عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-2003, 06:37 AM   #114
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (06:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



فصل

فى التسليم على مَن يواجهه وتحمله السلام للغائب

وكان يُسلِّم بنفسه على مَن يُواجهه، ويُحَمِّلُ السَّلامَ لمن يُريد السَّلام عليه مِن الغائبين عنه، ويتحمَّل السلامَ لمن يبلِّغه إليه، كما تحمَّل السلام مِن اللَّه عَزَّ وجَلَّ على صِّدِّيقةِ النساء خديجةَ بنت خويلد رضى اللَّه عنها لما قال له جبريلُ: ((هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أتَتْكَ بِطَعَامٍ، فَاقْرَأْ [عَلَيْهَا] السَّلامَ مِنْ ربِّهَا)) [ومِنِّى] وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فى الجَنَّةِ)).

وقال للصِّدِّيقة الثانية بنت الصِّديق عائشةَ رضى اللَّه عنها: ((هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأْ عَلَيْكِ السَّلامَ)) فَقَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه، يَرَى مَا لاَ أرَى.


فصل

فى انتهاء السلام إلىوبركاته)

وكان هديُه انتهاء السلام إلى: ((وبركاتُهُ))، فذكر النَّسائى عنه ((أن رجلاً جاء فقال: السَّلامُ عليكم، فَرَدَّ عَلَيْهِ النبىُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: ((عَشْرَةٌ)) ثُمَّ جلس، ثم جَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: ((عِشْرُونَ)) ثُمَّ جَلَسَ وَجَاءَ آخَرُ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّه وبَرَكَاتُه، فَرَدَّ عَلَيْهِ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: ((ثَلاثُونَ)) رواهُ النَّسائى، والترمذى من حديث عمران بن حصين، وحسَّنه.

وذكره أبو داود من حديثِ معاذِ بن أنسِ، وزاد فيه: ((ثُمَّ أتى آخَرُ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ، فَقَالَ: ((أرْبًَعُونَ)) فقَالَ: هكذَا تكُونُ الفَضَائِلُ)). ولا يثبت هذا الحديثُ، فإن له ثلاث علل: إحداها: أنه من رواية أبى مرحوم عبد الرحيم بن ميمون، ولا يُحتج به. الثانية: أن فيه أيضاً سهلَ بن معاذ وهو أيضا كذلك، الثالثة: أن سعيد بن أبى مريم أحدَ رواته لم يجزم بالرواية بل قال: أظنُّ أنى سمعتُ نافع بن يزيد.

وأضعفُ مِن هذَا الحديثُ الآخر عن أنس: كان رجل يمُر بالنبىِّ صلى الله عليه وسلم يقول: السَّلامُ عَلَيْكَ يا رسول اللَّه، فيقولُ له النبىُ صَلى الله عَليه وسلم: ((وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُه وَمَغْفِرَتُه وَرضْوَانُه)) فقيل له: يا رسول اللَّه ؛ تُسَلِّم على هذا سلاماً ما تُسلِّمه على أحدٍ من أصحابك؟ فقال: ((ومَا يَمْنَعُنى مِنْ ذلِكَ، وَهُوَ يَنْصَرِفُ بِأَجْرِ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً))، وكَانَ يَرْعَى عَلَى أصْحَابِهِ.


فصل

فى التسليم ثلاثاً

وكان من هَدْيه صلى اللَّه عليه وسلم أن يُسلِّمَ ثلاثاً كما فى ((صحيح البخارى)) عن أنس رضى اللَّه عنهُ قال: كانَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ((إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أعَادَهَا ثَلاثاً حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ، وَإذَا أتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ سَلَّمَ ثَلاثاً))، ولعل هذا كان هَدْيَه فى السلام على الجمع الكثير الذين لا يبلغُهم سلام واحد، أو هَدْيَه فى إسماع السلام الثانى والثالث، إن ظنَّ أن الأولَ لم يحصُل به الإسماع كما سلَّم لما انتهى إلى منزل سعد بن عُبادة ثلاثاً، فلما لم يُجبه أحد رجع، وإلا فلو كان هَدْيُه الدائمُ التسليمَ ثلاثاً لكان أصحابُه يُسلِّمونَ عليه كذلك، وكان يُسلِّمُ على كُلِّ مَن لقيه ثلاثاَ، وإذا دخل بيته ثلاثاً، ومَن تأمل هَدْيَه، علِم أن الأمر ليس كذلك، وأنَّ تكرار السلامِ كان منه أمراً عارضاً فى بعض الأحيان، واللَّه أعلم.


فصل

فى بدئه مَن لقيه بالسلام والرد على التحية بمثلها أو أفضل منها

وكان يبدأ مَن لقيه بالسلام، وإذا سلَّم عليه أحدٌ، ردَّ عليهِ مِثلَ تحيته أو أفضلَ منها على الفور من غير تأخير، إلا لِعذر، مثل حالة الصلاة، وحالة قضاء الحاجة.

وكان يُسمِعُ المسلم ردَّهُ عليه، ولم يكن يَرُدُّ بيده ولا رأسه ولا أصبعه إلا فى الصلاة، فإنه كان يرد على مَن سلَّم عليه إشارة، ثبتَ ذلك عنه فى عدة أحاديث، ولم يجئ عنه ما يعارضها إلا بشئ باطل لا يصح عنه كحديث يرويه أبو غطفان - رجل مجهول - عن أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَشَارَ فى صَلاَتِهِ إشَارَةً تُفْهمُ عَنْهُ، فَلْيُعِدْ صَلاتَهُ)) قال الدارقطنى: قال لنا ابن أبى داود: أبو غطفان هذا رجل مجهول، والصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يُشير فى الصلاة، رواه أنس وجابر وغيرهما عن النبى صلى الله عليه وسلم.


فصل

فى صفة السلام

وكان هَدْيه فى ابتداء السلام أن يقول: ((السَّلامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللَّهِ))، وكان يكره أن يقول المبتدئ: عليك السلام.

قال أبو جُرَىَّ الهُجيمىُّ: أتيتُ النبىَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: عَلَيكَ السَّلاَمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: ((لا تَقُلْ عَلَيْكَ السَّلامُ، فَإنَّ عَلَيْكَ السَّلامُ تَحيةُ المَوْتَى)) حديث صحيح.

وقد أشكل هذا الحديثُ على طائفة، وظنُّوهُ معارضاً لما ثبت عنه صلى اللَّه عليه وسلم فى السلام على الأموات بلفظ: ((السَّلامُ عَلَيْكُم)) بتقديم السلام، فظنوا أن قوله: ((فإن عليكَ السلام تَحيَّةُ المَوْتَى)) إخبار عن المشروع، وغلِطُوا فى ذلك غلطاً أوجب لهم ظَنَّ التعارض، وإنما معنى قوله: ((فإنَّ عَلَيْكَ السَّلامُ تَحيَّةُ المَوْتَى)) إخبار عن الواقع، لا المشروعُ، أى: إن الشعراء وغيرَهم يحيُّون الموتى بهذه اللفظة، كقول قائلهم:

عَلَيْكَ سَلاَمُ اللَّهِ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ *** وَرَحْمَتُـهُ مَا شـَاءَ أنْ يَتَرحَّمــَا
فَمَا كَانَ قَيْسُ هُلْكُه هُلْكَ واحِدٍ *** وَلَكــنَّهُ بُنْيَـانُ قَــوْمٍ تهدَّمَـا

فكره النبىُّ صلى الله عليه وسلم أن يُحيَّى بتحية الأموات، ومِن كراهته لذلك لم يردَّ على المسلِّم بها.

وكان يردُّ على المُسلِّمِ: ((وَعَلَيْكَ السَّلامُ)) بالواو، وبتقديم ((عَلَيْكَ)) على لفظ السلام.

وتكلم الناسُ هاهنا فى مسألة، وهى لو حذف الرادُّ ((الواو)) فقالَ: ((عَلَيْكَ السَّلاَمُ)) هَلْ يكونُ صحيحاً؟ فقالت طائفة منهم المتولى وغيرُه: لا يكون جواباً، ولا يسقط به فرضُ الردِّ، لأنه مخالِف لسُـنَّة الردِّ، ولأنه لا يُعلم: هل هو رد، أو ابتداء تحية؟ فإن صورته صالحة لهما، ولأن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ((إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُم أَهْلُ الكِتَابِ، فَقُولُوا: ((وعَلَيْكُم)) فهذا تنبيهٌ منه على وجوب الردِّ على أهلِ الإسلام، فإن ((الواو)) فى مثل هذا الكلام تقتضى تقريرَ الأول، وإثبات الثانى، فإذا أُمِرَ بالواو فى الرد على أهل الكتاب الذين يقولون: السام عليكم، فقالَ: ((إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُم أهْلُ الكِتَابِ، فَقُولُوا: وعَلَيْكُم)) فَذِكْرُها فى الردِّ على المسلمين أولى وأحرى.

وذهبت طائفة أخرى إلى أن ذلك ردٌ صحيح، كما لو كان بالواو، ونص عليه الشافعى رحمه اللَّه فى كتابه الكبير، واحتج لهذا القول بقوله تعالى: {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ المُكْرَمِينَ * إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَماً} [الذاريات: 24-25]، قَالَ سَلامٌ أى: سلام عليكم، لا بد من هذا، ولكن حسُنَ الحذفُ فى الرد، لأجل الحذف فى الابتداء، واحتجوا بما فى ((الصحيحين)) عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ((خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعاً، فَلَمَّا خَلَقَهُ، قَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَسَلِّم عَلَى أُولَئِكَ النَّفَر مِن المَلائِكَةِ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، فَإنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُم فَقَالُوا: السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّه، فَزَادُوهُ: ((وَرَحْمَةُ اللَّهِ)). فقد أخبرَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم أن هذه تحيتُهُ وتحيةُ ذُرِّيته، قالوا: ولأن المسلَّم عَلَيْهِ مَأْمُورٌ أن يُحيِّى المُسلِّمَ بمثل تحيته عدلاً، وبأحسنَ منها فضلاً، فإذا ردَّ عليه بمثل سلامه، كان قد أتى بالعدلِ.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس