عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-2003, 01:18 PM   #4
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



قال موسى بن عقبة: ثم دخل اليهودُ حِصناً لهم منيعاً يقال له: القَمُوص، فحاصرهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قريباً مِن عشرينَ ليلة، وكانت أرضاً وَخْمَةً شَدِيدَةَ الحرِّ، فجُهِدَ المسلمون جَهْدَاً شديداً، فذبحوا الحُمُرَ فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكلها، وجاء عبدٌ أسود حبشى من أهل خيبر، كان فى غنم لسيده، فلما رأى أهلَ خيبر قد أخذوا السلاح، سألهم ما تُريدون ؟ قالوا: نُقاتل هذا الذى يزعم أنه نبىٌ، فوقع فى نفسه ذكر النبى صلى الله عليه وسلم، فأقبل بغنمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ماذا تقول وما تدعو إليه ؟ قال: (( أَدْعُو إلى الإسْلام، وأَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إلهَ إلا الله، وأنِّى رَسُولُ الله، وأَنْ لا تَعْبُدَ إلا الله )). قال العبدُ: فمالى إن شهدتُ وآمنتُ باللهِ عَزَّ وجَلَّ ؟ قال: (( لَكَ الجَنَّةُ إنْ مِتَّ على ذلكَ ))، فأسلم، ثم قال: يا نبىَّ اللهِ؛ إن هذه الغنم عندى أمانة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أخْرِجْها مِنْ عِنْدِكَ وارْمِها بالحَصْباءِ، فإنَّ اللهَ سَيُؤَدِّى عَنْكَ أَمَانَتَكَ ))، ففعل، فرجعت الغنم إلى سيِّدها، فعلم اليهودى أن غلامه قد أسلم، فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فى الناس، فوَعَظهم، وحضَّهم على الجهاد، فلما التقى المسلمون واليهودُ، قُتِلَ فيمن قُتِلَ العبدُ الأسود، فاحتمله المسلمون إلى معسكرهم، فأُدخل فى الفُسْطَاطِ، فزعموا أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم اطلع فى الفُسطاط، ثم أقبل على أصحابه وقال: (( لَقَدْ أَكْرَمَ اللهُ هذا العَبْدَ، وسَاقَهُ إلى خَيْرٍ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ اثْنَتَيْنِ مِنَ الحُور العين، وَلَمْ يُصَلِّ للهِ سَجْدَةً قَطُّ )).

قال حمَّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ فقال: يا رسولَ اللهِ؛ إنى رجل أسودُ اللَّون، قبيحُ الوجه، مُنْتِنُ الرِّيح، لا مالَ لى، فإن قاتلتُ هؤلاء حتى أُقْتَلَ، أأدخلُ الجنَّة ؟ قال: (( نعم ))، فتقدَّم، فقاتلَ حتَّى قُتِلَ، فأتى عليه النبىُّ صلى الله عليه وسلم وهو مقتول، فقال: (( لَقَدْ أَحْسَنَ اللهُ وَجْهَكَ، وَطَيَّبَ رِيحَكَ، وَكَثَّرَ مَالَكَ ))، ثم قال: (( لَقَدْ رَأَيْتُ زَوْجَتَيْهِ مِنَ الحُورِ العينِ يَنْزِعَان جُبَّتَهُ عَنْهُ، يدْخُلانِ فِيما بَيْنَ جِلْدِهِ وجُـبَّته )).

وقال شدَّادُ بنُ الهاد: جاء رجل من الأعرابِ إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فآمنَ به واتَّبعه، فقَالَ: أُهاجِرُ معكَ، فأوصى به بعضَ أصحابه، فلما كانت غزوةُ خيبر، غَنِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، فقسمه، وقسم للأعرابى، فأعطى أصحابه ما قسمه له، وكان يَرعى ظهرَهم، فلما جاء، دفعُوهُ إليه، فقال: ما هذا ؟ قالوا: قَسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأخذهُ، فجاء به إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: ما هَذَا يا رسول اللهِ ؟ قال: (( قَسْمٌ قَسَمْتُهُ لَكَ ))، قال: ما على هذا اتبعتُك، ولكن اتبعتُك على أن أُرمى هاهنا وأشار إلى حَلْقِه بسهم، فأموتَ فأدخل الجنَّة، فقال: (( إنْ تَصْدُقِ اللهَ يَصْدُقْكَ ))، ثم نهض إلى قتال العدو، فأُتِى به إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهو مقتول، فقال: (( أهو هو )) ؟ قالوا: نعم. قال: (( صَدَقَ اللهَ فَصَدَقَهُ ))، فكفَّنه النبىُّ صلى الله عليه وسلم فى جبته، ثم قدَّمه، فصلَّى عليه، وكان مِن دعائه له: (( اللَّهُمَّ هذا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهاجِراً فى سَبِيلِكَ، قُتِلَ شَهِيداً، وأَنَا عَلَيْهِ شَهِيدٌ)).

قال الواقدى: وتحوَّلت اليهود إلى قلعة الزبير: حصنٍ منيع فى رأس قُلّةٍ، فأقام رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثلاثةَ أيام، فجاء رجل من اليهود يقال له (( عزال )) فقال: يا أبا القاسم؛ إنك لو أقمتَ شهراً ما بَالوا، إن لهم شراباً وعُيوناً، تحتَ الأرض، يخرجُون بالليل، فيشربُون منها، ثم يرجعون إلى قلعتهم، فيمتنعُون منك، فإن قطعْت مشربَهم عليهم أصحَرُوا لك، فسار رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى مائهم، فقطعه عليهم، فلما قُطِع عليهم،خرجوا، فقاتلُوا أشد القتال، وقُتِلَ مِن المسلمين نَفَرٌ، وأُصيب نحو العشرة من اليهود، وافتتحه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تحوَّل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل الكُتَيْبَةِ والوَطِيح والسُّلالِم حصنِ ابن أبى الحُقيق، فتحصَّن أهلُه أشد التحصن، وجاءهم كُل فَلٍّ كان انهزم مِن النَّطاة والشَّق، فإن خيبر كانت جانبين: الأول:الشَّق والنَّطاة، وهو الذى افتتحه أولاً، والجانب الثانى: الكُتيبة والوطيح والسُّلالم، فجعلوا لا يخرجُون مِن حُصونهم حتى همَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن ينصبَ عليهم المَنجنيق، فلما أيقنُوا بالهَلَكَةِ، وقد حصرهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أربعةَ عشر يوماً، سألُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم الصُّلْحَ، وأرسل ابنُ أبى الحُقيق إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: أنْزِلُ فَأُكَلِّمك ؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (( نعم ))، فنزل ابنُ أبى الحُقيق، فصالَحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم على حقن دِماء مَنْ فى حُصونهم من المقاتلة وتركِ الذُّرِّيَّة لهم، ويخرجُون من خيبر وأرضِها بذراريهم، ويُخلُّون بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينَ ما كان لهم من مال وأرض، وعلى الصفراء والبيضاء، والكُراع والحلقة إلا ثوباً على ظهر إنسان، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (( وَبَرِئَتْ مِنْكُم ذَِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ إنْ كَتَمْتُمونى شَيْئاً ))، فصالحوه على ذلك.

قال حمَّادُ بن سلمة: أنبأنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: (( أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم، فغلبَ على الزرعِ والنخل والأرض، فصالحُوه على أن يُجلوا منها، ولهم ما حملت ركابُهم ولِرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراءُ والبيضاءُ، واشترط عليهم أن لا يكتموا ولا يُغَيِّبُوا شيئاً، فإن فعلُوا فلا ذِمَّةَ لهم ولا عهد، فغيَّبوا مَسْكاً فيه مال وحُلى لحُيَىّ بن أَخْطَب، كان احتمله معه إلى خيبر حين أُجليت النضيرُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِعم حُيى ابن أخطب: (( ما فَعَلَ مَسْكُ حُيَىّ الذى جَاءَ بِهِ مِنَ النَّضِير )) ؟. قال: أذهبته النفقاتُ والحروب، فقال: (( العَهْدُ قَريبٌ، والمَالُ أكْثَرُ مِنْ ذلِكَ ))، فدفعه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الزُّبير، فمسَّه بعذاب، وقد كان قبل ذلك دخل خربة فقال: (( قَدْ رأيْتُ حُيَيّاً، يَطُوفُ فى خربة هاهنا ))، فذهبوا، فطافوا، فوجدوا المَسْكَ فى الخربة، فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنى أبى الحُقيق، وأحدُهما زوج صفية بنت حُيَىّ بن أخطب، وسبى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نساءهم وذراريهم، وقسم أموالَهم بالنَّكْثِ الذى نَكَثُوا، وأراد أن يُجليهم منها، فقالوا: يا محمد؛ دعنا نكُون فى هذه الأرض نُصلِحُها ونقوم عليها، فنحن أعلم بها منكم، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها، وكانوا لا يفرغُون يقومون عليها، فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطرَ مِن كل زَرعٍ وكل ثمرٍ ما بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم. وكان عبد الله بن رواحة يخرصُه عليهم كما تقدم. ولم يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الصلح إلا ابنى أبى الحُقيق للنكث الذى نكثوا، فإنهم شرطوا إن غيَّبوا، أو كتموا، فقد برئت منهم ذِمَّة الله وذِمَّة رسوله، فغيَّبوا، فقال لهم: (( أين المال الذى خرجتم به من المدينة حين أجليناكم )) ؟ قالوا:ذهب فحلفوا على ذلك ، فاعترف ابن عم كنانه عليهما بالمال حين دفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الزبير يعذبه ، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم كنانه إلى محمد بن مسلمة فقتله ويقال : إن كنانه هو كان قتل أخاه محمود بن مسلمه.

وسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفيه بنت حيي بن أخطب وابتة عمتها ، وكانت صفية تحت كنانه لن أبى الحقيق ، وكانت عروساً حديثة عهد بالدخول ، فأمر بلالاً أن يذهب بها إلى رحله ، فمر بها بلال وسط القتلى ، فكره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال : أذهبت الرحمة منك يا بلال.

وعرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام، فأسلمت، فاصطفاها لنفسه، وأعتقها، وجعل عِتْقَهَا صَدَاقها، وبنى بها فى الطريق، وأولم عليها، ورأى بوجهها خُضرةً، فقال: (( ما هذا )) ؟ قالت: يا رسولَ اللهِ؛ رأيتُ قبل قدومك علينا، كأن القَمرَ زال من مكانه، فسقط فى حَجرى، ولا واللهِ ما أذكرُ مِن شأنك شيئاً، فقصصتها على زوجى، فلطم وجهى، وقال: تمنين هذَا المَلِكَ الذى بالمدينة.

وشك الصحابة: هل اتخذها سُرِّيَّة أو زوجة ؟ فقالوا: انظروا إن حجبها، فهى إحدى نِسائه، وإلا فهى مما ملكتْ يمينُه، فلما رَكِب، جعل ثَوبه الذى ارتدى به على ظهرها ووجهها، ثم شدَّ طرفه تحته، فتأخَّرُوا عنه فى المسير، وعَلِمُوا أنها إحدى نسائه، ولما قدم لِيحملها على الرَحْل أجلَّته أن تضع قدمها على فخذه، فوضعت ركبتها على فخذه ثم ركبت.

ولما بنى بها، بات أبو أيوب ليلَته قائماً قريباً من قُبته، آخذاً بقائم السيف حتى أصبح، فلما رأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، كبَّرَ أبو أيوب حين رآه قد خرج، فسأله رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (( مالك يا أبا أيوب )) ؟ فقال له: أَرِقْتُ ليلتى هذِهِ يا رسولَ اللهِ لما دخلتَ بهذه المرأة، ذكرتُ أنك قتلتَ أباها وأخاها، وزوجَها وعامةَ عشيرتها، فخِفْتُ أن تغتالك. فضحِكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال له معروفاً.


فصل

فى كيف قَسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر

وقسم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خيبرَ على ستة وثلاثين سهماً، جمع كُلُّ سهم مائةَ سهمٍ، فكانت ثلاثةَ آلافٍ وستَّمائة سَهْمٍ، فكان لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النصفُ مِن ذلك، وهو ألف وثمانمائة سهم، لرسول الله صلى الله عليه وسلم سهمٌ كسهمِ أحدِ المسلمين، وعَزَلَ النِّصفَ الآخر، وهو ألف وثمانمائة سهمٍ لنوائبه وما ينزلُ به من أُمور المسلمين، قال البيهقى: وهذا لأن خيبر فُتحَ شَطْرُهَا عَنْوَةً، وشطرُها صُلحاً، فقسم ما فتح عَنوةً بين أهلِ الخمس والغانمين، وعزل ما فتح صلحاً لِنوائبه وما يحتاجُ إليه من أُمور المسلمين.
قلت: وهذا بناء منه على أصل الشافعى رحمه الله، أنه يجب قسم الأرض المفتتحةِ عَنوة كما تُقسم سائرُ المغانم، فلما لم يجده قسم النصفَ مِن خيبر، قال: إنه فُتِح صلحاً. ومَن تأمّل السيرَ والمغازىَ حقَّ التأمل، تبيَّن له أن خيبر إنما فُتحت عَنوة، وأن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم استولى على أرضها كُلِّهَا بالسيفِ عَنوة، ولو فُتِح شئ منها صُلحاً، لَم يُجلهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم منها، فإنه لما عزم على إخراجهم منها، قالوا: نحن أعلمُ بالأرض منكم، دعونا نكون فيها، ونعمرها لكم بشرط ما يخرج منها، وهذا صريح جدا في أنها إنما فتحت عنوة، وقد حصل بين اليهود والمسلمين بها من الحراب والمبارزة والقتل من الفريقين ما هو معلوم، ولكن لما أُلجئُوا إلى حصنهم نزلوا على الصلح الذي بذلوه، أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء، والحَلْقَةَ والسلاح، ولهم رقابهم وذريتهم، ويجلوا من الأرض، فهذا كان الصلح، ولم يقع بينهم صلح أن شيئاً من أرض خيبر لليهود، ولا جرى ذلك البتة، ولو كان كذلك، لم يقل: نقركم ما شئنا، فكيف يقرهم في أرضهم ما شاء؟ ولم كان عمر أجلاهم كُلَّهم مِن الأرضِ، ولم يُصالحهم أيضاً على أن الأرضَ للمسلمين، وعليها خراجٌ يؤخذ منهم، هذا لم يقع، فإنه لم يضرب على خيبر خراجاً البتة.

فالصوابُ الذى لا شكَّ فيه: أنها فُتِحت عَنوة، والإمام مُخيَّر فى أرض العَنوة بين قَسْمها ووقفها، أو قَسْمِ بعضها ووقفِ البعض، وقد فعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الأنواع الثلاثة، فقسم قُريظة والنضير، ولم يَقْسِمْ مكة، وقسم شَطْرَ خيبر، وترك شطرها، وقد تقدَّم تقريرُ كون مكة فُتِحت عَنوة بما لا مدفع له.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس