عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-2003, 10:15 PM   #13
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (06:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



فخرجت ثقيفٌ حين دنا منهم الوفدُ يتلقونهم، فلما رأوهم قد ساروا العَنَق، وقطروا الإبل، وتغشَّوا ثيابهم كهيئة القوم قد حزِنُوا وكربوا، وَلم يرجعوا بخير، فقال بعضُهم لبعض: ما جاء وفدُكم بخير، ولا رجعوا به، وترجَّل الوفد، وقصدُوا اللاتَ، ونزلوا عندها واللات وثن كان بين ظهرانى الطائف، يُستر ويُهدى له الهَدْى كما يُهدى لبيت اللهِ الحرام فقال ناسٌ من ثقيف حين نزل الوفدُ إليها: إنَّهم لا عهد لهم برؤيتها، ثم رجع كُلُّ رجل منهم إلى أهله، وجاء كُلاً منهم خَاصَّتُه مِن ثقيف، فسألوهم ماذا جئتُم به وماذا رجعتم به؟ قالوا: أتينا رجلاً فظاً غليظاً يأخُذ مِن أمره ما يشاءُ، قد ظهر بالسيفِ، وداخ له العرب، ودان له الناس، فعرض علينا أُموراً شداداً: هدَم اللات والعُزَّى، وتركَ الأموال فى الربا إلا رؤوس أموالكم، وحرَّم الخمر والزِّنَى، فقالت ثقيف: واللهِ لا نقبل هذا أبداً. فقال الوفدُ: أصلحوا السلاح، وتهيؤوا للقتال، وتعبَّؤوا له، ورُمُّوا حِصنكم، فمكثت ثقيف بذلك يومين أو ثلاثة يُريدون القِتال، ثم ألقى اللهُ عَزَّ وجَلَّ فى قلوبهم الرُّعبَ، وقالوا: واللهِ ما لنا به طاقة، وقد داخ له العرب كُلُّها، فارجعُوا إليه، فأعطُوه ما سأل، وصالِحُوه عليه. فلما رأى الوفد أنهم قد رغبوا، واختاروا الأمان على الخوف والحرب، قال الوفد: فإنَّا قد قاضيناه، وأعطيناه ما أحببنا، وشرطنا ما أردنا، ووجدناه أتقى الناس، وأوفاهم، وأرحمهم، وأصدقهم، وقد بُورك لنا ولكم فى مسيرنا إليه، وفيما قاضيناه عليه، فاقبلوا عافية الله، فقالت ثقيف: فلِم كتمتمُونا هذا الحديث، وغممتُمونَا أشدَّ الغم؟ قالوا: أردنا أن ينزِعَ اللهُ مِن قلوبكم نخوة الشيطان، فأسلموا مكانهم، ومكثوا أياماً. ثم قدم عليهم رُسُلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُمِّرَ عليهم خالدُ بن الوليد، وفيهم المغيرةُ بن شُعْبة، فلما قَدِمُوا، عَمَدُوا إلى اللات ليهدموها، واستكَفَّتْ ثقيف كُلُّها، الرِّجالُ والنساءُ والصبيانُ، حتى خرج العواتِق مِن الحِجال لا ترى عامةُ ثقيف أنها مهدومة يظنُّون أنها ممتنعة، فقام المغيرةُ بنُ شُعْبة، فأخذ الكِرْزِين، وقال لأصحابه: واللهِ لأُضحكنَّكم من ثقيف، فضرب بالكِرْزِين، ثم سقط يركُض، فارتجَّ أهلُ الطائف بضجَّةٍ واحدة، وقالوا: أبعد اللهُ المغيرة، قتلته الرَّبَّة، وفرحوا حين رأوه ساقطاً، وقالوا: مَن شاء منكم، فليقرب، وليجتهد على هـدمها، فواللهِ لا تُستطاع، فوثب المغيرة بن شُعْبة، فقال: قبَّحكم الله يا معشر ثقيف، إنما هى لكَاع حِجَارة ومَدَر، فاقبلوا عافيةَ اللهِ واعبدوه، ثم ضرب البابَ فكسره، ثم علا سورَها، وعلا الرجالُ معه، فما زالوا يهدِمُونها حجراً حجراً حتى سوَّوْها بالأرض، وجعل صاحب المفتاح يقول: ليغضبن الأساس، فليخْسِفَنَّ بهم، فلما سمع ذلك المغيرة، قال لِخالد: دعنى أحفر أساسها، فحفره حتى أخرجوا تُرابها، وانتزعوا حُليها ولباسها، فبُهِتَتْ ثقيف، فقالت عجوز منهم: أسلمها الرُّضَّاعُ، وتركوا المِصَاعَ.

وأقبل الوفدُ حتى دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحُليها وكِسوتها، فقسمه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من يومه، وحمد الله على نُصرة نبيه وإعزاز دينه، وقد تقدَّم أنه أعطاه لأبى سفيان بن حرب، هذا لفظ موسى بن عقبة.

وزعم ابن إسحاق أنَّ النبى صلى الله عليه وسلم قدم من تبوك فى رمضان، وقدم عليه فى ذلك الشهر وفد ثقيف.

وروينا فى ((سنن أبى داود)) عن جابر قال: اشترطَتْ ثقيفٌ عَلَى النَّبى صلى الله عليه وسلم أَلا صَدَقَة عليها ولا جِهَادَ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذلِكَ: ((سَيَتَصَدَّقون ويُجَاهِدُونَ إذَا أسْلَمُوا)).

وروينا فى ((سنن أبى داود الطيالسى))، عن عثمان بن أبى العاص، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مَسْجِدَ الطائِفِ حيث كانت طاغيتُهم.

وفى ((المغازى)) لمعتمِر بن سليمان قال: سمعتُ عبد الله بن عبد الرحمن الطائفى يُحدِّث عن عثمان بن عبد الله، عن عمه عمرو بن أَوْس، عن عثمان بن أبى العاص، قال: استعملنى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصغرُ السِّـتَّة الذين وفدُوا عليه من ثقيف، وذلك أنى كنتُ قرأتُ سورة البقرة، فقلت: يا رسولَ الله؛ إنَّ القرآن يتفلَّتُ مِنِّى، فوضع يدَه على صدرى وقال: ((يا شَيْطَانُ اخْرُجْ مِنْ صَدْرِ عُثمان)) فما نسيتُ شيئاً بعده أريد حفظه.

وفى ((صحيح مسلم)) عن عثمان بن أبى العاص، قلتُ: يا رسول الله؛ إنَّ الشَيطَانَ قد حَالَ بينى وبَيْنَ صلاتى وقراءتى، قال: ((ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقالُ لَهُ: خِنْزِبِ، فإذا أحْسَسْتهُ، فَتَعَوَّذْ باللهِ مِنْهُ، واتْفِلْ عَنْ يَسَارِكَ ثَلاثاً))، ففعلتُ، فأذهبَه اللهُ عنِّى.


فصل

فيما فى قصة وفد ثقيف من الأحكام.

وفى قصة هذا الوفد مِن الفقه، أنَّ الرجلَ من أهل الحرب إذا غَدَر بقومه، وأخذ أموالَهم، ثم قَدِم مسلماً، لم يتعرَّض له الإمامُ، ولا لما أخذه مِن المال، ولا يضمنُ ما أتلفه قبلَ مجيئه من نفس ولا مال، كما لم يتعرض النبىُّ صلى الله عليه وسلم لما أخذه المغيرةُ من أموال الثقفيين، ولا ضَمِنَ ما أتلفه عليهم، وقال: ((أما الإسلام فأقبلُ، وأما المال، فلست منه فى شىء))

ومنها: جوازُ إنزال المشرك فى المسجد، ولا سيما إذا كان يرجو إسلامه، وتمكينه من سماع القرآن، ومشاهدة أهل الإسلام، وعبادتهم.

ومنها: حسنُ سياسة الوفد، وتلطفهم حتى تمكنَّوا من إبلاغ ثقيف ما قدموا به فتصوَّروا لهم بصُورة المنكر لِما يكرهونه، الموافق لهم فيما يَهْوَوْنه حتى ركنوا إليهم، واطمأنوا، فلما علموا أنه ليس لهم بُد من الدخول فى دعوة الإسلام أذعنوا، فأعلمهم الوفدُ أنهم بذلك قد جاؤوهم، ولو فاجؤوهم به من أول وهلة لما أقرُّوا به، ولا أذعنوا، وهذا مِن أحسن الدعوة، وتمامِ التبليغ، ولا يتأتَّى إلا مع ألبَّاءِ الناس وعُقلائهم.

ومنها: أن المستحق لإمرة القوم وإمامتِهم أفضلُهم وأعلمُهم بكتاب الله، وأفقهُهم فى دينه.

ومنها: هدمُ مواضِع الشِّرك التى تُتخذ بيوتاً للطواغيت، وهدمُها أحبُّ إلى الله ورسوله، وأنفعُ للإسلام والمسلمين من هدم الحانات والمواخير، وهذا حالُ المشاهد المبنية على القبور التى تُعبد مِن دون الله، ويُشْرَك بأربابها مع الله، لا يَحِلُّ إبقاؤها فى الإسلام، ويجب هدمُها، ولا يَصحُّ وقفُها، ولا الوقفُ عليها، وللإمام أن يقطِعَها وأوقافها لجند الإسلام، ويستعينَ بها على مصالح المسلمين، وكذلك ما فيها من الآلات، والمتاع، والنذور التى تُساق إليها، يُضاهىَ بها الهدايا التى تُساق إلى البيت الحرام، للإمام أخذُها كلها، وصرفها فى مصالح المسلمينَ، كما أخذ النبى صلى الله عليه وسلم أموال بيوت هذه الطواغيت، وصرفها فى مصالح الإسلام، وكان يفعل عندها ما يفعل عند هذه المشاهد، سواء من النذور لها، والتبركِ بها، والتمسح بها، وتقبيلها، واستلامها. هذا كان شِركَ القوم بها، ولم يكونوا يعتقِدون أنها خَلَقَتِ السَّمواتِ والأرضَ، بل كان شِركُهم بها كشِرك أهلِ الشِّرك من أرباب المشاهِد بعينه.

ومنها: استحبابُ اتخاذِ المساجد مكانَ بيوت الطواغيت، فيُعبد اللهُ وحدَه، لا يُشْرَك به شيئاً فى الأمكنه التى كان يُشرَكُ به فيها، وهكذا الواجبُ فى مثل هذه المشاهد أن تُهدَمَ، وتُجعلَ مساجِدَ إن احتاج إليها المسلمون، وإلا أقطعها الإمامُ هى وأوقافُها للمقاتلة وغيرهم.

ومنها: أن العبدَ إذا تعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم، وتَفَلَ عن يساره، لم يضُرَّه ذلك، ولا يقطعُ صلاته، بل هذا مِن تمامها وكمالها.. والله أعلم.


فصل

فى دخول العرب فى دين الله أفواجاً

قال ابن إسحاق: ولما افتتح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مكة، وفرغ من تبوك، وأسلمت ثقيف وبايعت، ضَرَبَتْ إليه وفُود العرب مِن كل وجه، فدخلوا فى دين الله أفواجاً يضربِون إليه مِن كل وجه.


فصل

فى قدوم وفد بنى عامر

وقد تقدم ذكر وفد تميم ووفد طيئ.
ذكر وفد بنى عامر، ودعاء النبىِّ صلى الله عليه وسلم على عامر بن الطُّفيل
وكفاية الله شره وشر أَرْبَد بن قيس بعد أن عصم منهما نبيه

روينا فى كتاب ((الدلائل)) للبيهقى، عن يزيد بن عبد الله أبى العلاء، قال: وَفَدَ أبى فى وَفْدِ بنى عامر إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أنت سيدُنا، وذُو الطَّوْل علينا فقال: ((مَهْ مَهْ، قُولُوا بِقَوْلِكُمْ، وَلا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانَ، السَّيِّدُ الله)).

روينا عن ابن إسحاق، قال: لما قدم على رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم وفدُ بنى عامر فيهم عامرُ بن الطُّفيل، وأرْبَدُ بن قيسٍ بن جزء بن خالد بن جعفر، وجَبَّارُ بن سُلْمَى ابن مالك بن جعفر، وكان هؤلاء النَّفَر رؤساءَ القوم وشياطينهم، فقدم عدوُّ الله عامرُ بنُ الطُّفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهُوَ يريد الغدرَ به، فقال له قومُه: يا عامر؛ إنَّ الناس قد أسلموا، فقال: واللهِ لقد كنتُ آليتُ ألا أنتهىَ حتَّى تتبع العرب عَقِبَى، وأنا أتبعُ عَقِبَ هذا الفتى مِن قريش، ثم قال لأرْبَد: إذا قَدِمنا على الرجل، فإنى شاغل عنك وجهه، فإذا فعلتُ ذلك، فاعْلُهُ بالسِّيف، فلما قَدِمُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عامر: يا محمد؛ خالِّنى. قال: ((لا واللهِ حتى تُؤمِنَ بالله وحدّه)). قال: يا محمد؛ خالِّنى. قال: ((حتى تؤمنَ بالله وحده لا شريك له))، فلما أبى عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال له: أما واللهِ لأملأنها عليكَ خـيلاً ورِجالاً. فلما ولَّى، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((اللَّهُمَّ اكْفِنى عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْل))، فلما خرجوا مِن عند رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال عامر لأرْبَد: ويحك يا أربد، أين ما كُنْتُ أمَرْتُك بِه؟ واللهِ ما كان على وجه الأرض أخوفُ عندى على نفسى منك، وايمُ اللهِ لا أخافُك بعد اليوم أبداً. قال: لا أبا لك، لا تَعْجَلْ علىَّ، فواللهِ ما هممتُ بالذى أمرتنى به، إلا دخلتَ بينى وبين الرجل، أفأضرِبُك بالسيف؟

ثم خرجوا راجعين إلى بلادهم، حتى إذا كانوا ببعض الطريق، بعث الله على عامر بن الطُّفيل الطاعونَ فى عنقه، فقتله الله فى بيت امرأة من بنى سَلول، ثم خرج أصحابُه حين رأوه حتى قَدِمُوا أرض بنى عامر، أتاهم قومُهم فقالوا: ما وراءك يا أربَد؟ فقال: لقد دعانى إلى عبادة شىء لوددتُ أنه عندى فأرمِيَه بنبلى هذه حتى أقتُلَه، فخرج بعد مقالته بيوم أو بيومين معه جمل يتبعه، فأرسل الله عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما، وكان أربد أخا لبيد بن ربيعة لأُمه، فبكى ورثاه.

وفى ((صحيح البخارى)) أنَّ عامِرَ بنَ الطُّفيل أتى النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: أُخيِّرُك بَيْنَ ثَلاثِ خِصال: يكونُ لك أهلُ السهلِ، ولى أهلُ المدر، أو أكونُ خليفَتك من بعدك، أو أغزوك بغَطَفَان بألف أشقر، وألف شقراء، فطُعِنَ فى بيت امرأة فقال: أغُدَّة كَغُدَّةِ البَكْر فى بيت امرأة من بنى فلان؟ ائتونى بفرسى، فركِبَ، فمات على ظهر فرسه.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس