الموضوع
:
زاد المعاد في هدي خير العباد
عرض مشاركة واحدة
12-12-2003, 08:10 PM
#
187
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
481
تاريخ التسجيل :
Sep 2003
أخر زيارة :
05-14-2017 (05:24 PM)
المشاركات :
1,039 [
+
]
التقييم :
1
لوني المفضل :
Cadetblue
فصل
لايقلع حشيش مكة ما دام رطبا
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا يُخْتَلَى خلاها)) لا خلاف أن المراد مِن ذلك ما يَنْبُتُ بنفسه دون ما أنبته الآدميون، ولا يدخل اليابسُ فى الحديث، بل هو للرَّطبِ خاصة، فإن الخلا بالقصر: الحشيش الرطب ما دام رطباً، فإذا يبس، فهو حشيش، وأخلتِ الأرض، كَثُرَ خَلاها، واخْتلاء الخَلى: قطعه، ومنه الحديث: كان ابن عمر يَخْتَلِى لِفرسه، أى: يقطع لها الخَلى، ومنه سميت المِخلاة: وهى وعاء الخَلى، والإذخر: مستثنى بالنص، وفى تخصيصه بالاستثناء دليل على إرادة العموم فيما سواه.
فإن قيل: فهل يتناول الحديثُ الرعى أم لا؟
قيل: هذا فيه قولان، أحدهما: لا يتناولُه، فيجوز الرعىُ، وهذا قولُ الشافعىوالثانى: يتناولُه بمعناه، وإن لم يتناوله بلفظه، فلا يجوز الرعى، وهو مذهب أبى حنيفة، والقولان لأصحاب أحمد.
قال المحرِّمون: وأىُّ فرق بين اختلائه وتقديمه للدابة، وبين إرسالِ الدابة عليه ترعاه؟
قال المبيحون: لما كانت عادةُ الهَدَايا أن تدخل الحَرَم، وتكثُر فيه، ولم يُنقل قطُّ أنها كانت تُسَدُّ أفواهُها، دل على جواز الرعى.
قال المحرِّمون: الفرقُ بين أن يُرسلها ترعى، ويُسلطها على ذلك، وبين أن تَرعى بطبعها مِن غير أن يُسلِّطَهَا صاحِبُهَا، وهو لا يجب عليه أن يَسُدَّ أفواهها، كما لا يجب عليه أن يَسُدَّ أنفَه فى الإحرام عن شمِّ الطيب، وإن لم يجز له أن يتعمَّد شمَّه، وكذلك لا يجبُ عليه أن يمتنع من السير خشية أن يُوطئ صيداً فى طريقه، وإن لم يجز له أن يقصد ذلك، وكذلك نظائرهُ. فإن قيل: فهل يدخُلُ فى الحديث أخذ الكمأة والفقع، وما كان مغيباً فى الأرض؟
قيل: لا يدخل فيه، لأنه بمنزلة الثمرة، وقد قال أحمد: يُؤكل من شجر الحرم الضغابيسُ والعِشْرِق.
فصل
[فى النهى عن تنفير صيدها]
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا)) صريحٌ فى تحريم التسبُّب إلى قتل الصيد واصطيادِهِ بكل سبب، حتى إنه لا يُنفِّره عن مكانه، لأنه حيوان محترَم فى هذا المكان، قد سبق إلى مكان، فهو أحقُّ به، ففى هذا أن الحيوان المحترم إذا سبق إلى مكان، لم يُزعج عنه .
فصل
[فى تحريم لُقَطَة الحرم]
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا يَلْتَقِطُ سَاقِطَتَها إلا مَنْ عَرَّفَهَا)). وفى لفظ: ((ولاَ تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلاَّ لِمُنْشِدٍ))، فيه دليل على أن لُقَطَةَ الحرم لا تُملك بحال، وأنها لا تُلتقط إلا للتعريف لا للتمليكِ، وإلا لم يكن لِتخصيص مكة بذلك فائدة أصلاً، وقد اختُلِفَ فى ذلك، فقال مالك وأبو حنيفة: لُقَطَةُ الحِلِّ والحَرَم سواء، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، وأحدُ قولى الشافعى، ويُروى عن ابن عمر، وابن عباس، وعائشة رضى الله عنهم، وقال أحمد فى الرواية الأخرى، والشافعى فى القول الآخر: لا يجوز التقاطُها للتمليك، وإنما يجُوز لِحفظها لِصاحبها، فإن التقطها، عرَّفها أبداً حتى يأتى صَاحبُها، وهذا قول عبد الرحمن بن مهدى، وأبى عُبيد، وهذا هو الصحيح، والحديثُ صريحٌ فيه، والمُنشِدُ: المعرِّف. والناشد: الطالب، ومنه قوله:
ـ إصَاخَة الناشِدِ لِلمُنْشِدِ ـ
وقد روى أبو داود فى ((سننه)): أن النَبى صلى الله عليه وسلم: ((نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الحَاجِّ))، وقال ابنُ وهب: يعنى يترُكُها حتى يَجِدَها صاحبُها.
قال شيخنا: وهذا من خصائص مكة، والفرقُ بينها وبين سائر الآفاق فى ذلك، أن الناس يتفرَّقون عنها إلى الأقطار المختلفة، فلا يتمكن صاحبُ الضالةِ مِن طلبها والسؤالِ عنها، بخلاف غيرها من البلاد.
فصل
[فى الواجب بقتل العمد]
وقوله صلى الله عليه وسلم فى الخطبة: ((ومَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إمَّا أَنْ يَقْتُلَ، وَإمَّا أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ)) فيه دليل على أن الواجب بقتل العمدِ لا يتعيَّن فى القِصاص، بل هُو أحدُ شيئين: إما القِصاصُ، وإما الدِّيَةُ .
وفى ذلك ثلاثة أقوال: وهى روايات عن الإمام أحمد .
أحدها: أن الواجب أحد شيئين، إما القِصاصُ، وإما الدِّيَةُ، والخيرةُ فى ذلك إلى الولى بين أربعة أشياء: العفوِ مجاناً، والعفوِ إلى الدِّيَةِ، والقِصاصِ، ولا خلاف فى تخييره بين هذه الثلاثة . والرابع: المصالحة على أكثر من الدِّيَةِ، فيه وجهان . أشهرهما مذهباً: جوازه . والثانى: ليس له العفو على مال إلا الدِّيَة أو دونها، وهذا أرجحُ دليلاً، فإن اختار الدِّيَة، سقط القودُ، ولم يملِكْ طلبَه بعد، وهذا مذهبُ الشافعى، وإحدى الروايتين عن مالك .
والقول الثانى: أن موجِبَه القَود عَيْناً، وأنه ليس له أن يعفو إلى الدِّيَة إلا برضى الجانى، فإن عدل إلى الدية ولم يرض الجانى، فقَودُه بحاله، وهذا مذهبُ مالك فى الرواية الأُخرى وأبى حنيفة .
والقولُ الثالث: أن موجِبَه القَودُ عَيْناً مع التخيير بينه وبين الدِّيَة، وإن لم يرض الجانى، فإذا عفا عن القِصاص إلى الدِّيَة، فرضىَ الجانى، فلا إشكالَ، وإن لم يرض، فله العودُ إلى القِصاص عَيْناً، فإن عفا عن القَود مطلقاً، فإن قلنا: الواجبُ أحدُ الشيئين، فله الديَة، وإن قلنا: الواجبُ القِصاص عَيْناً، سقط حقُّه منها .
فإن قيل: فما تقولون فيما لو مات القاتل؟
قلنا: فى ذلك قولان: أحدهما: تسقطُ الدِّيَة، وهو مذهبُ أبى حنيفة، لأن الواجبَ عندهم القِصاصُ عَيْناً، وقد زال محلُّ استيفائه بفعل الله تعالى، فأشبه ما لو مات العبدُ الجانى، فإن أرشَ الجناية لا ينتقِلُ إلى ذِمَّة السيدِ، وهذا بخلاف تلف الرهن وموت الضامن، حيثُ لا يسقُطُ الحقُّ لثبوته فى ذِمة الراهن والمضمونِ عنه، فلم يسقط بتلف الوثيقة .
وقال الشافعى وأحمد: تتعينُ الدِّيَةُ فى تِرْكته، لأنه تعذَّر استيفاءُ القِصاصِ من غير إسقاط، فوجب الدِّيَةُ لئلا يذهبُ الورثة من الدم والدِّيَة مجاناً، فإن قيل: فما تقولون لو اختار القِصَاص، ثم اختار بعده العفو إلى الدِّيَة، هل له ذلك؟
قلنا: هذا فيه وجهان، أحدهما: أنَّ له ذلك، لأن القِصاص أعلى، فكان له الانتقالُ إلى الأدنى، والثانى: ليس له ذلك، لأنه لما اختار القِصاص، فقد أسقط الدِّيَة باختياره له، فليس له أن يعودَ إليها بعد إسقاطها .
فإن قيل: فكيف تجمعون بين هذا الحديث، وبينَ قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَتَلَ عَمْدَاً، فَهُوَ قَوَدٌ))؟ .
قيل: لا تعارُضَ بينهما بوجه، فإن هذا يدل على وجوب القَوْد بقتل العمد، وقوله: ((فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ)) يدل على تخييره بين استيفاء هذا الواجب له وبين أخذ بدله، وهو الدِّيَةُ، فأىُّ تعارض؟، وهذا الحديثُ نظيرُ قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ}، وهذا لا ينفى تخيير المستحق له بين ما كُتِبَ له، وبين بدله .. والله أعلم .
فصل
[فى إباحة قطع الإذْخِرَ من الحرم]
وقوله صلى الله عليه وسلم فى الخطبة: ((إلاَّالإذْخِرَ))، بعد قولِ العباس له: إلا الإذْخِرَ، يدل على مسألتين:
إحداهما: إباحة قطع الإذَخِرَ.
والثانية: أنه لا يُشترط فى الاستثناء أن ينويَه من أول الكلام، ولا قبل فراغه، لأن النبى صلى الله عليه وسلم لو كان ناوياً لاستثناء الإذْخِر من أول كلامه، أو قبلَ تمامه، لم يتوقف استثناؤه له على سؤال العباس له ذلك، وإعلامه أنهم لا بدَّ لهم منه لِقَيْنِهِمْ وبيوتهم، ونظير هذا استثناؤه صلى الله عليه وسلم لِسهيل ابن بيضاء من أسارى بدر بعد أن ذكَّرهُ به ابنُ مسعود، فقال: ((لا يَنْفَلِتَنَّ أحَدٌ مِنْهُم إلا بِفِدَاء أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ)) فقال ابنُ مسعود: إلا سهيلَ ابْنَ بيضاء، فإنى سمعتُه يذكر الإسلام، فقال: ((إلاَّ سُهَيْلَ ابْنَ بَيْضَاء)) ومن المعلوم أنه لم يكن قد نوى الاستثناء فى الصورتين من أول كلامه.
ونظيره أيضاً قولُ المَلَك لِسليمان لما قال
(لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ تَلِدُ كُلُّ امرأَةٍ غُلاماً يُقَاتِلُ فى سبيلِ اللهِ))، فقال له المَلَكُ: قُلْ: إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَلَمْ يَقُلْ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: ((لَوْ قَالَ:إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، لَقَاتَلُوا فى سبيل الله أَجمَعُون))،وفى لفظ: ((لَكَانَ دَرَكاً لِحَاجَتِهِ)) فأخبر أن هذا الاستثناء لو وقع منه فى هذه الحالة لنفعه، ومَن يشترط النية يقول: لا ينفعُه.
ونظيرُ هذا قولُه صلى الله عليه وسلم: ((واللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشاً، واللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشاً)) ثلاثاً، ثم سكت، ثم قال
(إنْ شَاءَ اللهُ))، فهذا استثناء بعد سكوت، وهو يتضمن إنشاء الاستثناء بعد الفراغ من الكلام والسكوت عليه، وقد نص أحمد على جوازه، وهو الصوابُ بلا ريب، والمصيرُ إلى موجب هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة أولى.. وبالله التوفيق.
فصل
[فىكتابة العلم والحديث فى عهده صلى الله عليه وسلم]
وفى القصة: أن رجلاً مِن الصحابة يقال له: أبو شاه، قام، فقال: اكتُبوا لى، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ((اكْتُبُوا لأبى شَاه))، يُريدُ خطبته، ففيه دليل على كتابة العلم، ونسخ النهى عن كِتابة الحديث، فإن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ كَتَبَ عَنِّى شَيْئاً غَيْرَ القُرْآنِ، فَلْيَمْحُهُ)) وهذا كان فى أول الإسلام خشية أن يختلِط الوحىُ الذى يُتلَى بالوحى الذى لا يُتلَى، ثم أذِن فى الكتابة لحديثه.
وصح عن عبد الله بن عَمْرو أنه كان يكتُب حديثه، وكان مما كتبه صحيفة تُسمَّى الصادقة، وهى التى رواها حفيده عَمْرو بن شعيب، عن أبيه عنه، وهى من أصح الأحاديث، وكان بعض أئمة أهل الحديث يجعلها فى درجة أيوب عن نافع عن ابن عمر، والأئمة الأربعة وغيرهم احتجوا بها.
الــــــــalwaafiــــــــوافي
فترة الأقامة :
8066 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
1
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
0.13 يوميا
الalwaafiـوافي
مشاهدة ملفه الشخصي
زيارة موقع الalwaafiـوافي المفضل
البحث عن كل مشاركات الalwaafiـوافي