عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-2003, 05:32 AM   #111
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



فصل

فى إذا ما كان الآكلون جماعة فعلى كل واحد منهم أن يُسمِّىَ الله

وهاهنا مسألة تدعو الحاجة إليها، وهى أن الآكلين إذا كانوا جماعة، فسمَّى أحدُهم، هل تزولُ مشاركة الشيطان لهم فى طعامهم بتسميته وحدَه، أم لا تزول إلا بتسمية الجميع؟ فنصَّ الشافعى على إجزاء تسمية الواحد عن الباقين، وجعله أصحابُه كردِّ السلام، وتشميتِ العاطس، وقد يُقال: لا تُرفع مشاركةُ الشيطان للآكل إلا بتسميته هو، ولا يكفيه تسميةُ غيره، ولهذا جاء فى حديث حذيفة: إنَّا حضرنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طعاماً، فجاءت جارية كأنما تُدْفَع، فذهبتْ لتضع يدها فى الطعام، فأخذَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بيدها، ثمَّ جاء أعرابى كَأَنَّمَا يُدْفَعُ، فأخذ بيده، فقالَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الشَّيْطَانَ لَيَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أنْ لا يُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وإنَّهُ جَاءَ بِهذِهِ الجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَجَاءَ بِهذَا الأعْرَابىِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، والَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إنَّ يَدَهُ لَفِى يَدى مَعَ يَدَيْهِمَا)) ثم ذكرَ اسمَ اللَّه وأكل، ولو كانت تسمية الواحد تكفى، لما وضع الشيطان يده فى ذلك الطعام.

ولكن قد يُجاب بأن النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم يكن قد وضع يده وسمَّى بعدُ، ولكنَّ الجارية ابتدأت بالوضع بغيرِ تسمية، وكذلك الأعرابىُّ، فشاركهما الشيطانُ، فمِن أين لكُم أن الشيطان شارك مَن لم يُسمِّ بعد تسمية غيره؟، فهذا مما يُمكن أن يُقالَ، لكن قد روى الترمذىُّ وصححه من حديث عائشة قالت: كان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يأكلُ طعاماً فى سِتَّةِ من أصحابه، فجاء أعرابى، فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((أمَا إنَّه لَوْ سَمَّى لَكَفَاكُم))، ومِن المعلوم أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم وأولئك الستة سَمَّوا، فلما جاء هذا الأعرابى فأكل ولم يسمِّ، شاركه الشيطانُ فى أكله فأكل الطعام بِلُقمتين، ولو سمَّى لكفى الجميع.

وأمّا مسألةُ ردِّ السلام، وتشميتِ العاطس، ففيها نظر، وقد صحَّ عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذَا عَطَسَ أحَدُكُم، فَحَمِدَ اللَّه فَحَقٌ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَهُ أنْ يُشَمِّتَهُ)) وإن سُلِّمَ الحُكم فيهما، فالفرقُ بينهما وبين مسألة الأكل ظاهِرٌ، فإن الشيطانَ إنما يتوصل إلى مشاركة الآكِل فى أكله إذا لم يُسمِّ، فإذا سمَّى غيرُه، لم تجُز تسميةُ مَن سمَّى عمن لم يُسمِّ مِن مقارنة الشيطانِ له، فيأكل معه، بل تَقِلُّ مشاركة الشيطان بتسمية بعضهم، وتبقى الشركةُ بين مَن لم يُسمِّ وبينه، واللَّه أعلم.

ويُذكر عن جابر عن النبى صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ نَسِىَ أنْ يُسَمِّىَ عَلَى طَعَامِهِ، فَلْيَقْرَأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} [الإخلاص: 1] إذَا فَرَغَ)) وفى ثبوت هذا الحديث نظر.

وكان إذا رُفِعَ الطعامُ من بين يديه يقول: ((الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً كَثِيراً طيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ، غيرَ مَكْفِىٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنىً عَنْه رَبُّنا)) عَزَّ وَجَلَّ. ذكره البخارى.

وربمَا كانَ يقول: ((الحَمْدُ للَّهِ الَّذِى أطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ)).
وكان يقول: ((الحَمْدُ للَّهِ الَّذِى أطْعَمَ وَسَقَى وسوَّغَهُ وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجاً)).

وذكر البخارىُّ عنه أنه كان يقولُ: ((الحَمْدُ للَّهِ الَّذِى كَفَانَا وَآوَانا))، وذكر الترمذى عنه أنه قال: ((مَنْ أكَلَ طَعامَاً فَقَالَ: الحَمْدُ للّهِ الَّذِى أَطْعَمَنِى هَذَا مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّى وَلا قُوَّةٍ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) حديث حسن.

ويُذكر عنه أنه كان إذَا قُرِّبَ إليه الطعامُ قال: ((بِسْمِ اللَّهِ)) فإذَا فَرَغَ مِن طعامه قال: ((اللَّهُمَّ أطٌعَمْتَ وَسَقَيْتَ، وأَغْنَيْتَ وَأَقْنَيْتَ، وهَدَيْتَ وأَحْيَيْتَ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلى مَا أَعْطَيْتَ)) وَإسْناده صحيح.

وفى السنن عنه أنه كان يقولُ إذا فرغ: ((الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى مَنَّ عَلَيْنَا وَهَدَانَا، والَّذِى أَشْبَعَنَا وَأَرْوَانَا، ومِنْ كُلِّ الإحْسَانِ آتَانَا)) حديث حسن.

وفى السنن عنه أيضاً: ((إذَا أكَلَ أَحَدُكُم طَعَاماً فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَأَطْعِمْنَا خَيْراً مِنْهُ، وَمَنْ سَقَاهَ اللَّهُ لَبَنَا، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَزِدْنَا مِنْهُ، فإنه ليس شئ ويُجزِئ عن الطعام والشراب غير اللبن)) حديث حسن.

ويُذكر عنه أنه كَانَ إذَا شَرِبَ فى الإنَاءِ تَنَفَّسَ ثَلاثَة أنْفَاسٍ، ويَحْمَدُ اللَّهَ فى كُلِّ نَفَسٍ، وَيَشْكُرُهُ فى آخِرِهِنَّ.


فصل

وكان صلى اللَّه عليه وسلم إذا دخل على أهلِهِ رُبَّمَا يسأْلُهم: ((هَلْ عِنْدَكُم طَعَامٌ))؟ وَمَا عَابَ طَعَاماً قطٌّ، بَلْ كَانَ إذَا اشتهاهُ أكَلَهُ، وإنْ كَرِهَهُ تَرَكهُ وَسَكَت، وربما قال: ((أجِدُنى أعَافُهُ إنِّى لا أَشْتَهِيهِ)).

وكان يمدح الطعامَ أحياناً، كقوله لما سأل أهلَهُ الإدامَ، فقالُوا: ما عِندنا إلا خَلٌّ، فدعا به فجعل يأكُلُ مِنْهُ ويقُولُ: ((نِعْمَ الأُدْمُ الخَلُّ))، وليس فى هذا تفضيل له على اللبن واللَّحم والعَسَل والمَرَق، وإنما هو مدح له فى تلك الحال التى حضر فيها، ولو حَضَرَ لحم أو لبن، كان أولى بالمدح منه، وقال هذَا جبراً وتطييباً لقلب مَن قدَّمه، لا تفضيلاً له على سائر أنواع الإدام.

وكان إذا قُرٍّبَ إليه طعام وهو صائم قال: ((إنِّى صَائِمٌ))، وأمر مَن قُرِّبَ إليه الطعامُ وهو صائم أن يُصَلِّىَ، أى يدعو لمن قدَّمه، وإن كان مفطراً أن يأكل منه.

وكان إذا دُعىَ لِطعام وتبعه أحد، أعلمَ به ربَّ المنزل، وقال: ((إنَّ هذَا تَبِعَنَا، فَإنْ شِئْتَ أنْ تأذَنَ لَهُ، وَإنْ شِئْتَ رَجَعَ)).

وكانَ يتحدَّث على طعامه، كما تقدَّم فى حديث الخل، وكما قال لِربيبه عمر ابن أبى سلمة وهو يُؤاكِلهُ: ((سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ ممَّا يَليك)).

وربما كان يُكرِّر على أضيافه عرضَ الأكل عليهم مِراراً، كما يفعلهُ أهلُ الكرم، كما فى حديث أبى هريرة عند البخارى فى قصة شُرب اللبن وقولِهِ له مِراراً: ((اشْرَبْ)) فَمَا زَالَ يَقُولُ: ((اشْرَبْ)) حَتَّى قَالَ: وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالحَقِّ لا أجدُ لَهُ مَسْلَكاً.

وكان إذا أكل عند قوم لم يخرُج حتى يَدْعُوَ لهم، فدعا فى منزل عبد اللَّه ابن بُسر، فقالَ: ((اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُم فِيمَا رَزَقْتَهُم، وَاغْفِرْ لَهُمْ، وَارْحَمْهُمْ)) ذكره مسلم.

ودعا فى منزل سعد بنِ عُبادة فقال: ((أفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُم الأبْرَارُ، وصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلائِكَةُ)).

وذكر أبو داود عنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه لما دعاه أبو الهيثم بن التَّيهان هو وأصحابهُ فأكلوا، فلما فرغُوا قال: ((أثِيبُوا أخَاكُمْ)) قَالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ ؛ وما إثابتهُ؟ قال: ((إنَّ الرَّجلَ إذَا دُخِلَ بَيْتُهُ، فأُكِلَ طَعَامُهُ، وشُرِبَ شَرَابُهُ، فَدَعَوْا لَهُ، فَذلِكَ إثَابَتُهُ)).

وصح عنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه دخل منزله ليلَةً، فالتمس طعاماً فلم يجده، فقال: ((اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِى، وَاسْقِ مَنْ سَقَانِى)).

وَذُكِرَ عنه أن عَمْرو بنَ الحَمِق سقاه لبناً فقال: ((اللَّهُمَّ أَمْتِعْهُ بِشَبَابِهِ))، فَمَرَّتْ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَنَةً لَمْ يَرَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس