ حديثاً يرويه من نجهل عدالته.
وأما الأثر الثانى: ففيه عمر بن شبيب المُسْلى ضعيف، وفيه عطية وهو ضعيف أيضاً.وأما الأثر الثالث: ففيه ابن سمعان الكذاب، وعبد الله بن عبد الرحمن مجهول.
وأما الأثر الرابع: ففيه عمر بن معتِّب، وقد تقدم الكلامُ فيه.
والذى سلم فى المسألة الآثار عن الصحابة رضى الله عنهم والقياس.
أما الآثار، فهى متعارضة كما تقدم، فليس بعضُها أولى من بعض، بقى القياسُ، وتجاذَبه طرفانِ: طرف المطلِّق، وطرف المطلَّقة. فمن راعى طرف المطَلِّق، قال: هو الذى يملِكُ الطلاق، وهو بيده، فيتنصَّفُ برقه كما يتنصَّف نصابُ المنكوحات برقه، ومن راعى طرف المطلَّقة، قال: الطلاقُ يقع عليها، وتلزمُها العدة والتحريم وتوابعُها، فَتنصَّف برقها كالعدة، ومن نصف برق أىِّ الزوجين كان راعى الأمرين، وأعملَ الشبهين، ومن كملهُ وجعله ثلاثاً رأى أن الآثار لم تثبت، والمنقولُ عن الصحابة، متعارِض، والقياسُ كذلك، فلم يتعلَّق بشىء من ذلك، وتمسَّك بإطلاق النصوص الدالة على أن الطلاق الرجعى طلقتان، ولم يُفرِّقِ اللَّهُ بين حر وعبد، ولا بينَ حرة وأمة، {ومَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيَّاً} [مريم: 64] قالوا: والحكمة التى لأجلها جعل الطلاق الرجعى اثنتين فى الحر والعبد سواءٌ، قالوا: وقد قال مالك: إن له أن ينكِحَ أربعاً كالحُرِّ، لأن حاجتَه إلى ذلك كحاجة الحر، وقال الشافعىُّ وأحمدُ: أجله فى الإيلاء كأجلِ الحر، لأن ضرر الزوجة فى الصورتين سواء. وقال أبو حنيفة: إن طلاقَه وطلاقَ الحر سواء إذا كانت امرأتاهما حرتينِ إعمالاً لإطلاق نصوص الطلاق، وعمومها للحر والعبد.
وقال أحمد بن حنبل والناسُ معه: صيامُه فى الكفارات كلِّها، وصيامُ الحر سواء، وحدُّه فى السرقة والشراب، وحدُّ الحر سواء. قالوا: ولو كانت هذه الآثارُ أو بعضُها ثابتاً، لما سبقتُمونا إليه، ولا غلبتُمونا عليه، ولو اتفقت اثارُ الصحابة لم نَعْدُهَا إلى غيرها، فإن الحقَّ لا يعدُوهم، وباللَّه التوفيق.
حُكم رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بأن الطلاق بيدِ الزوج لا بيدِ غيره
قال الله تعالى:{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49]، وقال: {وإذا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحوهُنّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] فجعل الطلاق لمن نكح، لأن له الإمساك، وهو الرجعة، وروى ابن ماجه فى ((سننه)): من حديث ابن عباس، قال: أتى النبىَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: يا رسولَ الله، سيِّدى زوَّجنى أمتَه، وهو يُريد أن يفرِّق بينى وبينَها. قال: فَصَعِدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المنبرَ، فقال: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يُزَوِّجُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، إنَّما الطَّلاَقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ)).
وقد روى عبدُ الرزاق، عن ابنِ جُريج، عن عطاء، عن ابنِ عباس رضى الله عنهما ؛ كان يقول: طلاقُ العبدِ بيدِ سيِّده، إن طلَّق، جاز، إن فرق، فهى واحدة إذا كانا له جميعاً، فإن كان العبدُ له، والأمةُ لغيره، طلَّق السيدُ أيضاً إن شاء.
وروى الثورىُّ، عن عبد الكريم الجزرى، عن عطاء، عنه: ليس طلاقُ العبد ولا فرقتُه بشىء.وذكر عبدُ الرزاق، حدثنا ابن جريج، أخبرنى أبو الزبير سمع جابراً يقول فى الأمة والعبد: سيدُهما يجمعُ بينهما ويُفرِّق.
وقضاءُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحقُّ أن يُتبع. وحديثُ ابن عباس رضى الله عنهما المتقدِّم، وإن كان فى إسناده ما فيه، فالقرآنُ يَعْضُدُه، وعليه عملُ الناس.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس