عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-2003, 06:24 AM   #134
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



لما كَثُرَ المدَّعون للمحبة، طُولِبُوا بإقامة البيِّنة على صحة الدعوى، فلو يُعطى الناسُ بدعواهم، لادَّعى الخَلِىُّ حِرْفَةَ الشَّجِىِّ، فتنوع المدعون فى الشهودِ، فقيل: لا تثبُت هذه الدعوى إلا بِبينَّةٍ {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللهُ} [آل عمران: 31]، فتأخر الخلقُ كُلُّهم، وثبت أتباعُ الرسول فى أفعالهِ وأقوالهِ وهديه وأخلاقِه، فطُولِبُوا بعدالة البَيِّنة، وقيل: لا تُقَبلُ العدالةُ إلا بتزكية {يُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ} [المائدة: 54]، فتأخر أكثرُ المدعين للمحبة، وقام المجاهِدونَ، فقيل لهم: إن نفوسُ المحبِّين وأموالهم ليست لهم، فسلَّموا ما وقع عليه العقد، فإن الله اشترى مِن المؤمنين أنفسَهم وأموالَهُم بأن لهم الجنَّةَ، وعقدُ التبايع يُوجِبُ التسليمُ مِن الجانبين، فلما رأى التجارُ عظمةَ المشترى وقَدْرَ الثمن، وجَلالةَ قَدْرِ مَن جرى عقدُ التبايع على يديه، ومِقدارَ الكتاب الذى أُثْبِتَ فيه هذا العقدُ، عرفُوا أن للسلعة قدراً وشأناً ليس لِغيرها من السِّلع، فرأوا مِن الخُسران البَـيِّن والغَبْنِ الفاحش أن يبيعوها بثمن بَخْسٍ دَرَاهِمَ معدودة، تذهب لذَّتُهَا وشهوتُهَا، وتبقى تَبِعَتُهَا وحسرَتُها، فإن فاعل ذلك معدود فى جملة السفهاء، فعقدوا مع المشترى بيعةَ الرِّضوان رضىً واختياراً مِن غير ثبوت خيار، وقالوا: والله لا نَقِيلُكَ ولا نَسْتَقِيلُكَ، فلما تمَّ العقدُ، وسلَّموا المبيعَ، قيل لهم: قد صارت أنفُسكم وأموالُكم لنا، والآن فقد رددناها عليكم أوفرَ ما كانت وأضعافَ أموالكم معها {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]، لم نبتع منكم نفوسَكم وأموالكم طلباً للربح عليكم، بل لِيظهر أثرُ الجود والكرم فى قبول المعيب والإعطاء عليه أجلَّ الأثمان، ثم جمعنا لكم بين الثمن والمثمَّنِ. تأمل قصةَ جابر بن عبد الله ((وقد اشترى منه صلى الله عليه وسلم بعيرَه، ثمَّ وفَّاهُ الثَمَنَ وزادَهُ، ورَدَّ عليه البعير)) وكان أبوه قد قُتِلَ مع النبىِّ صلى الله عليه وسلم فى وقعةِ أُحُد، فذكَّره بهذا الفعلِ حالَ أبيه مع الله، وأخبره ((أنَّ الله أحياه، وكلَّمهُ كِفَاحاً وقَالَ: يَا عَبْدِى تَمَنَّ عَلَىَّ))، فسبحان مَنْ عَظُمَ جودُه وكرمُه أن يُحيط به علمُ الخلائق، فقد أعطى السلعةَ، وأعطى الثمنَ، ووفَّقَ لتكميلِ العقد، وقبل المبيعَ على عيبه، وأعاض عليه أجلَّ الأثمانَ، واشترى عبدهَ من نفسه بماله، وجمع له بين الثَّمَنِ والمُثَمَّنِ، وأثنى عليه، ومدحه بهذا العقد، وهو سبحانه الذى وفَّقه لهُ، وشاءه منه.

فَحيَّـهَلاَ إِنْ كُنْتَ ذَا هِمَّةٍ فَقَـدْ *** حَدَا بِكَ حَادِى الشَّوْقِ فَاطْوِ المَرَاحِلاَ
وقل لمنادي جبهم ورضــاهم *** إِذَا مَـا دَعَا لـبَّيْكَ أَلْفَاً كَوَامِلاَ
ولا تنظر الأطلال من دونهم فإن *** نَظَرْتَ إِلىَ الأَطْلاَلِ عُدْنَ حَوَائِــلاَ
ولا تنظر بالسير رفقة قاعـــد *** وَدَعْـهُ فإن الشَّـوْقَ يَكْفِيكَ حَامِلاَ
وخذ منهم زاداً إليهم وسـر على *** طَرِيقَ الهُدَى وَالحُبِّ تُصْبِحُ وَاصِـلاَ
وأحي بذكراهـم شراك إذا دنت *** رِكَابُكَ فَالذِّكْـرَى تُعِيدُك عَامِـلاَ
وَإِمَّا تَخَــافَنَّ الكَلاَلَ فَقُـلْ لَهَا *** أَمَامَكِ وِرْدُ الوَصْلَ فَابْغِى المَنَاهِـلاَ
وَخُـذْ قَبَسَاً مِنْ نُورِهمْ ثُمَّ سِرْ بِهِ *** فَـنُورُهُم يَهْـدِيكَ لَيْسَ المَشَاعِلاَ
وَحَيِّ عَلَى وَادِى الأَرَاكِ فَقِـلْ بِهِ *** عَسَــاكَ تَرَاهُم ثَمَّ إِنْ كُنْتَ قَائِلاَ
وَإِلا فَفِى نَعْمَانَ عِنْدِى مُعَرِّفُ الـ *** ـأحِبَّةِ فَاطْلُبْهُمْ إِذَا كُنْتَ سَـائِلاَ
وَإِلا فَفى جَمْعٍِ بِلَيْلَتِــهِ فَإِنْ *** تَفُتْ فَمِنىً يَا وَيْحَ مَنْ كَانَ غَافِـلاَ
وَحَيِّ عَلَى جَنَّاتِ عَــدْنٍ فَإِنَّها *** مَنَازِلُــكَ الأُولَى بِهَا كُنْتَ نَازِلاَ
وَلكِن سَبَاكَ الكَاشِحُونَ لأَجْلِ ذا *** وَقَفْتَ عَلَى الأَطْلاَلِ تَبْكِى المَنَـازِلاَ
وَحيِّ عَلَى يَوْمِ المَزِيدِ بِجَنَّـةِ الـ *** ـخُلُودِ فَجُدْ بِالنَّفْسِ إِنْ كُنْتَ بَاذِلاَ
فَدَعْهَا رُسُوماً دَارِسَاتٍ فَمَا بِهَـا *** مَقِيلٌ وَجَاوِزْهَا فَلَيْسَتْ مَنَـــازِلاَ
رُسُوماً عَفَتْ يَنْتَابُهَا الخَلْقُ كَمْ بِهَا *** قَتِيلٌ وَكَمْ فِيهَا لِذَا الخَلْقِ قَاتِـــلاَ
وَخُذْ يَمْنَةً عَنْهَا عَلَى المَنْهَجِ الَّـذِى *** عَلَيْهِ سَـرَى وَفْدُ الأَحِبَّةِ آهِـــلاَ
وَقُلْ سَاعِدِى يَا نَفْسُ بِالصَّبْرِ سَاعَةً *** فَعِـنْدَ اللِّقَـا ذَا الكَـدُّ يُصبْحُ زَائِلا
فَمَـا هِـىَ إِلا سَـاعَةٌ ثُمَّ تَنْقَضِى *** وَيُصْبِحُ ذُو الأَحْزَانِ فَرْحَانَ جَـاذِلا


لقد حرَّك الداعى إلى الله، وإلى دار السلام النفوسَ الأبيَّة، والهِممَ العالية، وأسمع منادى الإيمان مَن كانت له أُذُنٌ واعية، وأسمع الله مَن كان حياً، فهزَّه السماعُ إلى منازل الأبرار، وحدا به فى طريق سيره، فما حطَّت به رِحالُه إلا بدار القَرَارِ فَقَالَ: ((انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِى سَبِيلِهِ لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ إِيمَانٌ بِى، وتَصْدِيقٌ بِرُسُلى أَن أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ منْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَوْ أُدْخِلَهُ الجنَّةَ، وَلوْلاَ أَنْ أشُقَّ عَلَى أُمَّتِى مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَودِدْتُ أَنِّى أُقْتَلُ فى سَبِيلِ الله، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَل )).

وقال: ((مَثَلُ المُجَاهِدِ فى سَبِيلِ الله كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ القَانِتِ بآيَاتِ اللهِ لاَ يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلاَ صَلاَة حَتَّى يَرْجعَ المُجَاهِدُ فى سَبيل الله، وتوكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فى سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِماً مَعَ أَجْرٍ أَو غَنِيمةٍ)).

وقال: ((غَدْوَةٌ فى سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا ومَافيها)).

وقال فيما يَروى عن ربِّه تبارك وتعالى: ((أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِى خَرَجَ مُجَاهِداً فى سَبِيلى ابْتِغاءَ مَرْضَاتى، ضَمِنْتُ لهُ أَنْ أُرْجعه إِنْ أَرْجَعْتُهُ بِمَا أصابَ مِنْ أَجْرٍ أو غَنِيمَةٍ، وَإِنْ قَبَضْتُهُ أَنْ أَغْفِرَ له وَأَرْحَمَهُ وَأُدْخِلَهُ الجَنَّةَ)).

وقال: ((جَاهِدُوا فى سَبِيلِ اللهِ، فإنَّ الجِهَادَ فى سَبِيلِ الله بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ يُنْجِى اللهُ به مِنَ الهمِّ والغَمِّ)).

وقال: ((أَنَا زَعيمٌ والزَّعيمُ الحَميلُ لِمَنْ آمَنَ بى، وأَسْلَمَ وهَاجَرَ بَبيْتٍ فى رَبَضِ الجَنَّةِ، وبِبَيْتٍ فى وَسَطِ الجَنَّةِ، وَأَنَا زَعِيمٌ لِمَنْ آمَنَ بِى وَأَسْلَمَ، وَجَاهَدَ فى سَبِيلِ اللهِ بِبَيْتٍ فى رَبَضِ الجَنَّةِ، وَبِبَيْتٍ فى وَسَطِ الجَنَّةِ، وَبِبَيْتٍ فى أَعَلَى غُرَفِ الجَنَّةِ، مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، لَم يَدَعْ لِلْخَيْرِ مَطْلَباً، ولا مِنَ الشَّرِّ مَهْرَباً يَمُوتُ حَيْثُ شَاءَ أَنْ يموت)).

وقال: ((مَنْ قَاتَلَ فى سَبيلِ الله من رَجُل مُسْلِمٍ فُواقَ نَاقةٍ، وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّة)).

وقالَ: ((إِنَّ فى الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجةٍ أعَدَّهَا اللهُ للمُجاهِدِينَ فى سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأرْضِ، فَإذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فاسْأَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فإنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ وَأَعْلَى الجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَن، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أنهَارُ الجَنَّةِ)).

وقال لأبى سعيد: ((مَنْ رَضىَ باللَّهِ رباً، وبالإسْلامِ دِيناً، وبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّة))، فعجب لها أبُو سعيدٍ، فقال: أَعِدْهَا علىَّ يا رسُولَ اللهِ، فَفَعَل، ثم قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((وأُخْرَى يَرْفَعُ اللهُ بهَا العَبْدَ مِائَةَ دَرَجَةٍ فى الجَنَّةِ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأرْضِ))، قال: وما هى يا رسول اللهِ؟ قال:

((الجِهَادُ فى سَبِيلِ اللهِ)).


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس