عرض مشاركة واحدة
قديم 11-13-2003, 06:47 AM   #2
الله يعطيك العافيه( كلمة شكر قليله عليك)


الصورة الرمزية الهاشم
الهاشم غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 535
 تاريخ التسجيل :  Oct 2003
 أخر زيارة : 06-28-2018 (06:47 PM)
 المشاركات : 5,521 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الدرس الأول : الحكم على الشيء فرع عن تصوره


( الحكم على الشيء فرع عن تصوره ) هذه قاعدة صحيحة معروفة ، وهي تقرر أن أحكامنا على الأشخاص والأشياء والمواقف ينبع من تصورنا لها ، وبقدر صحة تصوراتنا وشمولها تصيب أحكامنا ، وبقدر قصور تصوراتنا أو خطئها تشطح أحكامنا أو تحيف .. وهذه القاعدة تتضمن دعوة للتأني والتثبت والتبين قبل إصدار الأحكام .

ويلح هنا تساؤل : هل يمكن أن نتصور الحقائق تصورا يتصف بالصحة المطلقة والكمال المطلق ؛ لتكون أحكامنا تبعا لذلك صائبة تماما ؟

وهنا تجيب البرمجة اللغوية العصبية بأن التصورات الذهنية لدى الناس لا يمكن أن تكون مطابقة تماما للحقائق الخارجية ، في قاعدة تقول : إن الصورة الذهنية للعالم ليست هي العالم .
وأود أن أوضح أن النفي هنا لا يراد به إثبات المغايرة التامة بين التصور الذهني والحقيقة الخارجية ، و إنما يراد به نفي التطابق التام ، بمعنى أن التصور الذهني قد يقترب إلى درجة كبيرة من الحقيقة الخارجية ، لكنه لا يمكن أن يكون مطابقا لها تماما .
وهذه القاعدة في علم البرمجة اللغوية العصبية بنيت على معرفة الطريقة المعقدة التي تتكون بها التصورات الذهنية والتي ألخصها في نقاط :
أولها : أن إدراكنا للحقائق الخارجية يتم بواسطة الحواس التي تعتبر هي منافذ الإدراك ، وأن هذه الحواس التي هي وسيلتنا في التقاط المعلومات تعتريها ثلاث مشكلات تساهم في قصور التصور ، و هي :
1- قصور الحواس : لا شك أن حواسنا قاصرة غير كاملة ، فنحن نرى و لكننا لا نرى كل شيء بل قد لا نرى أشياء تماثلنا حجما أو تزيد علينا كالملائكة و الجن وغير ذلك لقصور حاسة البصر . كما نسمع ولكننا لا نسمع كل شيء بل قد لا نستطيع سماع الأصوات لا لفرط ضعفها وإنما لفرط قوتها ، وكذلك نحن نلمس و لكننا لا نلمس كل شيء ، وهذه حقيقة لا مراء فيها تجعلنا لا نستطيع تصور مالا تدركه حواسنا إلا تصورا انطباعيا قاصرا مهما بلغ إيماننا بحقيقته ، فمن منا مثلا يستطيع تصور حقيقة الجنة - التي فيها مالا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر - تصورا مطابقا لحقيقتها رغم إيماننا القوي بها .
2- خداع الحواس : إن خداع الحواس أمر ظاهر معلوم فقد تخادعنا أبصارنا فنرى السراب نحسبه ماء ، وقد تخادعنا أسماعنا فنسمع الأصوات على غير حقيقتها ، وقد تخادعنا بالمثل كل حواسنا الأخرى ، مما يجعل احتمال تأثير ذلك على إدراكنا للحقائق واردا مالم نتثبت و نتبين .
3- اعتماد كل إنسان على بعض حواسه أكثر من اعتماده على حواسه الأخرى مما يجعله يركز على نمط معين من المعلومات أكثر من تركيزه على الأنماط الأخرى منها ، فمن الناس من يغلب عليه الاعتماد على البصر ومنهم من يغلب عليه الاعتماد على السمع و نحو ذلك .
ثانيها : أننا لا ندرك بهذه الحواس ( القاصرة المخادعة غير المتساوية في الرصد ) إلا الظاهر من الأمور والأحوال والأشخاص والمواقف . و وراء هذا الظواهر بواطن قد تغيب عن دراكنا ، و غيابها ولا شك يجعل تصوراتنا قاصرة .. ولكن ليس لنا إلا الظاهر ونحن مأمورون بالوقوف عنده لحكم كثيرة ليس هذا مجال سردها .
ثالثها : أننا لا نتلقى هذا القدر الضئيل من المعلومات الظاهرية عن الحقائق بتجرد وحيادية تامة ، و إنما نعمل على تأويلها و تفسيرها وفق طبائعنا الشخصية بما نحمله من معتقدات و قيم ورصيد خبرات ، و نتصورها في النهاية وفق تفسيرنا الشخصي لها ، وليس وفق حقيقتها المجردة ، وأكبر دليل على هذا اختلافنا في فهم مصدر واحد نتلقى عنه ، فلكل منا نظرته الخاصة وفهمه الخاص لهذا المصدر الواحد ، و كل منا يتأثر بطبيعته الشخصية في تفسيره للأمور وتصوره لها ، وكل منا يدعي أن تصوره هو المطابق للحقيقة الواقعة ، و لو دققنا لوجدنا أن كل التصورات تحاول الاقتراب من الحقيقة الواقعة ولكنها لا تطابقها .
ولكل هذا شواهده العقلية و النقلية والواقعية التي تؤكد فعلا أن تصورات الناس قاصرة .. وهذا مظهر من مظاهر الضعف البشري .

ويأتي هنا السؤال : كيف يستفيد الدعاة من إدراك هذا ؟

إن من أهم ما يستفيده الدعاة من فهم هذا وإدراكه و مراعاته ما يلي :
1- التثبت والتبين وتحري الحق في كل الأمور التي يتعاملون معها ، ورصد كل المعلومات التي تثري تصوراتهم حولها وتقربهم أكثر من الحقيقة .
2- التأني في إصدار الأحكام والحرص على أن تكون متجردة مبنية على معطيات معلوماتية لا على انطباعات شخصية .
3- التواضع في تقدير التصورات الذاتية في فهم القضايا والأحوال وحتى الأدلة ، من منطلق وجود احتمال ولو ضعيف للخطأ في هذه التصورات الذاتية .
4- المرونة الإيجابية في سماع وجهات النظر المخالفة والتعرف على منطلقاتها بدلا من اتهامها ، انطلاقا من وجود احتمال ولو ضعيف للصواب في النظرة المخالفة .
5- مراعاة اختلاف التصورات و تباين الأفهام بل مراعاة اختلاف المجتمعات والأعراف وظروف الحياة مما يؤثر تأثيرا كبيرا مباشرا في التلقي والفهم والقبول ، وذلك بعدم مصادمة الراسخ منها إلا أن يكون ضلالا مبينا .
6- محاولة فهم الفئة المستهدفة بالدعوة ، ولاسيما شريحة الشباب من الجنسين ، ومخاطبتها بالأسلوب الأقرب لتصوراتها وفهمها .
7- بذل الجهد في تصحيح التصورات الخاطئة عند الفئة المستهدفة بالأسلوب الأمثل ، وعدم اليأس أو الإحباط إن لم تتحقق الاستجابة المتوقعة سريعا .


هذا موجز لأهم ما يستفيده الداعية من إدراك هذا ، وأدع لإخواني و أخواتي فرصة المساهمة في استنباط فوائد تطبيقية أخرى تثري الموضوع .

ولكم جميعا تحياتي .


 
 توقيع : الهاشم

الحسن ...
الحمد لله الذي أعادك إلينا...
دمت بين اخوتك...


رد مع اقتباس