عرض مشاركة واحدة
قديم 12-11-2003, 07:49 PM   #22
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (06:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وكان يخطُب قائماً، وفي مراسيل عطاء وغيره أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا صَعِدَ المِنَبرَ أقبل بوجهه على الناس، ثم قال: ((السَّلاَمُ عَلَيْكُم)) قال الشعبي: وكان أبو بكر وعمر يفعلان ذلك وكان يختِم خُطبته بالاستغفار، وكان كثيراً يخطب بالقرآن وفي ((صحيح مسلم)) عن أمِّ هشام بنت حارثة قالت: ((ما أخذتُ {ق وَالْقُرآنِ المَجِيدِ} [ق: 1]، إلا عَنْ لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَؤُهَا كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ عَلَى المِنْبَرِ إذَا خَطَبَ النَّاسَ))، وذكر أبو داود عن ابن مسعود أَنَّ رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم كان إذا تشهَّد قال: ((الحَمْدُ للَهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ، فَلاَ مُضلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ، فلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لاَ إِله إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْحَق بَشِيراً وَنَذِيراً بَيْن يَدَي السَّاعَةِ، مَنْ يُطعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَدْ رشَدَ وَمَنْ يَعْصهِمَا، فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّ إِلاَّ نَفْسَهُ، وَلاَ يَضرُّ اللَّهُ شيئاً)) وقال أبو داود عن يونس أنه سأل ابنَ شهاب عن تشهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يومَ الجمعة، فذكر نحو هذا إلا أنه قال: ((وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى)).

قال ابن شهاب: وبلغنا أن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا خطب: ((كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَريبٌ، لاَ بُعْدَ لِمَا هُوَ آتٍ، وَلاَ يُعَجِّلُ اللَهُ لِعَجَلَةِ أَحَدٍ، وَلاَ يُخِفُّ لأَمْرِ النَّاسِ، مَا شَاءَ اللَّهُ، لاَ مَا شَاءَ الناسُ، يُرِيدُ اللَّهُ شَيْئاً وَيُريدُ النَّاسُ شَيئاً، مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَلَوْ كَرِهَ النَّاسُ، وَلاَ مُبْعِدَ لِمَا قرَّبَ اللَّهُ، ولاَ مُقَرِّبَ لِمَا بَعَّدَ اللَّهُ، ولاَ يَكُونُ شَيءٌ إلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ)).

وكان مدارُ خُطبه على حمد اللّه، والثناء عليه بآلائه، وأوصافِ كماله ومحامده، وتعليمِ قواعدِ الإِسلام، وذكرِ الجنَّة والنَّار والمعاد، والأمرِ بتقوى اللّه، وتبيينِ موارد غضبه، ومواقعِ رضاه فعلى هذا كان مدار خطبه.
وكان يقول في خطبه: ((أَيُّهَا النَّاسُ إِنَكُمْ لَنْ تُطِيقُوا - أَوْ لَنْ تَفْعَلُوا -كُلَ مَا أُمِرْتُمْ بهِ، وَلَكِنْ سَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا)).

وكان يخطُب في كل وقت بما تقتضيه حاجةُ المخاطَبين ومصلحتهم، ولم يَكُنْ يخطب خُطبة إلا افتتحها بحمد الله، ويتشهَّد فيها بكلمتي الشهادة، ويذكر فيها نفسه باسمه العلم.

وثبت عنه أنه قال: ((كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ، فَهِيَ كَالْيَدِ الجَذْمَاءِ)).
ولم يكن له شاويش يخرُج بين يديه إذا خرج من حُجرته، ولم يكن يَلْبَسُ لِبَاسَ الخطباء اليوم لا طُرحة، ولا زِيقاً وَاسعاً.

وكان منبرُه ثلاثَ درجات، فإذا استوى عليه، واستقبل الناس، أخذ المؤذن في الأذان فقط، ولم يَقُلْ شيئاً قبلَه ولا بعدَه، فإذا أخذ في الخطبة، لم يرفع أحدٌ صوته بشيء البتة، لا مؤذنٌ ولا غيرُه.

وكان إذا قام يخطب، أخذ عصاً، فتوكَّأ عليها وهو على المنبر، كذا ذكره عنه أبو داود عن ابن شهاب، وكان الخلفاءُ الثلاثةُ بعده يفعلون ذلك، وكان أحياناً يتوكأْ على قوس، ولم يُحفظ عنه أنه توكأ على سيف، وكثيرٌ من الجهلة يظن أنه كان يُمْسِكُ السيفَ على المنبر إشارة إلى أن الدين إنما قام بالسيف، وهذا جهل قبيح من وجهين، أحدهما: أن المحفوظَ أنه صلى الله عليه وسلم توكأ على العصا وعلى القوس. الثاني: أن الدين إنما قام بالوحي، وأمّا السيف، فَلِمَحْقِ أهل الضلال والشرك، ومدينةُ النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يخطب فيها إنما فُتِحَت بالقُرآن، ولم تُفتح بالسيف.

وكان إذا عرض له في خطبته عارض، اشتغل به، ثم رجع إلى خطبته، وكان يخطُب، فجاء الحسن والحسين يعثُران في قميصين أحمرين، فقطع كلامه، فنزل، فحملهما، ثم عاد إلى منبره، ثم قال: ((صَدَقَ اللَّهُ العَظِيمُ {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 28] رَأَيْتُ هذَيْنِ يعثُران في قَمِيصَيْهِمَا، فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قَطَعْتُ كَلاَمِي فَحَمَلْتُهُمَا)).

وَجَاءَ سُلَيْكٌ، الغَطَفَاني وهو يخطُب، فجلس، فقال له: ((قُمْ يَا سُلَيْكُ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْن وَتَجَوَّزْ فِيِهِما))، ثم قال وهو على المنبر: ((إذَا جَاءَ أَحَدُكمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ والإِمام يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا)).

وكان يُقصر خطبته أحياناً، ويُطيلها أحياناً بحسب حاجة الناس وكانت خطبتُه العارِضة أطولَ من خطبته الراتِبة. وكان يخطُب النِّساء على حِدة في الأعياد، ويحرِّضُهُنَّ على الصدقة، والله أعلم.


فصول

في هديه صلى الله عليه وسلم في العبادات

فصل

في هديه صلى الله عليه وسلم في الوضوء

كان صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة في غالب أحيانه، وربما صلى الصلواتِ بوضوء واحد وكان يتوضأ بالمُد تارة، وبثلثيه تارة، وبأزيَد منه تارة، وذلك نحو أربع أواق بالدمشقي إلى أوقيتين وثلاث وكان مِنْ أيسر النَّاس صبًّا لماء الوضوء، وكان يُحَذِّرُ أمته من الإِسراف فيه، وأخبر أنه يكون في أمته مَنْ يعتدي في الطهور، وقال: ((إنَّ لِلْوُضُوءِ شَيْطَاناً يُقَالُ لَهُ الوَلهَان فَاتَّقُوا وَسْوَاسَ المَاء)) ومر على سعد، وهو يتوضأ فقال له: ((لاَ تُسْرِفْ في المَاء)) فقال: وهل فَي الماء من إسراف؟ قال: ((نعم وإن كْنْتَ عَلَى نَهرٍ جَارٍ)).

وصح عنه أنه توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، وفي بعض الأعضاء مرتين، وبعضها ثلاثاً.

وكان يتمضمض ويستنشق تارة بغَرفة، وتارة بغَرفتين، وتارة بثلاث. وكان يصل بين المضمضة والاستنشاق، فيأخُذ نصف الغرفة لفمه، ونصفها لأنفه، ولا يُمَكن في الغرفة إلا هذا، وأما الغرفتان والثلاث، فيمكن فيهما الفصلُ والوصلُ، إلا أن هديه صلى الله عليه وسلم كان الوصلَ بينهما، كما في ((الصحيحين)) من حديث عبد اللّه بن زيد أنَّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ((تمضمض واستنشق منْ كَفٍّ واحدة، فعل ذلك ثلاثاً)) وفي لفظ: ((تمضمض واستنثر بثَلاَث غَرفَات)) فهذا أصحً ما رُوي في المضمضة والاستنشاق، ولم يجىء الَفصلُ بين المًضمضة والاستنشاق في حديث صحيح البتة، لكن في حديث طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جدِّه: رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يَفْصلُ بين المضمضة والاستنشاق، ولكن لا يُروى إلا عن طلحة عن أبيه عن جدَّه، ولا يعرف لجده صحبة.

وكان يستنشق بيده اليمنى، ويستنثِر باليُسرى، وكان يمسحُ رأسه كلَّه، وتارة يُقْبِلُ بيديه وَيُدْبرُ، وعليه يُحملُ حديث من قال: مسح برأسه مرتين والصحيح أنه لم يكررَ مسح رأسه، بل كان إذا كررَ غَسْلَ الأعضاء، أفرد مسحَ الرأس، هكذا جاء عنه صريحاً، ولم يصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم. خلافه البتة، بل ما عدا هذا، إمّا صحيح غير صريح، كقول الصحابي: توضأ ثلاثاً ثلاثاً، وكقوله: مسح برأسه مرتين، وإما صريح غير صحيح، كحديث ابن البيلماني، عن أبيه، عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ تَوَضَّأُ فَغَسَلَ كَفَّيْه ثلاثاً)) ثم قال: ((وَمَسَحَ بِرَأسه ثَلاثَاً)) وهذا لا يحتج به، وابن البيلماني وأبوهَ مضعَفان، وإن كان الأب أحَسَن حالاً وكحديث عثمان الذي رواه أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم: ((مَسَحَ رَأسَهُ ثَلاثاً)) وقال أبو داود: أحاديثُ عثمان الصحاحُ كلُّها تدل على أن مسح الرأس مرة، ولم يصحَّ عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعضِ رأسه البتة، ولكن كان إذا مسح بناصيته كمل على العمامة، فأمّا حديثُ أنس الذي رواه أبو داود: ((رأيتُ رسولَ اللّه صلى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عمَامة قطْرِيَّةٌ، فَأدْخَلَ يَدَه مِنْ تحت العمَامَة، فمسح مُقدَّمَ رأسه، ولم يَنْقُضِ العِمًامَة)). فهذا مقصود أنس به أن اَلنبيَ صلى الله عليه وسلم لم ينقُض عِمامته حتى يستوعِبَ مسحَ الشعر كلّه، ولم ينفِ التكميلَ على العِمامة، وقد أثبته المغيرةُ بن شعبة وغيره، فسكوتُ أنس عنه لا يدل على نفيه ولم يتوضأ صلى الله عليه وسلم إلا تمضمض واستنشق، ولم يُحفظ عنه أنه صلى الله عليه وسلم به مرة واحدة، وكذلك كان وضوءه مرتباً متوالياً، لم يُخِلَ به مرة واحدة البتة، وكان يمسح على رأسه تارة، وعلى العِمامة تارة، وعلى الناصية والعمامة تارة.

وأما اقتصارُه على الناصية مجردة، فلم يُحفظ عنه كما تقدم وكان يغسل رجليه إذا لم يكونا في خُفين ولا جوربين، ويمسح عليهما إذا كانا في الخفين أو الجوربين وكان يمسح أذنيه مع رأسه، وكان يمسح ظاهرهما وباطنهما، ولم يثبت عنه أنه أخذ لهما ماءً جديداً، وإنما صح ذلك عن ابن عمر ولم يَصح عنه في مسح العُنق حديث البتة، ولم يحفظ عنه أنه كان يقول على وضوئه شيئاً غيرَ التسمية، وَكُلُّ حديث في أذكار الوضوء الذي يقال عليه، فَكَذِبٌ مُخْتَلَق، لم يقُلْ رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم شيئاً منه، ولا عَلَّمه لأمته، ولا ثبت عنه غير التسمية في أوله وقوله: ((أَشْهَدُ أَن لاَ إلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، واجْعَلْنِي مِنَ المُتَطَهِّرينَ)) في آخرِه وفي حديث آخر في ((سنن النسائي)) ممّا يقال بعد الوضوء أيضاً: ((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ)).

وَلَمْ يَكُنْ يقول في أوله: نويت رفعَ الحدث، ولا استباحةَ الصلاة، لا هو، ولا أحدٌ من أصحابه البتة، ولم يُرو عنه في ذلك حرف واحد، لا بإِسناد صحيح، ولا ضعيف، ولم يتجاوز الثلاث قطُّ، وكذلك لم يُثبت عنه أنه تجاوز المِرفقين والكعبين، ولكن أبو هريرة كان يفعلُ ذلك ويتأوَّل حديث إطالة الغرة، وأما حديثُ أبي هريرة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم أنه غسل يديه حتى أشرع في العضُدين، ورجليه حتى أشرع في الساقين فهو إنما يدل على إدخال المرفقين والكعبين في الوضوء، ولا يدل على مسألة الإِطالة.

ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتاد تنشيفَ أعضائه بعد الوضوء، ولا صح عنه في ذلك حديث البتة، بل الذي صح عنه خلافه، وأما حديث عائشة كان للنبي صلى الله عليه وسلم خِرقَةٌ يُنَشِّفُ بِهَا بَعدَ الوُضوءِ، وحديث معاذ بن جبل: رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا توضأ مسح على وجهه بِطَرَفِ ثوبه، فضعيفان لا يحتج بمثلهما، في الأول سليمان بن أرقم متروك، وفي الثاني عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي ضعيف، قال الترمذي: ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء.

ولم يَكُنْ من هديه صلى الله عليه وسلم أن يُصبَّ عليه الماءُ كلما توضأ، ولكن تارة يصبُّ على نفسه، وربما عاونه مَنْ يصبُّ عليه أحياناً لحاجة كما في ((الصحيحين)) عن المغيرة بن شعبة أنه صبَّ عليه في السفر لما توضأ.

وكان يخلل لحيته أحياناً، ولم يكن يُواظبُ على ذلك. وقد اختلف أئمة الحديث فيه، فصحح الترمذي وغيره أنه صلى الله عليه وسلم كان يُخَلِّلُ لحيته، وقال أحمد وأبو زرعة: لا يثبت في تخليل اللحية حديث.

وكذلك تخليلُ الأصابع لم يكن يُحافظ عليه، وفي ((السنن)) عن المُسْتَوْرِدِ بنِ شداد: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ يُدلكُ أصابعَ رجليه بخنصره، وهذا إن ثبت عنه، فإنما كان يفعله أحياناً، ولهذا لم يروه الذين اعتنوا بضبط وضوئه، كعثمان، وعلي، وعبد اللّه بن زيد، والرُّبيِّعِ، وغيرهم، على أن في إسناده عبد اللّه بنَ لهيعة.

وأمّا تحريكُ خاتمه، فقد رُوي فيه حديث ضعيف من رواية معمر بن محمَّد بن عبيد اللّه بن أبي رافع عن أبيه عن جدّه أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان إذا توضأ حرَّك خَاتَمه))، ومعمر وأبوه ضعيفان، ذكر ذلك الدارقطني.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس