عرض مشاركة واحدة
قديم 12-16-2003, 07:49 PM   #6
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (06:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



فصل

فى أنَّ الأدوية الإلهية هى أنفع علاجات السِّحر
ومن أنفع علاجات السِّحر الأدوية الإلهية، بل هى أدويتُه النافعة بالذات، فإنه من تأثيرات الأرواح الخبيثة السُّفْلية، ودفعُ تأثيرها يكون بما يُعارِضُها ويُقاومها من الأذكار، والآيات، والدعواتِ التى تُبْطِلُ فعلها وتأثيرها، وكلما كانت أقوى وأشدّ، كانت أبلغَ فى النُّشْرةِ، وذلك بمنزلة التقاءِ جيشين مع كلِّ واحدٍ منهما عُدَّتُه وسلاحُه، فأيُّهما غلب الآخر، قهره، وكان الحكم له، فالقلبُ إذا كان ممتلئاً من الله مغموراً بذكره، وله من التوجُّهات والدعوات والأذكار والتعوُّذات وردٌ لا يُخِلُّ به يُطابق فيه قلبه لسانه، كان هذا مِن أعظم الأسباب التى تمنع إصابة السِّحر له، ومن أعظم العلاجات له بعد ما يُصيبه.

وعند السَّحَرَة: أنَّ سِحرَهم إنما يَتِمُّ تأثيره فى القلوب الضعيفة المنفعِلة، والنفوس الشهوانية التى هى معلَّقةٌ بالسُّفليات، ولهذا فإن غالب ما يؤثِّر فى النساءِ، والصبيان، والجُهَّال، وأهل البوادى، ومَن ضَعُف حظُّه من الدين والتوكل والتوحيد، ومَن لا نصيبَ له من الأوراد الإلهية والدعوات والتعوُّذات النبوية.

وبالجملة.. فسلطانُ تأثيرِه فى القُلوب الضعيفة المنفعلة التى يكون ميلُها إلى السُّفليات، قالوا: والمسحورُ هو الذى يُعين على نفسه، فإنَّا نجد قلبه متعلقاً بشىء كثير الالتفات إليه، فيتسلَّط على قلبه بما فيه مِن الميل والالتفات، والأرواح الخبيثة إنما تتسلَّطُ على أرواح تلقاها مستعِدَّة لتسلُّطِها عليها بميلها إلى ما يناسب تلك الأرواح الخبيثة، وبفراغِها من القوة الإلهية، وعدم أخذها للعُدَّة التى تُحاربها بها، فتجدها فارغة لا عُدَّة معها، وفيها مَيلٌ إلى ما يُناسبها؛ فتتسلَّط عليها، ويتمَكَّن تأثيرُها فيها بالسِّحر وغيره.. والله أعلم.


فصل

فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى الاستفراغ بالقىء

روى الترمذىُّ فى ((جامعه)) عن مَعدان بن أبى طلحةَ، عن أبى الدرداء: أنَّ النبى صلى الله عليه وسلم قاءَ، فتوضَّأ فلقيتُ ثَوْبان فى مسجد دِمَشق، فذكرتُ له ذلك، فقال: صَدَقَ، أنا صَبَبْتُ له وَضُوءَه. قال الترمذى: وهذا أصح شىء فى الباب.

القىءُ: أحد الاستفراغات الخمسة التى هى أُصول الاستفراغ، وهى: الإسهال، والقىء، وإخراج الدم، وخروج الأبخرة والعَرق. وقد جاءت بها السُّـنَّة.

فأما الإسهال.. فقد مرَّ فى حديث: ((خيرُ ما تداويتم به المَشِىُّ)) وفى حديث ((السَّنا)). وأما إخراج الدم.. فقد تقدَّم فى أحاديث الحِجامة.

وأما استفراغ الأبخرة.. فنذكره عقيبَ هذا الفصل إن شاء الله.

وأما الاستفراغ بالعَرق.. فلا يكون غالباً بالقصد، بل بدفع الطَّبيعة له إلى ظاهر الجسد، فيُصادف المسامَّ مفتَّحةً، فيخرج منها.

والقىءُ استفراغٌ من أعلا المَعِدَة، والحُقنة من أسفلها، والدواءُ من أعلاها وأسفلها.

والقىءُ نوعان: نوعٌ بالغَلَبة والهَيجان، ونوعٌ بالاستدعاء والطلب.

فأما الأول: فلا يَسُوغُ حبسُه ودفعه إلا إذا أفرط وخِيف منه التلفُ، فيُقطع بالأشياء التى تُمسكه. وأما الثانى: فأنفعُه عند الحاجة إذا رُوعى زمانُه وشروطه التى تُذكر.

وأسباب القىء عشرة..

أحدها: غلبة المِرَّة الصفراء، وطُفوُّها على رأس المعدة، فتطلب الصعودَ.

الثانى: من غلبة بلغم لَزِجٍ قد تحرَّك فى المَعِدَة، واحتاج إلى الخروج.

الثالث: أن يكون مِن ضعف المَعِدَة فى ذاتها، فلا تَهْضم الطعام، فتقذفه إلى جهة فوق

الرابع: أن يُخالطها خلط ردىء ينصبُّ إليها، فيسىء هضمَها، ويُضعف فعلها

الخامس: أن يكون من زيادة المأكول أو المشروب على القدر الذى تحتمله المَعِدَة، فتعجز عن إمساكه، فتطلب دفعه وقذفه.

السادس: أن يكون مِن عدم موافقة المأكول والمشروب لها، وكراهِتها له، فتطلب دفعه وقذفه.

السابع: أن يحصُل فيها ما يُثوِّر الطعامَ بكيفيته وطبيعته، فتقذف به.

الثامن: القَرَف، وهو مُوجِب غثَيانِ النفس وتَهَوُّعِها.

التاسع: من الأعراض النفسانية، كالهمِّ الشديد، والغم، والحزن، وغلبة اشتغال الطبيعة والقُوَى الطبيعية به، واهتمامها بوروده عن تدبير البدن، وإصلاح الغِذاء، وإنضاجه، وهضمه، فتقذِفُه المَعِدَة، وقد يكون لأجل تحرُّك الأخلاط عند تخبُّط النفس، فإن كل واحد من النفس والبدن ينفعل عن صاحبه، ويؤثر فى كيفيته.

العاشر: نقل الطبيعة بأن يرى مَن يتقيأ، فيغلبه هو القىء من غير استدعاء، فإن الطبيعة نَقَّالة.

وأخبرنى بعض حُذَّاق الأطباء، قال: كان لى ابن أُخت حَذِق فى الكحْل، فجلس كحَّالاً. فكان إذا فتح عينَ الرجل، ورأى الرَّمد وكحَّله، رَمِد هو، وتكرر ذلك منه، فترك الجلوسَ. قلتُ له: فما سببُ ذلك ؟ قال: نقلُ الطبيعة، فإنها نَقَّالة، قال: وأعرِفُ آخرَ، كان رأى خُراجاً فى موضع من جسم رجل يحكُّه، فحك هو ذلك الموضع، فخرجت فيه خُراجة.

قلتُ: وكلُّ هذا لا بد فيه من استعداد الطبيعة، وتكون المادة ساكنةً فيها غير متحركة، فتتحرك لسبب من هذه الأسباب، فهذه أسبابٌ لتحرك المادة لا أنها هى الموجبة لهذا العارض.


فصل

فى أنَّ القىء أنفع فى البلاد الحارة والإسهال أنفع فى البلاد الباردة

ولما كانت الأخلاط فى البلاد الحارة، والأزمنة الحارة تَرِقُّ وتنجذب إلى فوق، كان القىء فيها أنفع. ولما كانت فى الأزمنة الباردة والبلاد الباردة تغلُظ، ويصعب جذبها إلى فوق، كان استفراغُها بالإسهال أنفع.

وإزالة الأخلاط ودفعها تكون بالجذب والاستفراغ، والجذبُ يكون من أبعد الطُرُق، والاستفراغُ مِن أقربها، والفرق بينهما أنَّ المادة إذا كانت عاملة فى الانصباب أو الترقى لم تستقر بعد، فهى محتاجة إلى الجذب، فإن كانت متصاعدة جذبَتْ من أسفل، وإن كانت منصَبَّة جذبَتْ مِن فوق، وأما إذا استقرت فى موضعها، استُفرغت مِن أقرب الطرق إليها، فمتى أضرَّت المادة بالأعضاء العليا، اجتُذبت من أسفل، ومتى أضرَّت بالأعضاء السفلى، اجتُذبت من فوق، ومتى استقرت، استُفرغت من أقرب مكان إليها، ولهذا احتجم النبىُّ صلى الله عليه وسلم على كاهِله تارة، وفى رأسه أُخرى، وعلى ظهر قدمه تارة، فكان يستفرِغُ مادة الدم المؤذى من أقرب مكان إليه.. والله أعلم.


فصل

فى بعض فوائد القىء

والقىءُ يُنقِّى المَعِدَة ويُقوِّيها، ويُحِدُّ البصر، ويزيل ثقل الرأس، وينفع قروح الكُلَى، والمثانة، والأمراض المزمنة: كالجذام، والاستسقاء، والفالِج، والرَّعشة، وينفع اليَرَقان.

وينبغى أن يستعمله الصحيح فى الشهر مرتين متواليتين من غير حفظ دور، ليتداركَ الثانى ما قصر عنه الأول، وينقى الفضلاتِ التى انصبَّت بسببه، والإكثارُ منه يَضر المَعِدَة، ويجعلها قابلة للفضول، ويضر بالأسنان والبصر والسمع، وربما صَدَعَ عَرَقاً، ويجب أن يجتنبه مَن به ورمٌ فى الحلق، أو ضعفٌ فى الصدر، أو دقيقُ الرقبة، أو مستعدٌ لنَفْث الدم، أو عَسِرُ الإجابة له.

وأمَّا ما يفعله كثير ممن يسىء التدبير، وهو أن يمتلئ من الطعام، ثم يَقذِفَه، ففيه آفاتٌ عديدة؛ منها: أنه يُعَجِّلُ الهَرَم، ويُوقع فى أمراض رديئة، ويَجعل القىءَ له عادة. والقىءُ مع اليُبوسة، وضعفِ الأحشاء، وهُزالِ المَرَاقِّ، أو ضعفِ المُستقىء خطرٌ.

وأحمَدُ أوقاتِه الصيفُ والربيع دون الشتاء والخريف، وينبغى عند القىء أن يَعْصِبَ العينين، ويقمط البطن، ويغسِلَ الوجه بماء بارد عند الفراغ؛ وأن يشرب عقيبه شراب التفاح مع يسير من مُصْطَكَى، وماءُ الورد ينفعه نفعاً بيِّناً.

والقىء يستفرغ من أعلى المعدة، ويجذب من أسفل، والإسهال بالعكس، قال ((أبقراط)): وينبغى أن يكون الاستفراغ فى الصيف من فوق أكثرَ من الاستفراغ بالدواء، وفى الشتاء من أسفل.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس