وسادسها: ما رواه أبو داود، عن النُّفيلى، وقتيبة قالا: حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ((اعتمر رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أربعَ عُمَرٍ: عُمرةَ الحُديبية، والثانية: حين تواطؤُوا على عُمرةٍ مِن قابل، والثالثة من الجِعرانة، والرابعة التى قرن مع حَجَّته)) .
وسابعها: ما رواه البخارى فى صحيحه عن عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه قال: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم بوادى العَقيق يقول: ((أتانى اللَّيْلَة آتٍ مِنْ رَبِّى عَزَّ وجلَّ، فقال: صَلِّ فى هَذَ الوَادى المُبارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فى حَجَّةٍ)).
وثامنها: ما رواه أبو داود عن البرَّاء بن عازب قال: ((كنت مع علىٍّ رضى اللَّه عنه حين أَمَّرَهُ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم على اليمن، فأصبتُ معه أَوَاقىَّ مِن ذهَبٍ، فلما قَدِمَ علىٌّ من اليمن على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: وجدتُ فاطمة رضى اللَّه عنها قد لَبِسَتْ ثياباً صَبِيغَات، وقد نضحت البيت بِنَضُوحٍ، فقالت: مالك؟ فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد أمر أصحابَه فأحَلُّوا، قال: فقلتُ لها: إنى أهللتُ بإهلال النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال: فأتيتُ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، فقال لى: ((كيف صنعتَ))؟ قال: قُلتُ: أهللتُ بإهلال النبىَّ صلى الله عليه وسلم، قال: ((فإنى قد سُقْتُ الهَدْىَ، وقَرَنْتُ...))، وذكر الحديث .
وتاسعها: ما رواه النسائى عن عمران بن يزيد الدمشقى، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا الأعمش، عن مسلم البطين، عن علىّ بن الحُسين، عن مروان بن الحكم قال: ((كنتُ جالساً عند عثمان، فسمع علياً رضى اللَّه عنه يُلبِّى بِعُمرة وحَجَّةٍ، فقال: ألم تَكُن تُنْهَى عَنْ هَذَا؟ قال: بلَى لكنى سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُلَبِّى بهما جميعاً، فلم أدَعْ قولَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِكَ)).
وعاشرها: ما رواه مسلم فى صحيحه مِن حديث شُعبة، عن حُميد بن هِلال قال: سمعتُ مُطرِّفاً قال: قال عمران بن حصين: أُحدِّثك حديثاً عسى اللَّهُ أن ينفعكَ به: إنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ((جمع بين حَجَّةٍ وعُمْرة، ثم لم يَنْهَ عنه حتَّى ماتَ، ولم يَنْزِلْ قُرآن يُحرِّمُ)).
وحادى عشرها: ما رواه يحيى بن سعيد القطان، وسفيان بن عُيينة، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن عبد اللَّه بن أبى قتادة، عن أبيه قال: ((إنما جَمَعَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الحجِّ والعُمْرة، لأنه علم أنه لا يَحُجُّ بَعدها)) . وله طرق صحيحة إليهما .
وثانى عشرها: ما رواه الإمام أحمد من حديث سُراقة بنِ مالك قال: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: ((دَخَلَتِ العُمْرَةُ فى الحَجِّ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ))، قَالَ: وَقَرَنَ النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم فى حَجَّة الوَادَعِ . إسناده ثقات.
وثالثُ عشرها: ما رواه الإمام أحمد، وابن ماجه من حديث أبى طَلحَةَ الأنصارِىّ((أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ الحَجِّ والعُمْرَة)) ورواه الدارقطنى، وفيه الحجاج بن أرطاة .
ورابعُ عشرها: ما رواه أحمد مِن حديث الهرْمَاس بن زياد الباهلى((أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قرن فى حَجَّةِ الوَادَعِ بَيْنَ الحَجِّ والعُمْرَة))ِ .
وخامسُ عشرها: ما رواه البزار بإسناد صحيح أن ابن أبى أوفى قال: ((إنما جمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين الحجِّ والعُمْرَة، لأنه علم أنه لا يحُجُّ بعد عامِه ذلك)) وقد قيل: إن يزيد بن عطاء أخطأ فى إسناده، وقال آخرون: لا سبيلَ إلى تخطئته بغير دليل .
وسادسُ عشرها: ما رواه الإمام أحمد، مِن حديث جابر بن عبد اللَّه،((أن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَنَ الحَجَّ والعُمْرَةَ، فَطَافَ لَهُمَا طَوَافاً واحِداً)). ورواه الترمذى، وفيه الحجاجُ بنُ أرطاة، وحديثُه لا ينزِل عن درجةِ الحَسَنِ ما لم ينفرِدْ بشئ، أو يُخالف الثِّقات .
وسابعُ عشرها: ما رواه الإمام أحمد، من حديث أُمِّ سلمة قالت: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقُول: ((أَهِلُّوا يا آلَ مُحَمَّدٍ بِعُمْرَةٍ فى حَجٍّ)) .
وثامن عشرها: ما أخرجاه فى الصحيحين واللفظ لمسلم، عن حفصةَ قالت: قلتُ للنبى صلى الله عليه وسلم: ما شأنُ النَّاسِ حلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ قال: ((إنِّى قَلَّدْتُ هَدْيي، ولَبَّدْتُ رَأسى، فلا أَحِلُّ حَتَّى أَحِلَّ مِنَ الحَجِّ))، وهذا يدل على أنه كان فى عُمرةٍ معها حَج، فإنه لا يَحلُّ من العُمْرة حتى يَحِلَّ من الحَج، وهذا على أصل مالك والشافعىِّ ألزمُ، لأن المعتمِر عُمرةً مفردة، لا يمنعه عندهما الهدىُ من التحلل، وإنما يمنعه عُمْرة القِران، فالحديثُ على أصلهما نص .
وتاسعُ عشرها: ما رواه النسائى، والترمذى، عن محمد بن عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، أنه سمِعَ سعدَ بن أبى وقاص، والضحاكَ بن قيس عامَ حجَّ معاويةُ بنُ أبى سفيان، وهما يذكران التمتع بالعُمْرة إلى الحجِّ، فقال الضحاك: لا يصنعُ ذلك إلا مَنْ جَهِلَ أمرَ اللَّهِ، فقال سعد: بئسَ ما قلتَ يا ابنَ أخى . قال الضحاك: فإن عمرَ بنَ الخطاب نهى عن ذلك، قال سعد: قد صنعها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وصنعناها معه، قال الترمذى: حديث حسن صحيح .
ومراده بالتمتع هنا بالعُمْرة إلى الحَج: أحدُ نوعيه، وهو تمتُّع القِران، فإنه لغةُ القرآن، والصحابة الذين شهدوا التنزيلَ والتأويل شهِدوا بذلك، ولهذا قال ابنُ عمر: تمتع رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بالعُمْرة إلى الحَجِّ، فبدأ فأهلَّ بالعُمْرة، ثمَّ أهلَّ بالحجِّ، وكذلك قالت عائشة، وأيضاً: فإن الذى صنعه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، هو مُتعة القِران بلا شك، كما قطع به أحمد، ويدل على ذلك أن عمران بن حصين قال: ((تمتَّع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وتمتَّعنا معه)) متفق عليه. وهو الذى قال لمطرِّف: ((أُحدِّثك حديثاً عسى اللَّه أن ينفعَك به، إن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، جمع بَيْن حَجٍّ وعُمْرَةٍ، ثمَّ لم يَنْهَ عَنْهُ حتَّى مَاتَ)) . وهوفىصحيح مسلم، فأخبر عن قِرانه بقوله: تمتَّع . وبقوله: جمع بين حج وعُمْرة .
ويدل عليه أيضاً: ما ثبت فى الصحيحين عن سعيد بن المسيِّب قال: ((اجتمع علىٌّ وعثمانُ بعُسْفَان، فقال: كان عثمانُ ينهى عن المُتعة أو العُمرة، فقال علىّ: ما تُريد إلى أمر فعله رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم تنهى عنه؟ قال عثمانُ: دعنا مِنْك، فقال: إنى لا أستطيع أن أدعَك، فلما أن رأى علىٌّ ذلك، أهلَّ بِهِما جميعاً)) . هذا لفظ مسلم .
ولفظ البخارى ((اختلف علىّ وعُثمان بعُسْفَانَ فى المُتعة، فقال علىُّ: ما تريد إلا أن تنهى عن أمرٍ فعله رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما رأى ذلك علىٌّ، أهلَّ بهما جميعا)).
وأخرج البخارى وحدَه من حديث مروان بنِ الحكم قال: ((شهدتُ عثمان وعلياً، وعثمانُ ينهى عن المُتعة، وأن يُجْمَعَ بينهما، فلما رأى علىٌّ ذلك، أهلَّ بهما: لبَّيْكَ بعُمْرَةٍ وحَجَّة، وقال: ما كنتُ لأَدَعَ سُّـنَّة رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم لِقول أحد)) .
فهذا يُبيِّن، أن مَن جمع بينهما، كان متمتِّعاً عندهم، وأن هذا هو الذى فعله رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقد وافقه عثمانُ على أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، فإنه لما قال له: ما تُريد إلى أمر فعله رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم تنهى عنه، لم يقل له: لم يفعلْه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولولا أنه وافقه على ذلك، لأنكره، ثم قصد علىّ إلى موافقة النبى صلى الله عليه وسلم، والاقتداء به فى ذلك، وبيان أن فعله لم يُنسخ، وأهلَّ بهما جميعاً تقريراً للاقتداء به ومتابعته فى القِران، وإظهاراً لسُّـنَّة نهى عنها عثمان متأوِّلاً، وحينئذ فهذا دليل مستقل تمام العشرين .
الحادى والعشرون: ما رواه مالك فى الموطأ، عن ابن شهاب، عن عُروة، عن عائشة أنها قالت: ((خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عامَ حَجَّة الوداع، فأهللنا بعُمرة، ثم قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كانَ مَعَه هَدْىٌ، فَلْيُهْلِلْ بالحَجِّ مَعَ العُمْرَةِ، ثُمَّ لا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ منهما جَمِيعاً)) .
ومعلوم: أنه كان معه الهَدْىُ، فهو أولى مَن بادر إلى ما أمر به، وقد دل عليه سائرُ الأحاديث التى ذكرناها ونذكرها .
وقد ذهب جماعة من السَلَف والخَلَف إلى إيجاب القِران على مَن ساق الهَدْىَ، والتمتع بالعُمْرة المفردة على مَن لم يَسُق الهدىَ، منهم: عبدُ اللَّه بن عباس وجماعة، فعندهم لا يجُوز العدولُ عما فعله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأمر به أصحابه، فإنه قرن وساق الهَدْى، وأمر كُلَّ مَن لا هَدْىَ معه بالفسخ إلى عُمْرة مفردة، فالواجب: أن نفعل كما فعل، أو كما أمر، وهذا القول أصحُّ مِن قول مَن حرَّم فسخ الحج إلى العُمْرة من وجوه كثيرة، سنذكرها إن شاء اللَّه تعالى .
الثانى والعشرون: ما أخرجاه فى الصحيحين أبى قِلابة، عن أنس بن مالك . قال: ((صلَّى بنا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ونحنُ معه بالمدينة الظهرَ أربعاً، والعصرَ بذى الحُليفة ركعتين، فباتَ بها حتَّى أصبح، ثم ركِبَ حتَّى استوت به راحِلتُه على البيداء، حَمِدَ اللَّه وسبَّح وكبَّر ثمَّ أهلَّ بحَجٍّ وعُمْرة، وأهلَّ الناسُ بهما، فلما قَدمنَا، أمرَ الناس، فحلُّوا، حتى إذا كان يومُ التَّرْويَةِ أهلُّوا بالحَج))ِ .
وفي الصحيحين أيضاً: عن بكر بن عبد اللَّه المزنى، عن أنس قال: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُلبِّى بالحجِّ والعُمرة جميعاً، قال بكر: فحدثتُ بذلك ابنَ عمر، فقال: لبَّى بالحَجِّ وحدَه، فلقيتُ أنساً، فحدَّثتُه بقول ابن عمر، فقال أنس: ما تعدُّوننا إلا صِبْياناً، سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: ((لَبَّيْكَ عُمْرَةً وحَجَّاً)) . وبين أنس وابن عُمر فى السِّنِّ سنةٌ، أو سنةٌ وَشئٌ .
وفى صحيح مسلم، عن يحيى بن أبى إسحاق، وعبد العزيز بن صهيب، وحُميد، أنهم سمِعوا أنساً قال: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم أهلَّ بهما: ((لَبَّيْكَ عُمْرَةً وحَجَّاً)) .
وروى أبو يوسف القاضى، عن يحيى بن سعيد الأنصارى، عن أنس قال: سمعتُ النبىَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((لَبَّيْكَ بِحَجٍّ وعُمْرَةٍ معاً)) .
وروى النسائى من حديث أبى أسماء، عن أنس قال: ((سمعت النبىَّ صلى الله عليه وسلم، يُلَبِّى بِهِمَا)).
وروى أيضاً من حديث الحسن البصرى، عن أنس: ((أن النبى صلى الله عليه وسلم أهلَّ بالحَجِّ والعُمْرة حين صلَّى الظهر)) .
وروى البزار، من حديث زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب، عن أنس، أن النبى صلى الله عليه وسلم، أهلَّ بحَجٍّ وعُمْرة . ومن حديث سُليمان التيمى عن أنس كذلك، وعن أبى قدامة عن أنس مثله، وذكر وكيع: حدثنا مُصعب بن سليم قال: سمعت أنساً مثله، قال: وحدثنا ابنُ أبى ليلى، عن ثابت البنانى، عن أنس مثله، وذكر الخشنى: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبى قزعة، عن أنس مثله.
وفى صحيح البخارى، عن قتادة، عن أنس ((اعتمر رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أربَع عُمَر، فذكرها وقال: وعُمْرة مع حَجَّته..)) وقد تقدَّم .
وذكر عبد الرزاق: حدثنا معمر، عن أيوب، عن أبى قلابة وحُميد بن هلال، عن أنس مثله، فهؤلاء ستة عشر نفساً من الثقات، كُلُّهم متَّفِقون عن أنس، أن لفظ النبى صلى الله عليه وسلم كان إهلالاً بحَجٍّ وعُمرة معاً، وهم الحسن البصرى، وأبو قِلابة، وحُميد بن هلال، وحُميد بن عبد الرحمن الطويل، وقتادة، ويحيى بن سعيد الأنصارى، وثابت البُنانى، وبكر بن عبد اللَّه المزنى، وعبد العزيز بن صُهيب، وسليمان التيمى، ويحيى بن أبى إسحاق، وزيد بن أسلم، ومصعب بنُ سليم، وأبو أسماء، وأبو قُدامة عاصم بن حسين، وأبو قزعة وهو سُويد بن حجر الباهلى .
|