عرض مشاركة واحدة
قديم 12-16-2003, 07:57 PM   #264
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وقد روى الترمذىُّ فى ((جامعه)) عنه صلى الله عليه وسلم : ((لا تَشْرَبُوا نَفَساً واحداً كَشُرْبِ البَعيرِ ، ولكن اشرَبُوا مَثْنَى وثُلاثَ ، وسمُّوا إذا أنتم شَرِْبُتم واحْمَدُّوا إذَا أنتُمْ فَرَغْتُمْ)) .
وللتسمية فى أول الطعام والشراب ، وحمد الله فى آخره تأثيرٌ عجيب فى نفعه واستمرائه ، ودفع مَضَرَّته .
قال الإمام أحمد : إذا جمع الطعام أربعاً ، فقد كَمُل : إذا ذُكِرَ اسمُ الله فى أوله ، وحُمِدَ اللهُ فى آخره ، وكثرتْ عليه الأيدى ، وكان من حِلٍّ .


فصل

وقد روى مسلم فى ((صحيحه)) من حديث جابر بن عبد الله ، قال : سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((غطُّوا الإناءَ ، وأَوْكُوا السِّقاءَ ، فإنَّ فى السَّنَةِ لَيْلَةً ينزِلُ فِيهَا وِباءٌ لا يَمُرُّ بإناءٍ ليس عليه غِطَاءٌ ، أو سِقاءٍ ليس عليه وِكاءٌ إلا وَقَعَ فيه من ذلك الدَّاء)) .
وهذا مما لا تنالُه علوم الأطباء ومعارفُهم ، وقد عرفه مَن عرفه من عقلاء الناس بالتجربة . قال اللَّيث بن سعد أحدُ رواة الحديث : الأعاجمُ عندنا يتَّقون تلك الليلة فى السنة ، فى كانُونَ الأول منها .
وصَحَّ عنه أنه أمرَ بتخمير الإناء ولو أن يَعرِضَ عليه عُوداً . وفى عرض العود عليه من الحكمة ، أنه لا ينسى تخميرَه ، بل يعتادُه حتى بالعود ، وفيه : أنه ربما أراد الدُّبَيِّب أن يسقط فيه ، فيمرُّ على العود ، فيكون العودُ جسراً له يمنعه من السقوط فيه.
وصَحَّ عنه أنه أمرَ عند إيكاءِ الإناء بذكر اسم الله ، فإنَّ ذِكْر اسم الله عند تخمير الإناء يطرد عنه الشيطان ، وإيكاؤُه يطرد عنه الهَوامَّ ، ولذلك أمر بذكر اسم الله فى هذين الموضعين لهذين المعنيين .
وروى البخارى فى ((صحيحه)) من حديث ابن عباس ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشُّرب مِنْ في السِّقاء .
وفى هذا آدابٌ عديدة ، منها : أنَّ تردُّدَ أنفاس الشارب فيه يُكسبه زُهومة ورائحة كريهة يُعاف لأجلها . ومنها : أنه ربما غلب الداخِلُ إلى جوفه من الماء ، فتضرَّر به . ومنها : أنه ربما كان فيه حيوان لا يشعر به،فيؤذيه . ومنها : أنَّ الماء ربما كان فيه قَذاةٌ أو غيرُها لا يراها عند الشرب ، فتَلِج جوفه . ومنها : أنَّ الشرب كذلك يملأ البطن من الهواء ، فيضيقُ عن أخذ حظَّه من الماء ، أو يُزاحمه ، أو يؤذيه ، ولغير ذلك من الحِكَم.
فإن قيل : فما تصنعون بما فى ((جامع الترمذي)) : أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دعا بإداوة يومَ أُحُد ، فقال : ((اخْنُثْ فَمَ الإدَاوَة)) ، ثُمَّ شَرِبَ منها مِن فَيّهَا .قلنا : نكتفى فيه بقول الترمذى : هذا حديثٌ ليس إسناده بصحيح ، وعبد الله ابن عمر العُمرىُّ يُضعَّفُ من قِبلِ حفظه ، ولا أدرى سمع من عيسى ، أو لا ... انتهى . يريد عيسى بن عبد الله الذى رواه عنه ، عن رجل من الأنصار .


فصل

وفى ((سنن أبى داود)) من حديث أبى سعيد الخُدرىِّ ، قال : ((نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الشُّرب من ثُلْمَةِ القَدَحِ ، وأن ينفُخَ فى الشَّراب)) . وهذا من الآداب التى تتم بها مصلحةُ الشارب ، فإن الشُّرب من ثُلْمِة القَدَح فيه عِدَّةُ مفاسد :

أحدها : أنَّ ما يكون على وجه الماء من قَذىً أو غيره يجتمع إلى الثُّلْمة بخلاف الجانب الصحيح .

الثانى : أنَّه ربما شوَّش على الشارب ، ولم يتمكن من حسن الشرب من الثُّلْمة .

الثالث : أنَّ الوسخ والزُّهومة تجتمِعُ فى الثُّلْمة ، ولا يصل إليها الغَسلُ ، كما يصل إلى الجانب الصحيح .

الرابع : أنَّ الثُّلْمة محلُّ العيب فى القَدَح ، وهى أردأُ مكان فيه ، فينبغى تجنُّبه ، وقصدُ الجانب الصحيح ، فإنَّ الردىء من كل شىء لا خير فيه ، ورأى بعض السَّلَف رجلاً يشترى حاجة رديئة ، فقال : لا تفعل ، أما عَلِمتَ أنَّ اللهَ نزع البركة من كل ردىء .

الخامس : أنَّه ربما كان فى الثُّلْمة شقٌ أو تحديدٌ يجرح فم الشارب ، ولغيرِ هذه من المفاسد .
وأما النفخ فى الشراب .. فإنه يُكسِبُه من فم النافخ رائحةٌ كريهةٌ يُعاف لأجلها ، ولا سِيَّما إن كان متغيِّرَ الفم . وبالجملة : فأنفاس النافخ تُخالطه ، ولهذا جمع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين النهى عن التنفُّس فى الإناء والنفخ فيه ، فى الحديث الذى رواه الترمذىُّ وصحَّحه ، عن ابن عباس رضى الله عنهما ، قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُتنفَّسَ فى الإناء ، أو يُنْفَخَ فيه .
فإن قيل : فما تصنعون بما فى ((الصحيحين)) من حديث أنس ، ((أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتنفَّسُ فى الإناء ثلاثاً)) ؟ .
قيل : نُقابلُه بالقبول والتسليم ، ولا مُعارضة بينه وبين الأول ، فإن معناه أنه كان يتنفس فى شربه ثلاثاً ، وَذَكَرَ الإناءَ لأنه آلة الشرب ، وهذا كما جاء فى الحديث الصحيح : أنَّ إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات فى الثَّدْى ، أى : فى مُدة الرَّضاع .


فصل

وكان صلى الله عليه وسلم يشرب اللَّبن خالصاً تارةً ، ومُشَوباً بالماء أُخرى . وفى شرب اللَّبن الحلو فى تلك البلاد الحارة خالصاً ومَشوباً نفعٌ عظيم فى حفظ الصحة ، وترطيبِ البدن ، ورَىِّ الكبد ، ولا سِيَّما اللبنَ الذى ترعى دوابُّه الشيحَ والقَيْصومَ والخُزَامَى وما أشبهها ، فإن لبنها غذاءٌ مع الأغذية ، وشرابٌ مع الأشربة ، ودواءٌ مع الأدوية .
وفى جامع ((الترمذى)) عنه صلى الله عليه وسلم : ((إذا أكل أحدكم طعاماً فيلقُلْ : اللَّهُمَّ بارِكْ لنا فيه ، وأطْعِمنا خيراً منه ، وإذا سُقى لبناً فليقل : اللَّهُمَّ بارِكْ لنا فيه ، وزِدْنا منه ، فإنه ليس شىءٌ يُجْزِئُ منَ الطعام والشرابِ إلاَّ اللبنُ)) . قال الترمذى : هذا حديث حسن .


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس