عرض مشاركة واحدة
قديم 12-19-2003, 12:43 PM   #344
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وأما الذين فرقوا بين المدخول بها وغيرها ، فلهم حجتان.

إحداهما: ما رواه أبو داود بإسناد صحيح ، عن طاووس ، أن رجلاً يقال له: أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس ، قال له: أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من إمارة عمر؟ فلما رأى عمر الناس قد تتايعوا فيها: قال: أجيزوهن عليهم.
الحجة الثانية: أنها تبين بقوله: أنت طالق ، فيصادقها ذكر الثلاث وهي بائن ، فتلغو ورأى هؤلاء أن إلزام عمر بالثلاث هو في حق المدخول بها ، وحديث أبي الصهباء في غير المدخول بها. قالوا: ففي هذا التفريق موافقة المنقول من الجانبين ، وموافقة القياس ، وقال بكل قول من هذه الأقوال جماعة من أهل الفتوى ، كما حكاه أبو محمد ابن حزم وغيره ، ولكن عدم الوقوع جملة هو مذهب الإمامية ، وحكوه عن جماعة من أهل البيت.
قال الموقعون للثلاث: الكلام معكم في مقامين.
أحدهما: تحريم جمع الثلاث. والثاني: وقوعها جملة ولو كانت محرمة ، ونحن نتكلم معكم في المقامين. فأما الأول:
فقد قال الشافعي ، وأبو ثور ، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايات عنه ، وجماعة من أهل الظاهر: إن جمع الثلاث سنة ، واحتجوا عليه بقوله تعالى: {فَإِنْ طَلّقَهَا فَلاَ تَحِلّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتّىَ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} [البقرة: 230] ، ولم يفرق بين أن تكون الثلاثُ مجموعةً، أو مفرَّقة، ولا يجوز أن نفرِّق بينَ ما جمع الله بينه، كما لا نجمع بين ما فرَّق الله بينه. وقال تعالى: {وإِنْ طَلَّقْتُموُهُنَّ مِنْ قَبْلِ أنْ تَمسُّوهُنَّ} [البقرة: 237]، ولم يفرق وقال: {لا جُناَحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُم النِّساءَ مَا لَم تَمَسُّوهُنَّ} الآية، ولم يفرق وقال: {وَللْمُطَلَّقَاتِ متَاعٌ بِالمَعْرُوفِ} [البقرة: 241]، وقال: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمّ طَلّقْتُمُوهُنّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنّ} [الأحزاب: 49]، ولم يفرق. قالوا: وفي ((الصحيحين)) ، بطلاقها. قالوا: فلو كان جمع الثلاث معصية لما أقر عليه رسول صلى الله عليه وسلم ، ولا يخلو طلاقها أن يكون قد وقع وهي امرأته ، أو حين حرمت عليه باللعان.
فإن كان الأول ، فالحجة منه ظاهرة ، وإن كان الثاني ، فلا شك أنه طلقها ، وهو يظنها امرأته ، فلو كان حراماً ، لبينها له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كانت قد حرمت عليه. قالوا: وفي صحيح البخاري ، من حديث القاسم بن محمد ، عن عائشة أم المؤمنين ، أن رجلاً طلق امرأته ثلاثاً ، فتزوجت ، فطلقت، فسئل رسول صلى الله عليه وسلم، أتحل للأول؟ قال: ((لا حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول)) ، فلم ينكر صلى الله عليه وسلم ذلك ، وهذا يدل على إباحة جمع الثلاث ، وعلى وقوعها ، إذ لو لم تقع ، لم يوقف رجوعها إلى الأول على ذوق الثاني عسيلتها.
قالوا: وفي ((الصحيحين)) من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن ، أن فاطمة بنت قيس أخبرته أن زوجها أبا حفص بن المغيرة المخزومي طلقها ثلاثاً ، ثم انطلق إلى اليمن ، فانطلق خالد بن الوليد في نفر ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة أم المؤمنين ، فقالوا: إن أبا حفص طلق امرأته ثلاثاً ، فهل لها من نفقة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس لها نفقة وعليها العدة)).
وفي ((صحيح مسلم)) في هذه القصة: قالت فاطمة ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: ((كم طلّقك))؟ قلت: ثلاثاً ، فقال: ((صدوق ليس لك نفقة)).
وفي لفظ له: قالت: يا رسول الله ، إن زوجي طلقني ثلاثاً ، وإني أخاف أن يقتحم علي.
(يتبع...)
@ وفي لفظ له: عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم في المطلقة ثلاثاً: ((ليس لها سكنى ولا نفقة)).
قالوا: وقد روى عبد الرازق في ((مصنفه)) عن يحيى بن العلاء ، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي ، عن إبراهيم بن عبيد الله بن عبادة بن الصامت ، عن داود بن عبادة بن الصامت ، قال: طلق جدي امرأة له ألف تطليقة ، فانطلق أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر له ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما اتقى الله جدك، أما ثلاث فله ، وأما تسعمائة وسبعة وتسعون فعدوان وظلم ، إن شاء الله عذبه، وإن شاء غفر له)).
ورواه بعضهم عن صدقة بن أبي عمران ، عن إبراهيم بن عبيد الله بن عبادة بن الصامت ، عن أبيه ، عن جده ، قال طلق بعض آبائي امرأته ، فانطلق بنوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: يا رسول الله ، إن أبانا طلق أمنَا إلفاً، فهل له من مخرج؟ فقال: ((إن أباكم لم يتق الله ، فيجعل له مخرجاً ، بانت منه بثلاث على غير السنة ، وتسعمائة وسبعة وتسعون إثم في عنقة)).
قالوا: وروى محمد بن شاذان ، عن معلي بن منصور ، عن شعيب ابن زريق ، أن عطاء الخراساني حدثهم عن الحسن ، قال: حدثنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أنه طلق امرأته وهي حائض ، ثم أراد أن يتبعها بطلقتين أخريين عند القرءين الباقيين ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: ((يا ابن عمر، ما هكذا أمرك الله ، أخطأت السنة))... وذكر الحديث ، وفيه ، فقلت: يا رسول الله ، لو كنت طلقتها ثلاثاً ، أكان لي أن أجمعها؟ قال: ((لا، كانت تبين وتكون معصية)).
قالوا: وقد روى أبو داود في ((سننه)): عن نافع بن عجير بن عبد يزيد بن ركانة ، أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة البتة ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والله ما أردت إلا واحدة))؟ فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة ، فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطلقها الثانية في زمن عمر ، والثالثة في زمن عثمان.
وفي جامع الترمذي: عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة ، عن أبيه ، عن جده ، أنه طلق امرأته ألبته ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما أردت بها))؟ قال: واحدة ، قال: ((آلله))، قال: آلله ، قال: ((هو على ما أردت)). قال الترمذي: لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وسألت محمداً - يعني البخاري - عن هذا الحديث؟ فقال: فيه اضطراب.
ووجه الاستدلال بالحديث ، أنه صلى الله عليه وسلم أحلفه أنه أراد بالبتة واحدة ، فدل على أنه لو أراد بها أكثر ، لوقع ما أراده ، ولو لم يفترق الحال لم يحلِّفه.
قالوا: وهذا أصح من حديث ابن جريج عن بعض بني أبي رافع عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه طلقها ثلاثاً. قال أبو داود: لأنهم ولد الرجل ، وأهله أعلم به أن ركانة إنما طلقها البتة.
قالوا: وابن جريج إنما رواه عن بعض بني أبي رافع. فإن كان عبيد الله ، فهو ثقة معروف ، وإن كان غيره من إخوته ، فمجهول العدالة لا تقوم به حجة.
قالوا: وأما طريق الإمام أحمد ، ففيها ابن إسحاق ، والكلام فيه معروف ، وقد حكى الخطابي ، أن الإمام أحمد كان يضعف طرق هذا الحديث كلها.
قالوا: وأصح ما معكم حديث أبي الصهباء عن ابن العباس ، وقد قال البيهقي: هذا الحديث أحد ما اختلف فيه البخاري ومسلم ، فأخرجه مسلم وتركه البخاري ، وأظنه تركه لمخالفته سائر الروايات عن ابن عباس ، ثم ساق الروايات عنه بوقوع الثلاث ، ثم قال: فهذه رواية سعيد بن جبير ، وعطاء بن أبي رباح ، ومجاهد وعكرمة ، وعمرو بن دينار ، ومالك بن الحارث ، ومحمد بن إياس بن البكير ، قال: ورويناه عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري ، كلهم عن ابن عباس ، أنه أجاز الثلاث وأمضاهن.


 

رد مع اقتباس