عرض مشاركة واحدة
قديم 12-11-2003, 08:16 PM   #28
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (06:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



ثم كان يقرأ الفاتحة وحدها، ولم يثبت عنه أنه قرأ في الركعتين الأخريين بعد الفاتحة شيئاً، وقد ذهب الشافعي في أحد قوليه وغيره إلى استحباب القراءة بما زاد على الفاتحة في الأخريين، واحتج لهذا القولِ بحديث أبي سعيد الذي في ((الصحيح)): حزرْنَا قيامَ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في الظهر في الركعتين الأوليين قَدْر قِراءة (ألم تنزيلَ السَّجدة)، وحزرنا قيامَه في الركعتين الأخريين قَدْرَ النصف مِن ذلك، وحزرنا قيامَه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الركعتين الأُخْرَيَيْنِ من الظهر، وفي الأُخريين من العصر على النصف من ذلك.

وحديث أبي قتادة المتفق عليه ظاهرٌ في الاقتصار على فاتحة الكتاب في الركعتين الأُخريين.

قال أبو قتادة رضي اللّه عنه: وكانَ رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم يُصلي بنا، فيقرأ في الظُّهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسُورتين، ويُسمعنا الآية أحياناً. زاد مسلم: ويقرأُ في الأُخريين بفاتحة الكتاب، والحديثان غير صريحين في محل النزاع. وأما حديث أبي سعيد، فإنما هو حَزر منهم وتخمين، ليس إخباراً عن تفسير نفسِ فعله صلى الله عليه وسلم. وأما حديث أبي قتادة، فيمكن أن يُراد به أنه كان يقتصر على الفاتحة، وأن يُراد به أنه لم يكن يُخِلُّ بها في الركعتين الأُخريين، بل كان يقرؤها فيهما، كما كان يقرؤها في الأوليين، فكان يقرأ الفاتحة في كل ركعة، وإن كان حديث أبي قتادة في الاقتصار أظهر، فإنه في معرض التقسيم، فإذا قال: كان يقرأ في الأوليين بالفاتحة والسورة، وفي الأُخريين بالفاتحة، كان كالتصريح في اختصاص كل قسم بما ذكر فيه، وعلى هذا، فيمكن أن يُقال: إن هذا أكثر فعله، وربما قرأ في الركعتين الأُخريين بشيء فوق الفاتحة، كما دل عليه حديثُ أبي سعيد، وهذا كما أن هديَه صلى الله عليه وسلم كان تطويلَ القراءة في الفجر، وكان يخففها أحياناً، وتخفيف القراءة في المغرب، وكان يُطيلها أحياناً، وترك القنوت في الفجر، وكان يقنت فيها أحياناً، والإِسرار في الظهر والعصر بالقراءة، وكان يُسمع الصحابة الآية فيها أحياناً،وترك الجهر بالبسملة، وكان يجهر بها أحياناً.

والمقصود أنه كان يفعل في الصلاة شيئاً أحياناً لِعارض لم يكن من فعله الراتب، ومن هذا لما بعث صلى الله عليه وسلم فارساً طليعة، ثم قام إلى الصلاة، وجعل يلتفِتُ في الصلاة إلى الشِّعْب الذي يجيء منه الطليعة، ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم الالتفاتُ في الصلاة، وفي ((صحيح البخاريَ)) عن عائشة رضي اللّه عنها قالت سألتُ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن الالتفاتِ في الصلاة؟ فقال: ((هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صلاَةِ الْعَبْدِ)).

وفي الترمذي من حديث سعيد بن المسيب عن أنس رضي اللّه عنه قال: قال لي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ((يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَالالْتِفَاتَ في الصَّلاَة، فَإِنَّ الالتفاتَ في الصَّلاةِ هَلَكَةٌ، فإن كان وَلا بُدَّ ففي التطوُّعِ، لا في الفرض)) ولكن للحديث علتان:

إحداهما: إن رواية سعيد عن أنس لا تعرف.

الثانية: إن في طريقه علي بن زيد بن جدعان، وقد ذكر البزار في مسنده من حديث يُوسف بن عبد اللّه بن سلام عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا صَلاة لِلملتفت)). فأما حديث ابن عباس: ((إن رسُولَ اللّه صلى الله عليه وسلم كان يلحظ في الصلاة يميناً وشمالاً، ولا يلوي عنقه خلف ظهره)) فهذا حديث لا يثبُت قال الترمذي فيه: حديث غريب. ولم يزد.

وقال الخلال: أخبرني الميموني أن أبا عبد اللّه قيل له: إن بعض الناس أسند أن النبي صلى الله عليه وسلم. كان يلاحظ في الصلاة. فأنكر ذلك إنكاراً شديداً، حتى تغير وجهُه، وتغير لونُه، وتحرك بدنُه، ورأيتُه في حال ما رأيتُه في حالٍ قطُّ أسوأ منها، وقال. النبي صلى الله عليه وسلم. كان يُلاحظ في الصلاة؟! يعني أنه أنكر ذلك، وأحسبه قال: ليس له إسناد، وقال: من روى هذا؟! إنما هذا من سعيد بن المسيب، ثم قال لي بعض أصحابنا: إن أبا عبد اللّه وَهَّنَ حديثَ سعيد هذا، وضعف إسناده، وقال: إنما هو عن رجل عن سعيد، وقال عبد اللّه بن أحمد: حدثت أبي بحديث حسان بن إبراهيم عن عبد الملك الكوفي قال: سمعت العلاء قال: سمعت مكحولاً يحدِّث عن أبي أمامة وواثلة: كان النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قام إلى الصلاة لم يلتفت يميناً ولا شمالاً، ورَمَى ببصره في موضع سجوده، فأنكره جداً، وقال: اضِرب عليه. فأحمد رحمه اللّه أنكر هذا وهذا، وكان إنكارُه للأول أشد، لأنه باطل سنداً ومتناً.

والثاني: إنما أنكر سنده، وإلا فمتنه غير منكر، واللّه أعلم.

ولو ثبت الأول، لكان حكاية فعل فَعَلَهُ، لعله كان لمصلحة تتعلق بالصلاة ككلامه عليه السلام هو وأبو بكر وعمر، وذو اليدين في الصلاة لمصلحتها، أو لمصلحة المسلمين، كالحديث الذي رواه أبو داود عن أبي كبشة السَّلُولي عن سَهْلِ بن الحنظلية قال: ثُوبَ بالصلاة يعني صلاةَ الصبح، فجعل رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم، يصلي وهو يلتفِتُ إلى الشِّعبِ. قال أبو داود: يعني وكان أرسل فارساً إلى الشِّعب من الليل يَحْرُسُ فهذا الالتفات من الاشتغال بالجهاد في الصلاة وهو يدخل في مداخل العبادات، كصلاة الخوف، وقريبٌ منه قولُ عمر: إني لأجهِّز جيشي وأنا في الصلاة. فهذا جمع بين الجهاد والصلاة. ونظيره التفكر في معاني القرآن، واستخراجُ كنوز العلم منه في الصلاة، فهذا جمعٌ بين الصلاة والعلم، فهذا لون، والتفاتُ الغافلين الَّلاهين وأفكارهم لون آَخر، وباللّه التوفيق.

فهديه الراتب صلى الله عليه وسلم إطالةُ الركعتين الأوليين من الرُّباعية على الأُخريين، وإطالة الأولى من الأوليين على الثانية، ولهذا قال سعد لعمر: أما أنا فأطيلُ في الأوليين، وأحذف في الأُخريين، ولا آلُو أن أقتديَ بصلاة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم.

وكذلك كان هديُه صلى الله عليه وسلم. إطالَة صلاة الفجر على سائر الصلوات، كما تقدم. قالت عائشة رضي اللّه عنها: فرض اللَّهُ الصلاة ركعتين ركعتين، فلما هاجر رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،زِيد في صلاة الحضر، إلا الفجر، فإنها أُقِرَّت على حالها من أجل طول القراءة، والمغرب، لأنها وتر النهار. رواه أبو حاتم بن حبان في ((صحيحه)) وأصله في ((صحيح البخاري))، وهذا كان هديَه صلى الله عليه وسلم في سائر صلاته إطالةُ أولها على آخرها، كما فعل في الكسوف، وفي قيام الليل لما صلَّى ركعتين طويلتين، ثم ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، حتى أتم صلاته. ولا يُناقض هذا افتتاحَه صلى الله عليه وسلم صلاة الليل بركعتين خفيفتين، وأمره بذلك، لأن هاتين الركعتين مفتاحُ قيام الليل، فهما بمنزلة سنة الفجر وغيرها.

وكذلك الركعتان اللتان كان يُصليهما أحياناً بعد وتره، تارة جالِساً، وتارة قائماً، مع قوله: ((اجْعَلُوا آخرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْراً)) فإن هاتين الركعتين لا تُنافيان هذا الأمر، كما أن المغرب وترُ للنهار، وصلاةُ السنة شفعاً بعدها لا يُخرجها عن كونها وتراً للنهار، وكذلك الوترُ لمَا كان عبادة مستقلة، وهو وتر الليل، كانت الركعتان بعده جاريتين مجرى سنة المغرب، من المغرب، ولما كان المغرب فرضاً، كانت محافظته عليه السلام على سنتها أكثر من محافظته على سنة الوتر، وهذا على أصل من يقول بوجوب الوتر ظاهرٌ جداً، وسيأتي مزيد كلام في هاتين الركعتين إن شاء اللّه تعالى، وهي مسألة شريفة لعلك لا تراها في مصنف، وباللّه التوفيق.


فصل

وكان صلى الله عليه وسلم إذا جلس في التشهد الأخيرِ، جلس متورِّكاً، وكان يُفضي بوركه إلى الأرض، ويُخرج قدمه من ناحية واحدة.

فهذا أحد الوجوه الثلاثة التي رُويت عنه صلى الله عليه وسلم في التورُّكِ. ذكره أبو داود في حديث أبي حُميد الساعدي من طريق عبد اللّه بن لهيعة وقد ذكر أبو حاتم في ((صحيحه)) هذه الصفة من حديث أبي حميد الساعدي من غير طريق ابن لهيعة، وقد تقدم حديثه.

الوجه الثاني: ذكره البخاري في ((صحيحه)) من حديث أبي حميد أيضاً قال: وإذا جلس في الرَّكعة الآخرة، قَدَّم رجله اليُسرى ونصب اليمنى، وقعد على مقعدته فهذا هو الموافق الأول في الجلوس على الوَرِك، وفيه زيادة وصف في هيئة القَدَمَين لم تتعرض الرواية الأولى لها.

الوجه الثالث: ما ذكره مسلم في ((صحيحه)) من حديث عبد اللّه بن الزبير: أنه صلى الله عليه وسلم كان يجعل قدمه اليُسرى بين فخذه وساقه، ويفرشُ قدمه اليمنى، وهذه هي الصفة التي اختارها أبو القاسم الخِرَقِي في ((مختصره)) وهذا مخالف للصفتين الأوليين في إخراج اليسرى من جانبه الأيمن، وفي نصب اليُمنى، ولعله كان يفعل هذا تارة، وهذا تارة، وهذا أظهر.

ويحتمِل أن يكون من اختلاف الرواة، ولم يُذكر عنه عليه السلام هذا التوركُ إلا في التشهد الذي يليه السلام. قال الإِمام أحمد ومن وافقه: هذا مخصوصٌ بالصلاة التي فيها تشهدان، وهذا التورك فيها جُعِل فرقاً بين الجلوس في التشهد الأول الذي يُسن تخفيفه، فيكون الجالس فيه متهيئاً للقيام، وبين الجلوس في التشهد الثاني الذي يكون الجالس فيه مُطمئناً.

وأيضاً فتكونُ هيئة الجلوسين فارقة بين التشهدين،مذكرة للمصلي حاله. فيهما.

وأيضاً فإن أبا حُميد إنما ذكر هذه الصفة عنه في الجلسة التي في التشهد الثاني، فإنه ذكر صفة جلوسه في التشهد الأول، وأنه كان يجلس مفترشاً، ثم قال: ((وإذا جلس في الركعة الآخرة)) وفي لفظ: ((فإذا جلس في الركعة الرابعة)).

وأما قوله في بعض ألفاظه: حتى إذا كانت الجلسة التي فيها التسليمُ، أخرج رجله اليُسرى، وجلس على شقه متورِّكاً، فهذا قد يحتج به من يرى التورك يُشرع في كل تشهد يليه السلام، فيتورك في الثانية، وهو قول الشافعي رحمه الله، وليس بصريح في الدِّلالة، بل سياقُ الحديث يدل على أن ذلك إنما كان في التشهد،الذي يليه السلام من الرباعية والثلاثية، فإنه ذكر صفة جلوسه في التشهد الأول وقيامه منه، ثم قال: ((حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليمُ، جلس متورِّكاً)) فهذا السياق ظاهر في اختصاص هذا الجلوس بالتشهد الثاني.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس