عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-2003, 09:31 PM   #193
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (06:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



فصل

[فى أن السَّلَب جميعه للقاتل]

وقوله صَلى الله عَليه وسلم: ((فَلَهُ سَلَبُه))، دليل على أنَّ له سَلَبُه كله غيرَ مخمَّس، وقد صرَّح بهذا فى قوله لسلمة بن الأكوع لما قتل قتيلاً: ((له سَلَبُهُ أَجْمَعُ)) .

وفى المسألة ثلاثة مذاهب، هذا أحدها .

والثانى: أنه يُخمَّس كالغنيمة، وهذا قولُ الأوزاعى وأهل الشام، وهو مذهب ابن عباس لدخوله فى آية الغنيمة .

والثالث: أن الإمام إن استكثره خمَّسه، وإن استقلَّه لم يُخمِّسه وهو قول إسحاق، وفعله عمر بن الخطاب، فروى سَعيد فِى ((سننه)) عن ابن سيرين، أن البَرَاء بن مالك بارز مرزُبانَ المرازبة بالبحرين، فطعنَه، فَدَقَّ صُلْبَه، وأخذ سِوارَيْهِ وسَلَبه، فلما صلَّى عمرُ الظهرَ، أتى البَرَاء فى داره فقال: إنَّا كنا لا نُخَمِّسُ السَّلَبَ، وإن سَلَب البَرَاء قد بلغ مالاً، وأنا خامِسُه، فكان أوَّلَ سَلَبٍ خُمِّس فى الإسلام سَلَبُ البَرَاء، وبلغ ثلاثين ألفاً، والأول: أصح، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُخَمِّسِ السَّلَب وقال: ((هو له أجمع))، ومضت على ذلك سُنَّته وسُنَّةُ الصِّدِّيق بعده، وما رآه عمرُ اجتهاد منه أداه إليه رأيه .

والحديث يدل على أنه مِن أصل الغنيمة، فإنَّ النبى صلى الله عليه وسلم قضى به للقاتل، ولم ينظُرْ فى قيمته، وقدره، واعتبار خروجه من خُمس الخُمس، وقال مالك: هو من خُمس الخُمس، ويدل على أنه يستحقه مَن يُسهم له، ومن لا يُسهم له من صبى وامرأة، وعبد ومشرك . وقال الشافعى فى أحد قوليه: لا يستحق السَّلَب إلا مَن يستحق السهم، لأن السهم المجمَع عليه إذا لم يستحقه العبد والصبى، والمرأة والمشرك، فالسَّلَبُ أولى، والأول أصحُّ للعموم، ولأنه جار مجرى قول الإمام: مَن فعل كذا وكذا، أو دلَّ على حصن، أو جاء برأس، فله كذا مما فيه تحريض على الجهاد، والسهم مُستحَق بالحضور، وإن لم يكن منه فعل، والسَّلَب مستحق بالفعل، فجرى مجرى الجعالة .


فصل

[فى أنه يستحق سَلَب جميع مَن قتله وإن كثروا]

وفيه دلالة على أنه يستحق سَلَبَ جميع مَن قتله، وإن كَثُروا، وقد ذكـر أبو داود أن أبا طلحة قتل يوم حُنَيْن عشرين رجلاً، فأخذ أسلابهم .


فصل

[فى غزوة الطائف]

فى شوَّال سنة ثمان قال ابن سعد: قالوا: ولما أراد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى الطائف، بعث الطُّفيل بن عمرو إلى ذى الكَفَّيْنِ: صنم عمرو بن حُمَمَة الدوسى، يَهدِمه، وأمره أن يستمدَّ قومه، ويُوافيه بالطائف، فخرج سريعاً إلى قومه، فهدم ذا الكَفَّيْنِ، وجعل يَحُشُّ النار فى وجههِ ويُحَرِّقه ويقول:

يَا ذَا الكَفَيْنِ لَسْتُ مِنْ عُبَّادِكا *** مِيلادُنَا أقْدَمُ مِنْ مِيلاَدِكَا
إنى حَشَشْتُ النَّار فى فُؤادِكَا

وانحدر معه من قومه أربعمائة سراعاً، فوافَوا النبى صلى الله عليه وسلم بالطائف بعد مقدمه بأربعة أيام، وقدم بِدَبَّابَةٍ ومنجنيق .

قال ابن سعد: ولما خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن حُنَيْن يُريد الطائفَ، قَدِمَ خالدُ ابن الوليد على مقدمته، وكانت ثقيف قد رَمُّوا حِصنهم، وأدخلوا فيه ما يصلُح لهم لسنة، فلما انهزموا من أوطاس، دخلوا حِصنهم وأغلقوه عليهم، وتهيؤوا للقتال، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل قريباً من حصن الطائف، وعسكر هناك، فرَمَوا المسلمين بالنبل رمياً شديداً، كأنه رِجْلُ جَرَادٍ حتى أُصيب ناسٌ من المسلمين بجراحة، وقُتِلَ منهم اثنا عشر رجلاً، فارتفع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع مسجد الطائف اليومَ، وكان معه من نسائه أمُّ سلمة وزينب، فضرب لهما قُبَّتين، وكان يُصَلِّى بين القُبَّتين مدة حصار الطائف، فحاصرهم ثمانية عشر يوماً، وقال ابن إسحاق: بِضعاً وعشرين ليلة .

ونصب عليهم المنجنيق، وهو أول ما رمى به فى الإسلام .

وقال ابن سعد: حدَّثنا قبيصة، حدثنا سفيان، عن ثور بن يزيد، عن مكحول أن النبى صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على أهل الطائف أربعين يوماً .

قال ابن إسحاق: حتى إذا كان يوم الشَّدْخَةِ عند جِدار الطائف، دخل نَفَر مِن أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تحتَ دبابةٍ، ثم دخلوا بها إلى جدار الطائف ليحرقوه، فأرسلت عليهم ثقيف سِكَكَ الحديد مُحماة بالنار، فخرجوا من تحتها، فرمتهم ثقيف بالنَّبل، فقتلُوا منهم رجالاً، فأمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقطع أعناب ثقيف، فوقع الناسُ فيها يقطعون.

قال ابن سعد: فسألوه أن يدعها للهِ وللرَّحم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:
((فإنى أدَعُهَا للهِ ولِلرَّحمِ)) فَنَادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّما عبدٍ نزل من الحِصن وخرج إلينا فهو حر، فخرج منهم بضعةَ عشر رجلاً، منهم أبو بكرة، فأعتقهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ودفع كُلَّ رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونهُ، فشَقَّ ذلك على أهلِ الطائف مشقةً شديدة

ولم يُؤذَن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى فتح الطائف، واستشار رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نوفلَ ابنَ معاوية الدِّيلى، فقال: ((ما ترى))؟ فقال: ثَعْلَبٌ فى جُحْرٍ، إن أقمتَ عليه أخذتَه، وإن تركتَه لم يضرك. فأمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عمرَ بن الخطاب، فأذَّن فى الناس بالرحيل، فضجَّ الناسُ من ذلك، وقالوا: نرحـل ولم يُفتح علينا الطائف؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فاغدُوا على القتال)) فَغَدَوْا فأصابت المسلمين جراحات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّا قَافِلُونَ غداً إن شاء اللهُ))، فسُرُّوا بذلك وأذعنوا، وجعلوا يرحلون، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يضحك، فلما ارتحلوا واستقلُّوا، قال: ((قولوا: آيبُون تَائِبُونَ، عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ))، وقيل: يا رسول الله؛ ادعُ الله على ثقيف، فقال: ((اللَّهُمَّ اهْدِ ثَقيفاً وائتِ بِهِمْ)).

واستشهدَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطائف جماعةٌ، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف إلى الجِعرانة، ثم دخل منها محرماً بعُمْرَة، فقضى عُمْرتَه، ثم رجع إلى المدينة .


فصل

[فى قدوم وفد ثقيف]

قال ابن إسحاق: وقدم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينة مِن تبوك فى رمضانَ، وقَدِمَ عليه فى ذلك الشهر وفدُ ثقيف، وكان مِن حديثهم: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف عنهم اتَّبع أثَره عروةُ بن مسعود حتى أدركه قبل أن يدخُل المدينة، فأسلم وسأله أن يرجعَ إلى قومه بالإسلام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كما يتحدث قومُك أنهم قاتلوك))، وعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن فيهم نخوة الامتناع الذى كان منهم، فقال عُرْوَة: يا رسول الله؛ أنا أحبُّ إليهم مِن أبكارهم، وكان فيهم كذلك محبَّباً مطاعاً، فخرج يدعو قومه إلى الإسلام رجاء ألا يُخالفوه لمنزلته فيهم، فلما أشرف لهم على عُلِّيَّة له، وقد دعاهم إلى الإسلام، وأظهر لهم دينَه، رمَوْه بالنبل مِن كل وجه، فأصابه سهمٌ فقتله، فقيل لعُرْوة: ما ترى فى دمك؟ قال: كرامة أكرمنى الله بها، وشهادةٌ ساقها الله إلىَّ، فليس فىَّ إلا ما فى الشهداء الذين قُتِلُوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يرتحِلَ عنكم، فادفِنونى معهم، فدفنُوه معهَم، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه: ((إن مَثَلَه فى قَوْمِهِ، كَمَثَلِ صَاحبِ يَس فى قَوْمِهِ)).

ثم أقامت ثقيف بعد قتل عُرْوَة أشهراً، ثم إنهم ائتمروا بينَهم، ورأوا أنه لا طاقة لهم بحرب مَنْ حولهم مِن العرب، وقد بايعوا وأسلموا، فأجمعوا أن يرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً، كما أرسلوا عُرْوَة، فكلَّموا عبد ياليل ابن عمرو بن عُمير، وكان فى سن عُرْوَة بن مسعود، وعرضوا عليه ذلك، فأبى أن يفعل وخشى أن يُصنع به كما صُنِع بعُرْوَة، فقال: لستُ بفاعل حتى تُرسلوا معى رجالاً، فأجمعوا أن يبعثوا معه رجلين من الأحلاف، وثلاثةً من بنى مالك، فيكونون ستة، فبعثوا معه الحَكَم بن عَمْرو بن وَهْب، وشُرَحبيل بن غيلان، ومن بنى مالك: عثمان بن أبى العاص، وأوس ابن عوف، ونمير بن خَرَشَة، فخرج بهم، فلما دَنَوْا من المدينة، ونزلوا قناة لَقُوا بها المغيرة بن شعبة، فاشتدَّ ليبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم عليه، فلقيه أبو بكر فقال: أقسمتُ عليك بالله لا تسبقنى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكونَ أنا أُحدِّثه، ففعل، فدخل أبو بكر على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بقدومهم عليه، ثم خرج المغيرةُ إلى أصحابه، فروَّح الظهر معهم، وأعلمهم كيف يُحيُّون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فلم يفعلوا إلا بتحية الجاهلية، فلما قَدِمُوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ضرب عليهم قُبَّة فى ناحية مسجده كما يزعمون.

وكان خالدُ بن سعيد بن العاص هو الذى يمشى بينهم، وبين رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حتى اكتتبوا كِتابهم، وكان خالد هو الذى كتبه، وكانوا لا يأكلون طعاماً يأتيهم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأكُلَ منه خالد، حتى أسلموا.

وقد كان فيما سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يدع لهم الطاغيةَ، وهى اللاتُ لا يَهدمها ثلاث سنين، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم، فما برِحُوا يسألونه سنةً سنةً، ويأبى عليهم، حتى سألوه شهراً واحداً بعد قدومهم، فأبى عليهم أن يدعها شيئاً مسمَّى، وإنما يريدون بذلك فيما يُظهرون أن يَسْلَمُوا بتركها من سفهائهم ونسائهم وذراريهم، ويكرهون أن يُروِّعوا قومهم بهدمها حتى يدخُلَهُمُ الإسلامُ، فأبىَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة يهدمانها، وقد كانوا يسألونه مع ترك الطاغية أن يُعفيهم مِن الصلاة، وأن لا يكسروا أوثانَهم بأيديهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما كسرُ أوثانكم بأيديكم، فسنُعفيكم منه، وأما الصلاةُ، فلا خير فى دين لا صلاة فيه)). فلما أسلمُوا وكتب لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كتاباً، أمَّر عليهم عثمان بن أبى العاص، وكان من أحدثهم سناً، وذلك أنه كان من أحرصهم على التفقه فى الإسلام، وتعلُّم القرآن.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس