عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-2003, 09:49 PM   #3
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (06:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



قال ابن إسحاق: ولما أراد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الخروجَ، خلَّف علىَّ بنَ أبى طالب على أهله، فأرْجَفَ به المنافقون، وقالوا: ما خلَّفه إلا استثقالاً وتخففاً منه، فأخذ علىُّ رضى الله عنه سِلاحه، ثم خرج حتى أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجُرْفِ، فقال: يا نبىَّ الله؛ زعم المنافقون أَنك إنما خلَّفتنى لأنك استثقلتنى وتخففتَ منى، فقال: ((كَذَبُوا، ولكِنِّى خَلَّفْتُكَ لما تركْتُ وَرَائِى، فارْجعْ فَاخْلُفْنى فى أهْلِى وَأَهْلِكَ، أَفَلاَ تَرْضَى أنْ تَكُونَ مِنِّى بِمَنْزِلَةِ هَارُون مِنْ مُوسى؟ إلا أنَّهُ لا نَبِىَّ بَعْدِى)) فرجع علىُّ إلى المدينة.

ثُمَّ إنَّ أبا خيثمة رجع بعد أن سار رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أياماً إلى أهله فى يوم حار، فوجد امرأتين له فى عريشينِ لهما فى حائطه، قد رشَّت كُلُّ واحدة منهما عريشَها، وبرَّدَتْ له ماء، وهيأت له فيه طعاماً، فلما دخل، قام على باب العريش، فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا له، فقال: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فى الضِّحِّ، والرِّيح، والحر، وأبو خيثمة فى ظِلٍّ بارد، وطعام مُهَيأ، وامرأة حسناء، فى ماله مقيم؟ ما هذا بالنَّصَفِ، ثم قال: واللهِ لا أدخل عريشَ واحدة منكما حتى ألحقَ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فهيِّئا لى زاداً، ففعلتا، ثم قدَّم ناضِحه، فارتحله، ثم خرج فى طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدركه حين نزل تَبُوك، وقد كان أدرك أبا خيثمة عُميرُ بن وهب الجمحى فى الطريق يطلُب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فترافقا حتى إذا دنوا من تَبُوك، قال أبو خيثمة لِعُمير بن وهب: إنَّ لى ذنباً، فلا عليك أن تتخلَّف عنى حتى آتىَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ففعل حتى إذا دنا مِن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بتَبُوك، قال الناس: هذا راكبٌ على الطريق مُقبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كُنْ أبَا خَيْثَمَةَ)) قالوا: يا رسول الله؛ هو واللهِ أبو خيثمة، فلما أناخَ أقبل، فسلَّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أوْلى لَكَ يَا أبَا خَيْثَمَة))، فأخبرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خبرَه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خَيْرَاً ودعا له بخير.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مرَّ بالحِجْر بديار ثمود، قال: ((لا تَشْرَبُوا مِنَ مَائِهَا شَيْئاً، وَلا تَتَوَضَّؤوا مِنْهُ لِلصَّلاةِ، وما كَانَ مِنْ عَجِينٍ عَجَنْتُمُوه فَاعْلِفُوهُ الإبِلَ، ولا تَأْكُلُوا مِنْهُ شَيْئاً، ولا يَخْرُجَنَّ أحَدٌ منكم إلا ومعه صَاحِبٌ له))، ففعل النَّاسُ، إلا أنَّ رجلين من بنى ساعدة خرج أحـدُهما لحاجته، وخرج الآخرُ فى طلب بعيره، فأما الذى خرج لحاجته، فإنه خُنِق على مذهبه، وأما الذى خرج فى طلب بعيره، فاحتملته الريحُ حتى طرحته بجبلى طيئ، فأُخبرَ بذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((ألمْ أنْهَكُم أَنْ لا يَخْرُجَ أحَدٌ مِنْكُم إلاَّ ومَعَهُ صَاحِبُه))، ثم دعا للذى خُنِقَ على مذهبه فشُفى، وأما الآخر، فأهدته طيئ لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة.

قلت: والذى فى ((صحيح مسلم))، من حديث أبى حُمَيد: انطلقنا حتى قَدِمْنَا تَبُوكَ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:
((سَتَهُبُّ عَلَيْكُم اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلا يَقُمْ مِنْكُم أحَدٌ، فَمنْ كانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيَشُدَّ عِقَالهُ)) فهبَّت رِيحٌ شَدِيدَة، فقام رجل فحملته الريحُ حتى ألقته بِجَبَلَىْ طَىِّء.

قال ابن هشام: بلغنى عن الزُّهْرى أنه قال: لما مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحِجْر، سجَّى ثوبه على وجهه، واستحثَّ راحلته، ثم قال: ((لا تَدْخُلُوا بُيوتَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُم إلاَّ وَأَنْتُم بَاكُونَ خَوْفاً أنْ يُصِيبَكُم مَا أَصَابَهُمْ)).

قلت: فى ((الصحيحين)) من حديث ابن عمر، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تَدْخُلوا عَلى هؤلاءِ القَوْمِ المُعَذَّبِينَ إلاَّ أنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فإنْ لم تَكُونُوا بَاكِينَ، فَلا تَدْخُلوا عَلَيْهِم لا يُصِيبُكم مِثْلُ مَا أَصَابَهُم)).

وفى ((صحيح البخارى)) أنه أمرهم بإلقاء العجين وطرحه.

وفى ((صحيح مسلم)): أنه أمرهم أن يَعْلِفوا الإبلَ العَجِينَ، وأن يُهرِيقُوا الماءَ، ويستقوا من البئر التى كانت تَرِدُها الناقة. وقد رواه البخارىُّ أيضاً، وقد حفظ راويه ما لم يحفظه مَنْ روى الطرح.
وذكر البيهقىُّ أنه نادى فيهم: الصلاةَ جامعة، فلما اجتمعوا، قال: ((علامَ تدخُلون على قوم غَضِبَ اللهُ عليهم))، فناداه رجل فقال: نَعْجَبُ مِنْهُم يَا رَسول الله، فقال: ((ألاَ أُنْبِئُكُم بِما هُوَ أعْجَبُ مِنْ ذلِكَ؟ رَجُلٌ مِنْ أنْفُسِكُم يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كَانَ قَبْلَكُم وَمَا هُو كَائِنٌ بَعْدَكُم، اسْتَقِيمُوا وَسَدِّدُوا، فإنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَعْبأُ بِعَذِابِكُم شَيْئاً، وَسَيأتِى اللهُ بِقَوْمٍ لا يَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفْسِهِم شيئاً)).


فصل

[فى بعض المعجزات فى هذه الغزوة]

قال ابن إسحاق: وأصبح الناسُ ولا ماء معهم، فَشكَوْا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلَ الله سُبحانه سحابةً، فأمطرت حتى ارتوى الناسُ، واحتملُوا حاجَتهم من الماء.

ثم إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سار حتى إذا كان ببعضِ الطريق، ضلَّت ناقتُه، فقال زيد بن اللُّصَيْتِ وكان منافقاً : أليس يزعُمُ أنه نبى، ويُخبركم عن خبر السماء، وهو لا يدرى أين ناقتُه؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ رَجُلاً يَقُولُ، وذَكَرَ مَقَالَتَهُ، وإنِّى والله لا أعْلَمُ إلاَّ ما عَلَّمنى اللهُ، وقَدْ دَلَّنى اللهُ عَلَيْهَا، وهى فى الوَادى فى شِعْبِ كَذا وكَذَا، وقَدْ حَبَسَتْها شَجَرَةٌ بِزِمَامِها، فانْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتونى بها)) فذهبوا فأَتَوْهُ بها .وفى طريقه تلك خَرَصَ حديقة المرأة بعشرة أوسق .

ثم مضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يتخلَّف عنه الرجلُ فيقولون: تخلَّف فلان، فيقول: ((دَعُوه فإنْ يَكُ فِيهِ خَيْرٌ، فَسَيُلْحِقُهُ اللهُ بِكُم، وإنْ يَكُ غَيْرَ ذلِكَ، فَقَد أرَاحَكُمُ اللهُ مِنْهُ)).

وتلوَّم على أبى ذَرٍ بعيرُه، فلما أبطأ عليه، أخذ متاعه على ظهره، ثم خرج يتبعُ أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشياً، ونزل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فى بعض منازله، فنظر ناظر مِن المسلمين فقال: يا رسولَ الله؛ إنَّ هذا الرجل يمشى على الطريق وحدَه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كُنْ أبَا ذَرٍ))، فلما تأمله القومُ، قالوا: يا رسول الله؛ واللهِ هو أبو ذر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رَحِمَ اللهُ أبا ذَرٍ؛ يَمْشِى وَحْدَهُ، ويَمُوتُ وَحْدَهُ، ويُبْعَثُ وحْدَهُ)).

قال ابن إسحاق: فحدَّثنى بريدة بن سفيان الأسلمى، عن محمد بن كعب القُرظى، عن عبد الله بن مسعود قال: لما نفى عثمانُ أبا ذر إلى الرَّبذَةِ، وأصابه بها قَدَرُه، لم يكن معه أحدٌ إلا امرأتُه وغلامُه، فأوصاهما: أن غَسِّلانى وكَفِّنانى، ثم ضعانى على قارعة الطريق، فأوَّل رَكْب يمرُّ بكم فقولُوا: هذا أبو ذر صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعينونا على دفنه، فلما مات، فعلا ذلك به، ثم وضعاه على قارعة الطريق، وأقبل عبدُ الله بن مسعود فى رهط معه من أهل العِراق عُمَّاراً فلم يَرُعْهُمْ إلا بالجِنازة على ظهر الطَّريق قد كادت الإبلُ تَطَؤُها، وقام إليهم الغلام، فقال: هذا أبو ذر صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعينونا على دفنه، قال: فاستهلَّ عبدُ الله يبكى ويقول: صدقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((تَمْشِى وَحْدَكَ، وتَمُوتُ وَحْدَكَ، وتُبْعَثُ وَحْدَكَ))، ثم نزل هو وأصحابه، فوارَوْه، ثم حَدَّثهم عبدُ الله بن مسعود حديثه، وما قال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فى مسيره إلى تَبُوك.

قلت: وفى هذه القصة نظر، فقد ذكر أبو حاتم بن حبان فى ((صحيحه)) وغيره فى قصة وفاته، عن مجاهد، عن إبراهيم بن الأشتر، عن أبيه، عن أُم ذر، قالت: لما حضرت أبا ذَر الوفاةُ، بَكَيْتُ، فقال: ما يُبكيكِ؟ فقلت: ما لى لا أبكى، وأنت تموتُ بفَلاة من الأرض، وليس عندى ثوبٌ يسعُك كفَناً، ولا يدان لى فى تغييبك؟ قال: أبشرى ولا تبكى، فإنى سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنَفَرٍ أنا فيهم: ((لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ منكم بِفلاةٍ مِنَ الأرض يَشْهَدُه عِصَابةٌ من المُسْلمين)) وليس أحَدٌ من أولئِكَ النَّفَرِ إلا وقد مات فى قريةٍ وجمَاعةٍ، فأنا ذلِكَ الرَّجُلُ، فواللهِ ما كَذَبْتُ ولا كُذِبْتُ، فأبصرى الطريق، فقُلت: أنَّى وقد ذهب الحاجُّ، وتقطعت الطُّرُقُ؟، فقال: اذهبى فتبصَّرى. قالت: فكنتُ أُسنِدُ إلى الكَثِيبِ أتبصَّر، ثم أرجع فأُمرِّضه، فبينا أنا وهو كذلك، إذ أنا برجال على رِحالهم كأنهم الرَّخَمُ تَخُبُّ بهم رواحِلُهم، قالت: فأشَرتُ إليهم، فأسرعوا إلىَّ حَتى وقفُوا علىَّ فقالوا: يا أَمةَ الله؛ مالك؟ قلت: امرؤ من المسلمين يَمُوت تُكفنونه. قالوا: ومَن هو؟ قلت: أبو ذر. قالوا: صاحِبُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: نعم، ففدَّوْه بآبائهم وأُمهاتِهم، وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه، فقال لهم: أبشِروا فإنى سـمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول لنَفَر أنا فيهم: ((لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ منكم بِفَلاةٍ مِن الأرضِ يَشْهَدُه عِصَابةٌ من المؤمنين)) وَلَيْسَ مِنْ أُولئِكَ النَّفَرِ رَجُلٌ إلاَّ وقد هَلَكَ فى جَمَاعَةٍ، واللهِ ما كَذَبْتُ ولاَ كُذِبْتُ، إنه لو كان عندى ثوبٌ يسعُنى كفناً لى أو لامرأتى، لم أكُفَّن إلا فى ثوب هُوَ لى أو لها، فإنى أنشُدُكُم الله أن لا يكفِّنَنى رجل منكم كان أميراً، أو عريفاً، أو بريداً، أو نقيباً، وليس من أولئك النَّفَر أحد إلا وقد قارفَ بعضَ ما قال إلا فتًى من الأنصار قال: أنا يا عمُّ، أُكَفِّنُك فى ردائى هذا، وفى ثوبين مِن عَيبتى من غزل أُمى. قال: أنتَ فكفِّنى، فكفَّنه الأنصارى، وقاموا عليه، ودفنوه فى نَفَر كُلُّهم يمان.

رجعنا إلى قصة تبوك: وقد كان رهطٌ من المنافقين، منهم: وديعة بن ثابت أخو بنى عَمْرو بن عَوْف، ومنهم رجل مِن أشجع حليف لبنى سلمة يقال له: مَخْشى بن حُمَيِّر، قال بعضهم لبعضٍ: أتحسبون جلاد بنى الأصفر، كقتال العرب بَعضِهم لبعض؟ واللهِ لكأنَّا بكم غداً مقرَّنين فى الحِبال، إرجافاً وترهيباً للمؤمنين. فقال مَخْشِى بن حُمَيِّر: واللهِ لودِدت أنى أُقَاضَى على أن يُضرب كُل منا مائةَ جَلدة، وإنَّا ننفلِتُ أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه. وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لعمَّار بن ياسر: ((أدْرِك القَوْمَ، فإنهم قد احْتَرَقُوا فَسَلْهُم عَمَّا قالوا؟ فإن أنكروا، فَقُلْ: بل قُلتُم: كذا وكذا)). فانطلق إليهم عمَّار، فقال لهم ذلك، فأتوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يعتذِرُون إليه، فقال وديعة بن ثاب: كنا نخوضُ ونلعبُ، فأنزل الله فيهم: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ} [التوبة: 65] فقال مخشى بن حُمْيِّر: يا رسول الله؛ قعد بى اسمى واسمُ أبى، فكان الذى عُفىَ عنه فى هذه الآية، وتسمَّى عبد الرحمن، وسألَ الله أن يُقتل شـهيداً لا يُعلم بمكانه، فقُتِل يومَ اليمامة، فلم يوجد له أثر.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس