عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-2003, 02:29 AM   #4
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وقد روى يحيى بن آدم، حدثنا حُسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علىّ رضى اللَّه عنه، قال: ليس فى العسل زكاةٌ.

قال يحيى: وسئل حسن بن صالح عن العسل؟ فلم ير فيه شيئاً . وذكر عن معاذ أنه لم يأخذ من العسل شيئاً . قال الحُميدى: حدثنا سفيان، حدثنا إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس، عن معاذ بن جبل، أنه أتى بوقص البقر والعسل، فقال معاذ: كلاهما لم يأمرنى فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بشىء .

وقال الشافعى: أخبرنا مالك، عن عبد اللَّه بن أبى بكر، قال: جاءنا كتابٌ من عمر بن عبد العزيز رحمه اللَّه إلى أبى وهو بمِنَى، أن لا يأخذ من الخيل ولا من العسل صدقة. وإلى هذا ذهب مالك، والشافعى .

وذهب أحمد، وأبو حنيفة، وجماعة، إلى أن فى العسل زكاة، ورأوا أن هذه الآثار يُقَوِّى بعضُها بعضاً، وقد تعددت مخارجُها، واختلفت طُرقها، ومرسَلُها يُعضَدُ بمسندها . وقد سُئِل أبو حاتم الرازى، عن عبد اللَّه والد منير، عن سعد بن أبى ذباب، يصح حديثه؟ قال: نعم . قال هؤلاء: ولأنه يتولد من نَوَر الشجر والزهر، ويُكال ويُدَّخر، فوجبت فيه الزكاة كالحبوب والثمار . قالوا: والكلفة فى أخذه دون الكلفة فى الزرع والثمار، ثم قال أبو حنيفة: إنما يجب فيه العُشر إذا أُخِذ من أرض العُشر، فإن أُخِذ من أرض الخراج، لم يجب فيه شئ عنده، لأن أرض الخراج قد وجب على مالكها الخراجُ لأجل ثمارها وزرعها، فلم يجب فيها حق آخر لأجلها، وأرض العُشر لم يجب فى ذمته حق عنها، فلذلك وجب الحقُّ فيما يكون منها .

وسوَّى الإمام أحمد بين الأرضين فى ذلك، وأوجبه فيما أُخِذَ مِن ملكه أو موات، عُشرية كانت الأرض أو خراجية .

ثم اختلف الموجِبون له: هل له نصاب أم لا؟ على قولين . أحدهما: أنه يجب فى قليله وكثير، وهذا قول أبى حنيفة رحمه الله ، والثانى : أن له نصاباً معيناً ، ثم اختلف فى قدره ، فقال أبو يوسف : هو عشرة أرطال
وقال محمد بن الحسن : هو خمسة أفراق ، والفرق ستة وثلاثون رطلاً بالعراقى . وقال أحمد : نصابه عشرة أفراق ، ثم اختلف أصحابه فى الفرق ، على ثلاثة أقوال أحدها : أنه ستون رطلاً ، والثانى : أنه ستة وثلاثون رطلاً .
والثالث ستة عشر رطلاً ، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد ، والله أعلم.


فصل

وكان صلى الله عليه وسلم إذا جاءه الرجل بالزكاة، دعا له فتارة يقول : (( اللهم بارك فيه وفى أبله )) . وتارة يقول (( اللهم صل عليه )) . ولم يكن من هديه أخذ كرائم الأموال فى الزكاة بل وسط المال ، ولهذا نهى معاذاُ عن ذلك.


فصل

فى نهى المتصدق أن يشترى صدقته

وكان صلى اللَّه عليه وسلم ينهى المتصدِّق أن يشترىَ صدقته، وكان يُبيح للغنى أن يأكل من الصدقة إذا أهداها إليه الفقير، وأكل صلى اللَّه عليه وسلم مِن لحم تُصُدِّقَ به على بَريرَةَ وقال: ((هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ ولنا مِنْهَا هَدِية)).

وكان أحياناً يستدين لمصالح المسلمين على الصدقة، كما جهّز جيشاً فَنَفِدَتِ الإبل، فأمر عبد اللَّه بن عمرو أن يأخذ من قلائص الصدقة، وكان يَسِمُ إبل الصَّدَقَةِ بيده، وكان يَسِمُها فى آذانها .

وكان إذا عراه أمر، استسلف الصدقة من أربابها، كما استسلف من العباس رضى اللَّه عنه صدقة عامين.


فصل

فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى زكاة الفطر

فرضها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم على المسلم، وعلى مَنْ يَمُونُهُ مِنْ صَغِيرٍ وكَبِيرِ، ذَكَرٍ وَأُنْثَى، حُرٍّ وَعَبْدٍ، صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ زَبِيبٍ.

وروى عنه: أو صاعاً من دقيق، وروى عنه: نصف صاع من بُرٍّ.

والمعروف: أن عمر بن الخطاب جعل نصف صاع من بُرٍّ مكان الصاع من هذه الأشياء، ذكره أبو داود .

وفى ((الصحيحين)) أن معاوية هو الذى قَوَّم ذلك، وفيه عن النبى صلى الله عليه وسلم آثار مرسلة، ومسندة، يُقوِّى بعضها بعضاً .

فمنها: حديث عبد اللَّه بن ثعلبة أو ثعلبة بن عبد اللَّه بن أبى صُعير عن أبيه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((صاعٌ مِنْ بُرٍّ أوْ قَمْح على كُلِّ اثْنَيْن)) رواه الإمام أحمد وأبو داود .

وقال عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث منادياً فى فِجاج مَكَّة: ((أَلاَ إنَّ صَدَقَة الفِطْرِ وَاجِبَةٌ على كُلِّ مُسْلِم، ذَكَرٍ أو أُنْثَى، حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، مُدَّانِ مِنْ قَمْحٍ أَوْ سِوَاهُ صَاعاً مِنْ طَعام)) قال الترمذى: حديث حسن غريب .

وروى الدارقطنى من حديث ابن عمر رضى اللَّه عنهما، أَن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أمَرَ عَمْرو بْنَ حَزْمٍ فى زَكَاةِ الفِطْرِ بِنِصْفِ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ. وفيه سليمان بن موسى، وثَّقه بعضهم وتكلم فيه بعضهم .

قال الحسنُ البَصرى: خطب ابنُ عباس فى آخر رمضانَ على منبر البصرة، فقال: أَخْرِجُوا صَدَقَةَ صَوْمِكُمْ، فكأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا . فَقَالَ: مَنْ هَهُنا مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ؟ قُومُوا إلَى إخْوَانِكُم فَعَلِّمُوهُم فإنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ، فَرضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم هَذِهِ الصَّدَقَةَ صاعَاً مِن تَمْرٍ، أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ، أو مملُوكٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، فلما قَدِمَ عَلىُّ رَضِىَ اللَّه عَنْهُ رَأى رُخْصَ السِّعْرِ قَالَ: قَدْ أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْكُم، فَلَوْ جَعَلْتُمُوهُ صَاعاً مِنْ كُلِّ شَىءٍ)) . رواه أبو داود وهذا لفظه، والنسائى وعنده فقال عَلىُّ: أَمَا إذ أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْكُم، فَأوْسِعُوا، اجْعَلُوها صَاعاً مِنْ بُرٍّ وَغَيْرِه . وكان شيخنا رحمه اللَّه : يُقوِّى هذا المذهب ويقول: هو قياس قولِ أحمد فى الكفَّارات، أن الواجبَ فيها من البُرِّ نصفُ الواجب من غيره .


فصل

فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى وقت إخراج هذه الصدقة

وكان من هَدْيه صلى اللَّه عليه وسلم إخراج هذه الصدقة قبلَ صلاة العيد، وفى السنن عنه: أنه قال: ((مَنْ أدَّاها قَبْلَ الصَّلاة، فَهِى زَكَاةٌ مَقْبُولَة، ومَنْ أَدَّاها بَعْدَ الصَّلاة فَهِىَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقاتِ)).

وفى ((الصحيحين))، عن ابن عمر، قال: أمَرَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بِزَكَاةِ الفِطْرِ أَنْ تُؤدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلاة .

ومقتضى هذين الحديثين: أنه لا يجوزُ تأخيرُها عن صلاة العيد، وأنها تفوتُ بالفراغ مِن الصلاة، وهذا هو الصواب، فإنه لا مُعارِض لهذين الحديثين ولا ناسخ، ولا إجماع يدفع القولَ بهما، وكان شيخُنا يُقوِّى ذلك وينصرُه، ونظيرُه ترتيبُ الأُضحية على صلاة الإمام، لا على وقتها، وأن مَن ذبح قبلَ صلاة الإمام، لم تكن ذبيحته أُضحيةً بل شاة لحم . وهذا أيضاً هو الصواب فى المسألة الأخرى، وهذا هَدْىُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى الموضعين .


فصل

فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى تخصيص المساكين بها

وكان من هَدْيه صلى اللَّه عليه وسلم تخصيصُ المساكين بهذه الصدقة، ولم يكن يقسِمها على الأصناف الثمانية قبضةً قبضةً، ولا أمر بذلك، ولا فعله أحدٌ من أصحابه، ولا مَنْ بعدهم، بل أحدُ القولين عندنا: أنه لا يجوزُ إخراجُها إلا على المساكين خاصة، وهذا القولُ أرجحُ من القول بوجوب قسمتها على الأصناف الثمانية .


فصل

فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى صدقة التطوع

كان صلى اللَّه عليه وسلم أعظمَ الناس صدقةً بما ملكت يدُه، وكان لا يستكثِر شيئاً أعطاه للَّهِ تعالى، ولا يستقِلُّه، وكان لا يسألُه أحدٌ شيئاً عنده إلا أعطاه، قليلاً كان أو كثيراً، وكان عطاؤه عطاء مَنْ لا يخافُ الفقر، وكان العطاءُ والصدقةُ أحبَّ شىءٍ إليه، وكان سُرورُه وفرحُه بما يعطيه أعظمَ من سرور الآخِذِ بما يأخذه، وكان أجودَ الناس بالخير، يمينه كالرِّيح المرسلة .

وكان إذا عرض له مُحتاج، آثره على نفسه، تارةً بطعامه، وتارةً بلباسه .

وكان يُنوِّع فى أصناف عطائه وصدقته، فتارةً بالهبة، وتارةً بالصدقة، وتارةً بالهدية، وتارةً بشراءِ الشىء ثم يُعطى البائع الثمن والسِّلعة جميعاً، كما فعل ببعير جابر وتارة كان يقترض الشئ، فيرد أكثر منه، وأفضل وأكبر، ويشترى الشىء، فيعطى أكثر من ثمنه، ويقبل الهديَّة ويُكافىءُ عليها بأكثر منها أو بأضعافها، تلطـُّفاً وتنوُّعاً فى ضروب الصدقة والإحسان بكل ممكن، وكانت صدقُته وإحسانُه بما يملكُه، وبحاله، وبقوله، فيُخْرِجُ ما عنده، ويأمُرُ بالصدقة، ويحضُّ عليها، ويدعو إليها بحاله وقوله، فإذا رآه البخيلُ الشحيح، دعاه حالُه إلى البذل والعطاء، وكان مَنْ خالطَه وصَحِبه، ورأى هَدْيَه لا يملِكُ نفسه من السماحة والنَّدى .


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس