الموضوع
:
زاد المعاد في هدي خير العباد
عرض مشاركة واحدة
12-12-2003, 02:53 AM
#
10
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
481
تاريخ التسجيل :
Sep 2003
أخر زيارة :
05-14-2017 (05:24 PM)
المشاركات :
1,039 [
+
]
التقييم :
1
لوني المفضل :
Cadetblue
وإشكال آخر، وهو ما ثبت فى الصحيحين أن الأشعث بن قيس دخل على عبد اللَّه بن مسعود وهو يتغدَّى فقال: يا أبا محمد ؛ ادْنُ إلى الغَدَاءِ . فقال: أَوَ لَيْسَ اليومُ يومَ عاشُوراء؟ فقال: وهل تدرى ما يَوْمُ عاشُوراء؟ قال: وما هو؟ قال: إنما هُوَ يومٌ كان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَصُومُه قبل أن يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فلما نزل رَمَضَانُ تركه.وقد روى مسلم فى صحيحه عن ابن عباس، أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم حِينَ صام يَوْمَ عاشُوراء وأَمَرَ بِصيامِه، قَالُوا: يا رسولَ اللَّه ؛ إنَّهُ يومٌ تُعظِّمُه اليهودُ والنَّصارى، فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((إذا كانَ العَامُ المُقْبِل إنْ شَاءَ اللَّه صُمْنَا اليَوْمَ التَّاسِع)) . فلم يأت العامُ المقبل حتَّى توفِّى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم.فهذا فيه أن صومَه والأمَر بصيامه قبل وفاته بعام، وحديثُه المتقدِّمُ فيه أن ذلك كان عندَ مَقْدَمِه المدينة، ثم إن ابن مسعود أخبر أن يومَ عاشوراء تُرِكَ بِرمضانَ، وهذا يُخالفه حديثُ ابن عباس المذكور، ولا يُمكن أن يُقال: تُرِكَ فرضُه، لأنه لم يُفرض، لما ثبت فى الصحيحين
عن معاوية بن أبى سفيان، سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: ((هذا يَوْمُ عَاشُوراء، ولم يَكْتُبِ اللَّه عليكم صِيامَه، وأَنا صَائِمٌ، فمَن شَاءَ، فَلْيَصُمْ، ومَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِر)). ومعاوية إنما سمع هذا بعد الفتح قطعاً .
وإشكال آخر: وهو أن مسلماً روى فى صحيحه عن عبد اللَّه بن عباس، أنه لما قيل لِرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنَّ هذا اليومَ تُعظِّمُه اليهودُ والنصارى قال: ((إنْ بَقيتُ إلى قَابِل، لأصُومَنَّ التَّاسِعَ)) فلم يأتِ العامُ القابِلُ حتى تُوفِّى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم روى مسلم فى صحيحه عن الحكم بن الأعرج قال: انتهيتُ إلى ابن عباس وهو متوسِّد رداءه فى زمزم، فقلتُ له: أخبرنى عن صوم عاشوراء . فقال
(إذا رَأَيْتَ هِلال المُحرَّم، فاعدُدْ، وأصبح يَوْمَ التَّاسِعِ صَائِماً قُلْتُ: هَكَذَا كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصومه؟ قال: نعم )).
وإشكال آخر: وهو أن صومَه إن كان واجباً مفروضاًَ فى أول الإسلام، فلم يأمرهم بقضائه، وقد فات تبييتُ النيةِ له من الليل وإن لم يكن فرضاً، فكيف أمرَ بإتمام الإمساك مَنْ كان أكل؟ كما فى المسند والسنن من وجوه متعددة، أنه عليه السلام، أمر مَن كان طَعِمَ فيه أن يصُومَ بَقيَّةَ يَوْمِه. وهذا إنما يكون فى الواجب، وكيف يَصِحُّ قولُ ابنِ مسعود: فلما فُرِضَ رمضانُ، تُرِكَ عاشوراء، واستحبابه لم يترك؟
وإشكال آخر: وهو أن ابن عباس جعل يوم عاشوراء يومَ التاسع، وأخبر أن هكذا كان يصومُه صلى اللَّه عليه وسلم، وهو الذى روى عن النبى صلى الله عليه وسلم: ((صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاء، وخَالِفُوا اليهودَ، صُومُوا يَوْماً قَبْلَهُ أَوْ يَوْماً بَعْدَهُ)) ذكره أحمد. وهو الذى روى: ((أمرنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بصَوْمِ عَاشُورَاء يَوْمَ العَاشِر)) ذكره الترمذى.
فالجواب عن هذه الإشكالات بعون اللَّه وتأييدِه وتوفيقه:
أما الإشكالُ الأول: وهو أنَّه لما قَدِمَ المدينة، وجدهم يصُومون يومَ عاشوراء، فليس فيه أن يومَ قدومِه وجدَهم يصومُونه، فإنه إنما قَدِمَ يومَ الاثنين فى ربيع الأول ثانى عشرة، ولكن أول علمه بذلك بوقوع القصة فى العام الثانى الذى كان بعد قدومه المدينة، ولم يكن وهو بمكة، هذا إن كان حسابُ أهل الكتاب فى صومه بالأشهر الهلالية، وإن كان بالشمسية، زال الإشكالُ بالكلية، ويكونُ اليومُ الذى نجى اللَّه فيه موسى هو يوم عاشوراء من أول المحرَّم، فضبطه أهلُ الكتاب بالشهور الشمسية، فوافق ذلك مقدَم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة فى ربيع الأول، وصومُ أهلِ الكتاب إنما هو بحساب سير الشمس، وصومُ المسلمين إنما هو بالشَّهر الهلالى، وكذلك حَجُّهم، وجميع ما تُعتبر له الأشهر من واجب أو مُستحَبٍّ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ((نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُم))، فظهر حكمُ هذه الأولوية فى تعظيم هذا اليوم وفى تعيينه، وهم أخطؤوا تعيينه لدورانه فى السنة الشمسية، كما أخطأ النصارى فى تعيين صومهم بأن جعلوه فى فصل من السنة تختلِف فيه الأشهر .
وأما الإشكال الثانى: وهو أن قريشاً كانت تصومُ عاشوراء فى الجاهلية، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصُومُه، فلا ريبَ أن قريشاً كانت تُعظِّم هذا اليوم، وكانوا يكسُون الكعبة فيه، وصومه من تمام تعظيمه، ولكن إنما كانوا يعدُّون بالأهلة، فكان عندهم عاشِرَ المحرَّم، فلما قَدِمَ النبى صلى الله عليه وسلم المدينة، وجدهم يُعظِّمون ذلك اليوم ويصومونه، فسألهم عنه، فقالوا: هو اليومُ الذى نجَّى اللَّه فيه موسى وقومَه من فرعون، فقال صلى اللَّه عليه وسلم:
((نحن أحقُّ منكم بموسى))، فصامه وأمر بصيامه تقريراً لتعظيمه وتأكيداً، وأخبر صلى اللَّه عليه وسلم أنَّه وأُمَّتَه أحقُّ بموسى من اليهود، فإذا صامه موسى شُكراً للَّه، كنا أحقَّ أن نقتدى به من اليهود، لا سيما إذا قلنا: شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يُخَالِفْهُ شَرْعُنَا .
فإن قيل: من أين لكم أن موسى صامه؟ قلنا: ثبت فى الصحيحين أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما سألهم عنه، فقالوا: يوم عظيم نجَّى اللَّه فيه موسى وقومه، وأغرق فيه فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً للَّه، فنحن نصومه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
((فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُم)). فَصَامَهُ، وأَمر بصِيامِه، فلما أقرَّهم على ذلك، ولم يُكذبهم، عُلِمَ أن موسى صامه شكراً للَّه، فانضمَّ هذا القدرُ إلى التعظيم الذى كان له قبل الهجرة، فازداد تأكيداً حتى بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منادياً يُنادى فى الأمصار بصومه، وإمساك مَن كان أكل، والظاهر: أنه حتَّم ذلك عليهم، وأوجبه كما سيأتى تقريره .
وأما الإشكال الثالث: وهو أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، كان يصومُ يَوْمَ عاشوراء قبل أن ينزِل فَرضُ رمضان، فلما نزل فرضُ رمضان تركه، فهذا لا يُمكن التخلُّص منه إلا بأن صيامه كان فرضاً قبل رمضان، وحينئذ فيكون المتروكُ وجوب صومه لا استحبابه، ويتعين هذا ولا بُد، لأنه عليه السلام قال قبل وفاته بعام وقد قيل له إن اليهود يصومونه : ((لئِن عِشْتُ إلى قَابِل لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ)) أى: معه، وقال: ((خالِفوا اليهودَ وَصُومُوا يَوْماً قَبْلَهُ أو يَوْماً بَعْدَهُ))، أى: معه، ولا ريب أن هذا كان فى آخر الأمر، وأما فى أول الأمر، فكان يُحب موافقة أهلِ الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشئ، فعُلِم أن استحبابه لم يُترك .
ويلزم مَن قال: إن صومَه لم يكن واجباً أحدُ الأمرين، إما أن يقولَ بترك استحبابه، فلم يبق مُستحَباً، أو يقول: هذا قاله عبد اللَّه بن مسعود رضى اللَّه عنه برأيه، وخفى عليه استحبابُ صومه، وهذا بعيد، فإن النبى صلى الله عليه وسلم حثَّهم على صيامه، وأخبر أن صومه يُكفِّر السنة الماضية، واستمر الصحابةُ على صِيامه إلى حين وفاته، ولم يُرْوَ عنه حرف واحد بالنهى عنه وكراهة صومه، فعُلِمَ أن الذى تُرِكَ وجوبُه لا استحبابه .
فإن قيل: حديث معاوية المتفق على صحته صريح فى عدم فرضيته، وأنه لم يُفرض قط، فالجواب: أن حديث معاوية صريح فى نفى استمرار وجوبه، وأنه الآن غيرُ واجب، ولا ينفى وجوباً متقدماً منسوخاً، فإنه لا يمتنِعُ أن يقال لما كان واجباًً، ونُسِخَ وجوبُه: إن اللَّه لم يكتبْه علينا .
وجواب ثان: أن غايته أن يكون النفى عاماً فى الزمان الماضى والحاضر، فيُخص بأدلة الوجوب فى الماضى، وترك النفى فى استمرار الوجوب .
وجواب ثالث: وهو أنه صلى اللَّه عليه وسلم، إنما نفى أن يكون فرضُه ووجوبُه مستفاداً من جهة القرآن، ويدلُّ على هذا قوله: ((إن اللَّه لم يكتبه علينا))، وهذا لا ينفى الوجوب بغير ذلك، فإن الواجب الذى كتبه اللَّه على عباده، هو ما أخبرهم بأنه كتبه عليهم، كقوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183]، فأخبر صلى اللَّه عليه وسلم أن صومَ يوم عاشوراء لم يكن داخلاً فى هذا المكتوب الذى كتبه اللَّه علينا دفعاً لتوهم مَن يتوهم أنه داخل فيما كتبه اللَّه علينا، فلا تناقضَ بين هذا، وبينَ الأمر السابقِ بصيامه الذى صار منسوخاً بهذا الصيام المكتوب، يوضِّح هذا أن معاوية إنما سمع هذا منه بعد فتح مكة، واستقرار فرض رمضان، ونسخ وجوب عاشوراء به، والذين شهدوا أمره بصيامه، والنداء بذلك، وبالإمساك لمن أكل، شَهِدُوا ذلك قبل فرض رمضان عند مقدَمِه المدينة، وفرض رمضان كان فى السنة الثانية من الهجرة، فَتُوفى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وقد صام تسعَ رمضانات، فمَن شهد الأمر بصيامه، شهده قبل نزول فرضِ رمضان، ومَن شهد الإخبار عن عدم فرضه، شهِده فى آخر الأمر بعد فرض رمضان، وإن لم يُسلك هذا المسلكُ، تناقضت أحاديثُ الباب واضطربت .
فإن قيل: فكيف يكون فرضاً ولم يحصُلْ تبييتُ النية من الليل وقد قال: ((لا صِيامَ لِمَنْ لَمْ يُبِيِّتِ الصِّيامَ مِنَ اللَّيْل))؟ فالجواب: أن هذا الحديث مختلفٌ فيه: هل هو مِن كلام النبى صلى الله عليه وسلم، أو مِنْ قولِ حفصةَ وعائشة؟ فأَما حديثُ حفصة: فأوقفه عليها معمرٌ، والزهرى، وسفيانُ بن عُيينة، ويونسُ بن يزيد الأيلى، عن الزهرى، ورفعه بعضُهم وأكثر أهلِ الحديثِ يقولون: الموقوفُ أصحُّ، قال الترمذى : وقد رواه نافع عن ابن عمر قولَه، وهو أصحُّ، ومنهم مَن يُصحح رفعَه لثقة رافعه وعدالته، وحديث عائشة أيضاً: روى مرفوعاً وموقوفاً، واختلف فى تصحيح رفعه . فإن لم يثبت رفعُه، فلا كلام، وإن ثبت رفعُه، فمعلومٌ أن هذا إنما قاله بعد فرض رمضان، وذلك متأخر عن الأمر بصيام يومِ عاشوراء، وذلك تجديدُ حكم واجب وهو التبييتُ، وليس نسخاً لحكم ثابت بخطاب، فإجزاء صيام يومِ عاشوراء بنية من النهار، كان قبل فرض رمضان، وقبل فرض التبييت مِن الليلِ، ثمَّ نُسِخَ وَجُوبُ صومِه برمضان، وتجدد وجوب التبييت، فهذه طريقة .
وطريقة ثانية هى طريقةُ أصحاب أبى حنيفة: أن وجوب صيام يوم عاشوراء تضمَّن أمرين: وجوبَ صومِ ذلك اليوم وإجزاء صومِه بنية من النهار، ثم نُسِخ تعيينُ الواجب بواجب آخر، فبقى حكم الإجزاء بنيةٍ من النهار غير منسوخ .
وطريقة ثالثة: وهى أن الواجب تابع للعلم، ووجوب عاشوراء إنما عُلِمَ من النهار، وحينئذ فلم يكن التبييتُ ممكناً، فالنيةُ وجبت وقت تجدُّدِ الوجوب والعلم به، وإلا كان تكليفاً بما لا يُطاق وهو ممتنع . قالُوا: وعلى هذا إذا قامت البينةُ بالرؤية فى أثناء النهار . أجزأ صومه بنية مقارِنة للعلم بالوجوب، وأصلُه صومُ يومِ عاشوراء، وهذه طريقة شيخنا، وهى كما تراها أصحُّ الطرق، وأقربُها إلى موافقة أُصول الشرع وقواعده، وعليها تَدُلُّ الأحاديثُ، ويجتمِعُ شملُها الذى يُظن تفرقه، ويُتخلص من دعوى النسخ بغير ضرورة، وغير هذه الطريقة لا بُدَّ فيه من مخالفة قاعدة مِن قواعد الشرع، أو مخالفة بعض الآثار . وإذا كان النبىُّ صلى الله عليه وسلم لم يأمر أهل قُباء بإعادة الصلاة التى صلَّوا بعضها إلى القِبْلة المنسوخة إذ لم يبلُغهم وجوبُ التحول، فكذلك مَن لم يبلغه وجوبُ فرضِ الصوم، أو لم يتمكن مِن العلم بسبب وجوبه، لم يُؤمر بالقضاء، ولا يُقال: إنه ترك التبييتَ الواجِبَ، إذ وجوبُ التبييت تابع للعلم بوجوب المبيّت، وهذا فى غاية الظهور .
ولا ريبَ أن هذه الطريقةَ أصحُّ مِن طريقة مَن يقول: كان عاشوراء فرضاً، وكان يُجزئ صيامُه بنية من النهار، ثم نُسِخَ الحكمُ بوجوبه، فنُسِخَتْ متعلقاتُه، ومن متعلقاته إجزاء صيامِه بنية من النهار، لأن متعلقاته تابعة له، وإذا زال المتبوع، زالت توابعُه وتعلقاتُه، فإن إجزاء الصوم الواجب بنية من النهار لم يكن من متعلقات خصوصِ هذا اليوم، بل من متعلِّقات الصومِ الواجب، والصومُ الواجب لم يَزُلْ، وإنما زال تعيينه، فنُقِل من محل إلى محل، والإجزاء بنيةٍ من النهار وعدمِه من توابع أصل الصوم لا تعيينه .
الــــــــalwaafiــــــــوافي
فترة الأقامة :
8029 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
1
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
0.13 يوميا
الalwaafiـوافي
مشاهدة ملفه الشخصي
زيارة موقع الalwaafiـوافي المفضل
البحث عن كل مشاركات الalwaafiـوافي