عرض مشاركة واحدة
قديم 12-16-2003, 07:59 PM   #10
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



فصل

وثبت فى ((صحيح مسلم)) أنه صلى الله عليه وسلم كان يُنْبَذُ له أوَّل الليل ، ويشربُه إذا أصبح يومَه ذلك ، والليلةَ التى تجىءُ ، والغَد ، واللَّيلةَ الأُخرى ، والغَد إلى العصر ، فإن بقى منه شىءٌ سقاه الخادِمَ ، أو أمر به فَصُبَّ .
وهذا النبيذ : هو ما يُطرح فيه تمرٌ يُحليه ، وهو يدخل فى الغذاء والشراب ، وله نفع عظيم فى زيادة القوة ، وحفظِ الصحة ، ولم يكن يشربه بعدَ ثلاث خوفاً من تغيُّره إلى الإسكار .


فصل

فى تدبيره صلى الله عليه وسلم الملبس
وكان من أتم الهَدْى ، وأنفعه للبدن ، وأخفِّه عليه ، وأيسره لُبساً وخَلعاً ، وكان أكثر لُبسه الأردية والأُزُر ، وهى أخفُّ على البدن من غيرها ، وكان يلبسُ القميص ، بل كان أحبَّ الثياب إليه .
وكان هَديُه فى لُبسه لما يلبَسُه أنفَعُ شىء للبدن ، فإنه لم يكن يُطيل أكمامه ، ويُوسِعُها ، بل كانت كُمُّ قميصه إلى الرُّسْغ لا يُجاوز اليد ، فتشق على لابسها ، وتمنعُه خِفَّة الحركة والبطش ، ولا تقصُرُ عن هذه ، فتبرز للحر والبرد .
وكان ذيلُ قميصه وإزاره إلى أنصاف الساقين لم يتجاوز الكعبين ، فيؤذىَ الماشى ويَؤُوده ، ويجعله كالمقيَّد ، ولم يقصُرْ عن عَضلة ساقيه ، فتنكشفَ ويتأذَّى بالحر والبرد .
ولم تكن عِمامته بالكبيرة التى يؤذى الرأس حملُها ، ويضعفُه ويجعله عُرْضةً للضعف والآفات ، كما يُشَاهَد من حال أصحابها ، ولا بالصغيرة التى تقصرُ عن وقاية الرأس من الحر والبرد ؛ بل وَسَطاً بين ذلك ، وكان يُدخلها تحت حَنكه ، وفى ذلك فوائدُ عديدة : فإنها تقى العنق الحر والبرد ، وهو أثبت لها ، ولا سِيَّما عِند ركوب الخيل والإبل ، والكرِّ والفرِّ ، وكثير من الناس اتخذ الكلاَليب عوضاً عن الحنك ، ويا بُعدَ ما بينهما فى النفع والزينة ، وأنت إذا تأملت هذه اللُّبسة وجدتها من أنفع اللُّبسات وأبلغِها فى حفظ صحة البدن وقوته ، وأبعدها من التكلف والمشقة على البدن .
وكان يلبسُ الخِفاف فى السفر دائماً ، أو أغلب أحواله لِحاجة الرِّجلين إلى ما يقيهما من الحر والبرد ، وفى الحَضَر أحياناً .
وكان أحبُّ ألوان الثياب إليه البياضَ ، والحِبَرَة ، وهى : البرود المحبَّرة .
ولم يكن مِن هَدْيه لُبس الأحمر ، ولا الأسود ، ولا المصبَّغ ، ولا المصقول
وأما الحُلَّة الحمراء التى لبسها ، فهى الرداءُ اليمانىُّ الذى فيه سوادٌ وحُمرة وبياض ، كالحُلَّةِ الخضراء ، فقد لبس هذه وهذه ، وقد تقدَّم تقريرُ ذلك ، وتغليطُ مَن زعم أنه لبس الأحمر القانى بما فيه كفاية .


فصل

فى تدبيره صلى الله عليه وسلم لأمر المسكن

لـمَّا علم صلى الله عليه وسلم أنه على ظهرِ سيرٍ ، وأن الدنيا مرحلةُ مسافرٍ ينزلُ فيها مُدَّة عمره ، ثم ينتقلُ عنها إلى الآخرة ، لم يكن من هَديه وهَدى أصحابه ومن تبعه الاعتناءُ بالمساكن وتشييدها ، وتعليتها وزَخرفتها وتوسِيعها ، بل كانت من أحسن منازل المسافر تقى الحر والبرد ، وتسترُ عن العيون ، وتمنعُ من ولوج الدوابِّ ، ولا يُخاف سقوطُها لفرطِ ثقلها ، ولا تُعشش فيها الهوام لِسعتها ولا تعتَوِرُ عليها الأهوية والرياح المؤذية لارتفاعها ، وليست تحت الأرض فتؤذىَ ساكنها ، ولا فى غاية الارتفاع عليها ، بل وسط ، وتلك أعدلُ المساكن وأنفعُها ، وأقلُّها حراً وبرداً ، ولا تضيقُ عن ساكنها ، فينحصِر ، ولا تفضل عنه بغير منفعة ولا فائدة ، فتأوَى الهوامُّ فى خلوها ، ولم يكن فيها كُنُفٌ تُؤذى ساكنها برائحتها ، بل رائحتها من أطيب الروائح لأنه كان يُحبُّ الطيب ، ولا يزال عنده ، وريحه هو من أطيب الرائحة ، وعَرَقُه من أطيب الطيب ، ولم يكن فى الدار كَنِيفٌ تظهر رائحتُه ، ولا ريبَ أنَّ هذه من أعدل المساكن وأنفعها وأوفقها للبدن ، وحفظِ صحته .


فصل

فى تدبيره صلى الله عليه وسلم لأمر النوم واليقظة

مَن تدبَّر نومه ويقظَته صلى الله عليه وسلم وجدَه أعدلَ نوم ، وأنفعَه للبدن والأعضاء والقُوى ، فإنه كان ينام أوَّلَ الليل ، ويستيقظ فى أول النصف الثانى ، فيقومُ ويَستاك ، ويتوضأ ويُصَلِّى ما كتبَ اللهُ له ، فيأخذُ البدن والأعضاء والقُوَى حظَّها من النوم والراحة ، وحظَّها من الرياضة مع وُفورِ الأجر ، وهذا غايةُ صلاح القلب والبدن ، والدنيا والآخرة . ولم يكن يأخذ من النوم فوقَ القدر المحتاج إليه ، ولا يمنع نفسه من القدر المحتاج إليه منه ، وكان يفعلُه على أكمل الوجوه ، فينامُ إذا دعتْه الحاجةُ إلى النوم على شِقِّه الأيمن ، ذاكراً الله حتى تغلبه عيناه ، غيرَ ممتلئ البدنِ من الطعام والشراب ، ولا مباشرٍ بجنبه الأرضَ ، ولا متخذٍ للفُرش المرتفعة ، بل له ضِجَاع من أُدم حشوهُ ليف ، وكان يَضطجع على الوِسادة ، ويضع يده تحت خدِّه أحياناً . ونحن نذكر فصلاً فى النوم ، والنافع منه والضار
فنقول : النوم حالة للبدن يَتبعُها غوْر الحرارةِ الغريزية والقُوى إلى باطن البدن لطلب الراحة ، وهو نوعان : طبيعى ، وغيرُ طبيعى .
فالطبيعى : إمساك القُوى النفسانية عن أفعالها ، وهى قُوَى الحِسِّ والحركة الإرادية ، ومتى أمسكتْ هذه القُوَى عن تحريك البدن اسْتَرخى ، واجتمعتْ الرطوباتُ والأبخرةُ التى كانت تتحلَّل وتتفرَّق بالحركات واليقظة فى الدماغ الذى هو مبدأ هذه القُوَى ، فيتخدَّرُ ويَسترخِى ، وذلك النومُ الطبيعى .
وأمَّا النومُ غيرُ الطبيعى ، فيكونُ لعَرض أو مرض ، وذلك بأن تستولىَ الرطوباتُ على الدماغ استيلاءً لا تقدِرُ اليقظةُ على تفريقها ، أو تصعد أبخرةٌ رَطبة كثيرة كما يكون عقيبَ الامتلاء مِن الطعام والشراب ، فتُثقِلُ الدماغ وتُرخيه ، فَيتخدَّرَ ، ويقع إمساكُ القُوَى النفسانية عن أفعالها ، فيكون النوم .


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس