الموضوع
:
زاد المعاد في هدي خير العباد
عرض مشاركة واحدة
12-12-2003, 02:58 AM
#
12
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
481
تاريخ التسجيل :
Sep 2003
أخر زيارة :
05-14-2017 (05:24 PM)
المشاركات :
1,039 [
+
]
التقييم :
1
لوني المفضل :
Cadetblue
فصل
فى حكم المتطوع فى الصيام إذا أفطر
وكان صلى اللَّه عليه وسلم يدخل على أهله فيقول: ((هَلْ عِنْدَكُم شَىْءٌ))؟ فإن قالوا: لا . قال: ((إنِّى إذاً صَائِم))، فينشئ النية للتطوع من النهار، وكان أحياناً ينوى صوم التطوع، ثم يُفْطِرُ بعدُ، أخبرت عنه عائشة رضى اللَّه عنها بهذا وهذا، فالأول: فى صحيح مسلم، والثانى: فى كتاب النسائى . وأما الحديث الذى فى السنن عن عائشة: كنتُ أنا وحفصةُ صائمتين، فَعَرَض لنا طعامٌ اشتهيناه، فَأَكَلْنَا مِنه، فجاء رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَبَدَرَتْنى إليه حَفْصَةُ، وكانت ابنَةَ أَبِيها، فقالت: يا رسول اللَّه ؛ إنَّا كُنَّا صَائِمَتَيْن، فَعَرَضَ لنا طَعَامٌ اشتهيناه، فَأَكَلْنَا مِنْه فقال: ((اقْضِيا يَوْماً مَكَانَهُ))، فهو حديث معلول .
قال الترمذى: رواه مالك بن أنس، ومعمر، وعبد اللَّه بن عمر، وزياد بن سعد، وغير واحد من الحُفَّاظ، عن الزهرى، عن عائشة مرسلاً لم يذكروا فيه عن عروة، وهذا أصح . ورواه أبو داود، والنسائى، عن حَيْوَة بن شُريح، عن ابن الهاد، عن زُمَيْلٍ مولى عُروة، عن عروة، عن عائشة موصولاً، قال النسائى: زُميل ليس بالمشهور، وقال البخارى: لا يُعرف لزُميل سماع من عروة، ولا ليزيد بن الهاد من زُميل، ولا تقوم به الحُجَّة .
وكان صلى الله عليه وسلم إذا كان صائماً ونزل على قوم، أتمَّ صيامه، ولم يُفْطِرْ، كما دخل على أم سُلَيمٍ، فأتته بتمر وسمن، فقال: ((أَعِيدوا سَمْنَكُم فى سِقَائِه، وتَمْرَكُم فى وِعَائِه، فإنِّى صَائِم)) . ولكنَّ أمَّ سُلَيم كانت عنده بمنزلة أهل بيته، وقد ثبت عنه فى ((الصحيح)): عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه: ((إذا دُعِىَ أَحَدُكُم إلى طعام وَهُوَ صائِمٌ فَلْيَقُلْ: إنِّى صَائِم)) .
وأما الحديثُ الذى رواه ابنُ ماجه، والترمذىُّ، والبيهقىُّ عن عائشة رضى اللَّه عنها ترفعُه
: ((مَنْ نَزَلَ عَلَى قَوْمٍ، فَلاَ يَصُومَنَّ تَطَوُّعاً إلاَّ بإذْنِهِمْ))، فقال الترمذى: هذا الحديث منكر، لا نعرف أحداً من الثقات روى هذا الحديثَ عن هِشام بنِ عُروة .
فصل
فى كراهة تخصيص يوم الجمعة بالصوم
وكان من هَدْيه صلى اللَّه عليه وسلم، كراهةُ تخصيصِ يومِ الجُمْعَةِ بالصَّومِ فِعلاً منه وقولاً، فصح النهىُّ عن إفراده بالصَّوم، من حديث جابر بن عبد اللَّه، وأبى هريرة، وجُويرية بنت الحارث، وعبد اللَّه بن عمرو، وجُنادة الأزدى وغيرهم، وشرب يومَ الجمعة وهو على المنبر، يُريهم أنه لا يصومُ يومَ الجمعة، ذكره الإمام أحمد، وعلل المنع من صومه بأنه يومُ عيد، فروى الإمام أحمد، من حديث أبى هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((يَوْمُ الجُمْعَةِ يَوْمُ عِيدٍ، فَلاَ تَجْعَلُوا يَوْمَ عِيدِكُم يَوْمَ صِيامِكُم إلاَّ أَنْ تَصُومُوا قَبْلَه أَوْ بَعْدَه)) .
فإن قيل: فيومُ العيد لا يُصام مع ما قبله ولا بعده . قيل: لما كان يومُ الجمعة مشبَّهاً بالعيد، أخذ من شبهه النهى عن تحرِّى صيامِه، فإذا صامَ ما قبله أو ما بعده، لم يكُنْ قد تحرَّاه، وكان حكمُه حكمَ صوم الشهر، أو العشر منه، أو صوم يومٍ، وفطر يوم، أو صوم يوم عرفة وعاشوراء إذا وافق يومَ جمعة، فإنه لا يُكره صومُه فى شئ من ذلك .
فإن قيل: فما تصنعون بحديث عبد اللَّه بن مسعود؟ قال ((ما رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُفطِر فى يَوْمِ الجُمُعَةِ)) رواه أهل السنن. قيل: نقبله إن كان صحيحاً، ويتعيَّن حملُه على صومه مع ما قبله أو بعده، ونردُّه إن لم يصح، فإنه من الغرائب . قال الترمذى: هذا حديث حسن غريب .
فصل
فى هَدْيه صلى اللَّه عليه وسلم فى الاعتكاف
لما كان صلاحُ القلبِ واستقامتُه على طريق سيره إلى اللَّه تعالى، متوقِّفاً على جمعيَّته على اللَّه، وَلَمِّ شَعثه بإقباله بالكليَّة على اللَّه تعالى، فإن شَعَثَ القلب لا يَلُمُّه إلا الإقبالُ على اللَّه تعالى، وكان فُضولُ الطعام والشراب، وفُضولُ مخالطة الأنام، وفضولُ الكلام، وفضولُ المنام، مما يزيدُه شَعَثاً، ويُشَتِّتُهُ فى كُلِّ وادٍ، ويقطعه عن سيره إلى اللَّه تعالى، أو يُضعِفُه، أو يعوقه ويُوقِفه . اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يُذهِبُ فضولَ الطعام والشراب، ويستفرِغُ مِن القلب أخلاطَ الشهواتِ المعوِّقة له عن سيره إلى اللَّه تعالى، وشرعه بقدر المصلحة، بحيث ينتفعُ به العبد فى دنياه وأُخراه، ولا يضرُّه ولا يقطعُه عن مصالحه العاجلة والآجلة، وشرع لهم الاعتكاف الذى مقصودُه وروحُه عكوفُ القلبِ على اللَّه تعالى، وجمعيَّتُه عليه، والخلوةُ به، والانقطاعُ عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذِكره وحبه، والإقبالُ عليه فى محل هموم القلب وخطراته، فيستولى عليه بدلَها، ويصير الهمُّ كُلُّه به، والخطراتُ كلُّها بذكره، والتفكُر فى تحصيل مراضيه وما يُقرِّب منه، فيصيرُ أُنسه باللَّه بدَلاً عن أُنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوَحشة فى القبور حين لا أنيس له، ولا ما يفرحُ به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم .
ولما كان هذا المقصود إنما يتمُّ مع الصوم، شُرِع الاعتكاف فى أفضل أيام الصوم، وهو العشر الأخير من رمضان، ولم يُنقل عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه اعتكف مفطراً قَطُّ، بل قد قالت عائشة: لا اعتكاف إلا بصوم . ولم يذكر اللَّهُ سبحانه الاعتكاف إلا مع الصوم، ولا فعله رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إلا مع الصوم .
فالقول الراجح فى الدليل الذى عليه جمهورُ السَلَف: أن الصومَ شرطٌ فى الاعتكاف، وهو الذى كان يُرجِّحه شيخُ الإسلام أبو العباس بن تيمية.
وأما الكلامُ، فإنه شُرِعَ للأمة حبسُ اللسان عن كل ما لا ينفع فى الآخرة .
وأما فُضول المنام، فإنه شُرِعَ لهم من قيام الليل ما هو من أفضل السهر وأحمده عاقبةً، وهو السهر المتوسِّطُ الذى ينفع القلبَ والبدن، ولا يَعُوقُ عن مصلحة العبد، ومدارُ رياضة أربابِ الرياضات والسلوكِ على هذه الأركان الأربعة، وأسعدُهم بها مَنْ سلك فيها المِنهاجَ النبوىَّ المحمدىَّ، ولم ينحرِفْ انحراف الغالين، ولا قصَّر تقصير المفرِّطين، وقد ذكرنا هَدْيه صلى اللَّه عليه وسلم فى صيامه وقيامه وكلامه، فلنذكر هَدْيه فى اعتكافه .
كان صلى اللَّه عليه وسلم يعتكِف العشر الأواخر من رمضان، حتى توفَّاه اللَّه عَزَّ وجَلَّ، وتركه مرة، فقضاه فى شوَّال.
واعتكف مرة فى العشر الأول، ثم الأوسط، ثم العشر الأخير، يلتمس ليلة القدر، ثم تبيَّن له أنها فى العشر الأخير، فداوم على اعتكافه حتى لحق بربه عَزَّ وجَلَّ .
وكان يأمر بخباءٍ فيُضرب له فى المسجد يخلُو فيه بربه عَزَّ وجَلَّ .
وكان إذا أراد الاعتكاف، صلَّى الفجر، ثم دخله، فأمر به مرة، فَضُرِب فأمر أزواجه بأخبيتِهنَّ، فضُرِبت، فلما صلَّى الفجر، نظر، فرأى تلك الأخبية، فأمر بخبائه فَقُوِّضَ، وترك الاعتكاف فى شهر رمضان حتى اعتكف فى العشر الأول من شوَّال .
وكان يعتكِفُ كل سنة عشرة أيام، فلما كان فى العام الذى قُبِض فيه اعتكف عشرين يوماً، وكان يعارضه جبريل بالقرآن كل سنةٍ مرة، فلما كان ذلك العام عارضة به مرَّتين، وكان يَعْرِضُ عليه القرآن أيضاً فى كل سنة مرة فعرض عليه تلك السنة مرَتَّين .
وكان إذا اعتكف، دخل قُبَّته وحدَه، وكان لا يدخل بيته فى حال اعتكافه إلا لحاجة الإنسان، وكان يُخْرِجُ رأسه من المسجد إلى بيت عائشة، فترجِّله، وتغسله وهو فى المسجد وهى حائض، وكانَتْ بعضُ أزواجه تزورُه وهو معتكِفٌ، فإذَا قامت تذهبُ، قامَ معها يَقْلِبُها، وكان ذلك ليلاً، ولم يُباشر امرأة مِن نسائه وهو معتكف لا بِقُبلَةٍ ولا غيرها، وكان إذا اعتكف طُرِحَ له فراشُه، ووضِع له سريرُه فى معتكفه، وكان إذا خرج لحاجته، مرَّ بالمريض وهو على طريقه، فلا يُعرِّجُ عليه ولا يَسْأَلُ عنه . واعتكف مرة فى قبة تُركية، وجعل على سدتها حصيراً، كلّ هذا تحصيلاً لمقصود الاعتكاف وروحه، عكسَ ما يفعلُه الجهالُ من اتخاذ المعتكف موضِعَ عِشْرة، ومجلبة للزائرين، وأخذهم بأطراف الأحاديث بينهم، فهذا لون، والاعتكاف النبوى لون . واللَّه الموفق .
فصل
فى هَدْيه صلى اللَّه عليه وسلم فى حَجِّه وعُمَره العمرة
اعتمر صلى اللَّه عليه وسلم بعدَ الهِجرة أرْبَعَ عُمَرٍ، كُلُّهُنَّ فى ذى القعْدة، الأولى: عُمرةُ الحُديْبِيَة، وهى أولاهُن سنةَ سِت، فصدَّه المشركون عن البيت، فنحرَ البُدْنَ حيثُ صُدَّ بالحُديبيةِ، وحَلَقَ هو وأصحابُه رؤوسهم، وحلُّوا من إحرامهم، ورجع مِن عامه إلى المدينة.
الثانية: عُمْرَةُ القَضِيَّةِ فى العام المقبل، دخل مكة فأقام بها ثلاثاً، ثمَّ خَرَجَ بعد إكمال عُمرتِه، واختُلِف: هل كانت قضاءً للعُمرة التى صُدَّ عنها فى العام الماضى، أم عُمرةً مستأنَفة؟ على قولين للعلماء، وهما روايتان عن الإمام أحمد: إحداهُما: أنها قضاء، وهو مذهب أبى حنيفة رحمه اللَّه . والثانية: ليست بقضاء، وهو قول مالك رحمه اللَّه، والذين قالوا: كانت قضاءً، احتجوا بأنها سميت عُمرة القضاء، وهذا الاسم تابع للحكم، وقال آخرون: القضاء هنا، من المقاضاة، لأنه قاضى أهلَ مكة عليها، لا إنه مِنْ قَضَى قَضَاءً . قالوا: ولهذا سميَّت عُمرةَ القضيَّة . قالوا : والذين صُدُّوا عن البيت، كانوا ألفاً وأربعمائة، وهؤلاء كلُّهم لم يكونوا معه فى عُمرة القضية، ولو كانت قضاءً، لم يتخلَّف منهم أحد، وهذا القولُ أصح، لأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يأمُرْ مَن كان معه بالقضاء.
الثالثة: عُمرتُه التى قرنها مع حَجَّتِه، فإنه كان قارناً لبضعة عشر دليلاً، سنذكرها عن قريب إن شاء اللَّه .
الرابعة: عُمرتُه من الجِعْرَانَةِ، لما خرج إلى حُنين، ثم رجع إلى مكة، فاعتمر مِن الجِعْرَانَةِ داخلاً إليها .
ففي الصحيحين عن أنس بنِ مالك قال: ((اعتمَر رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلُّهُنَّ فى ذِى القِعْدَةِ، إلاَّ الَّتى كانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَةٌ مِنَ الحُدَيْبيةِ أو زَمَنَ الحُدَيْبِيةِ فى ذى القِعْدَةِ، وَعُمْرَةٌ مِنَ العَامِ المُقْبل فى ذى القِعْدَةِ، وعُمْرَةٌ مِنَ الجِعْرانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِم حُنَيْنٍ فى ذى القعْدَةِ، وَعُمْرَةٌ مَعَ حَجَّتِه)).
ولم يُناقِضَ هذا ما فى ((الصحيحين)) عن البَّراء بن عازب قال: ((اعتمر رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فى ذى القعْدَةِ قبل أن يحجَّ مرتين))، لأنه أراد العُمْرة المفردَة المستقِلَّة التى تمَّت، ولا ريب أنهما اثنتانِ، فإن عُمرة القِران لم تكن مستقِلَّةٌ، وعُمرَة الحديبية صُدَّ عنها، وحيل بينه وبين إتمامها، ولذلك قال ابنُ عباس: ((اعتمر رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ عُمَرٍ: عُمْرَةَ الحُدَيْبِية، وعمرُةَ القضاءِ مِنْ قابل، والثالثة من الجِعْرَانَةِ، والرابِعة مع حَجَّته)). ذكره الإمام أحمد.
ولا تناقض بين حديث أنس: ((أنهن فى ذى القِعْدة، إلا التى مع حَجَّته))، وبينَ قول عائشة، وابن عباس
(لم يعتمِر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلا فى ذى القِعْدَة))، لأن مبدأ عُمْرة القِران، كان فى ذى القِعْدة، ونهايتُها كان فى ذى الحِجة مع انقضاء الحج، فعائشة وابن عباس أخبرا عن ابتدائها، وأنس أخبر عن انقضائها .
فأما قول عبد اللَّه بن عمر ((إن النبى صلى الله عليه وسلم اعتمر أربعاً، إحداهُن فى رجب)). فوهم منه رضى اللَّه عنه . قالت عائشة لما بلغها ذلك عنه ((يرحم اللَّه أبا عبد الرحمن، ما اعتمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عُمرةً قطُّ إلا وهو شاهد، وما اعتمر فى رجب قط)) .
الــــــــalwaafiــــــــوافي
فترة الأقامة :
8027 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
1
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
0.13 يوميا
الalwaafiـوافي
مشاهدة ملفه الشخصي
زيارة موقع الalwaafiـوافي المفضل
البحث عن كل مشاركات الalwaafiـوافي