الموضوع
:
زاد المعاد في هدي خير العباد
عرض مشاركة واحدة
12-16-2003, 08:11 PM
#
253
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
481
تاريخ التسجيل :
Sep 2003
أخر زيارة :
05-14-2017 (06:24 PM)
المشاركات :
1,039 [
+
]
التقييم :
1
لوني المفضل :
Cadetblue
فصل
فى ستر محاسن مَن يُخاف عليه العَيْن بما يردها عنه
ومن علاج ذلك أيضاً والاحتراز منه سترُ محاسن مَن يُخاف عليه العَيْن بما يردُّها عنه ، كما ذكر البغوىُّ فى كتاب ((شرح السُّـنَّة)) : أنَّ عثمان رضى الله عنه رأى صبياً مليحاً ، فقال : دَسِّمُوا نُونَتَه ، لئلا تُصيبه العَيْن ، ثم قال فى تفسيره : ومعنى ((دسِّمُوا نونته)) أى : سَوِّدُوا نونته ، والنونة : النُّقرة التى تكون فى ذقن الصبىِّ الصغير .
وقال الخطَّابى فى ((غريب الحديث)) له عن عثمان : إنه رأى صبياً تأخذه العَيْن ، فقال : دسِّموا نونته . فقال أبو عمرو : سألت أحمد بن يحيى عنه ، فقال : أراد بالنونة : النُّقرة التى فى ذقنه . والتدسيمُ : التسويد . أراد : سَوِّدُوا ذلك الموضع من ذقنه ، ليرد العَيْن . قال ومن هذا حديثُ عائشةَ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب ذاتَ يومٍ ، وعلى رأسهِ عِمامةٌ دَسْماء أى : سوداء أراد الاستشهاد على اللَّفظة ، ومن هذا أخذ الشاعرُ قَوله :
مَا كَانَ أَحْوَجَ ذَا الْكَمَالِ إلَى *** عَيبٍ يُوَقِّيـهِ مِـنَ الْعَيْنِ
فصل
فى الرُّقَى التى ترد العَيْن
ومن الرُّقَى التى تردُّ العَيْن ما ذُكر عن أبى عبد الله السَّاجى ، أنه كان فى بعض أسفاره للحج أو الغزو على ناقة فارِهَةٍ ، وكان فى الرفقة رجل عائن ، قلَّما نظر إلى شىء إلا أتلفه ، قيل لأبى عبد الله : احفَظْ ناقَتكَ مِنَ العائِن ، فقال : ليس له إلى ناقتى سبيل ، فأُخْبِرَ العائِنُ بقوله ، فتَحيَّنَ غَيبة أبى عبد الله ، فجاء إلى رَحْله ، فنَظر إلى الناقةَ ، فاضطربتْ وسقطت ، فجاء أبو عبد الله ، فأُخْبِرَ أنَّ العائِنَ قد عانها ، وهى كما ترى ، فقال : دُلُّونى عليه . فدُلَّ ، فوقف عليه، وقال : بسمِ اللهِ ، حَبْسٌ حابسٌ ، وحَجَرٌ يابِسٌ ، وشِهابٌ قابِسٌ ، ردَّت عين العائن عليه ، وعلى أحبِّ الناس إليه ، {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ}[الملك : 3-4] فخرجتْ حَدَقَتا العائنِ ، وقامت الناقةُ لا بأسَ بها .
فصل
فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى العلاج العام لكل شكوى بالرُّقية الإلهية
روى أبو داود فى ((سننه)) : من حديث أبى الدرداء ، قال : سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول : ((مَن اشتكى منكم شيئاً ، أو اشتكاهُ أخٌ له فلْيقُلْ : رَبَّنا اللهَ الذى فى السَّماء ، تقدَّسَ اسْمُكَ ، أَمْرُكَ فى السَّماء والأرضِ كما رَحْمَتُك فى السَّماءِ ، فاجعل رحمتكَ فى الأرض ، واغفر لنا حُوْبَنَا وخطايانا أنتَ ربُّ الطَّيِّبِين ، أنْزِلْ رحمةً من رحمتك ، وشفاءً من شفائك على هذا الوَجَع ، فيَبْرأ بإذْنِ اللهِ)) .
وفى ((صحيح مسلم)) عن أبى سعيد الخُدْرِى ، أنَّ جبريلَ عليه السلام أتى النبىَّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمدُ ؛ أشتكيْتَ ؟ فقال : ((نعم)) . فقال جبريلُ عليه السلام : ((باسمِ اللهِ أَرقيكَ مِن كُلِّ شىءٍ يُؤذيكَ ، مِن شَرِّ كُلِّ نفْسٍ أو عَيْن حاسدٍ اللهُ يَشفيكَ ، باسمِ اللهِ أرقيكَ)) .
فإن قيل : فما تقولون فى الحديث الذى رواه أبو داود : ((لا رُقيةَ إلا من عَيْنٍ، أو حُمَةٍ)) ، والحُمَةُ : ذوات السُّموم كلها ؟
فالجواب : أنه صلى الله عليه وسلم لم يُرِدْ به نفىَ جواز الرُّقية فى غيرها ، بل المرادُ به : لا رُقية أولى وأنفعُ منها فى العَيْن والحُمَة ، ويدل عليه سياقُ الحديث ، فإنَّ سهل ابن حُنيف قال له لما أصابته العَيْن : أوَ فى الرُّقَى خير ؟ فقال : ((لا رُقيةَ إلا فى نَفْسٍ
أو حُمَةٍ)) ويدل عليه سائرُ أحاديث الرُّقَى العامة والخاصة ، وقد روى أبو داود من حديث أنس قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ((لا رُقْيَةَ إلا مِن عَيْنٍ ، أو حُمَةٍ ، أو دَمٍ يَرْقأُ)) .
وفى ((صحيح مسلم)) عنه أيضاً
(رخَّص رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فى الرُّقية من العَيْن والحُمَةِ والنَّمْلَةِ)) .
فصل
فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى رُقْيَة اللَّدِيغ بالفاتحة
أخرجا فى ((الصحيحين)) من حديث أبى سعيد الخدرى ، قال : ((انْطلَقَ نَفَرٌ من أصحابِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم فى سفرةٍ سافرُوها حتى نزلوا على حىٍّ مِن أحياءِ العرب ، فاسْتَضَافوهم ، فأبَوْا أن يُضَيِّفُوهُم ، فلُدِغَ سَيِّدُ ذلك الحىِّ ، فَسَعَوْا له بكُلِّ شىء لا يَنْفَعُه شىء ، فقال بعضهم : لو أتيتُم هؤلاءِ الرَّهطَ الذين نزلوا لعلهم أن يكون عند بعضهم شىء . فأتوهم ، فقالوا : يا أيُّهَا الرَّهطُ ؛ إنَّ سَيِّدَنا لُدِغَ ، وسَعينا له بكُلِّ شىء لا يَنْفَعُهُ ، فَهَلْ عِنْدَ أحدٍ منكم من شىء ؟ فقال بعضُهم : نعم واللهِ إنى لأَرْقى ، ولكن اسْتَضَفْناكُمْ ، فلم تَضيِّفُونَا ، فما أنا بَرَاقٍ حتى تَجْعَلُوا لنا جُعْلاً ، فصالَحُوهم على قطيعٍ من الغنم ، فانطلَقَ يَتْفُل عليه ، ويقرأ : {الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }، فكأنما أُنشِطَ من عِقَالٍ ، فانطلق يمشى وما به قَلَبَةٌ، قال : فأوفَوْهُم جُعْلَهُم الذى صالحوهم عليه ، فقال بعضُهم : اقتسِمُوا ، فقال الذى رَقَى : لا تفعلوا حتى نأتىَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فنذكُرَ له الذى كان ، فننظُرَ ما يأمرُنا ، فَقَدِمُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكروا له ذلك ، فقال : ((وما يُدْريكَ أنَّها رُقْيَةٌ)) ؟ ، ثم قال : ((قد أصَبْتُم ، اقسِمُوا واضْرِبوا لى مَعَكُم سهماً)) .
وقد روى ابن ماجه فى ((سننه)) من حديث على قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((خَيْرُ الدَّوَاءِ القُرآنُ)) .
ومن المعلوم أنَّ بعض الكلام له خواصُّ ومنافعُ مُجرَّبة ، فما الظنُّ بكلام ربّ العالمين ، الذى فَضْلُهُ على كل كلامٍ كفضلِ اللهِ على خلقه الذى هو الشفاءُ التام ، والعِصْمةُ النافعة ، والنورُ الهادى ، والرحمة العامة ، الذى لو أُنزِلَ على جبل لتَصَدَّعَ من عظمته وجلالته . قال تعالى : {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}[الإسراء : 82] . و((مِن)) ههنا لبيان الجنس لا للتبعيض ، هذا أصَحُّ القولين ، كقوله تعالى : {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرَاً عَظِيماً}[الفتح :29] وكُلُّهُمْ مِن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فما الظنُّ بفاتحة الكتاب التى لم يُنزل فى القرآن ، ولا فى التوراة ، ولا فى الإنجيل ، ولا فى الزَّبور مِثلُها ، المتضمنة لجميع معانى كتب الله ، المشتملة على ذكر أُصول أسماء الرب تعالى ومجامعها ، وهى : الله ، والرَّب ، والرحمن ، وإثبات المعاد، وذكرِ التوحيدين : توحيدِ الربوبية ، وتوحيدِ الإلهية ، وذكر الافتقار إلى الربِّ سُبحانه فى طلبِ الإعانة وطلب الهداية ، وتخصيصه سبحانه بذلك ، وذكر أفضل الدعاء على الإطلاق وأنفعِهِ وأفرَضِه ، وما العبادُ أحوج شىءٍ إليه ، وهو الهدايةُ إلى صِراطه المستقيم ، المتضمن كمالَ معرفته وتوحيده وعبادته بفعل ما أمرَ به ، واجتنابِ ما نَهَى عنه ، والاستقامة عليه إلى الممات ، ويتضمن ذِكْر أصنافِ الخلائق وانقسامهم إلى مُنْعمٍ عليه بمعرفة الحق ، والعمل به ، ومحبته ، وإيثاره ، ومغضوب عليه بعدُوله عن الحق بعد معرفته له ، وضال بعدم معرفته له. وهؤلاء أقسامُ الخليقة مع تضمنها لإثبات القَدَر ، والشرع ، والأسماء ، والصفات ، والمعاد ، والنبوات ، وتزكيةِ النفوس ، وإصلاح القلوب ، وذكر عدل الله وإحسانه ، والرَّدِّ على جميع أهل البدع والباطل ، كما ذكرنا ذلك فى كتابنا الكبير ((مدارج السالكين)) فى شرحها . وحقيقٌ بسورةٍ هذا بعضُ شأنها ، أن يُستشفى بها من الأدواء ، ويُرقَى بها اللَّديغُ .
وبالجملة .. فما تضمنته الفاتحةُ مِن إخلاص العبودية والثناء على اللهِ ، وتفويضِ الأمر كُلِّه إليه ، والاستعانة به ، والتوكل عليه ، وسؤاله مجامع النِّعَم كُلِّها ، وهى الهداية التى تجلبُ النِّعَم ، وتدفَعُ النِّقَم ، من أعظم الأدوية الشافية الكافية .
وقد قيل : إنَّ موضع الرُّقْيَة منها :{إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة : 4] ، ولا ريبَ أنَّ هاتين الكلمتين من أقوى أجزاء هذا الدواء ، فإنَّ فيهما من عموم التفويض والتوكل ، والالتجاء والاستعانة ، والافتقارِ والطلبِ ، والجمع بين أعلى الغايات ، وهى عبادةُ الربِّ وحده ، وأشرف الوسائل وهى الاستعانةُ به على عبادته ما ليس فى غيرها ، ولقد مرَّ بى وقت بمكة سَقِمْتُ فيه ، وفَقَدْتُ الطبيبَ والدواء ، فكنت أتعالج بها ، آخذ شربةً من ماء زمزم ، وأقرؤها عليها مراراً ، ثم أشربه ، فوجدتُ بذلك البرءَ التام ، ثم صِرتُ أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع ، فأنتفع بها غايةَ الانتفاع .
الــــــــalwaafiــــــــوافي
فترة الأقامة :
8135 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
1
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
0.13 يوميا
الalwaafiـوافي
مشاهدة ملفه الشخصي
زيارة موقع الalwaafiـوافي المفضل
البحث عن كل مشاركات الalwaafiـوافي