عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-2003, 08:00 PM   #183
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



فصل

فى جواز تجريد المرأة كلها وتكشيفها للحاجة والمصلحة العامة

وفيها: جوازُ تجريدِ المرأة كُلِّها وتكشيفها للحاجة والمصلحةِ العامة، فإن علياً والمقداد قالا للظعينة: لتُخْرِجِنَّ الكتابَ أو لنكْشِفَنَّك، وإذا جاز تجريدُها لحاجتها إلى حيث تدعو إليها، فتجريدُها لمصلحة الإسلام والمسلمين أولى .


فصل

فى أن الرجل لا يكفــر ولا يأثم إذا نسب المسلم إلى النفاق والكفر متأوِّلاً

وفيها: أن الرجل إذا نَسَبَ المسلم إلى النفاقِ والكُفْرِ متأوِّلاً وغضباً للهِ ورسوله ودينه لا لهواه وحظه، فإنه لا يكفُر بذلك، بل لا يأثمُ به، بل يُثاب على نيِّته وقصده، وهذا بِخِلاف أهل الأهواء والبدع، فإنهم يُكفِّرون ويُبدِّعُون لمخالفة أهوائهم ونحلهم، وهم أولى بذلك ممن كفَّروه وبدَّعوه.


فصل

فى تكفير الحسنات للكبائر

وفيها: أن الكبيرةَ العظيمَةَ مما دون الشركِ قد تُكَفَّرُ بالحسنةِ الكبيرةِ الماحية، كما وقع الجَسُّ مِن حاطب مكفَّراً بشهوده بدراً، فإن ما اشتملت عليه هذه الحسنةُ العظيمةُ مِن المصلحة، وتضمنتهُ مِن محبة الله لها ورضاه بها، وفرحِه بها، ومباهاتِه للملائكة بفاعلها، أعظمُ مما اشتملت عليه سيئةُ الجسِّ مِن المفسدة، وتضمَّنَتْهُ مِن بغضِ الله لها، فغلب الأقوى على الأضعفِ، فأزاله، وأبطل مقتضاه، وهذه حكمةُ الله فى الصحة والمرض الناشئين من الحسنات والسيئات، الموجبينِ لصحةِ القلب ومرضه، وهى نظيرُ حكمته تعالى فى الصحة والمرضِ اللاحِقين للبدن، فإن الأقوى منهما يَقْهَرُ المغلوبَ، ويصير الحكمُ له حتى يذهبَ أثرُ الأضعف، فهذه حِكمتُه فى خلقه وقضائه، وتلك حِكمته فى شرعه وأمره.

وهذا كما أنه ثابت فى محو السيئاتِ بالحسـنات، لقوله تعالى: {إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود: 14]. وقوله تعالى: {إن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}[النساء: 31]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وأتبع السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُها))، فهوثابت فى عكسه لقوله تعالى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى}[البقرة: 264]، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لا تَرْفَعُواْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ وَلاَ تَجْـهَرُواْ لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ }[الحجرات: 2]. وقول عائشة، عن زيد ابن أرقم أنه لما باع بالعينة: ((إنَّه قد أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ أَنْ يَتُوبَ)). وكقوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه البخارى فى ((صحيحه)): ((مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ))... إلى غير ذلك من النصوص والآثار الدالة على تدافُع الحسناتِ والسيئات، وإبطالِ بعضها بعضاً، وذهابِ أثر القوى منها بما دونَه، وعلى هذا مبنى الموازنة والإحباط.

وبالجملة.. فقوة الإحسان ومرضُ العصيان متصاولان ومتحاربان، ولهذا المرض مع هذه القوة حالةُ تزايد وترام إلى الهلاك، وحالةُ انحطاط وتناقص، وهى خيرُ حالات المريض، وحالةُ وقوف وتقابل إلى أن يقهرَ أحدُهما الآخر، وإذا دخل وقتُ البُحران وهو ساعة المناجزة، فحظُّ القلب أحدُ الخطتين: إما السلامةُ وإما العطبُ، وهذا البُحران يكونُ وقتَ فعلِ الواجبات التى تُوجِبُ رِضَى الربِّ تعالى ومغفرتَه، أو تُوجبُ سُخْطَه وعقوبَته، وفى الدعاء النبوى: ((أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ))، وقال عن طلحة يومئذ: ((أَوْجَبَ طَلْحَةُ))، ورُفِع إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ وقالوا: يا رسولَ الله؛ إنه قد أوجب، فقال: ((أَعْتِقُوا عَنْهُ)). وفى الحديث الصحيح ((أَتَدْرُونَ مَا المُوجِبتَان))؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلم. قال: ((مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ باللهِ شَيْئاً دَخَلَ الجَنَّة، ومَنْ مَاتَ يُشْرِكُ باللهِ شَيْئاً دَخَلَ النَّار))، يريد أن التوحيد والشِّرك رأس الموجبات وأصلها، فهما بمنزلة السمِّ القاتِل قطعاً، والترياق المنجى قطعاً.

وكما أن البدن قد تَعْرِضُ له أسبابٌ رديئة لازمة تُوهِنُ قوَّته وتُضعِفُها، فلا ينتفعُ معها بالأسباب الصالحة والأغذية النافعة، بل تُحيلُها تلك المواد الفاسدة إلى طبعها وقوَّتها، فلا يزدادُ بها إلا مرضاً، وقد تقومُ به موادٌ صالحة وأسبابٌ موافِقة تُوجِبُ قوَّتَه، وتُمَكِّنُه مِن الصحة وأسبابها، فلا تكادُ تضرُّه الأسبابُ الفاسِدةُ، بل تُحيلها تلك الموادُّ الفاضلة إلى طبعها، فهكذا موادُّ صحة القلبِ وفسادِه.

فتأمل قوة إيمانِ حاطب التى حملته على شهودِ بدر، وبذلِه نفسَه مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وإيثارِهِ اللهَ ورسولَه على قومه وعشيرتهِ وقرابتهِ وهم بين ظهرانى العدُوِّ، وفى بلدهم، ولم يَثْنِ ذلكَ عِنَانَ عزمِه، ولا فَلَّ مِن حَدِّ إيمانه ومواجهته للقتال لمن أهلُه وعشيرته وأقاربُه عندهم، فلما جاء مرضُ الجسِّ، برزت إليه هذه القوةُ، وكان البُحرانُ صالحاً، فاندفع المرض، وقام المريض، كأن لم يكن به قَلبَةٌ، ولما رأى الطبيبُ قوةَ إيمانه قد استعلت على مرض جَسِّه وقهرته، قال لمن أراد فصده: لا يحتاجُ هذا العارض إلى فصاد، ((ومَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى أهل بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُم، فَقَدْ غَفرْتُ لَكُم)).

وعكس هذا ذو الخُويصِرَة التميمى وأضرابه مِن الخوارج الذين بلغ اجتهادُهم فى الصلاةِ والصِّيَامِ والقراءة إلى حد يَحْقِرُ أحدُ الصحابة عملَه معه كيف قال فيهم: ((لَئِنْ أدْركْتُهُم لأَقْتَلَنَّهُم قَتْلَ عَادٍ))، وقال: ((اقْتُلُوهُم فإنَّ فى قَتْلِهِمْ أَجْرَاً عِنْدَ اللهِ لِمَنْ قَتَلَهُمْ)). وقال: ((شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ))، فلم ينتفِعُوا بتلك الأعمال العظيمةِ مع تلك المواد الفاسدة المهلكةِ واستحالت فاسدةً.

وتأمَّل فى حال إبليس لما كانت المادةُ المهلكة كامنة فى نفسه، لم ينتفعْ معها بما سَلَف مِن طاعاته، ورجع إلى شاكلته وما هُوَ أولى به، وكذلك الذى آتاه اللهُ آياتِه، فانسلخَ مِنها، فأتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ، فكان مِن الغاوين وأضرابُه وأشكالُه، فالمعوَّلُ على السرائر والمقاصد والنِّياتِ والهِمم، فهى الإكسير الذى يَقْلِبُ نحاسَ الأعمال ذهباً، أو يرُدُّهَا خَبَثَاً... وبالله التوفيق.

ومَن له لُبٌ وعقل، يعلم قَدْرَ هذِهِ المسألة وشِدَّةَ حاجته إليها، وانتفاعه بها، ويطَّلِعُ منها على باب عظيم من أبواب معرفة الله سبحانه وحكمته فى خلقه، وأمره، وثوابِه، وعِقابه، وأحكامِ الموازنة، وإيصالِ اللَّذة والألم إلى الروح والبدن فى المعاش والمعاد، وتفاوتِ المراتب فى ذلك بأسباب مقتضية بالغة ممن هو قائمٌ على كُلِّ نفس بما كسبت.


فصل

فى جواز مباغتة المعاهدين إذا نقضوا العهد

وفى هذه القصة جوازُ مباغتة المعَاهَدِينَ إذا نقضُوا العهد، والإغارةُ عليهم، وألا يُعلمهم بمسيره إليهم، وأما ما داموا قائمين بالوفاء بالعهد، فلا يجوزُ ذلك حتى يَنْبِذَ إليهم على سواء


فصل

فى جواز استحباب كثرة المسلمين لرسل العدو

وفيها:جواز بل استحباب كثرة المسلمين وقوتهم وشوكتهم وهيئتهم لرسل العدوِّ إذا جاؤوا إلى الإمام كما يفعل ملوك الإسلام، كما أمر النبى صلى الله عليه وسلم بإيقاد النيران ليلة الدخول إلى مكة، وأمر العباس أن يحبس أبا سفيان عند خطم الجبل، وهو ما تضايق منه حتى عُرِضت عليه عساكر الإسلام، وعصابة التوحيد وجند الله، وعُرِضت عليه خاصِكية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم فى السلاح لا يُرى منهم إلا الحدق، ثم أرسله، فأخبر قريشاً بما رأى .


فصل

فى جواز دخول مكة للقتال المباح بغير إحرام

وفيها: جواز دخول مكة للقتال المباح بغير إحرام، كما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، وهذا لا خلاف فيه، ولا خلاف أنه لا يدخلها مَن أراد الحج أو العُمْرة إلا بإحرام، واختُلِفَ فيما سوى ذلك إذا لم يكن الدخولُ لحاجة متكررة، كالحشَّاشِ والحطَّاب، على ثلاثة أقوال:

أحدها: لا يجوزُ دخولُها إلا بإحرام، وهذا مذهبُ ابنِ عباس رضى الله عنه، وأحمد فى ظاهر مذهبه، والشافعى فى أحد قوليه .

والثانى: أنه كالحشَّاشِ والحطَّاب، فيدخُلها بغير إحرام، وهذا القولُ الآخر للشافعى، ورواية عن أحمد .

والثالث: أنه إن كان داخِلَ المواقيت، جاز دخولُه بغير إحرام، وإن كان خارجَ المواقيت، لم يدخُلْ إلا بإحرام، وهذا مذهب أبى حنيفة وهَدْىُ رسول الله صلى الله عليه وسلم معلومٌ فى المجاهد، ومريدِ النُّسك، وأما مَنْ عداهما فلا واجبَ إلا ما أوجبه اللهُ ورسولُه، أو أجمعت عليه الأُمةُ .

وفيها البيانُ الصريح بأن مكة فُتِحَتْ عَنْوَةً كما ذهب إليه جمهورُ أهل العلم، ولا يُعرف فى ذلك خلاف إلا عن الشافعى وأحمد فى أحد قوليه، وسياق القصة أوضحُ شاهد لمن تأمله لقول الجمهور، ولـمَّا استهجن أبو حامد الغزالى القول بأنها فُتِحَتْ صلحاً، حكى قول الشافعى أنها فُتِحَتْ عَنوة فى (( وسيطه ))، وقال: هذا مذهبُه .

قال أصحاب الصلح: لو فتحت عَنوة، لقسمها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين الغانمين كما قسم خَيْبَر، وكما قسم سائر الغنائم مِن المنقولات، فكان يُخمسها ويَقْسِمُها، قالوا: ولما استأمن أبو سفيان لأهل مكة لما أسلم، فأمَّنهم،كان هذا عقد صلح معهم، قالوا: ولو فُتِحَتْ عَنوة، لملكَ الغانمون رباعها ودورَها، وكانوا أحقَّ بها مِن أهلها، وجاز إخراجهم منها، فحيثُ لم يحكم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فيها بهذا الحُكم، بل لم يَرُدَّ على المهاجرين دُورَهُم التى أُخْرِجُوا منها، وهى بأيدى الذين أخرجوهم، وأقرَّهم على بيع الدور وشرائها وإجارتها وسكناها، والانتفاع بها، وهذا مناف لأحكام فتوح العَنوة، وقد صرَّح بإضافة الدُور إلى أهلها، فقال: (( مَنْ دَخَلَ دَارَ أبى سُفْيَانَ، فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَهُ، فَهُوَ آمِنٌ )) .

قال أرباب العَنوة: لو كان قد صالحهم لم يكن لأمانه المقيَّد بدخول كُلِّ واحد داره، وإغلاقِه بابه، وإلقائه سلاحه فائدة، ولم يُقاتِلْهم خالدُ بن الوليد حتى قتل منهم جماعة، ولم يُنكر عليه، ولَمَا قَتَلَ مَقيسَ بن صُبابة ، وعبدَ الله بن خَطَلٍ ومَن ذُكِرَ معهما، فإن عقد الصلح لو كان قد وقع، لاستثنى فيه هؤلاء قطعاً، ولنقل هذا وهذا، ولو فُتِحَتْ صُلحاً، لم يُقاتِلْهم، وقد قال: (( فإنْ أحَدٌ ترخَّصَ بقتال رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقُولُوا: إنَّ اللهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ ))، ومعلوم أن هذا الإذن المختصَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما هو الإذن فى القتال لا فى الصلح، فإن الإذن فى الصلح عام .

وأيضاً فلو كان فتحُها صلحاً، لم يقل: إن الله قد أحلَّها له ساعةً من نهار، فإنها إذا فُتِحَت صُلحاً كانت باقية على حُرْمتها، ولم تخرج بالصُّلْح عن الحُرْمة، وقد أخبر بأنها فى تلك الساعة لم تكن حراماً، وأنها بعد انقضاء ساعة الحربِ عادت إلى حُرْمتها الأُولى .


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس