عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-2003, 06:07 AM   #128
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وقد حكى عثمانُ بن سعيد الدَّارمى اتفاقَ الصَّحَابة على أنه لم يره.

قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية قدَّس الله روحَه: وليس قولُ ابن عباس: ((إنه رآه)) مناقِضاً لهذا، ولا قولُه: ((رآهُ بفُؤاده)) وقد صحَّ عنه أنه قال: ((رأيتُ ربِّى تَبَارَكَ وتَعَالَى ) ولكن لم يكن هذا فى الإسراء، ولكن كان فى المدينة لما احتُبِسَ عنهم فى صلاة الصبح، ثم أخبرهم عن رؤيةِ رَبِّه تبارك وتعالى تِلْكَ اللَّيْلَةَ فى منامه، وعلى هذا بنى الإمامُ أحمد رحمه الله تعالى، وقال: ((نعم رآه حقاً، فإنَّ رؤيا الأنبياء حق، ولا بُدَّ))، ولكن لم يَقُلْ أحمد رحمه الله تعالى: إنَّه رآهُ بِعَيْنَىْ رأسِهِ يقظةً، ومَن حكى عنه ذلك، فقد وَهِمَ عليه، ولكن قال مرّة: ((رآه))، ومرَّة قال: ((رآه بفؤاده))، فَحُكِيَتْ عنه رِوايتان، وحُكِيَت عنه الثالثة مِن تصُّرفِ بعض أصحابه: أنه رآه بعينى رأسه، وهذه نصوصُ أحمد موجودة، ليس فيها ذلك.

وأمَّا قولُ ابنِ عباس: ((إنَّه رآهُ بفُؤادِهِ مرتين))، فإن كان استنادُه إلى قوله تعالى: {مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11]، ثم قال: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13] والظاهر أنه مستندُه، فقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أن هذا المرئى جبريلُ، رآهُ مرَّتَيْنِ فى صُورته التى خُلِقَ عَلَيْهَا، وقول ابن عباس هذا هو مُسْتَنَدُ الإمام أحمد فى قوله: رآه بفؤاده، والله أعلم.

وأما قولُهُ تعالى فى سورة النجم: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: 8] فهو غير الدُّنو والتَّدلى فى قصة الإسراء، فإنَّ الذى فى ((سورة النجم)) هو دنُّو جبريل وتدلِّيه، كما قالت عائشةُ وابنُ مسعود، والسياقُ يَدُلُّ عليه، فإنه قال: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 5] وهو جبريل {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى* ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: 6-8]، فالضمائر كُلُّها راجعة إلى هذا المعلِّم الشديد القوى، وهو ذُو المِرَّة، أى: القوة، وهو الذى استوى بالأفق الأعلى، وهو الذى دنى فتدلَّى، فكان من محمد صلى الله عليه وسلم قَدْرَ قوسين أو أدنى، فأما الدُّنُوُّ والتدَّلى الذى فى حديث الإسراء، فذلك صريحٌ فى أنه دنوُّ الربِّ تبارك وتدلِّيه ولا تَعَرُّض فى ((سورة النجم)) لِذلك، بل فيها أنه رآه نزلةً أُخرى عِند سِدرةِ المنتهى، وهذا هو جبريلُ، رآهُ محمد صلى الله عليه وسلم على صُورته مرتين: مرة فى الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى، والله أعلم.


فصل

فلما أصبحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فى قومِه، أخبرهم بما أراه اللهُ عَزَّ وجَلَّ من آياتهِ الكبرى، فاْشْتَدَّ تكذيبُهم له، وأذاهُم وضراوتُهم عليه، وسألوه أن يَصِفَ لَهُمْ بَيْتَ المَقْدِسِ، فجلاَّهُ الله له حَتَّى عَايَنَهُ، فَطَفِقَ يُخِبُرهم عَنْ آياتِهِ، وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ أَن يَرُدُّوا عَلَيْهِ شَيْئًا.

وأخبَرَهُم عَنْ عِيرهم فى مَسْرَاهُ ورجوعِهِ، وأخبَرَهُم عن وقتِ قُدومِهَا، وأخبَرَهُم عن البعير الذى يَقْدُمُها، وكان الأمرُ كما قال، فلم يِزَدْهُم ذلك إلا نفوراً، وأبى الظالمون إلا كُفوراً.


فصل

وقد نقل ابن إسحاق عن عائشة ومعاوية أنهما قالا: ((إنما كان الإسراء بروحه، ولم يَفْقِد جسدَه))، ونُقِلَ عن الحسن البَصرى نحو ذلك، ولكن ينبغى أن يُعلم الفرقُ بين أن يُقال: كان الإسراءُ مناماً، وبين أن يُقال: كان بروحه دونَ جسده، وبينهما فرقٌ عظيم، وعائشة ومعاوية لم يقُولا: كان مناماً، وإنما قالا: ((أُسْرِىَ بِرُوحِهِ ولم يَفْقِدْ جَسَدَهُ))، وَفَرْقٌ بين الأمرين، فإن ما يراه النائم قد يكون أمثالاً مضروبة للمعلوم فى الصُّور المحسوسة، فيرى كأنَّه قد عُرِجَ به إلى السماء، أو ذُهِبَ به إلى مكة وأقطار الأرض، وروحُه لم تصعَد ولم تذهب، وإنما مَلَكُ الرؤيا ضَرَبَ له المِثَال، والَّذِينَ قالوا: عُرِجَ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم طائفتان: طائفةٌ قالت: عُرِجَ بروحه وبدنه، وطائفة قالت: عُرِجَ بروحه ولم يَفْقِدْ بدَنه، وهؤلاء لم يُرِيدُوا أن المِعراجَ كان مناماً، وإنما أرادوا أن الرُّوحَ ذاتَها أُسْرِىَ بها، وعُرِجَ بِهَا حقيقةً، وباشرت مِنْ جِنس ما تُباشِرُ بعد المفارقة، وكان حالُهَا فى ذلك كحالها بعد المفارقة فى صُعودها إلى السَّموات سماءً سماءً حتى يُنْتهى بها إلى السماء السابعة، فَتَقِفُ بَيْنَ يدى الله عَزَّ وجَلَّ، فيأمرُ فيها بمَا يَشَاءُ، ثم تنزل إلى الأرض، والذى كان لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم ليلةَ الإسراء أكملُ مما يحصُلُ للروح عند المفارقة.

ومعلوم أن هذا أمرٌ فوقَ ما يراهُ النائمُ، لكن لما كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فى مقام خَرْقِ العَوائِدِ، حتى شُقَّ بطنُهُ، وهو حى لا يتألم بذلك، عُرِجَ بذاتِ روحه المقدسة حقيقةً من غير إماتة، ومَنْ سِوَاهُ لا ينالُ بذاتِ روحِهِ الصُّعودَ إلى السماءِ إلا بَعْدَ الموتِ والمُفارقة، فالأنبياءُ إنما استقرَّت أرواحُهُم هناك بعد مفارقة الأبدان، وروحُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم صَعِدَت إلى هُنَاكَ فى حال الحياة ثم عادَت، وبعد وفاته استقرَّت فى الرفيق الأعلى مع أرواح الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومع هذا، فلها إشراف على البَدَنِ وإشراقٌ وتعلُّق به، بحيث يَرُدُّ السلامَ على مَن سَلَّمَ عَلَيْهِ، وبهذا التعلق رأى موسى قائماً يُصَلِّى فى قبره، ورآهُ فى السماء السادسة. ومعلوم أنه لم يُعْرَجْ بموسَى مِن قبره، ثم رُدَّ إليه، وإنما ذلك مقامُ رُوحِه واستقرارُها، وقبرُه مقامُ بدنه واستقراره إلى يوم معاد الأرواح إلى أجسادها، فرآهُ يُصَلِّى فى قبره، ورآه فى السماء السَّادِسَةِ، كما أنه صلى الله عليه وسلم فى أرفع مكان فى الرفيق الأعلى مستقِراً هناك، وبَدَنُه فى ضريحه غيرُ مفقود، وإذا سلَّم عليه المسلِّم ردَّ الله عليه روحه حتى يَرُدَّ عليه السلام، ولم يفارق الملأ الأعلى، ومن كَثُفَ إدراكُهُ، وغلظت طباعه عن إدراك هذا، فلينظرْ إلى الشَّمسِ فى عُلُوِّ محلها، وتعلُّقِهَا، وتأثيرهَا فى الأرض، وحياة النبات والحيوان بها، هذا وشأنُ الروح فوق هذا، فلها شأنٌ، وللأبدان شأن، وهذه النارُ تكون فى محلها، وحرارتُها تؤثِّر فى الجسم البعيد عنها، مع أنَّ الارتباط والتعلُّقَ الذى بَيْنَ الروحِ والبدنِ أقوى وأكملُ مِن ذلك وأتم، فشأنُ الروح أعلى من ذلك وألطف.

فَقُــلْ للعُيُــونِ الرُّمْــدِ إِيَّاكِ أَنْ تَرَىْ *** سَنَا الشَّمْسِ فَاسْتَغْشِى ظَلاَمَ اللَّيَالِيَا


فصل

قال موسى بن عُقبة عن الزهرى: ((عُرِجَ بُروحِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى بيتِ المقدس وإلى الساء قبلَ خروجه إلى المدينة بسنة))، وقال ابن عبد البر وغيره: كان بين الإسراء والهجرة سنة وشهران.. انتهى.
وكان الإسراءُ مرَّةً واحدة. وقيل: مَرَّتين: مرة يقظةً، ومرة مناماً، وأربابُ هذا القول كأنَّهُم أرادوا أن يجمعوا بين حديثِ شريك، وقوله: ثم استيقظتُ، وبين سائرِ الروايات، ومنهم مَنْ قال: بل كان هذا مرتين، مرة قبل الوحى لقوله فى حديث شريك: ((وذلك قبل أن يُوحَى إليه))، ومرة بعد الوحى، كما دلَّت عليه سائر الأحاديث، ومنهم مَن قال: بل ثلاثُ مرات: مرة قبل الوحى، ومرَّتين بعده، وكل هذا خبط، وهذه طريقةُ ضعفاء الظاهرية مِنْ أرباب النَّقْلِ الذين إذا رأوا فى القصة لفظة تُخالِفُ سياقَ بعضِ الروايات، جعلُوه مرة أخرى، فكلما اختلفت عليهم الرواياتُ، عدَّدوا الوقائع، والصوابُ الذى عليه أئمةُ النقل أن الإسراء كان مرةً واحِدةً بمكَّة بعد البِعثة.

ويا عجبا لهؤلاء الذين زعموا أنه مراراً، كيف ساغ لهم أن يظنُّوا أنه فى كل مرة تُفرض عليه الصلاة خمسين، ثم يتردَّد بين ربه وبين موسى حتى تصيرَ خمساً، ثم يقول: ((أمضيتُ فريضتى، وخففتُ عن عبادى)) ثم يعيدها فى المرة الثانية إلى خمسين، ثم يحطها عشراً عشراً، وقد غلَّط الحُفَّاظُ شريكاً فى ألفاظ مِن حديث الإسراء ومسلم أورد المسند منه ثم قال: فقدَّم وأخَّر وزاد ونقص، ولم يسرد الحديث، فأجاد رحمه الله.


فصل

في مبدأ الهجرة التي فرَّق اللهُ فيها بين أعدائه وأوليائه،وجعلها مبدأً لإعزاز دينه ونصر عبده ورسُوله:

قال الواقدى: حدَّثنى محمدُ بن صالح، عن عاصم بن عمر بن قتادة ويزيد بن رومان وغيرهما قالوا: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ ثلاثَ سِنِينَ مِن أوَّلِ نُبوته مُستخفياً، ثم أعلنَ فى الرَّابِعة، فدعا النَّاسَ إلى الإسلام عَشْرَ سِنِينَ، يُوافى المَوْسِمَ كُلَّ عام، يتَّبعُ الحاجَّ فى منازلهم، وفى المواسم بعُكاظ، ومَجَنَّة، وذى المَجَاز، يدعوهم إلى أن يمنَعُوهُ حتى يُبَلِّغَ رِسَالاتِ ربِّه ولهم الجنةُ، فلا يَجِدُ أحداً ينصُره ولا يُجيبه، حتى إنه ليسألُ عن القبائل ومنازِلهَا قبيلةً قبيلةً، ويقول: ((يا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لاَ إِلهَ إِلا الله تُفْلِحُوا، وَتمْلِكُوا بِهَا العَرَبَ، وتَذِلَّ لَكُم بِهَا العَجَمُ، فَإذَا آمَنْتُم، كُنْتُم مُلُوكاً فى الجَنَّةِ))، وأبو لَهَبٍ وراءَه يقولُ: لا تُطِيعُوهُ فإنَّهُ صَابِىء كَذَّاب، فيردُّونَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبحَ الرَّدِّ، ويُؤذونه، ويقولون: أُسرتُك وعشيرتُكَ أعلمُ بِكَ حيثُ لم يَتَّبِعُوك، وهُوَ يدعُوهم إلى الله، ويقول: ((اللَّهُمَّ لَوْ شِئْتَ لَمْ يَكُونُوا هكَذَا)) قال: وكان ممن يسمَّى لنا مِن القبائِلِ الَّذِينَ أتاهُم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم، وعَرَضَ نفسَه عليهم: بنو عامر بن صَعْصَعَةَ، ومحارب بن حَصَفة، وفَزَارَة، وغسَّان، ومُرَّة، وحنيفة، وسُلَيم، وعَبْس، وبنو النَّضر، وبنو البكاء، وكِندة، وكلب، والحارث بن كعب، وعُذرة، والحضَارِمة، فلم يستجب منهم أحد.


فصل

وكان مِما صنع الله لِرسوله أن الأوسَ والخزرجَ كانُوا يسمعُونَ مِن حُلفائهم مِن يهودِ المدينةِ أن نبياً من الأنبياء مبعوثٌ فى هذا الزمانِ سَيَخْرُج، فَنَتَّبِعُهُ ونقتُلكُم معه قَتْلَ عَادٍ وإرَمٍ، وكانت الأنصارُ يحجُّونَ البيتَ كما كانتِ العربُ تحجُّه دونَ اليهود، فلما رأى الأنصارُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناسَ إلى اللَّهِ عزَّ وجَلَّ، وتأمَّلُوا أحوَاله، قال بعضُهم لبعض: تَعْلَمُونَ واللهِ يا قَوْمُ أَنَّ هذا الَّذِى تَوَعَّدُكُم بِهِ يَهُودُ، فَلا يَسْبِقُنَّكُم إِلَيْهِ. وكانَ سُويدُ بنُ الصَّامِت من الأوسِ قد قَدِمَ مَكَّةَ، فدعاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلم يُبْعِدْ وَلَم يُجِبْ حتَّى قَدِمَ أنس بن رافع أبو الحيسر فى فِتيةٍ مِن قومهِ من بنى عَبْدِ الأَشْهَلِ يطلُبُون الحِلف، فدعاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسْلام، فقال إياسُ بنُ معاذ وكان شاباً حَدَثاً: يا قومُ ؛ هذا واللهِ خَيْرٌ مِما جئِنَا له، فضربَه أبو الحيسر وانتهره، فسكتَ، ثم لم يَتِمَّ لهم الحِلْفُ، فانصرَفُوا إلى المدينةِ.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس